Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على أي وجه تغيّر المسيرات المدنية العمل الحربي... أوكرانيا نموذجا؟

ضوضاء طائرات من غير طيار يعيد رسم وجه الحرب في مواجهات بين جيوش تقليدية بعد أن لجأت إليها تنظيمات إرهابية على نطاق ضيق

تستخدم الفرق الأوكرانية التي تطارد الدبابات الروسية المسيّرات للعثور على المركبات الروسية وملاحقتها (دي جي آي.كوم)

أوردت مجلة "إيكونيميست" أن صحافياً مقرباً من الكرملين نشر أخيراً رسالة عبر تطبيق "تلغرام" للمراسلة طالباً من الروس أن يتبرعوا بمسيّراتهم إلى جيش بلادهم. وفي أوكرانيا، يستخدم المعتدون والمدافعون مسيّرات مدنية رخيصة. وفي زمن السلم، كانت هذه الآلات ألعاباً في نظر المتحمسين للتكنولوجيا ومخرجي الأفلام الهواة. وطرحت المجلة السؤال: "كيف تستخدم روسيا وأوكرانيا هذه الأجهزة الأقرب إلى الألعاب منها إلى المعدات العسكرية؟

ولفتت إلى أن المسيّرات المدنية حظيت بشعبية بفضل شركة "باروت" الفرنسية. فعام 2010، أطلقت "إي آر درون"، وهي مسيّرة بوزن 400 غرام، مزودة بكاميرا تسمح لمسيّرها بالحصول على صورة شاملة، ولديها طيار آلي متطور يسهّل المناورة والتحليق. ونجح الجهاز إذ تطلب تشغيله قليلاً من المهارة، خلافاً للألعاب المسيّرة باللاسلكي التي سبقته. وعام 2013، انقلبت السوق رأساً على عقب مع وصول "فانتوم"، المصنّعة من قبل شركة "دي جاي آي" الصينية الناشئة. وكانت المسيّرة الجديدة أكثر تطوراً وتستطيع التحليق لكيلومتر وتحمل كاميرا من "غو برو". وبذلك منحت الناس العاديين وصولاً إلى التصوير الفوتوغرافي يسهل تحمل تكاليفه. وتهيمن الشركة على السوق منذئذ وتعرض نسخها الأحدث إمكانية التحليق لعدة كيلومترات وتصويراً رفيعاً وتجنباً تلقائياً للعقبات.

ووفق "إيكونيميست"، تجعل هذه القدرات المسيّرات المدنية مفيدة في الحرب. وكثيراً ما استُخدِمت في الحروب، لا سيما من قبل تنظيم "داعش" الذي وظفها في الاستطلاع وإلقاء القنابل لكن على نطاق ضيق فقط. أما في أوكرانيا، فهي تؤدي دوراً أكبر، إذ ناشدت السلطات الأوكرانية مواطنيها تسليم آلاتهم إلى الجيش ويُعتقَد بأن آلاف المسيّرات مستخدمة في أوكرانيا. وتعمل المسيّرات في اكتشاف المدفعية فمن الصعب على شخص على الأرض أن يحدد بدقة موقع العدو ويوجه إطلاق النيران. أما بواسطة مسيّرة، فيستطيع الملاح الذي يوجه دفة الطائرة هذه، ملاحظة المركبات المختبئة وراء المرتفعات أو بين المباني، كما تسهّل متابعة جولات القصف المدفعي من الأعلى. ويقول مدفعي أوكراني إن مربض مدفعية يتطلب 60 إلى 90 جولة قصف من موقع دفاعي لتدميره، لكن تسع جولات تكفي إذا تلقت دعماً من مسيّرة. وأضاف أن لكل مربض مدفعية أوكراني الآن مسيّرة. وتستخدم الفرق الأوكرانية التي تطارد الدبابات الروسية المسيّرات للعثور على المركبات الروسية وملاحقتها وعدم تكبد خسائر عسكرية وبشرية كبيرة. وفي حين لا تستطيع المسيّرات حمل قنابل مضادة للدبابات، يمكن تحميلها قنابل يدوية "مضادة للأفراد" لتلقيها في الخنادق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفتت المجلة إلى أن الانفصاليين الأوكرانيين المدعومين من روسيا في منطقة دونباس شرق أوكرانيا يستخدمون مسيّرات مدنية منذ سنوات، وحين أعلنت وزارة الدفاع الروسية عام 2019 أن وحدات الجيش ستنال مسيّرات، اعتقد مراقبون أن هذه الآلات ستُطوَّر في روسيا، وفق صموئيل بينيديت، الخبير في الأنظمة العسكرية المسيّرة عن بعد. لكن المسيّرات الروسية التي تُشاهَد في أوكرانيا تشير إلى أن موسكو تستخدم مسيّرات جاهزة مثلما تفعل القوات الأوكرانية. وقال السيد بينيديت إن القوات الروسية النخبوية المحمولة باتت الآن تستخدم مسيّرات.

لكن المسيّرات المدنية تشوبها عيوب، وفق المجلة. فبعدما وزع الجيش الإسرائيلي عام 2019 مسيّرات من صنع "دي جاي آي" على وحداته من المشاة، بدأ أخيراً يستبدلها بمسيّرات مصنوعة محلياً بسبب مخاوف تتعلق بالأمن. فالاتصال بالمسيّرات غير مشفّر والجهة المصنعة صينية وتصنع أيضاً جهاز "أيروسبايس"، وهو جهاز يتابع مسيّرات الشركة ومن يسيّرونها في مدى يصل إلى 50 كيلومتراً. وتؤكد أوكرانيا أن الشركة الصينية، على رغم نفيها ومنعها بيع أجهزتها في أوكرانيا وروسيا، زودت الجيش الروسي بنسخ من هذا الجهاز. وتشجعت "باروت" على تصنيع مسيّرات عسكرية، وكذلك تشجع وزارة الدفاع الأميركية المصنعين الأميركيين على تصنيع مسيّرات ذات اتصالات آمنة. وبدأت القوات الأوكرانية تستخدم مسيّرات "باروت".

طنين المسيرات البخسة الثمن يعلو في أوكرانيا، وقد تنذر هذه الطائرات بمستقبل النزاعات المقبلة، وتسهم في قلب الحرب رأساً على عقب. فهي تتيح لمستخدميها معرفة مواقع القوات العدوة وما هي فاعلة. وكأنها تبدد الغموض الذي يلف الحرب فتنقشع الرؤية أكثر.

المزيد من دوليات