Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أطفال غزة يبيعون البراءة في الشوارع وسوق العمل تطحنهم في مهن شاقة

يجيز القانون الفلسطيني أن يعمل الأطفال من عمر 15 سنة

يحظر القانون الفلسطيني استخدام الأطفال في سوق العمل ويعرض المسؤول عنهم للمحاسبة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

يستيقظ الطفل أيمن كل صباح على صوت والده وهو يأمره أن ينطلق إلى عمله في أحد معامل الحجارة. من دون تردد ونتيجة الخوف يستجيب الابن، وينتقل مسرعاً إلى وجهة مختلفة تماماً عن تلك التي كان يحلم بها.

منذ أن تسرب أيمن من المدرسة، واضطُر للعمل في مهنة شاقة لا تليق بفتى لم يتجاوز الـ 13 من العمر، انقلبت حياته بشكل كامل. يقول إنه بات أكبر من عمره بسنوات، وما يهمه هو التحصيل المادي، فخمسة دولارات أميركية يستلمها في يده آخر النهار، هو كل ما يطمح إليه، أما ألعاب الأطفال والتسجيل في مخيم صيفي، وتعلم مزيد من الدروس داخل غرفة الفصل باتت مجرد حلم يراوده فقط.

بات عمل الأطفال في قطاع غزة ملحوظاً، وعادةً يستخدَمون في بيع المنتجات على الطرقات ومفترقات الشوارع الرئيسة، وخدمات المطاعم والزراعة، كما يعمل الفتية في مهن شاقة أو تتسم بقدر من الخطورة، مثل جمع الحصى أو أعمال البناء والهدم أو النجارة وغيرها. ويصف المراقبون الأسريون عمل الأطفال بأنه بات ظاهرة حقيقة في غزة تستوجب التدخل الحكومي.



أرقام متضاربة

وفقاً لبيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية)، انخرط في غزة ما يزيد على 10 آلاف طفل من أصل 900 ألف، تتراوح أعمارهم بين 10 و 17 سنة، في أعمال بدوام كامل، وإضافة إلى ذلك هناك 3 آلاف طفل من الفئة العمرية ذاتها يعملون أثناء التحاقهم بالمدارس. وعلى وجه العموم، يشكل ذلك ما نسبته 3 في المئة من أطفال غزة (من عمر يوم إلى 18 سنة).

في الواقع، عدد الأطفال العاملين ونسبتهم أكبر من ذلك بكثير، إذ تشير بيانات منظمة العمل الدولية أن في غزة مئة وألفَي طفل التحقوا بسوق العمل بعد عام 2020، في محاولة لمساعدة ذويهم على مواجهة تحديات الفقر.
على أي حال، ثمة أسباب دفعت الأسر في غزة إلى السماح لأطفالها بالانخراط في سوق العمل، من بينها انعدام الأمن الغذائي الذي تجاوزت نسبته 68 في المئة وفق مؤشرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، الذي يشير إلى أن عدم استقرار الاقتصاد في القطاع هدد النسيج الاجتماعي، والذي بسببه غدت عمالة الأطفال في مهن خطرة ظاهرة.

مسؤولية مشتركة

وتقع مسؤولية متابعة هذا الملف، على وزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة العمل، والمؤسسات الحقوقية واتحاد نقابات العمال. ويقول المسؤول في الاتحاد المذكور، سامي العمصي، إن "الفقر والعوز الاقتصادي هما من بين الأسباب المباشَرة التي أدت إلى عمالة الأطفال، والهدف من ذلك هو مساعدة الأُسر في الحصول على مال من أجل تلبية الاحتياجات. لكن ذلك لا يُعد مبرراً، إذ إن وجود صغار السن يدفع أرباب العمل إلى تخفيض أجرة العاملين، في حين أن غزة تضم يداً عاملة مميزة بحاجة إلى فرصة.

وبحسب الإفادات التي أوردتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، فإن معظم الأطفال العاملين لمدة تصل إلى عشر ساعات في اليوم يتلقون 30 دولاراً شهرياً، وهذا المبلغ غير كاف لسد متطلبات الطفل نفسه، ويقع ذلك ضمن خط الفقر.
بدوره، يقول نائب مدير عام التفتيش وحماية العمل في وزارة العمل الفلسطينية شادي حلس، إنهم يتابعون السوق بشكل مستمر، ويفرضون عقوبات تدريجية لمن يشغّل من هم دون 15 سنةً، موضحاً أنه في حال رُصد طفل داخل منشأة فإنه يجري توجيه صاحب العمل بضرورة تسريحه فوراً.


240 منشأة يعمل فيها أطفال

وبحسب حلس، في غزة 240 منشأة يعمل فيها أحداث، أي أعمارهم 15 سنة وما فوق، وتجري ضابطة المتابعة زيارات إلى المنشآت للتأكد من تطبيق شروط السلامة. أما عن الأطفال الذين يعملون خارج المنشآت بشكل حر، فيشير إلى أن وزارة العمل لا تملك أي صلاحية رقابة عليهم، فالقانون حدد دورهم كضابط على علاقة بالعمل الرسمي فقط.

أما وزارة التنمية الاجتماعية، فيقر المدير العام للحماية الاجتماعية فيها رياض البيطار، بأن أعداد العمال الأطفال في تزايد، وقد يكون من بين الأسباب عدم تلقي الأسر الفقيرة مساعدات مالية لمدة تزيد على سنة من دائرة الشؤون الاجتماعية، وذلك نتيجة ضعف تمويل السلطة الفلسطينية، لكنه يوضح أنه على الرغم من ذلك فإنهم ينظمون جلسات لأولياء أمور الأطفال من أجل توعيتهم حول مخاطر عمل الأطفال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تدخل أممي

في الواقع، تعيش غالبية الأسر التي لديها أطفال عاملون تحت خط الفقر، ويُعرف الفقراء بأنهم يعيشون على أقل من 3.2 دولار في اليوم، بما يشمل المساعدات والتحويلات الاجتماعية، فيما بلغت مستويات الفقر في القطاع نحو 55 في المئة.

ولمحاولة إنقاذ الأطفال، تجري الـ"يونيسيف" تدخلاً واضحاً، وتقول لوسيا إلمي، ممثلة المنظمة في الأراضي الفلسطينية، إنهم يعملون على تحديد الأطفال المعرضين للخطر، بما في ذلك أولئك المتورطون في عمالة الأطفال من خلال مستشاري ومديري القضايا الذين يعملون في 20 مركز أسرة في أنحاء قطاع غزة.

وتؤكد إلمي أنهم يسعون إلى إعادة الأطفال إلى النظام التعليمي، وأحياناً يسهمون بتقديم التدريب المهني لهم، بينما يساعدون الأسر على الاتصال بوزارة التنمية الاجتماعية من أجل طلب دعم مالي أو الحصول على فرص عمل لفترات قصيرة أو دعم مشاريع الشركات الصغيرة.

ويجيز القانون الفلسطيني العمل للأطفال فوق 15 سنة، لكنه يمنع الأصغر سناً من ممارسة أي نشاط مقابل أجر، فيما يعتبر مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، عصام يونس، أن "القانون الذي يسمح بذلك يستوجب التعديل، من أجل شخصية سوية وسليمة للطفل". ويوضح أن "المراكز الحقوقية لا تمتلك برنامجاً خاصاً للرقابة على المنشآت وحماية الأطفال من استغلال أرباب العمل".

المزيد من العالم العربي