Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأمثال الشعبية المصرية تتجسد على لوحات تشكيلية

تجمع بين الحكمة والفكاهة وتعكس مواقف وخبرات مختلفة عايشها الناس

لوحة للفنان محمود خطاب تجسد المثل "القرد في عين أمه غزال" (اندبندنت عربية)

تعتبر الأمثال الشعبية جزءاً من التراث الشعبي الشفهي للمصريين ووسيلة للتعبير عن مواقف مختلفة تحدث في حياتهم بشكل يجمع بين الحكمة والتجارب، وفي الوقت ذاته يحمل كثير منها جانباً من الفكاهة في مواجهة المواقف مهما كانت صعوبتها بالسخرية حتى من أنفسهم في بعض الأوقات.

وانطلاقاً من الأمثال الشعبية يستضيف غاليري تام في القاهرة معرضاً فنياً يضم 125 لوحة لـ23 فناناً قدموا تصورات مختلفة للوحات مستوحاة من أشهر الأمثال الشعبية المصرية برؤى ومدارس فنية مختلفة، لكنها اجتمعت على التعبير عن واحد من أهم مفردات الثقافة الشعبية في البلاد.

يحمل المعرض اسم "بصلة المحب خروف"، وهو واحد من الأمثال الشعبية المصرية الشهيرة ويعني أن الشيء القليل الذي يقدمه المحب يساوي كثيراً، فالبصلة التي يقدمها لنا شخص نحبه تعادل الخروف أو ربما تزيد عليه.

"يا ما جاب الغراب لأمه"

من بين المشاركين في المعرض الفنان جوزيف الدويري الذي قال لـ"اندبندنت عربية" إن الأمثال الشعبية متداولة ومعروفة في مصر وهي مرتبطة بذكرياتنا وحياتنا وتتضمن كثيراً من الحكمة وخلاصة التجارب على مدى العصور، وغالباً ما يكون بها حس فكاهي مرتبط بخفة دم المصريين حتى في أصعب الظروف.

وأشار إلى أنه اختار مجموعة من الأمثال لتنفيذها في لوحاته المشاركة في المعرض مثل "من شابه أباه فما ظلم" و"اطبخي يا جارية كلف يا سيدي" و"يا ما جاب الغراب لأمه"، وأوضح أنه إلى جانب الأمثال استعان بالثقافة السينمائية، بحيث اختار مجموعة من المشاهد الشهيرة المحفورة في الذاكرة الجمعية للشعب المصري لنجوم كبار مثل ماري منيب وفؤاد المهندس وشويكار واستوحى منها في لوحاته، مما أضاف بعداً آخر للعمل.

 

وأضاف الدويري أن "الأعمال المستوحاة من التراث الشعبي تصل إلى الناس بصورة كبيرة، لأنها قريبة منهم وتعبر عنهم، وبالنسبة إلى الأمثال الشعبية فإنها يمكن أن تذكرهم بموقف حدث لهم بالفعل أو ترسم البسمة على وجوههم"، ويرى أنه "بشكل عام مهما تطورت الحياة فإننا دائماً ما نحتاج إلى العودة لتاريخنا وثقافتنا وتقديمها بشكل جديد في أعمال فنية متنوعة وينطبق هذا على الأمثال الشعبية وغيرها، فعلى سبيل المثال مهما تم بناء مدن حديثة ومتطورة تبقى العودة للأماكن التراثية في القاهرة القديمة لها طابع ورونق خاص، وكذلك تراثنا الشعبي على اختلاف أشكاله".

"يدي الحلق للي بلا ودان"

المزج بين أكثر من فن في عمل واحد هي فكرة ليست جديدة والفنون تتواصل مع بعضها، فالسينما تعتمد على الرواية والفنان التشكيلي يمكن أن يستوحي من التراث الشفوي مثل الأشعار والحكايات الشعبية المتداولة، فالتكامل بين الفنون يضيف بعداً آخر إلى العمل ويمنحه قيمة إضافية.

