Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأزمة الاقتصادية ستنفجر وبريطانيا بعيدة من الاستعداد لها

أولئك الذين يتغاضون عما يجري على أمل أن تمر الأزمة المالية التي تنتظرنا مرور الكرام ينبغي أن يعيدوا التفكير

على الرغم من أن بعض مالكي المساكن سيحتاجون بوضوح إلى المساعدة فمن المؤكد أن الأكثر ثراء بينهم ليسوا بحاجة إليها  (رويترز)

بفضل إنفاقهم القوي أنقذ المستهلكون في المملكة المتحدة اقتصاد البلاد مراراً وتكراراً عندما واجه الأخطار.

وعلى هذا يمكن لنظرة سريعة إلى الأرقام الرئيسة التي أصدرتها الأربعاء هيئة الإدارة المالية في المملكة المتحدة، وهي الهيئة المصرفية، أن توفر بعض الارتياح للفريق الذي تقوده المدعوة ليز تراس ويقول إن "الركود قد لا يحدث أبداً لذلك توقفوا عن الاستخفاف ببريطانيا".

لقد سجل الإنفاق بواسطة بطاقات الحساب الجاري وبطاقات الائتمان 75 مليار جنيه استرليني (87 مليار دولار) [في الفصل الثاني من العام]، مقارنة بـ72 مليار جنيه (83.4 مليار دولار) خلال الأشهر الثلاثة السابقة. ومن الواضح أن ارتفاع الأسعار دفع الرقم صعوداً، لكن من الجدير بالملاحظة أن الحجم الإجمالي للمعاملات ارتفع أيضاً. لاحظوا! سيقدم المستهلك خدمة إلى سائر الاقتصاد. حتى مع هذا التضخم كله.

من ناحية أخرى تعافت مشتريات المساكن إلى مستويات ما قبل الجائحة، على رغم أن إيقاع السوق النشط جداً [ارتفاع في أسعار العقارات وتدني المعروض] يجعل المشترين يشعرون بالغضب والحزن. وكشفت "هاليفاكس" Halifax [المتخصصة في قروض الإسكان]، في آخر تحديث لها، عن أن الأسعار التي هبطت بنسبة 0.1 في المئة في يوليو (تموز) مقارنة بالشهر السابق عادت إلى النمو بنسبة 0.4 في المئة في أغسطس (آب)، هذا على رغم أن الرقم على أساس سنوي سجل (11.5 في المئة) بانخفاض قليل (من 11.8 في المئة).

فلنعد إلى أرقام هيئة الإدارة المالية في المملكة المتحدة. إذا بحثنا فيها بقدر أعظم من التعمق، سيتبين لنا بوضوح أن المعجبين بالأغنية "لا تقلقوا، افرحوا" don’t worry، be happy (سيبدأ الآن القراء من عمر معين بسماع تلك الأغنية تتردد في رؤوسهم على مدى اليوم) من أتباع الاقتصادات التراسية [نسبة إلى ليز تراس] يعيشون في راحة زائفة. من السمات البارزة في الأرقام أن الائتمان عن طريق القروض الشخصية ازداد. وتستخدم هذه القروض في شكل عام في مشتريات أكبر حجماً.

كذلك أصبحت ثقة المستهلك منخفضة للغاية في الوقت الحالي. الشهر الماضي، مثلاً، هبطت نتيجة الاستطلاع المنتظم الذي تجريه شركة البيانات "جي أف كاي" Growth from Knowledge إلى حضيض جديد يساوي سالب 44، وهذا إنجاز كبير نظراً إلى الاضطرابات التي شهدها الاقتصاد البريطاني منذ بدأ إصدار السلسلة عام 1974.

لماذا إذاً النهم الواضح للبنود ذات الأسعار المرتفعة؟ ربما كان ذلك راجعاً إلى أن المستهلكين، بعد أن لاحظوا ارتفاع معدلات التضخم، يسعون ببساطة إلى إجراء عمليات شراء كبرى قبل الارتفاعات الحادة المقبلة في الأسعار. هل الثلاجة تبدو قديمة؟ حان الوقت الآن لشراء واحدة جديدة. ربما عزز ذلك الأرقام الإجمالية.

ويأتي دليل أكثر وضوحاً على إجهاد المستهلكين في شكل قفزة في مستويات السحب المكشوف من الحسابات [سحب أموال أكثر من تلك المودعة] (إلى 5.5 مليار جنيه). لا يزال هذا الرقم يقل بنسبة خمسة في المئة تقريباً عن المستويات التي شوهدت أثناء الجائحة، لكن خلال ذروة "كوفيد-19"، شهد الملايين من الأشخاص انخفاض مداخيلهم خلال وضعهم في برنامج الإجازات المدفوعة، الذي سدد 80 في المئة من رواتبهم حتى 2500 جنيه حداً أقصى. لذلك بالطبع كانت سحوبهم المكشوفة من الحسابات مرتفعة خلال الإغلاق. من ناحية أخرى استقرت مدخرات الأسر، لقد بدأ البريطانيون يفقدون القدرة على وضع المال جانباً.

