استأنف الاتحاد الأوروبي الإجراءات القانونية ضد بريطانيا، لانتهاكها شروط خروج بريطانيا من الاتحاد، بعد أن أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خططاً مفصلة لتجاوز أجزاء كبيرة من بروتوكول إيرلندا الشمالية، واتهمه الاتحاد بالتخلي عن "التعاون البناء" لصالح تشريع جديد للحد من نفوذ بروكسل من جانب واحد في إيرلندا الشمالية.
وقالت الحكومة الإيرلندية، إن التحرك لتجاوز البروتوكول يمثل "نقطة سلبية جديدة" في العلاقات الثنائية، لكن رئيس الوزراء قال إن مشروع القانون حيوي لعملية السلام، وإن التغييرات كانت "بسيطة نسبياً".
ووصف الحزب الاتحادي الديمقراطي، الذي رفض الدخول مرة أخرى في تقاسم السلطة مع حزب "شين فين" حتى تعديل البروتوكول، ذلك بأنه "خطوة مهمة".
تغييرات في 4 مجالات
وسيمكن مشروع القانون الوزراء من إجراء تغييرات في أربعة مجالات من البروتوكول، تغطي الجمارك وفحص سلامة الأغذية، وتطبيق لوائح الاتحاد الأوروبي، وتغييرات ضريبة القيمة المضافة، ودور محكمة العدل الأوروبية (ECJ). وإذا ما أُقر، ستلغى عمليات التفتيش على معظم البضائع التي تعبر بين بريطانيا وإيرلندا الشمالية، مع إنهاء ما يسمى حظر النقانق الذي يوقف من الناحية الفنية تصدير بعض السلع إلى المقاطعة.
كما سيسمح القانون للشركات في إيرلندا الشمالية بمواصلة بيع السلع وإنتاجها حتى لو لم تمتثل للوائح الاتحاد الأوروبي الحالية أو المستقبلية، ويحد بشكل كبير من دور محكمة العدل الأوروبية في إيرلندا الشمالية.
وفي حديثه ببروكسل بعد نشر القانون، قال ماروس سيفكوفيتش، نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي، إنه من المرجح أن تستأنف الكتلة الإجراءات القانونية ضد بريطانيا لخرقها شروط اتفاقية الانسحاب التي وقعها جونسون في عام 2019.
ومن المتوقع أن يتم تأكيد ذلك في اجتماع لسفراء الاتحاد الأوروبي، وقد يؤدي إلى مواجهة بريطانيا لغرامات غير محدودة محتملة لفشلها في تنفيذ البروتوكول، أو تعليق كل أو جزء من صفقة التجارة الأوسع إذا رفضت الحكومة الدفع.
ومن المحتمل أيضاً أن تعلق بروكسل التعاون مع بريطانيا في جميع القضايا الثنائية ذات الاهتمام، على الفور، من الصيد إلى الخدمات المالية، وكذلك وقف المشاركة البريطانية في خطة التعاون العلمي بقيمة 95 مليار يورو (99.2 مليار دولار).
وقالت بروكسل، إنه إذا أقر البرلمان مشروع القانون، فسيفرض الاتحاد الأوروبي تعريفات جمركية مستهدفة على الصادرات البريطانية، مما يؤدي إلى اندلاع حرب تجارية، وقال سيفكوفيتش، "إننا نلاحظ بقلق كبير قرار حكومة المملكة المتحدة طرح مشروع القانون"، مستدركاً، "ستنظر المفوضية أيضاً في إطلاق إجراءات انتهاك جديدة تحمي السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي من المخاطر التي يخلقها انتهاك البروتوكول لشركات الاتحاد الأوروبي ولصحة مواطنيه وسلامتهم."
وأضاف، أنه إذا كان جونسون يأمل في أن يؤدي التهديد بالتشريع إلى الضغط على الاتحاد الأوروبي لإعادة التفاوض في شأن البروتوكول، فإنه مخطئ، مشيراً إلى أن "إعادة التفاوض في شأن البروتوكول أمر غير واقعي، ولن يؤدي إلا لمزيد من عدم اليقين".
حرب تجارية
وقال جونسون إن الحرب التجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي ستكون "رد فعل مبالغ فيه بشكل فادح"، وأصر على أن التغييرات المقترحة متناسبة، وأضاف، "كل ما نحاول القيام به هو تبسيط الأمور، ومحاولة إزالة الحواجز أمام التجارة بين بريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية".
وقالت مصادر حكومية إن جونسون يفضل تسوية تفاوضية مع بروكسل، ومواصلة المحادثات أثناء عرض التشريع في البرلمان، وإنه من المقرر أن يجتمع مؤيدو حزب المحافظين "البريكست" في غضون أيام لتقرير ما إذا كانوا سيدعمون الفاتورة، وقال مصدر كبير في مجموعة الأبحاث الأوروبية، إنهم من المرجح أن يدعموا مشروع القانون.
ومن المرجح أن يواجه مشروع القانون معارضة قوية في مجلس اللوردات بين بعض النواب على يسار الحزب الذين يعتقدون أنه قد ينتهك القانون الدولي، ويتحدى صانع القرار البريطاني الادعاءات القائلة إن مشروع القانون غير قانوني، من خلال الاستشهاد بـ "مبدأ الضرورة"، بحجة أنه يحتاج إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية مصلحة وطنية أساسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال وزير سابق، "يبدو أن مشروع القانون يركز بشكل ضيق على التعامل مع المشكلات العملية المتعلقة بتشغيل البروتوكول على الأرض"، مضيفاً، "أعتقد أنه يمكن أن يكون أسوأ بكثير"، ومستدركاً، "يبدو أنه يقتصر على حماية التجارة وليس استفزازياً بلا داع"، وأشار السير جيفري دونالدسون، زعيم الحزب الديمقراطي الاتحادي، إلى احتمال عودة حزبه إلى تقاسم السلطة قبل أن يصبح مشروع القانون قانوناً.
من جهته، اتهم رئيس الوزراء الإيرلندي ميشيل مارتن بريطانيا بالتراجع عن معاهدة دولية، وقال عن مشروع القانون، "إنه يمثل نقطة سلبية جديدة لأن التوقع الطبيعي للدول الديمقراطية مثلنا والمملكة المتحدة وجميع أنحاء أوروبا هو أننا نحترم الاتفاقيات الدولية التي ندخل فيها".