Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل هي حرب نفط جديدة أم مجرد "أزمة وتمر"؟

كثيرون في الغرب يقارنون بين خفض "أوبك+" إنتاجها ووقف التصدير خلال السبعينيات

جانب من اجتماع "أوبك +" الأخير حيث تقرر خفض الإنتاج  (أ ف ب)

على رغم تأكيد الدول المنتجة للنفط في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" مثل السعودية والإمارات على أن قرار تحالف "أوبك" وشركائها خفض الإنتاج بمعدل مليوني برميل يومياً بدءاً من الشهر المقبل، هو قرار "تقني" يتعلق بالحفاظ على توازن السوق ومعادلة العرض والطلب، فإن رد الفعل الأميركي على القرار اتهم "أوبك" ودول الخليج بالوقوف في صف روسيا بقرار الخفض وهدد البيت الأبيض باتخاذ إجراءات انتقامية.

ومع أن قرار الخفض كان متوقعاً في ظل الركود الاقتصادي العالمي القادم الذي سيهوي بالطلب بشكل عام، وهو ما جعل أسعار النفط تهبط من قرب 130 دولاراً للبرميل إلى نحو 90 دولاراً للبرميل أو أقل، إلا أن التصعيد الأميركي دفع الإعلام الغربي للحديث عن حرب طاقة مرتبطة بحرب أوكرانيا والعقوبات على روسيا وما ينتظر الدول الغربية، بخاصة في أوروبا وبريطانيا، من شتاء غضب نتيجة افتقار المواطنين لإمدادات الطاقة بسبب ارتفاع أسعارها وعدم قدرتهم على تحمل كلفتها.

هذا الأسبوع، أفردت صحيفة "فايننشال تايمز" موضوعها الرئيس الأسبوعي للموضوع في تحقيق مطول تحت عنوان "حرب النفط الجديدة: (أوبك) تتحرك ضد أميركا"، وبصورة كبيرة للرئيس الأميركي جو بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ويبدأ الموضوع بمقارنة تحمل مفارقة، وهي أن أزمة النفط السابقة قبل نحو نصف قرن كانت بقرار منظمة الدول العربية المصدرة للبترول "أوابك" بقيادة السعودية قطع إمدادات النفط عن الدول الغربية الداعمة لإسرائيل في حربها مع الدول العربية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973.

النفط كسلاح

تلك المقارنة في مقدمة الموضوع استخدمت المفارقة في التوقيت للإشارة إلى أن البعض في الغرب يرى في قرار "أوبك+" بداية حرب نفط جديدة، وعلى رغم اختلاف الظرف التاريخي والعوامل وراء القرار في الحالتين، فإن المقارنة تخدم وجهة النظر التي يكررها المسؤولون الأميركيون بأن "(أوبك) تقف في صف روسيا"، كما اتهمها الرئيس الأميركي جو بايدن وأركان إدارته. وحول التوقيت، يضيف التقرير أن قرار "أوبك+" يأتي بعد شهرين ونصف الشهر من "المصافحة" بين الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي التي ربما أزالت أي توتر بين البلدين الحليفين.

في مذكرة له بعد قرار "أوبك+" خفض الإنتاج، كتب المحلل المخضرم في "غلوبال كوموديتيز إنسايت" التابعة لمؤسسة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني روجر ديوان معلقاً على توقيت القرار بأنه "يحول النفط إلى أداة في الصراع. ويضيف في مذكرته "إن وجود نائب رئيس الوزراء الروسي الخاضع لعقوبات أميركية في اجتماع مناقشة خفض الإنتاج مع قدوم فصل الشتاء ومع تحويل روسيا صادراتها من الغاز لأوروبا إلى سلاح يرسل إشارة واضحة. فتوجه السعودية يجعل احتمال ارتفاع أسعار النفط أكبر"، لكن تحقيق "فايننشال تايمز" يرى أن "الصدام" بين "أوبك" والمستهلكين في الغرب كان متوقعاً منذ سنوات. فمع سياسة الغرب في شأن أمن الطاقة بالتحول بعيداً من النفط ونحو مصادر أقل انبعاثاً للكربون لمواجهة التغير المناخي رأى المنتجون أن تلك حرب على مصدر دخلهم الرئيس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان البند الرئيس في حملة جو بايدن الانتخابية للرئاسة هو التحول نحو "الطاقة النظيفة" إلى جانب انتقاداته للسعودية بشكل عام. وبدا أن معركة حول التحكم في سوق الطاقة العالمية وصلت إلى ذروتها بالفعل. ويرى مسؤولو "أوبك" أن إدارة بايدن هي من بدأت تلك المعركة بمحاولة مهاجمة استهلاك النفط وفي الوقت نفسه محاولة الضغط على منتجيه لزيادة الإنتاج بهدف خفض الأسعار.

