Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تبخر فائض الموازنة في روسيا مع تراجع صادرات الطاقة

آثار العقوبات الغربية بدأت تظهر بعد 6 أشهر من الحرب في أوكرانيا

تراجعت إمدادات الغاز من روسيا إلى أوروبا لنحو نسبة 20 في المئة مما كانت عليه قبل الحرب (أ ف ب)

تبخر فائض الموازنة الهائل للحكومة الروسية الشهر الماضي مع التراجع الحاد في صادرات الطاقة، بالتالي انخفاض العائدات من مبيعات النفط والغاز والفحم التي تشكل نحو نصف الدخل للحكومة.

وبحسب الأرقام التي نشرتها صحيفة "الفاينانشسال تايمز" بلغ العجز في الموازنة الروسية في شهر أغسطس (آب) 5.9 مليار دولار (360 مليار روبل).

كانت روسيا راكمت فائضاً في الموازنة على مدى الأشهر السبعة الأولى من هذا العام بلغ أكثر من ثمانية مليارات دولار (500 مليار روبل)، لكن ذلك الفائض تراجع بشدة الشهر الماضي إلى ما يزيد قليلاً على ملياري دولار (137 مليار روبل). ذلك نتيجة العجز في الفائض الشهر الماضي بسبب انخفاض صادرات الطاقة، بخاصة إلى أوروبا حيث تراجعت إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إليها لنحو نسبة 20 في المئة مما كانت عليه قبل الحرب في أوكرانيا.

تأتي أنباء الانخفاض الهائل في فائض الموازنة الروسية في وقت تواجه فيه القوات الروسية هجوماً مضاداً من القوات الأوكرانية دفع الجيش الروسي إلى التراجع في بعض المناطق التي يسيطر عليها في أوكرانيا، ومن شأنها أن تزيد من تعقيدات الوضع المالي للحكومة في موسكو وقدرتها على تمويل زيادة قدرات قواتها في أوكرانيا.

عائدات صادرات الطاقة

بحسب البيانات التي نشرتها الصحيفة البريطانية تراجعت عائدات صادرات النفط والغاز الروسية في الأشهر من يناير (كانون الثاني) إلى أغسطس (آب) بنسبة 18 في المئة، وعلى رغم أن ارتفاع أسعار النفط والغاز بقوة في الأشهر الأولى من الحرب في أوكرانيا أدى إلى زيادة العائدات الروسية حتى مع تراجع حجم الصادرات إلا أن ثبات الأسعار أو انخفاضها مع مزيد من خفض الصادرات أدى إلى انخفاض فائض الموازنة الشهر الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعلنت روسيا وقف إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر خط الأنابيب الرئيس "نورد ستريم 1" تحت مياه بحر البلطيق بشكل تام حتى ترفع الدول الغربية العقوبات المفروضة على موسكو، وسيعني ذلك أن عائدات صادرات الطاقة الروسية في سبتمبر (أيلول) الحالي ستشهد مزيداً من التراجع قد يأتي على بقية الفائض في الموازنة.

كما أن دول الاتحاد الأوروبي فرضت حظراً على استيراد الفحم من روسيا. ومن المقرر أن يدخل الحظر الأوروبي على النفط الروسي المشحون بالناقلات في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل. يضاف إلى ذلك أن العائدات من القطاعات الأخرى غير النفط والغاز تراجعت أيضاً بنسبة 37 في المئة في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام مقارنة بالعام الماضي.

كانت شركة "غازبروم" الوطنية التي تحتكر تصدير الغاز الطبيعي الروسي أعلنت في وقت سابق من هذا الشهر أن إنتاجها تراجع بنسبة 15 في المئة في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام مقارنة بالعام الماضي، كما أن الصادرات التي تذهب النسبة الأكبر منها إلى أوروبا تراجعت بنحو الثلث في تلك الفترة.

انكماش النمو الاقتصادي

بحسب آخر بيانات من وزارة الاقتصاد الروسية انكمش الاقتصاد الروسي بنسبة نمو سلبي 4.3 في المئة في شهر يوليو (تموز) مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، وتوقع المحللون في شركة السمسرة الروسية "أتون" أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنسبة خمسة في المئة في العام المقبل 2023.

كانت وزارة الاقتصاد الروسية أعلنت توقعاتها لنمو الاقتصاد هذا العام والعام المقبل مؤكدة النمو السلبي "الانكماش"، وتوقعت الوزارة انكماش الاقتصاد بنسبة نمو سلبي 4.2 في المئة هذا العام وبنسبة 2.7 في المئة العام المقبل 2023 على أن يعود الاقتصاد للنمو الإيجابي في عام 2024 محققاً نمواً بنسبة 3.7 في المئة.

وفي يوليو (تموز) الماضي عدل صندوق النقد الدولي توقعاته للاقتصاد الروسي لتصبح أفضل نسبياً من توقعاته السابقة في أبريل (نيسان) مع بداية الحرب في أوكرانيا، وبحسب توقعات الصندوق سينكمش الاقتصاد الروسي هذا العام بنسبة نمو سلبي ستة في المئة بدلاً من التوقعات السابقة بانكماش بنسبة 8.5 في المئة، أما بالنسبة إلى العام المقبل 2023 فعدل الصندوق توقعاته بالأسوأ مقدراً انكماشاً بنسبة 3.5 في المئة بدلاً من توقعاته في أبريل (نيسان) بانكماش بنسبة 2.3 في المئة.

وإذا كان الاقتصاد الروسي تمكن من تفادي التأثير السريع والقوي للعقوبات الغربية في موسكو مع بداية الحرب، فإن تأثير تلك العقوبات بدأ في الظهور مع دخول الحرب شهرها السابع، ويتوقع أن يبدأ تأثير تلك العقوبات في الظهور بقوة مع دخول فصل الشتاء.

إجراءات وتعتيم

نجحت روسيا في تفادي التأثير السريع للعقوبات نتيجة استعداداتها السابقة منذ عام 2014 تحسباً لتعرضها لعقوبات غربية، وفور فرض العقوبات التي شملت تجميد نحو نصف الاحتياطيات الروسية الأجنبية التي تصل قيمتها إلى نحو 300 مليار دولار اتخذ البنك المركزي الروسي عدة إجراءات عاجلة.

فعمد البنك إلى رفع أسعار الفائدة إلى نسبة 20 في المئة، وفرض ضوابط مالية من قبيل الحد من التحويلات لليورو والدولار وغيرها، لكن تلك القيود أخذت تخف تدريجاً حتى أن سعر الفائدة وصل الآن إلى نسبة ثمانية في المئة.

ومن بين الإجراءات التي اتخذت أيضاً تلك القوانين التي تسمح للبنوك والشركات الروسية بعدم الإفصاح عن بياناتها المالية، حتى البنك المركزي الروسي لم يعد يصدر بيانات تفصيلية حول الاحتياطي وتكوينه، وفقط يقوم بتحديث الرقم النهائي للاحتياطي على موقعه.

ومبرر ذلك التعتيم بحسب التفسير الرسمي هو "تفادي التقديرات غير الدقيقة والحيلولة دون الاختلافات والمضاربات... ولحماية الشركات وبعض الأفراد من أضرار العقوبات"، لكن ذلك يزيد من عدم اليقين لدى الخارج بشأن الأرقام والبيانات الصحيحة حول الاقتصاد الروسي ومدى تأثره بالعقوبات الغربية.

اقرأ المزيد