Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما سبب استمرار الجدل الكبير حول كتاب سلمان رشدي "آيات شيطانية"؟

منذ إصداره هذا الكتاب يطرح رشدي ضرورة السماح بنقد النصوص الدينية. ففي حوار صحافي عام 2015، تساءل رشدي عما يمنع "من مناقشة الإسلام"، مشدداً على إمكانية "احترام الأفراد وحمايتهم من التعصب في الوقت الذي يتم فيه التشكيك بآرائهم، أو حتى انتقادها بشراسة"

سلمان رشدي في معرض فرانكفورت للكتاب في 2015 (رويترز)

"آيات شيطانية" لسلمان رشدي، أحد أكثر الكتب إثارة للجدل في تاريخ الأدب الحديث. قاد نشره قبل أكثر من ثلاثة عقود إلى اندلاع تظاهرات غاضبة حول العالم، وبشكل شبه فوري، أخذ بعضها منحى عنيفاً.

ففي عام 1989، وبعد نشر الكتاب بعام، أصدر المرشد الإيراني الأعلى، آية الله الخميني، فتوى دعا فيها المسلمين إلى قتل الكاتب. وأرغم رشدي، الذي وُلد في الهند لعائلة مسلمة، ويعيش حينها في المملكة المتحدة باعتباره مواطناً بريطانياً، على التواري عن الأنظار لحماية نفسه طوال الجزء الأكبر من عقد كامل.

ولكن  ما كان  ولا يزال وراء ذلك السخط؟

الجدل والخلاف الشائك

يتناول كتاب "آيات شيطانية" صلب المعتقدات الدينية الإسلامية، إذ يشكك رشدي، عبر سلسلة من الأحلام، في بعض أكثر المفاهيم حساسية، ويبدو أنه يسخر منها أحياناً.

يؤمن المسلمون بأن الملاك جبريل، ويدعى غابرييل بالإنجليزية، نزل على النبي محمد، وأملى عليه كلام الله طيلة 22 عاماً. وفي المقابل، ردد محمد هذا الكلام على أتباعه. وتم تدوينه في النهاية ليصبح آيات القرآن وسوره.

تستعير رواية رشدي هذه المعتقدات الأساسية، حيث تراود جبريل فاريشتا، وهو أحد شخصيات الكتاب الرئيسة، سلسلة أحلام يتحول فيها إلى الملاك جبريل الذي يتشابه معه في الاسم.

وفي هذه الأحلام، يلتقي جبريل شخصية رئيسة أخرى بطرق تعيد إلى الذهن الرواية الإسلامية التقليدية عن لقاءات الملاك مع النبي محمد.

ويختار رشدي أن يطلق على النبي محمد اسماً استفزازياً. فالنبي في الرواية يدعى مهاوند، وهو الاسم البديل للنبي محمد، والذي كان قد استخدمه أحياناً مسيحيو القرون الوسطى الذين كانوا يعتبرونه شيطاناً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإضافة إلى ذلك، يملي مهاوند، كما صوره رشدي، على جبريل ما يجب أن يقوله له، فيتلو على أتباعه فتاوى تعزز أهدافه وطموحاته الخاصة. على الرغم من رفض سلمان الفارسي، الكاتب الذي يدون كلام مهاوند في الكتاب، صحة ما يتلوه عليه معلمه، إلا أنه يدون الكلام كما لو كان كلام الله.

ففي كتاب رشدي مثلاً، يعزو سلمان بعض الآيات القرآنية الحقيقية القائلة إن "الرجال قوامون على النساء"، والتي تعطي الرجال الحق بضرب النساء اللاتي "يخشون غطرستهن"، إلى آراء مهاوند المتحيزة ضد المرأة.

ويبدو أن رشدي يحاول من خلال شخصية مهاوند، أن يشكك في الطبيعة الإلهية للنص القرآني - طبقا للكاتب-.

الطعن في النصوص الدينية؟

يعتبر كثير من المسلمين أن رشدي يلمح، وعبر إعادة سرده الخيالي للأحداث الأساسية لظهور الإسلام، إلى أن النبي محمداً نفسه، وليس الله، هو مصدر الوحي المكتوب.

بغرض الدفاع عن رشدي، اعتبر بعض الباحثين بأن هدف "السخرية غير اللائقة" تلك في الكتاب إنما الهدف منها هو البحث في إمكانية فصل الواقع عن الخيال، حيث يشير الخبير الأدبي غريغ روبنسون إلى أن جبريل - شخصية الكتاب - يعجز عن التفريق بين الواقع وبين الحلم.

فمنذ إصداره لكتاب "آيات شيطانية"، يطرح رشدي ضرورة السماح بنقد النصوص الدينية. ففي حوار صحافي عام 2015، تساءل رشدي عما يمنع "من مناقشة الإسلام"، مشدداً على إمكانية "احترام الأفراد وحمايتهم من التعصب في الوقت الذي يتم فيه التشكيك بآرائهم أو حتى انتقادها بشراسة"، لكن هذا الرأي يتناقض مع رأي المؤمنين بأن القرآن هو كلام الله حرفياً.

بعد وفاة الخميني، أعلنت الحكومة الإيرانية في عام 1998 بأنها لن تطبق فتواه، ولن تحثّ آخرين على ذلك. يعيش رشدي الآن في الولايات المتحدة وغالباً ما يظهر في العلن.

ومع ذلك، فإن الخطر على حياته لا يزال مستمراً. على الرغم من توقف التظاهرات الجماهيرية، ما زالت المواضيع والتساؤلات التي تطرحها روايته موضع خلاف شديد.

* ميريام رينو طالبة دكتوراه في الفكر الديني والأخلاق في جامعة شيكاغو

نُشر هذا المقال للمرة الأولى في عام 2018، ويُعاد نشره هنا بعد تعرض رشدي لهجوم خلال فعالية في نيويورك. وقد أعيد نشره من موقع (The Conversation) بموجب رخصة المشاع الإبداعي. لقراءة المقال الأصلي هنا.

المزيد من آراء