Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تهديد الطائرات من دون طيار في عقر دارنا

حان وقت التنبه إلى خطر محلي متعاظم على الأمن القومي الأميركي

طائرات الدرونز لها استخدامات مدنية كثيرة ولكنها سلاح عسكري أولاً. فهي سيف ذو حدين (أ ب)

في 17 يناير (كانون الثاني) 2022، أرسل المتمردون الحوثيون في اليمن مجموعة من طائرات الدرونز المسلحة في رحلة تقارب الألف ميل. وقد أطلقت تلك الطائرات من دون طيار إلى جانب صواريخ باليستية كجزء من هجوم منسق، وحلقت إلى الإمارات العربية المتحدة. وبعد تحليق تلك الطائرات فوق أبوظبي، اصطدم بعضها بمجموعة من شاحنات النفط في مستودع وقود، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ستة.

كان الهجوم مجرد تذكير أخير بالقدرات التدميرية للطائرات من دون طيار، التي أصبحت السلاح المفضل للجيوش والميليشيات والإرهابيين. في المقابل، شكلت الضربة على أبوظبي تذكيراً بأمر آخر أيضاً، وهو أن تهديد الدرونز لا يقتصر على مناطق الصراع البعيدة؛ إذ إن الطائرات من دون طيار يمكنها أيضاً أن تعرض للخطر سلامة أولئك الذين يعيشون في مدن متطورة تبدو آمنة. بالنسبة إلى الولايات المتحدة، حيث نما الاستخدام المدني للدرونز بشكل كبير، تعتبر الآثار المترتبة على عبور آلاف الدرونز المجال الجوي الأميركي مثيرة للقلق. والآن، بعد أن أصبحت المركبات الجوية من دون طيار متاحة على نطاق واسع وبأسعار معقولة وقابلة للتكيف بسهولة، يوشك التهديد الذي تشكله أن يطال الوطن.

في الواقع، يعتبر ذاك التهديد متعدد الأوجه على نحو محبط. إذ تم استخدام الطائرات من دون طيار في الهجمات الإرهابية ومحاولات الاغتيال والضربات على البنية التحتية الحيوية. وعلى غرار الهجمات الإلكترونية، من الصعب عزوها إلى جهة محددة [وتحميله مسؤولية الهجوم]. ومع تزايد مدى طائرات الدرونز ودقتها، تحولت بشكل أساسي إلى نظام لاستهداف الهدف بالأسلحة المتفجرة، وهو ما أطلق عليه أحد المعلقين اسم "صاروخ كروز رخيص".

والجدير بالذكر أن التهديد الأمني المحلي الذي تمثله طائرات الدرونز لم توله اهتماماً كبيراً حكومة الولايات المتحدة، التي تركت القرارات إلى حد كبير في يد جهاز "إدارة الطيران الفيدرالية" (FAA) وحكومات الولايات، ما أدى إلى خليط [مرقعة] من النظم الناظمة، وأهملت إدراج الأمن ضمن بنية التكنولوجيا الأساسية. ومع وجود تهديد معقد وخطير مثل الطائرات من دون طيار، لا تستطيع واشنطن تحمل تبعات الإرجاء والوقوف موقف المتفرج.

عصر الطائرات من دون طيار

تتحدر طائرات الدرونز من إرث عسكري واضح. فالولايات المتحدة استخدمتها لأول مرة للاستطلاع الجوي في حرب فيتنام. وخلال حرب يوم الغفران [حرب أكتوبر] عام 1973، نشر الجيش الإسرائيلي طائرات أميركية من دون طيار معدلة للمراقبة كما أنه استخدمها للتضليل [ونشر الكمائن]. ولم تقم الولايات المتحدة بتسليح الدرونز قبل عام 2000 تقريباً، حينما أضافت صواريخ "هيلفاير" المضادة للدبابات إلى الدرونز من طراز "بريداتور".

