Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة البريطانية تواجه تمرد نواب الحزب الحاكم بسبب انهيار الاسترليني

السياسة الاقتصادية لليز تراس وكوازي كوارتنغ تدفع الخزانة نحو مزيد من الهبوط

عدد من نواب حزب المحافظين الحاكم يقولون إنهم قد يطرحون الثقة في الحكومة وليس فقط معارضة قراراتها في البرلمان (أ ف ب)

واصلت العملة البريطانية، الجنيه الاسترليني، الهبوط في بداية تعاملات الأسبوع، صباح الإثنين 26 سبتمبر (أيلول)، مع عمليات بيع هائلة من قبل المستثمرين كرد فعل على الميزانية التكميلية التي أعلنها وزير الخزانة البريطاني كوازي كوارتنغ الجمعة أمام مجلس العموم "البرلمان البريطاني".

وأخذ الجنيه الاسترليني في التراجع بشدة بعد أن تضمنت الميزانية التكميلية خفضاً للضرائب لصالح الفئات عالية الدخل في بريطانيا سيكلف الخزانة العامة ما يزيد على 45 مليار جنيه استرليني (46.5 مليار دولار). وعلى عكس خفض الضرائب الذي أقرته حكومة حزب المحافظين في ثمانينيات القرن الماضي برئاسة مارغريت تاتشر فإن حكومة المحافظين الحالية برئاسة ليز تراس ستمول الخفض بالاقتراض المكثف وزيادة الدين العام.

يضاف إلى كلفة خفض الضرائب أن الحكومة ستمول أيضاً حزمة دعم أسعار الطاقة لتجميد سقف فاتورة الاستهلاك، والبالغة أكثر من 150 مليار جنيه استرليني (155 مليار دولار) من طريق الاقتراض أيضاً. وهكذا يقترب اقتراض الحكومة المتوقع من أكثر من 195 مليار جنيه استرليني (200 مليار دولار) في الأشهر المقبلة. ومع أن توقعات الاقتراض تقليدياً ترفع سعر السندات بالتالي انخفاض العائد عليها، إلا أن ما حدث في الأيام الأخيرة هو هبوط سندات الخزانة البريطانية قصيرة ومتوسطة الأجل وارتفاع العائد عليها بنحو أربعة أضعاف ما كانت عليه النسبة قبل عام.

تمرد برلماني

واجهت الاستراتيجية الاقتصادية للحكومة البريطانية انتقادات من جميع ألوان الطيف السياسي في بريطانيا، فضلاً عن الاقتصاديين والمعلقين والمحللين والمستثمرين الذين حذروا وزير الخزانة من أن سياسته الاقتصادية ستؤدي إلى فقدان الأسواق والمستثمرين الدوليين الثقة في بريطانيا.

ولم يقتصر الأمر على المعارضة، بل إن نواب الحزب الحاكم الذين تعتمد ليز تراس على غالبيتهم في البرلمان لتمرير سياساتها هددوا بالتمرد والتصويت ضد الحكومة إذا واصلت العملة البريطانية الانهيار، وارتفعت معدلات التضخم أكثر بسبب خفض الضرائب وحزم الدعم لأسعار الطاقة.

ونقلت صحيفة "الديلي تلغراف" عن عدد من نواب حزب المحافظين الحاكم أنهم قد يطرحون الثقة في الحكومة، وليس فقط معارضة قراراتها في البرلمان. وقال أحد نواب حزب المحافظين للصحيفة، "سبب انزعاجي أنني قد أفيق من نومي يوم الإثنين وأكتشف أنه أصبح يوم الإثنين الأسود"، في إشارة إلى بداية تعاملات الأسواق التي قد تشهد انهيار العملة والسندات وهبوط الأسهم. وهو ما بدا واضحاً خلال التعاملات الصباحية في آسيا بالفعل مع أول أيام الأسبوع.

وانتقد عدد من نواب الحزب الحاكم سياسة وزير الخزانة كوازي كوارتنغ، ونقلت الصحيفة عن أحد هؤلاء النواب قوله، "هذه الميزانية ستنهار ليس على أساس رأي الناخبين ولا ما يراه سياسيو المعارضة ولا حتى ما يعتقده السياسيون المحافظون (حزب الحكومة) إنما على أساس رد فعل الأسواق العالمية. على ما يبدو أنه تصرف يتسم بالمخاطرة من قبل الحكومة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووصف عدد من النواب الاستراتيجية الاقتصادية للحكومة التي يضعها كوازي كوارتنغ وزير الخزانة وتدعمها رئيسته ليز تراس تشبه السياسات المالية والنقدية في إحدى الدول النامية، حيث تصارع الحكومات في محاولة كسب ثقة الأسواق والمستثمرين.

وبمجرد إعلان الميزانية التكميلية الجمعة ترددت الانتقادات والتحذيرات من كل حدب وصوب. إلا أن رئيسة الوزراء ليز تراس أعربت عن دعمها الكامل خطة وزير الخزانة، بل ونقلت بعض التقارير أنباء عن عزمها على تخفيض الضرائب أكثر العام المقبل.

والجمعة، علق وزير الخزانة الأميركي السابق لاري سمرز في مقابلة مع تلفزيون "بلومبيرغ" تعليقاً على إعلان الميزانية التكميلية وسياسة حكومة ليز تراس الاقتصادية بشكل عام بالقول "تتصرف بريطانيا مثل دولة صاعدة اقتصادية مما يؤدي إلى تحولها لدولة نامية. وسيذكر التاريخ بريطانيا على أنها الدولة التي اتبعت أسوأ السياسات الاقتصادية من بين الدول الكبرى منذ زمن طويل".

لكن وزير الخزانة البريطاني أبدى عدم اهتمام برد فعل الأسواق في مقابلاته مع صحيفة "الفايننشيال تايمز" ومع إذاعة "بي بي سي" وغيرهما، بقوله إن "الأسواق تتقلب طوال الوقت. من المهم أن نحافظ على هدوئنا ونركز على الأهداف الطويلة الأمد". والأهداف الطويلة الأمد هي السعي إلى أن يحقق الاقتصاد نمواً بنسبة 2.5 في المئة، كما قال أمام النواب الجمعة.

دولة صاعدة أو نامية

عزز استمرار هبوط الاسترليني وارتفاع العائد على سندات الخزانة البريطانية مع بداية تعاملات هذا الأسبوع من احتمالات فقدان ثقة المستثمرين في الاقتصاد البريطاني وقدرة الحكومة الحالية على إنفاذ خططها الاقتصادية التي وصفت بأنها "مقامرة"، كما أشار كبير الاقتصاديين في بنك سنغافورة منصور محيي الدين في مقابلة مع صحيفة "الفايننشيال تايمز" الإثنين.

وقال محيي الدين "يبدو أننا نتجه نحو دائرة مغلقة من الهبوط كالتي نراها في حالة أزمات الأسواق الصاعدة والنامية، حين يعمل واضعو السياسة بصعوبة على استعادة الثقة"، مضيفاً أن ثقة المستثمرين في الجنيه الاسترليني تتدهور مع تقديرات أن الدين العام البريطاني "في مسار ارتفاع غير مستدام" في الوقت الذي تعاني فيه الحكومة "عجزاً هائلاً في الحساب الجاري".

وبرأي الاقتصادي في بنك سنغافورة أنه إذا استمر منحى الهبوط فلن يكون أمام بنك إنجلترا "المركزي البريطاني" سوى تشديد السياسة النقدية بقوة، واحتمال رفع سعر الفائدة بنقطة مئوية كاملة "واحد في المئة" في محاولة لوقف تدهور الاسترليني.

وسبق أن قال المحللون في بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري في مذكرة لهم إن وضع الجنيه الاسترليني يعتمد بالأساس على السياسة النقدية التي يضعها بنك إنجلترا للحد من ارتفاع معدلات التضخم. ورأى هؤلاء المحللون أن سياسة رفع سعر الفائدة للبنك لم تكن على مستوى التوقعات حتى الآن.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات