Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البنك الدولي: صدمة الطاقة والغذاء ستستمر حتى 2024

الأسواق شهدت ارتفاعاً في الأسعار بـ76 في المئة وكلفة الأسمدة زادت 97 في المئة خلال عام واحد 

من المرجح أن يستمر انعدام الأمن الغذائي الحاد بالزيادة في 19 دولة من المناطق الساخنة (أ ف ب)

قال البنك الدولي، إن الحرب في أوكرانيا غيرت الأنماط العالمية للتجارة والإنتاج والاستهلاك للسلع الأساسية بطرق من شأنها أن تبقي الأسعار عند مستويات عالية حتى نهاية عام 2024، ما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي والتضخم.

وأشار تقرير للبنك إلى أن تضخم أسعار الغذاء المحلي لا يزال مرتفعاً في جميع أنحاء العالم. ووفقاً لآفاق نقاط الجوع الساخنة المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي، فمن المرجح أن يستمر انعدام الأمن الغذائي الحاد بالزيادة في 19 دولة من المناطق الساخنة بين أكتوبر (تشرين الأول) 2022 ويناير (كانون الثاني) 2023، كما أن الفوارق بين الجنسين في مجال الأمن الغذائي آخذة في الازدياد. 

وقال البنك الدولي في جلسة حملت عنوان "نقص أساسات الحياة: التكلفة البشرية لأزمتي الغذاء والوقود"، خلال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن، التي تستمر على امتداد هذا الأسبوع، إن أسعار الغذاء والطاقة ومستويات الجوع في العالم آخذة في الارتفاع حتى قبل الحرب الروسية الأوكرانية، بسبب جائحة كورونا وآثار تغير المناخ والصراعات.

وبحسب البنك فقد شهد النصف الأول من عام 2022 واحدة من أكبر الصدمات في أسواق الغذاء والطاقة التي شهدها العالم على مدى عقود، إذ شهدت الأسواق ارتفاعاً في الأسعار بـ76 في المئة، وعلى الرغم من تضرر معظم البلدان من هذه الصدمات، فإن الأسر الفقيرة تتحمل العبء الأكبر.

عن الطاقة والغذاء

ونظرت الجلسة في بعض الإجراءات التي ينبغي للمجتمع الدولي التركيز عليها للتصدي لصدمتي الطاقة والغذاء على حد سواء، باستخدام أمثلة ملموسة على كيفية عمل البلدان على معالجة الأزمات الفورية من دون المساس بالأهداف طويلة الأجل المتمثلة في الكفاءة والاستدامة والقدرة على الصمود.

كما بحثت عدداً من الحلول الملموسة التي تحدد شكل التعافي المستدام من وجهة نظر البلدان والمجتمعات المحلية، وعرضت لمحة سريعة عن الإجراءات الفورية من مختلف مناطق عمل مجموعة البنك الدولي في البلدان المتعاملة معه. 

أدار الجلسة ديفيد مالباس رئيس مجموعة البنك الدولي، وشارك فيها كل من وآن بياته تفينريم وزيرة التنمية الدولية للنرويج ومصطفى التراب الرئيس والمدير العام لمجموعة "أو سي بي" أحد كبار موزعي الأسمدة في العالم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بدأ مالباس حديثه قائلاً "هدفنا أن يكون لدينا نقاش بناء حول الغذاء والأسمدة والطاقة، وبخاصة ونحن ندرك أن العالم اليوم في وضع صعب. ونحن في مجموعة البنك الدولي قدمنا كثيراً من البيانات والتشخيصات حول هذا الوضع في ما يتعلق بأسواق الغذاء والأسمدة". 

وتولى رئيس مجموعة البنك الدولي محاورة ضيفيه، ووجه سؤاله إلى آن بياته تفينريم وزيرة التنمية الدولية في النرويج، قائلاً "بلادكم واجهت الجفاف مما قلل من إنتاج وتوليد الكهرباء والطاقة بشكل عام، وأنتم ممن تحدث عن إمكانية إنتاج الغذاء في البلدان النامية، فهل تسلطين لنا الضوء على وضع الطاقة في النرويج وأوروبا بشكل عام؟". وردت الوزيرة بالقول إن "كل الدول بحاجة للتحول في مجال الطاقة، وبرأيي فإن الخطر الأكبر هو أن الوضع الحالي سيؤدي إلى هذا التحول، وأنا قلقة في شأن الدول النامية وإن كانت قادرة على تحمل التكلفة". 