بمرور الوقت، أصبحت الطائرات من دون طيار أسلحة أساسية في الترسانة العسكرية الحديثة. ولطالما كانت الولايات المتحدة أبرز المتوسلين بها، إذ اعتمدت عليها بشكل كبير في حربها على الإرهاب. لكنها اليوم ليست وحدها من يستخدمها. ففي الوقت الحالي وبحسب إحصاء من الإحصاءات، تمتلك 102 دولة برامج عسكرية نشطة للطائرات من دون طيار. بعضها من حلفاء الولايات المتحدة الأقوياء مثل المملكة المتحدة، التي نفذت 398 غارة درونز في العراق وسوريا بين عامي 2014 و2019، في حين أن البعض الآخر أحدث في هذا المجال: استخدمت أذربيجان، على سبيل المثال، طائرات من دون طيار تركية الصنع لترجيح كفة الميزان لصالحها خلال حربها مع أرمينيا في 2020.

في سوريا والعراق، كان تنظيم "داعش" يشن شهرياً ما بين 60 و100 هجوم بطائرات درونز في عام 2017

كذلك، أصبحت الجهات الفاعلة غير الحكومية تعتمد أيضاً على الطائرات من دون طيار. خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021، شن المتمردون الحوثيون 33 هجوماً بالصواريخ وبطائرات الدرونز على المملكة العربية السعودية. في الواقع، كل طائرة من دون طيار تكلف الحوثيين بضع مئات من الدولارات فحسب. واستطراداً، كان لتنظيم "داعش" برنامج يعتد به للدرونز في سوريا والعراق، حيث استخدمها في شن 60 إلى 100 هجوم شهرياً في عام 2017 وحده.

وفي المقابل وعلى نحو مواز، لقيت الطائرات من دون طيار رواجاً بين المدنيين. وفقاً لإدارة الطيران الفيدرالية، اعتباراً من عام 2020، جرى تسجيل 1.4 مليون طائرة مسيرة ترفيهية وحوالى 500 ألف درون تجارية في الولايات المتحدة. وفي استطلاع أجري عام 2020 بين الأميركيين، أفاد 8 في المئة من المشاركين بأنهم يمتلكون طائرة من دون طيار، في المقابل صرح 15 في المئة بأنهم استخدموا هذا النوع من الطائرات. في الولايات المتحدة اليوم، يمكن لأي شخص يزيد عمره على 13 عاماً شراء طائرة درون وتسجيلها. والجدير بالذكر أن الاستخدامات متنوعة: إذ إن الطائرات من دون طيار ليست قادرة على التقاط صور فوتوغرافية ومقاطع فيديو عالية الجودة فحسب، بل يمكنها أيضاً رسم خرائط التضاريس ومراقبة المحاصيل والتنبؤ بالطقس والمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ. في كيب كود، يستخدم رواد الشواطئ الدرونز من أجل رصد أسماك القرش البيضاء الكبيرة. وفي سياق متصل، قامت إحدى مجموعات البحوث التسويقية بتقدير قيمة سوق الطائرات من دون طيار عالمياً بنحو 30 مليار دولار.

وربما أكثر ما يخلف أثراً بارزاً ويغير وجه الأمور هو التأثير المحتمل الذي قد تمتلكه الطائرات من دون طيار على الشحن والتسليم والنقل. في محاولة لتقصير أوقات الوصول [التسليم] وزيادة التغطية الجغرافية وتوفير المال، استثمرت شركات "أمازون" و"غوغل" و"أوبر" بكثافة في الطائرات من دون طيار التي توصل الطلبات. وفي ذلك الإطار، توقعت إحدى الشركات البحثية أنه بحلول عام 2026، ستقوم مليون طائرة من دون طيار بعمليات تسليم تجارية على مستوى العالم.