كما أن إدارة الرئيس بايدن هي من بدأت تدخلاً سافراً في السوق بالإفراج عن عشرات ملايين البراميل من النفط من المخزون الاستراتيجي الأميركي لإغراق السوق لأسباب سياسية داخلية. ويذكر أن من بين "الإجراءات" التي أعلن البيت الأبيض اللجوء إليها بعد قرار "أوبك+" هو الإفراج عن ملايين البراميل الإضافية من المخزون الاستراتيجي الذي وصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 1984.

لا نتلقى أوامر من أحد

وإضافة إلى ما أعلنه وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان من أن الغموض المحيط بقرار أميركا والغرب فرض سقف سعر على صادرات النفط الروسية هو سبب الاضطراب في السوق الذي دفع "أوبك+" لاتخاذ قرار استباقي تحسباً لانهيار العرض، يشير تقرير الصحيفة إلى سبب آخر.

فبقية الدول المنتجة والمصدرة للنفط تخشى من أن تستخدم أميركا سلاح "سقف سعر للصادرات" ضدها في أي وقت، مع أن الإدارة الأميركية تقول إنها أوضحت موقفها لكثير من المنتجين. وكما يقول المحللون في بنك "جيه بي مورغان" الاستثماري، فإن قرار "أوبك+" "يوجه رسالة تحذير قوية بأن المنتجين والمصدرين لن يقبلوا بأي محاولة من جانب (كارتل مستهلكين) لخفض الأسعار".

ينقل تقرير الصحيفة عن محللين في الخليج تأكيدهم على أن أزمة الطاقة تعيد المنطقة إلى بؤرة اهتمام الأسواق العالمية، لكنهم يشيرون في الوقت نفسه إلى أن أميركا والغرب لا يدركون أن دول الخليج تعمل لمصلحتها مع الحفاظ على استقرار الأسواق العالمية وضمان الإمدادات. وذلك ما عبر عنه وزير الطاقة السعودي في أكثر من تصريح رداً على أسئلة الإعلام الأميركي والغربي بقوله "أروني أين الانحياز هنا؟ أين النية السيئة؟". أما وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي فأكد أن قرار "أوبك" بالحفاظ على استقرار السوق يستهدف أيضاً ضمان استمرار الاستثمارات في قطاع الطاقة كي لا يعاني العالم نقصاً حاداً في المعروض. وأضاف المزروعي "لدى أوروبا مشكلتها، ولدى روسيا مشكلتها. لا يمكننا أن نقف في صف هذا البلد أو ذاك".

مع ذلك، ينقل التقرير عن أكثر من مسؤول توقع أن تكون الأزمة الحالية الناجمة عن رد الفعل الأميركي على قرار "أوبك+" موقتة، وشبهها كثيرون ببعض المطبات التي تعرضت لها "العلاقة الاستراتيجية" بين الولايات المتحدة والسعودية. ويرى هؤلاء أن كل ذلك سيهدأ بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الشهر المقبل، بالتالي يعتبرونها "أزمة وتمر"، وليست صراعاً بين الحليفين التاريخيين، حتى على رغم ما يبدو من استفادة طرف في الصراع الحالي من قرار "فني وليس سياسياً لـ(أوبك+).

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز