Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر... تجميد مئات المشاريع وبدوي بلا صلاحيات

تبعات اقتصادية تطال قطاعات عدة وتهددها بالشلل

تظاهرة تطالب بإزالة النخبة الحاكمة في الجزائر العاصمة في 21 يونيو 2019 (رويترز)

مع استمرار الوضع في الجزائر على مستوى الجهاز التنفيذي على ما هو عليه بـ "حكومة تصريف الأعمال"، بدأت تبعات اقتصادية تطال قطاعات عدة وتهددها بالشلل المؤقت، والحجة انتظار انتخاب رئيس شرعي يعين حكومته على أساس البرنامج الذي انتخبه الشعب من أجله. وتقول مصادر لـ "اندبندنت عربية"، إن "الجمود شمل قطاعات المقاولات والنقل وتوسعة الموانئ والبنى القاعدية".

وبلغت درجة عزلة حكومة نور الدين بدوي حدها، لدرجة رفض وزارات يتنقل مسؤولوها إلى محافظات داخلية، إبلاغ الطاقم المرافق للوزير عن المحافظة التي سيجري التنقل إليها، من باب الحرص على إخفاء الوجهة، حتى لا يتسلل الخبر إلى مواطنين غاضبين من "تركة بوتفليقة".

وكان الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة قد أعلن عن أسماء الحكومة الحالية، 48 ساعة قبل استقالته في الثاني من أبريل (نيسان) 2019، بالتالي ورثت هذه الحكومة التي تشكلت بصعوبة بالغة بسبب رفض كثيرين المشاركة فيها استجابة لنداءات الشارع، سمعة النظام المنهار وباتت تُنعت بـ "حكومة الصدفة"، ما كلفها حصاراً شعبياً كبيراً.

لكن درجة السخط الشعبي تجاه الحكومة الحالية، تراجع بشكل ملحوظ بسبب اهتمام المسيرات بملفات تعتبرها أكبر وذات أولوية، وهي رحيل الباءات وبقية رموز النظام الفاسد، ما منح بدوي جرعة للاستمرار في منصبه، من دون أن يظهر في أي نشاط رسمي علني منذ تعيينه، مكتفياً بمؤتمر إعلامي وحيد في مارس (آذار) 2019، حينها اكتشف الجزائريون صورة مغايرة عن بدوي، لم يستطع خلالها تقديم أجوبة مقنعة حول مشروع بوتفليقة تمديد ولايته، بل أن ذلك المؤتمر الإعلامي كان سبباً في تضاعف غليان الشارع ضد الرئيس السابق.

"تصريف الأعمال" يشل قطاعات

لأنها حكومة تصريف الأعمال، وبمبرر "الحرص على تفادي مظاهر فساد في قطاعات حكومية"، جُمّد التوقيع على كبرى الميزانيات في عدد من الوزارات حتى إشعار آخر، بيد أن طول فترة الانتقال نحو انتخابات رئاسية، خلق تململاً بين مقاولين وأصحاب شركات.

ويكشف الصحافي المتخصص في الشأن الاقتصادي سفيان سلاوي، أن "حكومة بدوي ترفض التصرف في ديون مقاولين في قطاعات البناء والبنى التحتية"، وهي ديون عالقة منذ عهد حكومات سابقة، ويعتقد سلاوي أن "عملية تدقيق في حسابات هؤلاء المقاولين هي السبب، بمعنى التأكد من مدى مطابقتها للقانون"، مع تقديم حجة رسمية تقول إن الحكومة لـ "تصريف الأعمال"، وإن أي تواقيع رسمية "يجب أن تكون بيد الحكومة الجديدة المشكلة بعد انتخاب رئيس جديد".

واستعملت حكومات سابقة ملف "المقاولين" في قطاعات السكن، ورقة رابحة في الانتخابات خصوصاً، ففي الانتخابات البرلمانية عام 2017، تعمدت الحكومة تأجيل سداد الديون لحين الموعد الانتخابي، لذلك يجري التدقيق حالياً في مدى مطابقة تلك المشاريع مع القانون.

وأعدت مصالح أمنية قائمة كبيرة بمقاولين (أصحاب مكاتب لمشاريع في قطاع السكن) عبر المحافظات الـ48، وعلم أن كثيراً من المقاولين سحبت جوازات سفرهم منذ أسابيع عدة، في إطار إجراءات احترازية تستبق فتح تحقيقات قضائية في العادة.

