Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السعودية إحدى الدول التي اقتنصت فرص الحرب الأوكرانية

نجحت الرياض في تعزيز حضورها الدولي عن طريق المشاركة بحل أزمات النزاع المسلح في أوروبا

لعب السعودية دوراً دولياً أكبر منذ بداية الحرب في أوكرانيا (غيتي)

تعرضت الدول المنتجة للنفط، وعلى رأسها السعودية، لضغوط كبيرة في بداية الحرب الروسية - الأوكرانية، بسبب أدوات التأثير التي تملكها، ورغبة المجموعة الغربية الداعمة لأوكرانيا في استخدامها ضد روسيا، وفي مقدمتها سلاح أسعار النفط، إلا أن دول الخليج نجحت في الحفاظ على حياد صعب عدته بعض الأطراف الغربية تنازلاً عن مسؤولياتهم كحلفاء للغرب.

إلا أن سير الأحداث منذ ذلك الوقت أثبت أن هذا الحياد والحفاظ على علاقة مع موسكو قد يسهمان في حل كثير من الأزمات الناجمة عن الحرب، كان آخرها الوساطة السعودية للإفراج عن الأسرى الدوليين في روسيا.

السعودية تعزز حضورها الدولي

شهدت الأشهر الأولى من الحرب تغيراً في الموقف الأميركي الفاتر تجاه الرياض نظراً إلى حاجة واشنطن إليها في احتواء التضخم الناجم عن ارتفاع أسعار الطاقة منذ اندلاع الحرب في فبراير (تشرين الثاني) من العام الحالي، إلا أن الأهم هو ما حدث خلال الأيام الماضية، وتلا ذلك الإعلان تحرير 10 مقاتلين أجانب من بينهم أميركيان وخمسة بريطانيين تزامناً مع عملية تبادل أكبر للأسرى بوساطة جزئية من تركيا، شملت 215 من الجنود الأوكرانيين مقابل 55 مقاتلاً روسياً بوساطة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

 

والأجانب الذين وصلوا إلى الرياض، الأربعاء الماضي، في طائرة مستأجرة يوجد بينهم أشخاص أيضاً من المغرب والسويد وكرواتيا. وفور وصولهم أعربت واشنطن ولندن وعواصم أخرى عن شكرها للسعودية.

ويرى دبلوماسيون ومحللون أن التوسط في إطلاق سراح مقاتلين أجانب في أوكرانيا يشكل أحدث دليل على أن الحرب الروسية باتت تسهم في تعزيز مكانة الرياض الدبلوماسية على الصعيد الدولي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول المحلل السعودي علي الشهابي عن الصفقة "إنها سابقة بالتأكيد". ويضيف "كانت فرصة للاستفادة من علاقات السعودية مع روسيا من أجل قضية جيدة"، مشيراً إلى أن ترتيبات مماثلة قد تكون ممكنة في المستقبل.

احتواء تضخم النفط

وقاومت السعودية خفض أسعار النفط، إلا أنها لعبت دوراً في تحقيق زيادة في الإنتاج عن طريق "أوبك+" مع الحفاظ على هامش مفيد للدول المنتجة، إذ حفز الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة الناجم عن الحرب الروسية عدداً من القادة الغربيين على السفر إلى السعودية لمناشدتها زيادة إنتاج النفط، ولا سيما رئيس الوزراء البريطاني آنذاك بوريس جونسون، وبعده بايدن الذي تراجع عن تعهد سابق بنبذ القيادة السعودية، وآخرهم المستشار الألماني أولاف شولتز الذي زار الخليج خلال الأيام الماضية بحثاً عن مصادر جديدة للطاقة بدلاً من روسيا.

 

وقد استفاد أكبر مصدر للنفط الخام في العالم من الحرب، إذ أعلنت شركة النفط العملاقة "أرامكو" عن أرباح قياسية. ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد السعودية بنسبة 7.6 في المئة هذا العام، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لـ"بي بي سي" هذا الشهر إن الوساطة السعودية كانت "لأسباب إنسانية بحتة".

وقامت وسائل الإعلام الحكومية بتغطية الحدث على مدار الساعة بمشاركة محللين قال أحدهم إن التبادل دليل على "العلاقات الدولية العظيمة" للأمير محمد بن سلمان.

الوسطاء الخليجيون

ويتولى عدد من دول الخليج أدوار وساطة في العادة سعياً إلى نفوذ دبلوماسي داخل المنطقة وخارجها. فقد استفادت سلطنة عمان من علاقاتها مع إيران للتفاوض على تبادل للأسرى، بما في ذلك من الولايات المتحدة، وفعلت قطر الشيء نفسه مع مجموعات مثل حركة "طالبان" والمسلحين التابعين لتنظيم "القاعدة" في سوريا.

وأشار الكاتب السعودي سلمان الدوسري، رئيس التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط، إلى الموقف السعودي الذي تعرض للهجوم في بداية الحرب إلا أن الوقت أثبت ضرورة وجود الوسطاء المحايدين.

وقال في مقال نشره في جريدة الشرق الأوسط، إن الدول الغربية حاولت في بادئ الأمر شيطنة أصحاب الرأي المخالف، إلا أنه ومع تأزم الأمور وفشل العقوبات في إنهاء الحرب "استطاعت السعودية أن تكون الوسيط في الأزمة، في وقت فشلت فيه الكثير من البلدان، الغربية خصوصاً، في أن تلعب أي دور للتهدئة".

وأضاف "تخبطت كثير من الدول الغربية في التعامل مع الأزمة، بخاصة بعدما واجهت العديد من الأزمات الاقتصادية (الطاقة تحديداً)، بينما ظهر الموقف السعودي المتزن أساساً لربط الحوار بين الأطراف، وعملت المملكة بذكاء في إيجاد منطقة تفاهم وحل".

وختم حديثه بالقول "في أغلب الملفات، كالحروب وغيرها، لا تظهر الحقائق مباشرة، وإنما تحتاج إلى الوقت حتى تتشكل الصورة تماماً. القليل من يستطيع اتخاذ المواقف المتزنة بناءً على المعلومات المحدودة، ويراهن على موقف مغاير للتجييش العالمي"

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير