Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تجدد الحرائق في المغرب يطرح إشكالية مواجهة الكوارث الطبيعية

مصرع ثلاثة رجال إطفاء وإصابة آخرين بعد انقلاب عربتهم بواد في غابة كدية الطيفور بتطوان

جانب من الحريق المشتعل في منطقة المضيق شمال المغرب (مواقع التواصل)

لم يكد المغاربة ينسون ولو قليلاً الخسائر التي تسببت فيها الحرائق المهولة التي شهدتها العديد من الغابات في منطقة الشمال خلال يوليو (تموز) الماضي، حتى عاد شبح الحرائق ليضرب من جديد شمال البلاد، حيث اشتعلت النيران منذ مساء الإثنين 15 أغسطس (آب) الحالي، في مساحة غابية قرب مدينة المضيق الشمالية. وتسبب الحريق في مصرع ثلاثة رجال إطفاء وإصابة آخرين بعد انقلاب عربتهم في واد في غابة كدية الطيفور في تطوان، عندما كانوا يهمون بمواجهة ألسنة النيران الملتهبة، في وقت تسعى فيه طائرات "كانادير" لإطفاء الحريق.
ونقلت وكالة المغرب العربي للأنباء عن السلطات المغربية قولها، إن جهود "500 عنصر من كافة السلطات والمصالح المعنية، والمدعومة بمختلف وسائل وآليات التدخل الأرضي والجوي، لا تزال متواصلة" منذ، الإثنين، لإخماد الحريق.
كما قالت، إنها خصصت ثلاث طائرات لإخماد النيران نفذت كل منها 40 طلعة في محاولة لإطفاء الحريق، وأضافت أنها تكافح من أجل منع وصول النيران إلى الأهالي.
وأعلنت النيابة العامة المغربية، الثلاثاء 16 أغسطس، فتح "بحث قضائي معمق حول ظروف نشوب هذا الحريق وتشخيص كل من يقف وراء ذلك". وقالت إنها ألقت القبض على أربعة أشخاص مشتبه في تورطهم بالحادث.

البنك الدولي وكوارث المغرب

يأتي الحريق في سياق نشر تقرير جديد للبنك الدولي يتحدث عن المخاطر والكوارث الطبيعية في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ومن ضمنها المغرب، وما اعتمدته تلك البلدان من إجراءات وأدوات لتعزيز درجة استعدادها لإدارة مخاطر الكوارث، مع اقتراح مسار لتحسين قدرة بلدان المنطقة على الصمود في مواجهة المخاطر الطبيعية.
وسرد تقرير البنك الدولي مكامن الضعف أمام المخاطر الطبيعية في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، مثل شح المياه وزيادة التقلبات المناخية والنمو السريع في عدد السكان، وتركزهم بقوة في المناطق الحضرية، لا سيما في تجمعات سكنية غير آمنة وعشوائية.
ووفق المصدر ذاته، "يواجه المواطنون في المناطق الحضرية فيضانات بشكل دوري في ظل بنية حماية محدودة، وأنظمة غير ملائمة لصرف المياه على مستوى المدن، وإجراءات ضعيفة لتخفيف وطأة الفيضانات على الناس".
وتطرق تقرير البنك الدولي إلى الخسائر المادية التي يتكبدها المغرب جراء الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات ومواسم جفاف، مقدراً تلك الخسائر بـ575 مليون دولار كل سنة.
وتوقع خبراء البنك الدولي تفاقم هذه الكوارث الطبيعية في المغرب ومنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بسبب تقلبات أحوال الطقس الناجمة عن مظاهر العمران المتسارع، والتغيرات المناخية المتلاحقة.
وسجل التقرير الدولي صمود المغرب في وجه الكوارث الطبيعية المختلفة من حرائق وزلازل وفيضانات، بفضل تكامل تدبير مخاطر الكوارث الطبيعية، متمثلاً في الاستراتيجية الوطنية لإدارة المخاطر التي تتيح تدبيراً أفضل لمجابهة هذه الآفات الطبيعية الموسمية منها وغير الموسمية.
ومن الآليات التي يعتمدها المغرب في هذا الصدد، "صندوق التضامن" عند وقوع الكوارث، الذي يقوم بتعويض ذوي الضحايا ويتكفل بمعالجة ومتابعة حالة المعطوبين والمصابين، حيث يتم تأمين 9 ملايين شخص تقريباً من الإصابات الجسدية في الكوارث التي تقع.
ومن بين المشاريع التي يدعمها ويمولها "البنك الدولي" في هذا السياق، مشروع رصد مخاطر الفيضانات الذي تم تدشينه في أربع مناطق هي الأكثر تعرضاً للفيضانات، متمثلاً في إنشاء مركز وطني ومراكز عمليات لرصد مخاطر الفيضانات، وتنزيل التدابير الوقائية في حالات الطوارئ.
وتوقف تقرير البنك الدولي أيضاً عند جهود المغرب، كما بلدان أخرى في المنطقة، في توافر التدابير الاستباقية لمجابهة الكوارث الطبيعية، من بينها إقامة أنظمة الإنذار المبكر، وأيضا جرد وتقييم مخلفات هذه الكوارث من أجل تدبير أفضل لمرحلة ما بعد حصول هذه الكوارث.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