وكُلّف ولاة المحافظات بتجميد توقيع تراخيص مشاريع محلية لغاية الانتهاء من تحقيقات قضائية مبدئية، وتفجرت فضائح في محافظات تلمسان وتبسة والمسيلة وغيرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قطاع الصحة

واستثني قطاع الصحة من عمليات التجميد، فهو الوحيد الذي قررت حكومة بدوي إطلاق مشاريع بخصوصه. ورفعت الحكومة التجميد المفروض على المشاريع الصحية، المتعلقة بإنجاز مؤسسات استشفائية جديدة، وأعطت قبل يومين، الضوء الأخضر لثلاث عمليات تخص دراسة إنجاز ثلاثة مستشفيات في محافظة الجزائر العاصمة.

وبهدف "كسب ورقة الشارع"، أعلنت الحكومة أيضاً التجميد المؤقت للمتابعات القضائية ومصادرة العتاد التي شرع فيها من قبل المؤسسات البنكية الدائنة ضد أصحاب شركات بناء من الشباب، إذ وقع نور الدين بدوي قراراً بتجميد المتابعات القضائية مؤقتاً.

ويشكل ملف "الشباب المقاولين" في إطار صيغة مصرفية، سطرتها حكومات سابقة، مبعث ضغط على السلطة في وقت سابق، إذ اعتمدت "مغازلة" الآلاف من الشباب العاطلين على العمل وفق هذه الصيغة، ولجأت مرات عدة لمسح ديونهم. وبذلك ينحو بدوي نفس منحى الحكومات السابقة، من باب تحييد الآلاف عن الضغط الشعبي الذي يتعرض له والطاقم المرافق له.

وتقول مصادر إن "التجميد طال أيضاً مشاريع مسجلة سابقاً في قطاع النقل، خصوصاً المترو وأيضاً "توسعة موانئ"، وتعتقد "ضبطيات قضائية" أن الصفقات الموقعة تشوبها على الأرجح خروقات قانونية.

سحب مشاريع لحداد وكونيناف

لم تنتظر حكومة "تصريف الأعمال" تحت ضغط الشارع، طويلاً لتجميد مشاريع في قطاعات النقل والحركة البحرية، تخص رجل الأعمال علي حداد ورضا كونيناف، المسجونين في حبس الحراش على ذمة تحقيقات مالية، وألغت مباشرة صفقات استفادة من ثلاث محجرات في محافظة تيبازة (80 كلم غرب العاصمة).

وأدى ذلك إلى تجميد مشروع ميناء "الحمدانية" في المحافظة، الذي قُدّم كأحد أكبر الموانئ في القارة الأفريقية، وأسند المشروع لشركة صينية بقيمة ثمانية ملايين دولار أميركي. وبحسب الاتفاق المبدئي بين وزارة الأشغال العمومية والنقل والشركة الصينية، فقد قامت جهات نافذة سابقاً، بإقحام مؤسسات تابعة لرجلي الأعمال علي حداد ورضا كونيناف كشريكين للصينيين، بطريقة مشبوهة وغير قانونية.

ومع هذا المشروع الضخم سلمت الحكومات السابقة للرجلين، مشاريع استغلال ثلاث محجرات كبرى في جبال "شنوة" المحاذية، ومشاريع أخرى ملحقة، كالطرق المزدوجة من الميناء إلى الطريق السريع، مع إعداد دفتر شروط على مقاس حداد وكونيناف، فضلاً عن إسناد مشروع الطرق المزدوجة لهما؟

هل تغيير حكومة بدوي هو الحل؟

تتزايد معطيات عن إمكان التضحية بنور الدين بدوي وحكومته، لحلحلة جزئية للوضع السياسي، بما أنه ورئيس الدولة عبد القادر بن صالح، محل سخط شعبي كبير لم ينقطع منذ تعيينهما. إلا أن تغيير هذه الحكومة بأخرى قد يبقي صفة "تصريف الأعمال" قائمة، مقابل أولويات سياسية تتعلق بضمانات لانتخابات رئاسية شفافة ونزيهة.

معنى ذلك أن الوضع الاقتصادي قد يستمر في حال جمود لحين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يتحمل مسؤولية القرارات الاقتصادية المقبلة والتعامل مع المشاريع المعطلة في الفترة الراهنة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي