Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عندما تفقد المرأة عرش "الأفيش" وشباك التذاكر

نقاد: دائماً ما تضحي بها السينما خلال الفترات الصعبة اقتصادياً وسياسياً لتلعب بالأوراق المضمونة

مقابل النجاح الكبير للنساء على مستوى الدراما التلفزيونية هناك تراجع ملحوظ للمرأة في السينما (مواقع التواصل)

منذ نشأة السينما المصرية والعربية والمرأة كبطلة أو كمحور أساس في العمل الفني واقع لا يقبل الجدال، ومع مرور الوقت وتقدم صناعة السينما تطور دور المرأة لتصبح بطلة مطلقة تتصدر الأفيشات وتجلب الإيرادات.

في الماضي كانت ليلى مراد وفاتن حمامة وشادية وسعاد حسني ونجاة نجمات أفلام ضخمة قبل أن يسيطر الرجال على "أسطورة" اسمها شباك التذاكر في الفترات التي أعقبت العصر الذهبي للسينما، أي الخمسينيات والستينيات، ودائماً ما تضحي السينما بالمرأة خلال الفترات الصعبة اقتصادياً وسياسياً، وتفضل أن تضمن النجاح بسينما الرجل فقط، وهكذا تدهورت البطولات النسائية خلال فترات مختلفة حتى جاءت نبيلة عبيد ونادية الجندي أواخر السبعينيات والثمانينيات ليعيدا للسينما النسائية بريقها بأفلام تحدثت عن المرأة بأشكال مختلفة، وجددت ليلى علوي وإلهام شاهين طريقهما بأفلام كانت بارزة في نهاية الثمانينيات والتسعينيات.

وفي بداية الألفية الجديدة التي سيطرت عليها السينما الكوميدية استحوذ الرجال على البطولات بشكل مطلق تقريباً عدا بعض المحاولات الضئيلة من بعض النجمات، مثل عبلة كامل التي قدمت أعمالاً كوميدية بارزة، ثم أعادت ياسمين عبدالعزيز الألق السينمائي للمرأة من خلال السينما الكوميدية، وقدمت أعمالاً كانت منافسة بشراسة للرجال في شباك التذاكر، وقدمت مي عز الدين ومنى زكي ومنة شلبي وهند صبري أفلاماً ذات قيمة فنية وجماهيرية عالية، وقدم بعض المخرجين مثل يسري نصرالله ومحمد خان وهالة خليل وكاملة أبو ذكري بعض الأفلام النسائية من حيث المواضيع والبطولات مثل "احكي يا شهرزاد" و"بنات وسط البلد" و"أحلى الأوقات" و"يوم للستات".

ومع انتشار جائحة كورونا تراجعت السينما بوجه عام وتأثرت سينما المرأة حتى بعد تحسن الأوضاع، إذ اختفت البطولات النسائية فيما عدا تجارب قليلة جداً مثل "من أجل زيكو" لمنة شلبي و"تسليم أهالي" لدنيا سمير غانم و"ثانية واحدة" لدينا الشربيني، فلماذا تتراجع السينما النسائية وتختفي البطولات النسائية بشكل كبير؟

أسماء لامعة

الناقد أحمد سعد يقول إن هذه البطولات تشهد تناقضات غريبة جداً، ففي حين أن هناك نجاحاً كبيراً للنساء على مستوى الدراما التلفزيونية نشهد تراجعاً ملحوظاً للمرأة في السينما، ودائماً ما تكون النساء ضحايا للظروف الاقتصادية وتغيرات السوق، فمع كل مشكلة اقتصادية أو أزمة سياسية من أي نوع نجد أن سينما المرأة تظل تصارع وتترنح حتى تلفظ أنفاسها، لأن المنتجين يضحون بتلك البطولات ويلعبون بالأوراق المضمونة، وهي الأبطال الرجال والأكشن والكوميدي وما إلى ذلك من "توابيت النجاح" في وجهة نظرهم.

وأشار سعد إلى أن النساء في الدراما والسينما العربية مواهب جبارة وأسماء لامعة ويستطعن ضمان النجاح في أي عمل، بدليل نجاحهن المدوي في دراما رمضان والمسلسلات عموماً، على رغم كبر مساحة الأدوار واختلاف المواضيع، ولا تزال كل نجمة تحتفظ بموهبة براقة، مؤكداً أن "العيب ليس فيها بل في الخوف من شباك التذاكر، والاعتقاد بأن المرأة لن تحقق إيرادات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستدرك، "مع ذلك نجد أسماء قوية جداً تحقق نجاحاً كبيراً مع كل عمل سينمائي، فقد حققت منة شلبي بفيلم ’من أجل زيكو‘ إيرادات جيدة جداً على رغم أنها نافست أفلاماً ضخمة ونجوماً كباراً من الرجال، وأكدت دنيا سمير غانم بفيلمها ’تسليم أهالي‘ أن الخوف من الإنتاج للمرأة مجرد هواجس، فقد حققت نجاحاً على مستوى الإيرادات يقترب من 40 مليون جنيه (2.04 مليون دولار)، ومع الوقت قد تصل لرقم إيرادات تامر حسني ومحمد أمام في فيلمهما الأخير، وكذلك أحمد السقا في فيلم ’العنكبوت‘".