رخيصة الثمن وسهلة الاستخدام

على الرغم من جميع مزايا طائرات الدرونز المسيرة، يشكل انتشارها في الحياة اليومية مخاطر أمنية كبيرة. أولاً، هي سهلة التسليح. فلنتناول في هذا السياق مثال المراهق من ولاية كناتيكيت الذي نشر في عام 2015 مقاطع فيديو لطائرات من دون طيار منزلية الصنع أجرى عليها تعديلات تخولها إطلاق النار من مسدس نصف آلي واستخدام قاذف اللهب. على الرغم من أن طائرات الدرونز المتوافرة في الأسواق لا تستطيع أن تحمل بشكل عام سوى حمولات صغيرة فحسب، إلا أن هذا سيتغير قريباً، علماً أن حمولة بعض الطائرات التجارية من دون طيار قد تصل اليوم إلى 1000 كلغ. إضافة إلى ذلك، حتى طائرات الدرونز المنخفضة القدرة تستطيع نقل أسلحة بيولوجية أو مواد نووية.

واستكمالاً، هناك عامل آخر يجعل الطائرات من دون طيار بالغة الخطورة وهو قدرتها على أن تراوح مكانها، ما يسمح لها بالتركيز على الهدف. كانت هذه القدرة على الوجود الثابت هي التي جعلت طائرات الدرونز ضرورية للغاية للاستطلاع في الحرب وتتبع العدو، ولكنها أيضاً تجعلها تهديداً محتملاً للخصوصية والأمن. قبل ظهور الدرونز الجاهزة والمتاحة بسهولة، تطلب الاستطلاع تركيب كاميرات خفية، أو مراقبة مكان معين بشكل شخصي، أو التحليق فوق هدف بشكل منتظم. في المقابل، يختلف الوضع اليوم. في عام 2017، قامت طائرة من دون طيار تعمل بالديزل، وهي طائرة فانيلا VA001 (Vanilla Aircraft VA001)، برحلة متواصلة لمدة خمسة أيام، وهبطت مع كمية من الوقود تكفي لمدة ثلاثة أيام.

تضاف إلى ذلك أيضاً خصائص أخرى يمكن أن تجعل الطائرات من دون طيار خطيرة. في الواقع، تعتبر الدرونز رخيصة وسهلة الصنع: في عام 2018، عمد المتمردون السوريون الذين يقاتلون القوات الروسية إلى ربط متفجرات بطائرات درونز مصنوعة ببساطة من محرك صغير وشريط تغليف ورقائق من الخشب المضغوط والبلاستيك. والجدير بالذكر أن الطائرات من دون طيار عرضة للقرصنة والتجسس أيضاً، خصوصاً وأن أنظمة التشغيل الخاصة بها تزداد تعقيداً وتصبح قابلة للتشغيل والتوجيه عن بعد.

حتى طائرات الدرونز المنخفضة القدرة يمكنها حمل أسلحة بيولوجية أو مواد نووية

أخيراً، تمتلك الطائرات من دون طيار إمكانات مدمرة بشكل خاص عند تزويدها بالذكاء الاصطناعي. والخطر الأبرز هو الخطر الناجم عن أسراب الدرونز: وهي عبارة عن أعداد هائلة من الطائرات من دون طيار تتواصل وتنسق في ما بينها متوسلة بالذكاء الاصطناعي من أجل تدمير هدف محدد مسبقاً. في الواقع، ينبغي النظر إلى أسراب الطائرات من دون طيار على أنها تحد مستجد في وجه الحد من التسلح، إذ يصعب للغاية مواجهتها أو السيطرة عليها. في عام 2020، أصدرت شركة صينية تملكها بكين مقطع فيديو تظهر فيه مركبة تشبه سيارة "هامر" يمكنها إطلاق سرب من 48 طائرة من دون طيار، كل منها يحمل رأساً حربياً شديد الانفجار. في العام التالي، نظم الجيش الهندي عرضاً شمل سرباً من 75 طائرة من دون طيار، مع خطط لزيادة عددها إلى 1000.

