تمكَّنت المرأة السعودية من الولوج إلى مهنٍ كثيرةٍ، ظلت لعقود تحت هيمنة الرجال، لكن في السنوات الأخيرة اقتحمت النساء مهنة قيادة الطائرات، وفُتِحت لهن أبواب قمرة القيادة بعد أن كسبن جولات الرهان على جدارتهن في هذا المجال بدخولهن مهن الطيران مضيفات أو موظفات بالمطارات وفي شركات الطيران، لكن وصولهن إلى قيادة الطائرة رسمياً تأخّر بعض الشيء، وتعد ياسمين الميمني، 29 عاماً، أول امرأة سعودية بوظيفة مساعد طيار رسمياً بشركة "نسما للطيران".
أول رحلة رسميّة
ياسمين الميمني رأت في الطيران حلماً منذ الصغر، وحصلت على رخصة طيار خاص من الأردن، ثم أكملت تدريباتها في أميركا لتنتهي بـ300 ساعة تدريباً، وحصولها على رخصة "طيار تجاري"، إلى أن أصبحت الآن تقود الطائرات الإيرباص الضخمة، وكانت أولى رحلاتها، أمس، المتجهة إلى مطار (حائل)، إذ اُستقبلت بحفاوة كبيرة.
وعن مشاعرها خلال تلك اللحظات قالت ياسمين، في حديثها إلى "اندبندنت عربية"، "فوجئت بحجم الاحتفال والتبريكات من المجتمع السعودي والمقيمين فيه، ومشاركتهم لي فرحة أول رحلة رسمية".
وأثنت الميمني على "تقبل الجميع التغيرات الاجتماعية والثقافية، التي يقودها الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان عبر رؤية 2030، التي يتطلع فيها إلى التغيير على كل المستويات".
الطيارون الجدد
قيادة الطائرات مهنة تعكس كثيراً من التغيرات الجذرية المنتظرة في المجتمع السعودي، وتؤسس لمستقبل اقتصادي واجتماعي أكثر حداثة.
تقول مدير العلاقات العامة والمتحدث الرسمي لشركة "نسما للطيران" رغدة السليماني "إن برنامج تدريب الطيارين الجدد يهدف إلى سعودة وظيفة (مساعد طيار) خلال السنوات المقبلة، وتأهيل الكوادر السعودية من الرجال والنساء على (طائرات ATR-72 ) التي تعد (نسما للطيران) أول شركة طيران تجاري تستخدم هذا النوع في السعودية، وصناعتها فرنسية – إيطالية، واشتهرت أنها مميزة للرحلات القصيرة".
أول امرأة سعودية تقود طائرة
وصلت المرأة السعودية في الدول العربية والخليجية إلى مهنة قيادة الطائرة قبل السيارة رسمياً في السعودية بسنوات، وكانت راوية الريفي أول امرأة سعودية تقود طائرة منفردة في الإمارات بعد التحاقها بشركة (الاتحاد للطيران).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحظيت الكابتن طيار راوية بفرصة قيادة أفضل وأكبر طائرات في العالم من طراز (إيرباص A320) لتكون من أوائل السعوديات اللاتي يقدن الطائرات المدنية دولياً، وحققت نجاحاً.
قبل 5 أعوام سجّلت اسمها واستعانت بعزيمتها وحب الطيران لدخول هذه المهنة، تقول راوية "بعد أن أنهيت دراستي الجامعية تابعت دراسة الطيران في كلية الفجيرة للطيران قبل 7 سنوات، ثم التحقت بعملي قائدة طائرة، وكانت أول رحلة لي من مطار أبو ظبي إلى أثينا".
ذكريات الرحلة
وتسترسل في سرد أطول رحلاتها من أبو ظبي إلى لوس أنجلوس على (البوينغ 777) وهي واحدة من أطول 10 رحلات بالعالم تجاوز زمنها أكثر من 16 ساعة في ظروف جوية صعبة تتطلب منها التحكّم والسيطرة على الطائرة.
وأكدت الريفي أنها "تعتز بانتمائها إلى شركة (الاتحاد للطيران)، وتعتبر ذلك نوعاً من العلاقات الأخوية الثنائية بين السعودية والإمارات".
وعن تقبُّل الركّاب فكرة أن تقود الطائرة امرأة، أشارت راوية إلى أنه "حينما يسمع مستقلو الطائرة صوتي وأنا أعلن الإقلاع يعبرون عن سعادتهم واعتزازهم من كون القائد سيدة، وفي نهاية الرحلة يترجمون السعادة إلى ذكرى بالتقاط الصور التذكارية معي وطاقم العمل لتسجيل الرحلة في ذكرياتهم".
وتوجّه راوية نصيحة إلى السعوديات الراغبات في اقتحام ميدان قيادة الطائرات بضرورة "امتلاك الطموح والرغبة وحبّ المهنة، إضافة إلى وجود عائلة قوية تقف خلفها وتدعمها".
وتُقبلُ كثير من السعوديات على تعلُّم قيادة الطائرات، وشهد عدد القائدات السعوديات ازدياداً مطرداً في العقود الأخيرة، إذ بدأ بعض الأسماء النسائية يظهر كقائدات للطائرات، مثل كابتن هنادي زكريا هندي الحاصلة على رخصة الطيران التجاري من الهيئة العامة للطيران المدني السعودي، وأول امرأة سعودية تقود طائرة وتحلق في سماء السعودية.
وبعد هذه النماذج لم يعد مستغرباً وجود كابتن أو قائد طائرة أو مساعد كابتن امرأة سعودية، إلا أن أعدادهن ما زالت قليلة جداً مقارنة بالرجال، خصوصاً في مجال الطيران الحربي، ولأسباب عديدة أهمها الموروث الثقافي العربي، ولا تزال أمام النساء السعوديات رحلة طويلة من النضال لافتكاك هذه المواقع، ورغم أن أعداد قائدات الطائرات السعوديات ما زالت ضئيلة فإن من تمكّن منهن من دخول هذه المهنة يقدم مثالاً يحتذى به للأجيال القادمة من الفتيات في قدرة وكفاءة المرأة السعودية على النجاح في مجال الطيران، ومشاركتها الفعّالة في أنشطة المجتمع لتحقيق مكاسب تنموية للبلاد.