النرويج والتحول في الطاقة 

وأضافت الوزيرة النرويجية "في رأيي أن هذه الأزمة تشكل فرصة للدول النامية ولأوروبا والعالم الغربي بشكل عام للتحول السريع في مجال الطاقة. وتساءلت إن كان هذا سينجح على الأرض، وأجابت بأن "ذلك يعتمد على أمور عدة على رأسها توافر التمويل بخاصة في البلدان النامية، ونرى أن هناك قلقاً لدى المستثمرين من المخاطر ومحدودية الحيز المالي في كثير من الدول، كما أن وتيرة التحول قد تتباطأ ولكني متفائلة بإمكانية تحقيق ذلك".

ودعت إلى إطلاق رأس المال الخاص من أجل توفير الضمانات. وأشارت إلى تأسيس النرويج صندوقاً للاستثمار في مجال المناخ بقيمة 10 مليارات كرونه نرويجية (929.6 مليون دولار). وقالت إن "هناك كثيراً من الإسراع في هذا التحول مع الأخذ في الحسبان أننا نوفر رأس المال الخاص ونستطيع فعل ذلك بشكل كبير". 

وسألها مالباس عن قياس المخاطر الخاصة بالمناخ وكيفية المشاركة في تكلفة إزالتها، وخصوصاً أنها تعمل مع القطاع الخاص النرويجي لتوفير تلك المليارات، فردت الوزيرة بالقول "أولاً نحن لا نعمل مع الشركات النرويجية الخاصة فقط، بل نرحب بأي رأس مال خاص، ويمكن لأي مشروع أن يغير إنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة. وهناك اهتمام كبير وأيضاً بعض القلق والمخاوف، بالتالي علينا أن نوجد التوازن المطلوب بحيث يمكننا جذب الاستثمارات".

استهلاك أفريقيا من الأسمدة 

مالباس سأل مصطفى التراب عن انخراط الشركة في المغرب وأفريقيا وديناميكيات الأسمدة التي تشهد اليوم نقصاً عالمياً، فرد مصطفى "أومن بضرورة وضع الأمور في سياقها وهذا أمر مهم. علينا أن ندرك أن ما هو مرئي اليوم نتج عن أزمة، وهو يستند إلى وضع طويل الأمد يجب التعامل معه من خلال خلق توازن ما بين إنتاج الأسمدة وما يحتاج إليه العالم منها".

وقال إن "أسعار الأسمدة أخذت في الارتفاع حتى قبل الحرب الروسية – الأوكرانية، وخلال العامين إلى الثلاثة الماضية رأينا عدم توازن بين العرض والطلب ما أثر على الأسعار، بالتالي إن كانت هناك فرصة في هذه الأزمة كما ذكرت الوزيرة النرويجية، فبرأيي أن الفرصة هي ألا نعمل فقط على إحداث توازن على المدى القصير، وأود هنا أن أؤكد أهمية القارة الأفريقية في هذا الجانب".

وأضاف "كمنتجين أفارقة للأسمدة نفعل ما علينا لتوفير أربعة ملايين طن من الأسمدة للقارة العام المقبل 2023 بالأسعار المناسبة. مع الإشارة إلى أن أفريقيا تستهلك خمسة ملايين طن من الأسمدة سنوياً، أي أننا نوفر كشركة نحو 80 في المئة من حاجة القارة. ونحن نفعل ذلك بحسب الحاجة وبحسب التربة في أفريقيا، كما أننا نستطيع توفير أسعار أرخص، وهنا أقول إن أفريقيا تبدع وتبتكر قبل القارات الأخرى". 

وتحدث التراب عن الأسمدة قائلاً إنها "تتألف من النيتروجين الناتج من الغاز الطبيعي والفوسفات ويمتلك المغرب أكبر احتياطات طبيعية من الفوسفات، لكنه يفتقر للغاز الطبيعي بالتالي نحن نستورد النيتروجين الذي ندمجه مع الفوسفات لصنع الأسمدة". 

ارتفاع تكلفة الطاقة 

الجزء الثاني من الجلسة ركز على تكلفة الطاقة، حيث استضافت فيه مريام غراي كبيرة خبراء قطاع الاتصالات والتنمية المستدامة في البنك الدولي ضيوفها: سيدي كيتا وزير المالية والشؤون الاقتصادية في غامبيا، ورانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي في مصر، وأكسيل فان تروتسنبيرغ المدير المنتدب لشؤون العمليات بالبنك الدولي، وجوهان سوينن المدير العام للمعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء. 

بدأت غراي الجلسة بالحديث عن التغير الذي طرأ على أسعار المواد الأساسية. وقالت إنه "في ما يتعلق بتكلفة الطاقة التي تضم الفحم والغاز والنفط، وعند مقارنة الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (أيلول) 2021 مع الفترة نفسها من هذا العام 2022، سنجد زيادة بنسبة 76 في المئة في تكلفة الطاقة، كما أثرت أزمة الجائحة والحرب في أوكرانيا على توفير المواد الغذائية الأساسية، وارتفعت تكلفة الغذاء في الفترة نفسها بنسبة 21 في المئة، وأيضاً بالنظر إلى أسعار الأسمدة المهمة جداً في الإنتاج الزراعي سنجد أنها ارتفعت بشكل صادم بنسبة 97 في المئة خلال عام واحد فقط". 