تجدر الإشارة إلى أن تلك الصفات تثير عدداً من المخاطر على البر الأميركي. الخطر الأول وربما الأكثر وضوحاً هو استخدام الطائرات من دون طيار على يد الإرهابيين والمجرمين، المحليين أو الأجانب، الذين قد يرغبون في نقل الممنوعات أو مهاجمة حشد من الناس أو اغتيال زعيم سياسي. وعلى سبيل المثل، في عام 2015، هبطت طائرة درون تحتوي على مواد مشعة على مكتب رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي. وفي عام 2018، انفجرت طائرتان من دون طيار على مقربة من الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بينما كان يلقي خطاباً في الهواء الطلق. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، حطت طائرة مسيرة محملة بالمتفجرات فوق منزل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ما أدى إلى إصابة سبعة من حراسه الشخصيين.

ثم يظهر أيضاً تهديد البنية التحتية الحيوية. لإثبات صحة ما تقدم عن خطر المسيرات، حري بك النظر إلى الهجوم الذي استهدف المملكة العربية السعودية، حيث هاجمت طائرات إيرانية من دون طيار في عام 2019 منشأتين ضخمتين لمعالجة النفط. أدى الحادث إلى توقف 5 في المئة من إمدادات النفط العالمية. وعلى نحو مماثل، تواجه البنية التحتية الأميركية الخطر نفسه. في عام 2020، حاولت طائرة درون تابعة لأحد الأشخاص، تم تعديلها بإضافة سلك نحاسي خلفها، أن تهبط على محطة كهربائية فرعية في ولاية بنسلفانيا، ولو نجحت هذه المحاولة، كان من الممكن أن تتسبب في حدوث عطل تماس وفصل الشبكة الكهربائية عن التغذية. بين عامي 2014 و2019، تم تسجيل ما لا يقل عن 57 مشاهدة ورصد لطائرات من دون طيار تحلق فوق مواقع نووية محلية. في الواقع، تتلقى إدارة الطيران الفيدرالية أكثر من 100 تقرير شهرياً عن طائرات مسيرة تحوم حول المطارات. وفي عام 2018، تم إغلاق مطار غاتويك في المملكة المتحدة لمدة 36 ساعة بعد أن شوهدت طائرات درونز تحلق في جواره.

أخيراً، يمكن لانتشار الطائرات من دون طيار على نحو كبير أن يهدد نوعية حياة الأميركيين. إذ إنها تصدر طنيناً ثاقباً للأذن ومستمراً يمكن أن يتحول إلى مصدر إزعاج دائم؛ كما أنها تشكل خطراً مادياً ناجماً عن خطر الاصطدام. وربما تكون مخاوف الخصوصية أكثر وزناً. في عام 2011، كشفت وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة عن طائرة طورتها شركة AeroVironment على هيئة "طائر طنان نانوي" Nano Hummingbird، وهي عبارة عن درون مراقبة يبلغ طولها 6.5 بوصة وأخف وزناً من بطارية بحجم AA. تخيل المخاطر التي قد تتعرض لها الخصوصية الشخصية إذا تم تكييف تلك التكنولوجيا للاستخدام المدني: حينئذ، يستطيع جار فضولي أو صاحب عمل حقود أن يتجسس على شخص لمدة أيام، مراقباً كل جانب من جوانب حياته وأنماطها.

جاهز للإقلاع

يذكرنا التحدي الحالي الذي تشكله الطائرات من دون طيار بالتهديد الإرهابي قبل أحداث 11 سبتمبر (أيلول). في الحقيقة، لا تزال طائرات الدرونز في مهدها من ناحية استخدامها على نطاق واسع وتطورها تكنولوجياً، ولا يزال هناك وقت لمواجهة مخاطرها، قبل فقدان السيطرة. في المقابل إذا قررت واشنطن الانتظار، فتكاليف وضع الإجراءات والتنظيمات الأمنية المناسبة ستتجاوز بأشواط تكاليف التصرف فوراً بهذا الشأن. كذلك، قد يؤدي التأخير أيضاً إلى السماح للأطراف الأكثر استفادة من الانتشار الشامل للدرونز، أي الشركات التي تصنع الطائرات من دون طيار أو تنوي استخدامها، بالسيطرة على عملية وضع القواعد.