طرق مواجهة الكوارث الطبيعية

وعلّق الباحث في مجال المناخ والكوارث الطبيعية علي شرود، على هذا الموضوع قائلاً، إن "مؤشر الجفاف وانخفاض الموارد المائية يعد أهم كارثة طبيعية، ويمكن تصنيفها من بين الكوارث المناخية".
وأضاف شرود، أن "المؤشر الثاني يتمثل في حدوث الزلازل خصوصاً في المناطق الشمالية للبلاد"، مشيراً إلى أنها كوارث طبيعية غير موسمية لها علاقة بجيودينامية الأرض وهشاشة القشرة الأرضية عند تقارب القارتين الأوراسية والأفريقية عند بحر البوران".
وجواباً على سؤال حول طرق مواجهة المغرب لمخاطر الكوارث الطبيعية، أبرز شرود أنه "لا يمكن منع حدوث الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات وغيرهما، ولكن في المقابل يمكن الحد من آثارها السلبية خصوصاً التي تهم المجالات الحيوية". وشدد على أنه "يجب على الدولة التفكير في كيفية مواجهة الكوارث الطبيعية قبل حصولها وليس بعدها"، مشيراً إلى أنه "لا يتعين مثلاً الاستثمار في تشييد الطرق أو إحداث فضاءات غابية، من دون معرفة لماذا تصلح أولاً، وهل توجد في مناطق تتهددها الكوارث الطبيعية؟".

ولفت شرود إلى "ضرورة توافر خرائط بأماكن المخاطر المحتملة، حيث تكون لكل منطقة خريطة خاصة ترافقها تدابير محددة"، موضحاً أن "خريطة منطقة الشمال المغربي، لا سيما منطقة الدريوش التي تشهد حركية دائمة للأرض، تتسم بأنها أكثر عرضة لخط الزلازل، بينما منطقة الجنوب تشهد كوارث الفيضانات".

الفرق بين شمال وجنوب ووسط البلاد

وللتفصيل في هذه الحيثية، شرح شرود بأنه "بخصوص الشمال المغربي، يجب منح الأولوية لأقاليم الحسيمة والناظور من خلال تطوير البنيات التحتية ونظام المساكن والبنايات في تخطيط يشمل سنوات عدة في المستقبل"، مبرزاً أنه "يجب ملاءمة البنية التحتية مع طبيعة المنطقة، لكون الأرض الطينية ليست هي الأرض الكلسية، كما أن هناك مناطق فيها فوالق وأخرى هادئة".
وتابع المتحدث، أن "المناطق الجنوبية تعرف كوارث من نوع آخر، تتعلق بارتفاع الحرارة ما يفضي إلى الجفاف وتقلص موارد الماء بفعل الاحتباس الحراري، الشيء الذي يؤدي إلى فقدان مناطق زراعية وواحات"، محذراً مما سماه "اللجوء البيئي" عندما يهاجر الإنسان الصحراء والواحات إلى المدن.
وزاد شرود أن "الإجراءات التي يجب اتخاذها في المناطق الصحراوية ليست مثل التدابير في مناطق الشمال، ففي الجنوب يجب بناء قناطر متينة بالإسمنت المسلح، كما أن هندسة الطرقات يجب أن تتم بعيداً عن مناطق انجرافات التربة جراء السيول والفيضانات".
أما في منطقة وسط البلاد، فرأى شرود أن "الأولوية يجب أن تكون لمواجهة الحرائق الغابية، خصوصاً في شفشاون ووزان"، مبرزاً أنه "يتعين التضحية بآلاف الهكتارات الغابية من أجل تحقيق أهداف عدة، الأول هدف جيوسياحي، والثاني تسهيل عمل فرق الإنقاذ".

المزيد من الأخبار