غراي سألت أكسيل فان تروتسنبيرغ المدير المنتدب لشؤون العمليات بالبنك الدولي عن جهود البنك في مواجهة صدمات الطاقة والغذاء، فرد بالقول "هذه الصدمات يواجهها عالم في حال صدمة فعلية فقد خرجنا من أزمة (كوفيد-19)، وهناك الحرب في أوكرانيا وتبعاتها. واليوم دول العالم تواجه صعوبات في مواجهة تلك الأزمات التراكمية، بالتالي يكون تأثيرها كبيراً على الدول".

وكجزء من استجابة عالمية شاملة لأزمة الأمن الغذائي المستمرة، قال أكسيل إن مجموعة البنك الدولي وفرت ما يصل إلى 30 مليار دولار على مدى 15 شهراً في مجالات مثل الزراعة والتغذية والحماية الاجتماعية والمياه والري. وسيشمل هذا التمويل جهوداً لتشجيع إنتاج الأغذية والأسمدة وتعزيز النظم الغذائية وتسهيل زيادة التجارة ودعم الأسر والمنتجين الضعفاء، كما يتضمن مشروعاً بقيمة 300 مليون دولار في بوليفيا سيسهم في زيادة الأمن الغذائي والوصول إلى الأسواق واعتماد ممارسات زراعية ذكية مناخياً. 

تونس في الدائرة

قدم البنك الدولي قرضاً لتونس بقيمة 130 مليون دولار، بهدف التخفيف من تأثير حرب أوكرانيا من خلال تمويل واردات القمح اللين الحيوية وتقديم الدعم الطارئ لتغطية واردات الشعير لإنتاج الألبان والبذور للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة لموسم الزراعة المقبل. 

وتظهر المعلومات بين مايو (أيار) وأغسطس (آب) 2022 تضخماً مرتفعاً في جميع البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل تقريباً 88.2 في المئة من البلدان منخفضة الدخل، و91.1 في المئة من البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى و93 في المئة من البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى، وشهدت هذه البلدان مستويات تضخم أعلى من خمسة في المئة، وعانى كثير منها من تضخم من رقمين، كما زادت حصة البلدان ذات الدخل المرتفع بشكل حاد، حيث يعاني نحو 82.1 في المئة منها من تضخم مرتفع في أسعار المواد الغذائية. 

وقال البنك الدولي، إنه مقارنة بالأسبوعين الماضيين انخفض مؤشر الأسعار الزراعية بمقدار ثلاث نقاط مئوية. وارتفع متوسط أسعار القمح والذرة والأرز في سبتمبر (أيلول) 2022 بنسبة 20 في المئة و29 في المئة و8 في المئة على التوالي مقارنة بشهر سبتمبر 2021، في حين أن أسعار القمح والذرة أعلى بنسبة 33 في المئة و30 في المئة على التوالي، وأسعار الأرز 12 في المئة أي أقل مما كانت عليه في يناير (كانون الثاني) 2021. 

وأشار تقرير للبنك إلى أنه بعد فترة وجيزة من الراحة في صيف عام 2022، بدأت أسعار الأسمدة في الارتفاع مرة أخرى إضافة إلى زيادة أسعار الطاقة، كما أدت تدابير السياسة مثل قيود التصدير إلى الحد من توافر الأسمدة العالمية. 

مصر وتداعيات الحرب

وسألت غراي وزيرة التعاون الدولي في مصر رانيا المشاط عن التهديدات التي خلفتها الحرب الروسية- الأوكرانية على الأمن الغذائي في العالم وكيف أن مصر ليست استثناء، وعن عمل البنك الدولي مع القاهرة وجهود الحكومة المصرية في تخفيف تلك الآثار، فردت الوزيرة المصرية بالقول "أولاً أود التعليق على أنه عندما كنا في اجتماعات الربيع الماضية للصندوق والبنك الدوليين، كان التركيز على الارتباك والقلق الحاصل في مصر كونها من أكبر مستوري للقمح من أوكرانيا وروسيا، وكان علينا في ذلك الوقت أن نؤكد أنها صدمة وليست ذعراً".

وأضافت المشاط أن الحكومة المصرية استثمرت في صوامع تخزين القمح، كما كان هناك استثمارات كبيرة في مصر لتخزين القمح، بالتالي فإن التحوط من الأزمات أصبح ممارسة عادية لدى الحكومة. وأشارت إلى أنه كانت هناك زيادة في الأراضي الزراعية لزراعة وإنتاج القمح في مصر.