وإذا أخذت الأرقام معاً تبدو معطياتها دليلاً على دنو الأزمة، لكن حين يتعلق الأمر بالرهون العقارية فقد بدأت الأزمة بالانفجار.

من الواضح أن المستهلكين الملتزمين باتفاقات ذات معدلات ثابتة في مجال الرهون العقارية يتمتعون بالحماية من ارتفاع معدلات الفائدة، لكن كل شهر ينتهي أجل بعض من هذه الاتفاقات، مما يفرض على المقترض إعادة التمويل إذا لم يكن راغباً في أن تتقطع به السبل بسبب المعدل المتغير القياسي (المرتفع الكلفة) الخاص بالجهة التي أقرضته. وفي المتوسط تفيد هيئة الإدارة المالية في المملكة المتحدة بأن مالكي المنازل الذين يتعين عليهم أن يقوموا بهذه الخطوة قد يتوقعون انخفاضاً يقل قليلاً عن 11 في المئة في قيمة مداخيلهم المتاحة من خلال الاضطرار إلى تحمل رهن عقاري ذي كلفة أكبر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكما هي الحال دوماً يكون المقترضون في الشرائح ذات المداخيل المنخفضة الأكثر تضرراً. وقد تكون خيارات إعادة التمويل محدودة باختبارات القدرة على تحمل التكاليف التي يتعين على الجهات المقرضة أن تجريها بطلب من هيئة السلوك المالي، لكن الخيارات قد تكون محدودة أيضاً بتضاؤل رغبة الجهات المقرضة في خوض مجازفات خلال مرحلة تراجع اقتصادي.

من المحتم أن يجد بعض هؤلاء المقترضين أنفسهم في ورطة. لم تبلغ مستويات المتأخرات [الديون التي لم تسدد في موعدها] بعد مستوى ضخماً حقاً، بل إنها انخفضت في واقع الأمر في شكل عام، لكن عدد المتأخرات المبكرة ارتفع للمرة الأولى منذ أوائل عام 2021، وهذا يشير إلى أن دورة المتأخرات بدأت في التحرك صعوداً، تماشياً مع التوقعات.

إن مالكي البيوت كمجموعة في وضع أفضل بكثير من أفقر فقراء بريطانيا، لكن الأقل حظاً من هؤلاء المالكين قد يجدون أنفسهم في وضع سيئ على مدى الأشهر المقبلة.

هذا من شأنه أن يساعد في تفسير الحاجة إلى توسيع نطاق دعم أسعار الطاقة إلى أبعد من المستفيدين من الائتمان الشامل universal credit [دعم حكومي يدفع شهرياً للفئات المحتاجة]. لا ترغب أي حكومة في أن تجد نفسها في أزمة تسترد فيها الجهات المقرضة منازل المتعثرين عن تسديد أقساط رهونهم العقارية، حتى ولو أحسنت الجهات المقرضة إدارتها حالات المقترضين المتعثرين (ولو أن هذا سيخضع إلى اختبار).

في حالة شمول الدعم غير المستفيدين من الائتمان الشامل قد يصبح استهداف المحتاجين معقداً للغاية، ما المقاييس التي يجب استخدامها في اختبار القدرات؟ ومن يقوم بالاختبار (الذي يمكن أن يصبح مكلفاً)؟

وهذا لا يبرر انحراف البرنامج الذي يتبلور في عهد تراس. فكما أوضحت سابقاً، من شأن تجميد أسعار الطاقة للجميع أن يوفر إلى حد كبير أعظم المنافع إلى ملاك المساكن الأكثر ثراء ذوي المساكن الأضخم والأكثر استهلاكاً للطاقة.

وعلى رغم أن بعض مالكي المساكن سيحتاجون بوضوح إلى المساعدة فمن المؤكد أن الأكثر ثراء بينهم لن يحتاجوا إليها. وعلى رغم ذلك ستنتهي الحال بالأكثر ثراء إلى الحصول على مساعدة أكبر مقارنة بأي أشخاص آخرين.

لهذا السبب تمثل الفكرة التي طرحتها "مؤسسة القرار" Resolution Foundation [مركز أبحاث بريطاني يهدف إلى تحسين مستوى معيشة الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط] أخيراً حول فرض "ضريبة تضامن"، لإصلاح التوازن والمساعدة في تسديد بعض التوسع الهائل الوارد في الاقتراض الحكومي، فكرة طيبة للغاية.

وحري بحكومة منصفة وعادلة أن تبحث في الأمر بجدية، لكن [هيهات] بالطبع...

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 8 سبتمبر 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء