Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يمكن للقاهرة تدفئة أوروبا الباردة بالغاز المسال؟

أجمع باحثون على أن منتدى غاز المتوسط قادر على سد 10 في المئة تقريباً من احتياجات القارة العجوز

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن بلاده تتطلع لشراكة استراتيجية في مجال الطاقة مع الاتحاد الأوروبي (رويترز)

تكثف دول الاتحاد الأوروبي من تحرّكاتها لتأمين حاجتها من الغاز قبل دخول فصل الشتاء، للحفاظ على القدر الكافي من الطاقة، خوفاً من التوقف التام مع قطع مُحتمل لإمدادات الغاز من قبل روسيا.

وتسابق القارة العجوز الزمن، سواء بالبحث عن مصادر بديلة للغاز الروسي في آسيا عبر أذربيجان، أو الشرق الأوسط وأفريقيا من خلال الجزائر أو مصر، إلى جانب دراسة حزمة من الإجراءات العاجلة، من بينها تخفيضات استخدام التدفئة والتبريد، خصوصاً مع ارتفاع نبرة تحذيرات وكالة الطاقة الدولية.

وعبّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تطلع بلاده لشراكة استراتيجية في مجال الطاقة مع الاتحاد الأوروبي، خصوصاً في ظل التحديات التي تواجهها إمدادات الطاقة خلال الفترة الأخيرة. وأضاف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتز، بمقر المستشارية بالعاصمة برلين على هامش زيارته إلى ألمانيا، أن "مصر مستعدة لتصدير الغاز المسال للقارة الأوروبية بجميع الإمكانات المتاحة لديها".

وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، في كلمته بالمؤتمر المشترك، "إن ألمانيا ومصر اتفقتا على التعاون في بناء اقتصاد الهيدروجين في إطار جهود أوروبا لتنويع مصادر الطاقة، للحد من اعتمادها الحالي على الغاز الروسي".

وأضاف "من أجل تحول الصناعة في دول مثل ألمانيا، ستكون الكهرباء والهيدروجين من المصادر المهمة، وسيتم استيراد كثير من هذا الهيدروجين"، واصفاً حاجة ألمانيا إلى واردات الغاز بأنها "فرصة كبيرة جداً" لدول أخرى.

وكانت شركة "غازبروم" الروسيةأعلنت "القوة القاهرة" بشأن إمدادات الغاز لثلاثة عملاء أوروبيين على الأقل. وقالت شركة الغاز الروسية العملاقة، التي تخفض بالفعل الإمدادات إلى أوروبا، وأغلقت خط الأنابيب الرئيس للصيانة، إن "إشعار القوة القاهرة ينطبق على إمدادات الشهر الماضي". لافتة إلى أنها "غير قادرة على الوفاء بعقودها طويلة الأجل لتوريد الغاز بسبب ظروف غير متوقعة". بحسب ما أفادت وكالة "رويترز".

الوضع المتأزم في القارة العجوز تزامناً مع تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في برلين فتح الباب للنقاش حول: هل القاهرة قادرة على سد جزء من الأزمة الأوروبية التي نتجت من نقص الغاز الروسي؟ وهو السؤال الذي أجمع محللون لـ"اندبندنت عربية" على عدم قدرة مصر على الوفاء بكامل الاحتياجات الأوروبية على الإطلاق، في الوقت الذي اتفقوا فيه على سد جزء لا يزيد على الـ10 في المئة من مصر عبر منتدى غاز المتوسط.

تسييل الغاز ثم تصديره

وفي هذا الشأن، يقول رئيس غرفة صناعة الطاقة بالاتحاد العام للصناعات المصرية تامر أبو بكر، "القاهرة لا يمكنها بجميع الطرق سد احتياجات أوروبا من الغاز على الإطلاق". موضحاً "كل ما تملكه مصر هو ملء جزء يتراوح بين 10 و15 في المئة على أقصى تقدير". وأضاف أبو بكر "مصر ستمد أوروبا بالغاز عبر منتدى غاز المتوسط من خلال استقبال الغاز من إسرائيل وتسييله بمحطات الإسالة المصرية، إلى جانب ما تملكه من طاقة جديدة ومتجددة من طاقة شمسية أو هيدروجين أخضر".

وتمتلك مصر مصنعين لإسالة الغاز، الأول في محافظة دمياط الساحلية، الذي يحمل اسم المحافظة، بينما الثاني "أدكو" في محافظة البحيرة غرب الدلتا، ومن خلالهما تنضم القاهرة إلى قطر والجزائر، لتصبح ثالث دولة تمتلك مصانع لإسالة الغاز في منطقة الشرق الأوسط.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2018، بدأت فكرة تدشين منتدى غاز شرق المتوسط خلال قمة جزيرة كريت بين مصر وقبرص واليونان، وبعد عامين جرى توقيع ميثاق المنتدى في سبتمبر (أيلول) 2020، ودخل حيز النفاذ في مارس (آذار) 2021، وبمقتضاه أصبح منظمة دولية حكومية بعد أن ضم 7 دول أعضاء، هي: مصر واليونان وقبرص وفلسطين وإسرائيل والأردن وإيطاليا، وانضمت إليهم فرنسا في ما بعد، بينما انضم للمنظمة كمراقبين كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.

وفي منتصف الشهر الماضي، وقعت القاهرة وتل أبيب والاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم ثلاثية لتسهيل نقل وتجارة وتصدير الغاز الطبيعي بينهم، على هامش الاجتماع الوزاري السابع لمنتدى "غاز شرق المتوسط" الذي عُقد بالقاهرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتستورد أوروبا نحو 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا، وبلغت عائدات الأخيرة من تصدير النفط والغاز والفحم أكثر من 66.5 مليار دولار خلال مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين، ودفعت الدول الأوروبية لموسكو أكثر من 47 مليار دولار مقابل واردات الطاقة منذ اندلاع الحرب، وفقاً لتقارير مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف.

وصدرت القاهرة إلى القارة العجوز أكثر من مليوني طن متري من الغاز العام الماضي، ارتفاعاً من 270 ألف طن متري، عام 2020، وفقاً لمؤسسة "ستاندرد آند بورز".

من جانبه، قال وزير البترول الأسبق أسامة كمال، "أقصى إمكانات وقدرات القاهرة للوقوف بجانب القارة الباردة هو استقبال الغاز الخام من إسرائيل وقبرص، ثم إعادة تصديره إلى أوروبا بعد تسييله بمحطتي الإسالة المصرية بناقلات الشحن عبر البحر الأبيض المتوسط في محاولة لسد جزء من الفجوة التي سيخلفها الدب الروسي، أو تنويع أوروبا لمصادر الإمداد خوفاً من انقطاع الغاز الروسي".

وحول مد القاهرة القارة العجوز بمصادر الطاقة الجديدة والمتجددة قال كمال، "هذا الحديث يدور في المستقبل، بعد أن تطور مصر من قدراتها من الطاقة الجديدة والمتجددة، مثل الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر، ولا يعد حلاً أمثل في ظل أزمة الطاقة في أوروبا حالياً".

وفي 21 يونيو (حزيران) الماضي، وقعت شركة "أكوا باور" السعودية اتفاقاً لبناء أكبر محطة في الشرق الأوسط لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح باستثمارات تصل إلى 1.5 مليار دولار في مصر.

وقال متحدث وزارة الكهرباء المصرية، "إن الاتفاق بين الشركة السعودية والحكومة المصرية ممثلة في الشركة القابضة لنقل الكهرباء مدته تصل إلى 25 عاماً"، مضيفاً أن بنود الاتفاق تؤكد بدء التشغيل الرسمي للمشروع في نهاية عام 2024. مؤكداً أن "الطاقة المولدة المقدرة من المشروع تصل إلى 1100 ميغاواط تضيفها الشركة القابضة لنقل الكهرباء المصرية على شبكتها التي يصل إنتاجها إلى نحو 56 ألف ميغاواط، بينما يصل حجم الطاقة المولدة من المصادر الجديدة والمتجددة في الوقت الحالي إلى سبعة آلاف ميغاواط".

شبه مستحيل

وقال رئيس هيئة البترول المصرية السابق مدحت يوسف، "عملية تصدير الغاز المصري إلى ألمانيا شبه مستحيلة، نظراً للمسافة الكبيرة التي تبعد القاهرة عن ميناء هامبورغ الألماني الذي يطل على بحر الشمال شمال القارة الأوروبية". موضحاً أن "ألمانيا تختلف عن فرنسا وإيطاليا واليونان، إذ لا تمتلك ميناء يطل على البحر الأبيض المتوسط". ومؤكداً أن "حديث الرئيس المصري حول قدرة مصر مد برلين بالغاز حديث سياسي بحت، يمثل دعماً معنوياً أمام الشعب الألماني لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع".

وحول نقل الغاز من مصر إلى أوروبا، قال يوسف "يمكن أن يتم بمشاركة تل أبيب وقبرص سد ما لا يزيد على 10 مليارات متر مكعبة من إجمالي الغاز الروسي الذي يصل إلى 120 مليار متر مكعبة سنوياً، وهو ما لا يزيد على الـ10 في المئة". مشيراً إلى أن "القاهرة بمركزها الإقليمي تعد مصدراً بديلاً بجانب مصادر أخرى مثل الجزائر والنرويج وأذربيجان يمكن أن يسهموا معاً في حل جزء من أزمة الطاقة في أوروبا قبل حلول فصل الشتاء المقبل".

وحول مد القاهرة لبرلين بالطاقة المتجددة عبر الهيدروجين الأخضر، قال رئيس هيئة البترول المصرية السابق إن "المستشار الألماني في حديثه عن التعاون المصري الألماني في مجال الهيدروجين الأخضر كان يروج لاستثمارات ألمانيا في مصر بكل تأكيد، إذ إن شركة سيمينز هي من تتولى تدشين مشروع الهيدروجين الأخضر في مصر".

وفي 24 أغسطس (آب) 2021، وقعت القاهرة مذكرة تفاهم مع شركة "سيمنز" الألمانية للطاقة في إطار خطة مصرية لتكثيف نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية، والاستفادة من الثروات الطبيعية، بخاصة مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، ومن بينها إنتاج واستخدام وتصدير الهيدروجين الأخضر، تماشياً مع التوجه العالمي في هذا المجال.

وقال بيان رسمي لوزارة الكهرباء المصرية آنذاك إن "توقيع مذكرة التفاهم يستهدف إمكانية تنفيذ مشروع توليد هيدروجين أخضر من طاقة كهربائية متجددة بسعة 100 ميغاواط في إطار تبني تقنيات مختلفة تساعد في طريقة انتقال الطاقة، مثل التوجه إلى استخدام الهيدروجين الأخضر كمصدر من مصادر الطاقة المتجددة".