من المرجح أن ينخفض الجنيه الاسترليني إذا فازت ليز تراس في مسابقة قيادة حزب المحافظين وشرعت في إقرار تخفيضات ضريبية كبيرة، كما حذر محللون ومستثمرون في "سيتي". وتسعى وزيرة الخارجية البريطانية للفوز بزعامة حزب المحافظين ورئاسة الوزراء عبر تعهدها بخفض الضرائب على الفور بما في ذلك عكس زيادة التأمين الوطني التي تم تنفيذها في أبريل (نيسان) الماضي، وتعليق الرسوم الخضراء على فواتير الطاقة وإلغاء الزيادة المُقترحة على ضريبة الشركات. وتوقع المحللون الماليون ومديرو الصناديق أن مثل هذه الخطط يمكن أن تؤدي إلى زيادة كبيرة في الاقتراض الحكومي وتضرر الجنيه.
وأشاروا إلى البيانات الرسمية الصادرة يوم الخميس 21 يوليو (تموز) الحالي التي تشير إلى أن من يتولى قيادة 10 داونينغ ستريت (مقر رئاسة الحكومة)، لن يكون لديه مجال للمناورة. وأظهرت الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية ارتفاع مدفوعات الفائدة على الديون الحكومية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 19.4 مليار جنيه استرليني (23.2 مليار دولار) الشهر الماضي مدفوعةً بالتضخم إلى أكثر من ضعف الرقم القياسي السابق. وقال ريتشارد بوكستون مدير الصناديق في شركة "جوبيتر" لإدارة الأصول لصحيفة "ذا تايمز"، "كل من يأتي سيتعين عليه أن يدرك أننا لا نملك المال حقاً". وأضاف بوكستون أنه "من المحتمل أن تؤثر سياسات تراس الاقتصادية في الجنيه الاسترليني". وأضاف "من الناحية النظرية، إذا دخلت وبدأت بالتوسع في الاقتراض والتخفيضات الضريبية غير المموَّلة وما إلى ذلك، فمن المنطقي أن الجنيه سيضعف".
ضغوط الدولار
ويتعرض الجنيه الاسترليني بالفعل لضغوط من الدولار القوي وتم تداوله الليلة الماضية عند حوالى 1.196 دولار. وسجل الأسبوع الماضي أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ مارس (آذار) 2020. ولامس أدنى مستوى في أسبوعين مقابل اليورو، الخميس، بعد إعلان البنك المركزي الأوروبي رفع أسعار الفائدة بأكثر من المتوقع.
وقال كاسبار هينس مدير الصندوق في "بلوباي" لإدارة الأصول لـ "بلومبيرغ"، "إذا فازت تراس في انتخابات القيادة فإن رد فعل الجنيه سيكون سلبياً للغاية. تميل السياسات الشعبوية إلى أن تكون ضارة بالاقتصاد على المدى المتوسط وتضعف القوة الشرائية للناس". وتوقع أن ينخفض الجنيه بنسبة 2 في المئة مقابل الدولار إذا تغلبت تراس على ريشي سوناك وزير الخزانة السابق.
وقال سوناك إنه لن يخفض الضرائب إلا بعد انخفاض التضخم ووصف خطة تراس الاقتصادية بأنها "قصة خيالية".
وقالت جين فولي كبيرة محللي العملات في "رابوبانك"، إن "أسواق الصرف الأجنبي بحاجة إلى رؤية مزيد من التفاصيل من تراس. وفي مذكرة أرسلتها للعملاء الخميس قالت بولي، "من دون مزيد من التوضيح بشأن أجندتها الخاصة بخفض الضرائب فإن فوزها قد يقوض الجنيه الاسترليني".
وقال سايمون فرينش كبير الاقتصاديين في "بانمور جوردون" سمسار البورصة، "إن سياسات تراس الاقتصادية يجب أن يُنظر إليها في الجولة". وأضاف أن "إصدار الديون الأكبر في حد ذاته لن يؤدي بالضرورة إلى إضعاف الجنيه إذا كان مصحوباً برواية اقتصادية أوسع نطاقاً وذات مصداقية".
وأثار موقف تراس بشأن بنك إنجلترا الذي كان يتمتع باستقلال تشغيلي بشأن السياسة النقدية منذ عام 1997، دهشة المدينة بالفعل حين قالت إنها ستنظر مرة أخرى في تفويض البنك "للتأكد من أنه صارم بما فيه الكفاية في ما يتعلق بالتضخم".
تراس والتقليل من استقلالية بنك إنجلترا
وبلغ التضخم أعلى مستوى له في 40 عاماً عند 9.4 في المئة الشهر الماضي، فوق هدف البنك البالغ 2 في المئة. ويؤدي ارتفاع الأسعار إلى تفاقم أزمة تكاليف المعيشة ويتعرض أندرو بيلي محافظ البنك لضغوط للسيطرة على التضخم.
وقالت فولي "أي إشارات أخرى من تراس بأنها قد تتحرك للتقليل من استقلالية بنك إنجلترا لن يرحب بها مستثمرو الجنيه الاسترليني نظراً للمخاوف من أنها قد تجعل البنك تابعاً لسياسات الحكومة الحائزة على الأصوات".
وقال جيريمي سترتش محلل العملات في بنك "إمبريال الكندي التجاري" إن "المقياس الرئيس" للمستثمرين الأجانب هو "بنك مركزي موثوق به ومعقول ومستقل بتفويض محدد جيداً"، مضيفاً "يحتاج المستثمرون الدوليون إلى الحصول على درجة من اليقين حول كيفية إدارة السياسة النقدية. أي شك في هذا قد يؤدي بهم إلى الابتعاد عن بريطانيا". وأضاف أن "الوقوف جانباً في نهاية المطاف ربما يعني أن الجنيه الاسترليني سيستمر في الأداء الضعيف".