وأشار سعد إلى أن السينما المصرية والعالمية تأثرت بسبب الظروف الاقتصادية العالمية والمحلية، وتعثرت أكثر بسبب وباء كورونا مما أضعف الإنتاج السينمائي والصناعة بوجه عام، وتم تقنين عدد المنتج من الأفلام لمصلحة الرجال كالعادة.

وأضاف، "في اعتقادي أن ظهور البطولة النسائية في السينما يسهم في حضور المرأة بقوة في هذه الصناعة، فهي من الأساس شريك مهم، وعلى مدى التاريخ صنعت أجمل الأعمال سواء كمنتجة أو ممثلة، وأسهمت في صنع الريادة السينمائية منذ فاطمة رشدي وأم كلثوم وليلى مراد وشادية وفاتن حمامة وسعاد حسني وغيرهن من صانعات الفن العربي".

وختم أن "المرأة موجودة في السينما أيضاً في مجال الكتابة والإخراج، لكن على مستوى البطولات يفضل صناع السينما البيع تجارياً باسم رجل".

وهناك أزمة تواجه النجمات الحاليات وهي عدم وجود موضوع سينمائي جيد، بينما في العصور الماضية كانت النجمات محاطات بكتاب يهتمون بهن ويكتبون لهن أفكاراً ومواضيع نسائية شيقة ومهمة في الوقت نفسه، لذلك قدمت السينما بطولات نسائية ذات قيمة ومعنى عبر سنوات طويلة.

محافل عالمية

اعترفت الفنانة هند صبري بأن هناك أزمة حقيقية بالنسبة إلى سينما المرأة أو البطولات السينمائية عامة، وهي أن المنتجين مقتنعون بعبارة "النساء لا يجلبن إيرادات"، على رغم أن هناك تجارب نسائية حديثة كذبت تلك الفكرة، كما أن الكتاب يهتمون سينمائياً بالكتابة للرجل، ونادراً ما تجد المرأة أفكاراً منوعة عبر شاشة السينما، بينما في الدراما هناك تركيز مع المرأة لأن هناك ضماناً بأنها تحقق مشاهدة على الشاشة الصغيرة.

وأضافت هند، "استطاعت البطولة النسائية أن تقدم أعمالاً جريئة وتتناول مشكلات صعبة تؤرق المجتمع، كما نجحت المرأة في أن تقدم أعمالاً شقت طريقها إلى المحافل العالمية وحجزت البطلات النساء مكاناً متقدماً في تحقيق الجوائز وأيضاً في عضوية لجان التحكيم مع نجوم وصناع سينما عالميين، لذلك أتمنى أن تتغير الصورة قريباً وتعود سينما المرأة مثلما تربى عليها الجميع منذ الصغر".

أما الفنانة إلهام شاهين فتقول إن السينما عامة تعاني أزمات كثيرة، ليس على مستوى سينما المرأة فقط، فمثلاً هناك تركيز على نوعية معينة من الأفكار التي تعتمد على الكوميديا والحركة فقط، مع شبه تجاهل للأعمال الأخرى وبخاصة العائلية والرومانسية ومواضيع المرأة، وطبعاً كل التركيز على الأعمال الأقرب للتجارية، وهذا ما يبرر قلة الأعمال التي تعتمد على البطولة النسائية، فهناك ظلم حقيقي للمرأة سينمائياً لكن قضاياها في الدراما التلفزيونية عنصر جذب كبير جداً في اعتقاد المنتجين أيضاً.

وأشارت إلهام إلى أن المسؤولية مشتركة بين المنتجين والمؤلفين، فعلى المنتجين أن يبدو حماستهم لتقديم سينما غير تجارية كما كان يحدث من منتجين كبار يقدمون كل الأنواع، وعلى المؤلفين أيضاً أن يتصدوا لكتابة مواضيع تهتم أكثر بالمرأة حتى يفرض الموضوع نفسه، سواء كان البطل امرأة أو رجلاً، فالفكرة دائماً هي البطل، على حد قولها.

وكشف الناقد طارق الشناوي أن "تراجع سينما المرأة ليس حديثاً كما يردد بعضهم بل يحدث منذ أكثر من 20 عاماً، وهناك تراجع في المساحة التي تشغلها المرأة على الشاشة الكبيرة، إذ سيطر عادل أمام وأحمد زكي ومحمود عبدالعزيز، وكانت المرأة شريكة نجاح في هذه الأفلام طبعاً، ولا ننكر أن نجمات هذا الجيل قدمن أعمالاً من بطولتهن مثل يسرا وإلهام شاهين وليلى علوي، لكن أفلامهن كانت تحقق إيرادات أقل كثيراً من النجوم الرجال، وكان الفيلم الضخم إنتاجياً من نصيب الرجل".

وأشار الشناوي إلى أنه "حدث تراجع ولا يزال مستمراً، لكنه لا يعود لقلة النجمات أو زيادة موهبة الرجل، بل لأن السينما المعاصرة اتجهت منذ الثمانينيات مروراً بالتسعينيات وحتى الآن بشكل أكبر إلى الأكشن والكوميديا، والممثلة التي تنجح في هذين اللونين تستطيع أن تحقق نجاحاً مثلما حدث مع ياسمين عبدالعزيز ودنيا سمير غانم".

المزيد من سينما