وفي سبيل التصدي إلى تهديد الطائرات من دون طيار، يجب أن تبدأ إدارة بايدن بإصدار أمر تنفيذي يقضي بإنشاء مجموعة رفيعة المستوى مشتركة بين الوكالات، بمن في ذلك ممثلون من إدارة الطيران الفيدرالية والبنتاغون ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية ووزارة الأمن الداخلي (DHS)، من أجل فهرسة المخاطر الأمنية للدرونز والتوصل إلى توصيات للتخفيف من تلك المخاطر. وكبديل عن ذلك، يمكن للرئيس أن ينشئ لجنة بين القطاعين العام والخاص تتألف من مسؤولين حكوميين ورواد الصناعة. في الحالتين، سيهدف الجهد المبذول إلى موازنة المستلزمات التجارية والاقتصادية المشروعة للطائرات من دون طيار من خلال التركيز على الجانب الأمني.

واستطراداً، يجب أن يتضمن أي حل تعاوناً معززاً بين القطاعين العام والخاص، تعمل من خلاله الهيئات التنظيمية مع الشركات المصنعة للدرونز من أجل بناء تدابير أمنية عند الإنشاء وتوفير إشراف أكبر على مشغلي تلك الطائرات. والنبأ السار هنا، هو أن الحكومة الأميركية قد أحرزت تقدماً في هذا الاتجاه خلال السنوات القليلة الماضية. في عام 2015، طلبت إدارة الطيران الفيدرالية تسجيل جميع طائرات الدرونز الترفيهية، وصار يقتضي من تلك الطائرات أن تحمل "معرفاً عن بعد" يبث هويتها وموقعها وسرعتها وارتفاعها. بعد ثلاث سنوات، أصدر الكونغرس قانوناً يمنح وزارة الأمن الداخلي ووزارة العدل صلاحيات جديدة لتحديد المسيرات التي تشكل تهديداً وتعقبها وحتى إسقاطها.

يذكرنا التحدي الذي تمثله الطائرات من دون طيار بالتهديد الإرهابي قبل 11 سبتمبر.

وفي ذلك الإطار، تقدم السيناتور الديمقراطي تشاك شومر عن ولاية نيويورك وغيره بمشروع تعديل بارز، وطالبوا بأن تزود كل طائرة من دون طيار حين صناعتها بتقنية رسم الحدود الافتراضية/ السياج الجغرافي geofencing، وهي عبارة عن تكنولوجيا تحدد المحيطات الافتراضية التي لا يمكن للدرون أن تتجاوزها، وفرض عقوبات على تعطيل تلك القدرة. ويمكن تزويد النظام بقاعدة بيانات حكومية تحتوي على إحداثيات المناطق الحساسة، من المطارات إلى محطات الطاقة. على الرغم من وجود تقنية رسم الحدود الافتراضية حالياً، ورغم أنها مدمجة في عدد من نماذج الطائرات من دون طيار، فإنها ليست إلزامية، ويمكن للمستخدمين وقف تشغيلها.

ومن أجل حماية البنية التحتية الحيوية، حري بالحكومة الأميركية بناء ما أطلق عليه المحلل زاك كالينبورن "شبكة وطنية لمكافحة طائرات الدرونز". ووفق ما قاله، قد يستلزم القيام بذلك نظاماً من القواعد المنتشرة في مواقع حيوية مختلفة في جميع أنحاء البلاد، لكل منها دفاعات تشمل طائرات درونز يتم تشغيلها عن بعد قادرة على تدمير طائرات درونز أخرى. لن تكون مثل تلك الشبكة منخفضة التكلفة، لكن تكاليفها ستكون تافهة ولا يعتدها مقارنة بالتكاليف المترتبة على التعرض لهجوم ناجح.