الفنانة حسنة حنفي قالت إن "تحويل النص إلى رسم أو العكس هي فكرة قديمة قدم الإنسان الذي رسم على الجدران ثم كتب في شكل رسوم ثم ظهرت الكتابة برموزها الأولى وتطورت وحتى بعد ظهور الطباعة صاحبت النص صورة تدعم الفكرة وتوضحها، وفي تاريخ الفن، تحديداً في فترة المدرسة الرومانسية رسم الفنانون لوحات تعتمد على الاقتباس من المشهد الأساسي للروايات الشهيرة والفنان في هذه الحال يأخذ من روح النص ويضيف إليه تصوراً أو زاوية جديدة".

 

وأضافت "اخترت في أعمالي المقدمة بالمعرض تيمة الأمثال التي ترتكز على الحظ مثل "اديني عمري وارمينى البحر" و"قيراط حظ ولا فدان شطارة" و"يدي الحلق للي بلا ودان"، وبشكل عام أرى أن فكرة إقامة معرض يقدم تصوراً بصرياً عن الأمثال الشعبية لها أهمية كبيرة، خصوصاً بالنسبة إلى الأجيال الجديدة لأنها إلى حد ما بعيدة من الميثولوجيا الشعبية ومشاهدتها لمثل هذه الأعمال ستثير فضولها وتدفعها إلى البحث والتعرف إلى هذا الجزء من تراثنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودمجت الفنانة بين التراث المصري ورمز عالمي من رموز الفن هو فان غوخ في لوحتها المعبرة عن مثل "يدي الحلق للي بلا ودان" في إشارة إلى الحادثة الشهيرة التي فقد فيها أذنه لتحدث نوعاً من التمازج بين الشرق والغرب.

وعن هذا الأمر لفتت إلى أن "الرموز الفنية العالمية هي الآن تراث إنساني يخصنا جميعاً والدمج بين أكثر من ثقافة في العمل ذاته يثري الهدف ويضيف إلى الفكرة، واخترت فان غوخ تحديداً لأن حياته كانت مرتبطة بدرجة كبيرة بتيمة الحظ التي ارتكز عليها فالحظ السيئ كان مصاحباً له طوال حياته، وهو لم يحظ بالتقدير ولم يدرك الناس قيمة أعماله إلا بعد وفاته ليصبح واحداً من الرموز العالمية للفن".

"القرد في عين أمه غزال"

بينما قال الفنان محمود خطاب إن "فكرة تحويل نص إلى تصور بصري يمثل اختباراً للفنان وقدراته ويشكل تحدياً له لاستخدام جميع أدواته لتجسيد الفكرة المطلوبة بطريقة تعبر عنها وتصل إلى المتلقي، والأمثال الشعبية هي جزء من التراث وتشكل جانباً من حياة الناس وثقافتهم ويميزها غالباً أنها تتسم بالفكاهة وهي في مصر كثيرة جداً وتناقش معظم المواضيع والقضايا في حياة الناس"، ولفت إلى أنه اختار منها مجموعة مثل "جابوا الأقرع يسرح بنت السلطان" و"القرد في عين أمه غزال" و"على رأسه ريشة".

 

وأضاف أن "المعارض الجماعية عادة ما تثري الفكرة لأنها تقدمها برؤى مختلفة وغالباً ما يجد فيها المتلقي ما يناسب ذوقه وتساعده على التعرف إلى مدارس فنية متنوعة، وهي في الوقت ذاته مفيدة للفنان لأنها تمثل إضافة إلى ثقافته البصرية، فهو يتعرف إلى أساليب فنية جديدة لفنانين آخرين، وبشكل عام فإن الأعمال المستوحاة من الثقافة الشعبية والتراث تكون أسهل في الوصول إلى الجمهور لأنها تعبر عنه وتكون قريبة منه وفي الوقت ذاته تصل إلى الجمهور العالمي الذي يكون مهتماً بالتعرف إلى ثقافة أخرى تختلف عما هو معتاد على مشاهدته".

المزيد من ثقافة