Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"كازي روز" يستعيد فيلم "الإرهاب والكباب" في نسخة سورية

يعرض في صالة دمشقية على الرغم من منع الرقابة له والشخصيات لا هم لهم سوى بطونهم

لقطة من الفيلم السوري "كازي روز" (الخدمة الإعلامية)

على الرغم من تزمت الرقابة السورية ورفضها إيجاز عرض فيلم "كازي روز"، فإن الشريط الروائي الطويل (100 دقيقة) وجد طريقه أخيراً إلى صالة "سينما سيتي" في دمشق، منهياً بذلك سنوات طويلة من القطيعة مع سينما القطاع الخاص في سورية، التي توقفت عجلة إنتاجها بعد قرار عام 1969، والذي وجه بحصر حق استيراد الأفلام وتوزيعها بالمؤسسة العامة للسينما (جهة حكومية)، مما أدى إلى إحجام عديد من المنتجين وأصحاب الصالات عن الإنتاج. ومع أن القرار تم إلغاؤه في عام 2002، فإن التراجع عنه جاء بعد فوات الأوان، فالآثار الكارثية التي أدى إليها كان من الصعب تجاوزها بسهولة، ولا سيما على صعيد اندثار معظم صالات العرض السينمائية في البلاد، وهجرة عديد من المنتجين والموزعين لمهنتهم الأساسية نحو مهن أخرى، وتغير وسائط العرض السينمائي نحو تقنية الديجيتال.

"كازي روز" هو اسم الملهى الليلي الذي تدور أحداث الفيلم داخله وخارجه، وفيه نتعرف إلى شخصيات متعددة من العاملين في الملهى إلى رواده من محدثي النعمة وبنات الهوى وذوي النفوذ، لكن حادثاً يقع بين عامل التنظيفات في الملهى (وائل رمضان) وبين أحد أبناء المسؤولين (سليمان رزق)، وجراء هذا الصدام يختطف عامل التنظيفات مسدساً حربياً من مرافق المسؤول (غسان عزب) ويشهره في وجهه، مما يضطر مدير الملهى إلى طلب النجدة من قوات الأمن التي تحاصر المكان، بعد اكتشاف أن أحد رواد الملهى، موظف رفيع في الأمم المتحدة، وقد تم اختطافه على يد عصابة إرهابية، مما يعقد الأمور، ويدفع بها نحو اعتبار هذا الحادث تحت طائلة الإرهاب الدولي.

 

 

تمضي بعدها أحداث الفيلم ضمن إيقاع رتيب، وتتم المفاوضات بين الخاطفين وقوات الأمن بزعامة الضابط (يزن خليل). ولدى سؤال الضابط الخاطفين عن مطالبهم يفاجئون الجميع بطلبهم صحوناً من حلوى الكنافة. لعل هذا ما يذكر بقصة فيلم "الإرهاب والكباب" لكاتبه وحيد حامد ومخرجه شريف عرفة، حيث يراجع أحمد (عادل إمام) بلا جدوى دائرة التربية في مبنى مجمع التحرير، حتى ينهي معاملة بنقل أولاده من مدرسة إلى أخرى. فالبيروقراطية تحول دون استكمال أوراقه الثبوتية والموافقات المطلوبة، مما يدفعه إلى الصدام مع موظف متعصب دينياً في المبنى، وعلى أثرها يتم استدعاء قوات الأمن إلى المكان. وعندها ينتزع أحمد بلا قصد بندقية رشاش من أحد أفراد الشرطة، لتبدأ قصة المفاوضات بينه وبين قوات الأمن برئاسة وزير الداخلية (كمال الشناوي). وعند سؤال الأخير لمطالب الخاطفين يطلب أحمد وجبات من الكباب المشوي للمخطوفين والخاطفين، لنتعرف أكثر فأكثر على شخصيات عالقة في المجمع الحكومي الأضخم في مدينة القاهرة، وعلى من يتضامنون مع أحمد، وينفذون معه عملية الاختطاف. ومنهم الشاب المجند الفار من الجيش (أشرف عبدالباقي) الذي يرى أنه لا يقوم بخدمة الوطن، بل بخدمة الباشا اللواء، وحرم الباشا اللواء وأبنائه، وهناك الفلاح (أحمد راتب) الذي باع أرضه ليحصل على رخصة تلميع أحذية المراجعين في المبنى الحكومي، والشاب المقبل على الانتحار (علاء ولي الدين).