يحتاج واضعو السياسات [أصحاب القرار] أيضاً إلى إعادة التفكير في الجهة التي تنظم طائرات الدرونز. حاضراً، تعمل إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) كمنظم أساسي؛ لذا يجدر النظر في ما إذا كان من الممكن منح مزيد من السلطة الرقابية لوزارة الأمن الداخلي. فالطائرات من دون طيار صنعت في أول الأمر كأدوات عسكرية. بالتالي، يجب التعامل معها وتنظيمها بشكل أساسي باعتبارها أسلحة أو أدوات مراقبة محتملة، وليس بصفتها وسائل ترفيهية أو تجارية. وتحقيقاً لهذه الغاية، يمكن تكليف وزارة الأمن الداخلي على سبيل المثال بإنشاء شبكة مكافحة طائرات الدرونز، أو بتنظيم تركيب تقنية "جيوفنسينغ" بشكل إلزامي في كل طائرة من دون طيار.

أخيراً، تحتاج الحكومة الفيدرالية إلى نهج موحد لمعالجة مخاوف الخصوصية المتعلقة بالطائرات من دون طيار. حتى الآن، امتنعت إدارة الطيران الفيدرالية عن التصرف في هذا المجال، تاركة مهمة التنظيم لمزيج فوضوي من قوانين كل ولاية والقوانين المحلية. وفي ذلك السياق، أصدرت كاليفورنيا مثلاً، قانوناً يستهدف مصوري المشاهير (البابارتزي)، يمنع مشغلي الطائرات من دون طيار من التحليق فوق الممتلكات الخاصة والتقاط الصور ومقاطع الفيديو، في حين لم تسن ولاية ألاباما أي قوانين ترتبط بشكل خاص بالخصوصية المتعلقة بطائرات الدرونز. وعلى الرغم من إدخال بعض التشريعات الفيدرالية، بقيت المشكلة من دون حل. إذاً، حري بالكونغرس أن يسن قانوناً ينشئ معايير موحدة لحماية جميع الأميركيين من التعرض للتجسس بواسطة طائرات الدرونز التجارية أو الحكومية.

لا وقت لدينا لنضيعه

يذكر فشل حكومة الولايات المتحدة في معالجة التداعيات الأمنية الناجمة عن تكنولوجيا ناشئة، بالخطأ الذي ارتكبته مع الإنترنت في بدايته في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. في ذلك الوقت، قام مهندسو تلك الشبكة بالتفريط بالتشفير والخصوصية وترجيح كفة السرعة والنمو [مرونة الشبكة وانتشارها]، وهو خطأ تدفع ثمنه البلاد اليوم.

بالنظر إلى الوراء، أعرب ستيف كروكر، أحد المهندسين الذين عملوا على تصميم الإنترنت، عن أسفه لعدم أخذ معيار الأمن في الحسبان. وقال: "كان بإمكاننا فعل أكثر من ذلك، ومعظم ما فعلناه كان رداً على المشكلات وليس تحسباً لوقوعها".

في الواقع، تملك طائرات الدرونز القدرة على إحداث ثورة في الحياة نحو الأفضل، من خلال إتاحة المجال أمام كل شيء من عمليات تسليم أسرع، إلى زراعة أكثر كفاءة وتنبؤات طقس أكثر ذكاء. ومن أجل الحفاظ على تلك الفوائد وفي الوقت نفسه تخفيف التكاليف، تحتاج واشنطن إلى اتباع نهج مختلف بشكل جوهري، يقوم على توقع المخاطر المتعددة المترتبة على استخدام الطائرات من دون طيار، بدلاً من معالجتها عند ظهورها. وإلا فستخاطر بفقدان السيطرة على مقاليد هذه التكنولوجيا، كما حدث مع الإنترنت المنفلت من كل عقال.

* توم دونيلون كان مستشار الأمن القومي في الولايات المتحدة من 2010 إلى 2013. وهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية.

مترجم من فورين أفيرز، كانون الثاني (يناير) 2022

المزيد من تحلیل