 

طبعاً ينتهي فيلم "الإرهاب والكباب" بتغطية المخطوفين على خاطفيهم، وخروج الجميع من المبنى بسلام، فجر اليوم التالي. وهذا ما حدث أيضاً في النسخة السورية التي قام وائل رمضان بإخراجها ولعب دور البطولة فيها، لكن الملهى الليلي لم يوفر مقاربة لتمرير مقولة الفيلم المصري الذي اعتمد على نماذج شعبية من عامة الناس، وجدوا بالمصادفة البحتة في مبنى حكومي، وحاول البحث عن الأسباب العميقة لظاهرة الإرهاب ضمن قالب كوميدي ساخر: هل هي الظلم، أم الفساد، أم البيروقراطية؟

هموم يومية

حاول "كازي روز" تقديم هموم السوريين اليومية عبر ما يشبه مواجهات مباشرة مع كاميرا ناصر الركا، تخبر فيها كل شخصية عن حاجاتها وأحلامها بتأمين المحروقات والخبز والدواء لعيالها، لكن من دون أن يوفر خيار مربع السهر هذا، الذريعة الدرامية لمناقشة هموم الطبقات المسحوقة، أو البحث في ظاهرة الإرهاب وجذورها في المجتمع السوري.

 

الراقصة في الكازينو (مارلين شلفون) تقابلها شخصية هند (يسرا) في فيلم "الإرهاب والكباب" فتاة الهوى والعقل المدبر أيضاً، التي تساند الخاطف، وترشده كيف يتصرف مع قوات الأمن، وكيفية مماطلتهم وابتزازهم للحصول على مطالب الناس البسطاء، وتأمين خروج آمن لهم من دون أن يصاب أي منهم بالأذى. يمكن تعداد الكثير من أوجه التشابه بين "كازي روز" و"الإرهاب والكباب"، فالقالب الاجتماعي الكوميدي للفيلمين، لم يفلح في النسخة السورية، في تقديم مقاربة دقيقة لحال البلاد التي ترزح تحت ظروف معيشية صعبة، وبدلاً من ذلك وجه سبابة الاتهام نحو السوريين الذين لا هم لهم ولا غم سوى التفكير ببطونهم. جاء هذا على لسان شخصية جوني (حمزة رمضان) الموظف الرفيع في إحدى هيئات الأمم المتحدة، والذي سنعرف أنه من أصول أميركية، إذ يورد مقارنة في حواره التأنيبي لرواد الكازينو الليلي وموظفيه، بين المواطن الأميركي الذي يتقيد بوضع حزام الأمان أثناء قيادة السيارة، ويحلم بتحقيق بلاد متفوقة علمياً وأكاديمياً، بينما لا يفكر السوريون إلا بالطعام وحلوى الكنافة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

معالجة ظلت متواضعة، لا سيما بعد إخلاء قوات الأمن الملهى الليلي، لنكتشف أن من بقي فيه هو ابن المسؤول، والذي قدم في "كازي روز" كضحية في مشهد يستجدي التعاطف معه، فيعانق الأهل ابنهم العاق المتغطرس، ويفكون وثاقه وهم يذرفون الدموع على ما ألم بابنهم الفظ والسيئ الطباع. يبقى القالب الاستعراضي الذي حاول مخرج الفيلم تمريره في مشاهد الفيلم، وقد نجح في ذلك إلى حد بعيد، مستفيداً من الفرقة الموسيقية التي تعمل في المكان، والرقصات التي أدتها الممثلة مارلين شلفون إلى جانب ممثلي الفيلم وفاء موصللي، وأندريه سكاف، وهدى شعراوي، وطارق مرعشلي، وجيني إسبر، وجمال العلي، وفايز قزق، ومريم علي وسواهم.

المزيد من سينما