Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخدمة الإلزامية تعيد ذكريات جيش صدام والانقلابات إلى العراق

ألغاها بريمر في 2003 والآن ثمة قلق من عسكرة المجتمع

أعلنت وزارة الدفاع العراقية إنجاز مسودة جديدة لقانون الخدمة الإلزامية (رويترز)

يعمل مجلس النواب العراقي، بشكل جاد، على تشريع قانون جديد يسمح بإعادة الخدمة الإلزامية في الجيش، كما كان معمولاً به قبل سقوط نظام صدام في عام 2003، لكن وفق تعليمات وشروط بعيدة عن التعسفية واستخدام القوة في عمليات التجنيد.

وتسلم المجلس في دورته السابقة مسودة قانون الخدمة الإلزامية من وزارة الدفاع، قبل الانتخابات البرلمانية في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولم يناقشه.

700 ألف دينار

وأعلنت وزارة الدفاع العراقية إنجاز مسودة جديدة للقانون وافق عليها مجلس الوزراء العراقي، وأحالتها إلى البرلمان لغرض تشريعها خلال الفترة القليلة المقبلة.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع، اللواء يحيى رسول، إن "الوزارة أكملت قانون الخدمة الإلزامية وعرض في مجلس الوزراء ورفعه إلى مجلس النواب"، مؤكداً أن "إقراره مهم جداً، لأن العراق يحتاج إلى شباب يدافع عن الوطن في مواجهة التحديات".

وأضاف أن "قانون الخدمة الإلزامية اقترح راتباً شهرياً للمشمول بالخدمة قد يصل إلى 700 ألف دينار (نحو 480 دولاراً)، لافتاً إلى أن "وزارة الدفاع أكملت متطلبات التنفيذ، ولدينا بنى تحتية ومعسكرات تدريب لاستيعاب الدماء الجديدة لرفد القوات المسلحة عبر خدمة العلم".

وتابع أن "الخدمة الإلزامية بموجب القانون الجديد لن تكون كما كانت مطبقة سابقاً، وفتراتها لن تكون طويلة". ولفت رسول إلى أن "تطبيق الخدمة الإلزامية يحظى بقبول عالٍ في الشارع العراقي، وفق ما أجري من استفتاءات"، مشيراً إلى أن هناك نية جادة في لجنة الأمن النيابية لمتابعة مقترح القانون تمهيداً للتصويت عليه، وأكد أن "قانون الخدمة الإلزامية لا يلغي التطوع، وبإمكان الشاب أن يقدم طلباً للتطوع".

الأجور جيدة

ويعتقد مرتضى رشيد (20 عاماً) أن الخدمة الإلزامية ستنقذه من البطالة التي يعيشها، ولو كان ذلك لفترة محدودة"، لافتاً إلى أن كثيرين من أقاربه يعملون في الأجهزة الأمنية ويحصلون على مرتبات جيدة تؤمن لهم العيش الكريم.

لكن فوزي صالح (55 عاماً) يجد أن التأثير الاجتماعي للخدمة الإلزامية سيكون أهم لكونها "ستنتج رجالاً ناضجين"، يمضون وقتهم في التعلم بدلاً من المقاهي والمشكلات التي تحدث يومياً في البلاد.

ويقول محمد رسول (27 عاماً)، "الخدمة الإلزامية يمكن اقتصارها على أشهر معدودة للتدريب على السلاح، وليس لسنوات كما كانت سابقاً".

وكانت مدة الخدمة الإلزامية قبل 2003 تتراوح بين سنة ونصف وثلاث سنوات.

بريمر ألغاها بدعم حزبي

وكان الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر قرر في مارس (آذار) 2003 إلغاء قانون الخدمة الإلزامية والاعتماد على جيش من المتطوعين، في خطوة كانت الأولى من نوعها منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن الماضي، وبدعم من معظم معارضي النظام السابق الذين تصدوا للمسؤولية بعد سقوط نظام صدام حسين.

وبرر الساسة آنذاك إلغاء الخدمة الإلزامية بمخاوفهم من دور الجيش العراقي في الجانب السياسي وإمكانية سيطرته على السلطة، إذا ما كان عدد جنوده كبيراً، كما حدث في الانقلابات التي تحكمت بتاريخ العراق. وقد استغل الساسة كُره فئات واسعة من الشعب العراقي للخدمة الإلزامية التي كانت تطبق بقسوة خلال فترة حكم صدام حسين.

رفض عسكرة المجتمع

وعلى الرغم من تعدد الدعوات خلال السنوات الماضية لإعادة تفعيل قانون الخدمة الإلزامية بضوابط جديدة، فإن معظم الجهات السياسية الحاكمة في البلاد تحفظت على الأمر بحجة رفض عسكرة المجتمع وتدمير شبابه، وبأن الجيش قادر على مواجهة الأخطار.

لكن ما جرى من انهيار المؤسسة العسكرية خلال يونيو (حزيران) 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على عدد من المدن العراقية، وتطوع عشرات الآلاف من الشباب العراقي للقتال ضد التنظيم، أنهيا الحديث عن عسكرة المجتمع وغيره من التبريرات التي تمنع إعادة العمل لقانون الخدمة الإلزامية، وبدأ منذ سنوات الحديث عن الخدمة الإلزامية مع تأييد سياسي واجتماعي.

استضافة قادة الدفاع

ويقول النائب ياسر إسكندر وتوت، عضو لجنة الأمن والدفاع، إن "مجلس النواب سيعمل على إقرار الخدمة الإلزامية، وسيستضيف مسؤولين في وزارة الدفاع لبحث الموضوع".

وأضاف وتوت، أن "هناك نية صادقة لدى مجلس النواب لإقرار مشروع قانون خدمة العلم (الخدمة الإلزامية)، بعد أن يعرض على مجلس الوزراء، لا سيما أن هناك العديد من المقار العسكرية الموجودة التابعة لوزارة الدفاع"، لافتاً إلى أن "خدمة العلم ستخلق جيلاً من العسكريين الشباب".

ويعتقد وتوت أن "الخدمة الإلزامية سترفد المؤسسة العسكرية بدماء جديدة بعد أن تقدم كثيرون من العسكريين في السن"، مضيفاً أن "الجيش سيضم أطياف الشعب العراقي، فضلاً عن أن تطبيق القانون سيوفر دخلاً مادياً للشباب". ويشير وتوت إلى أن تطبيق قانون خدمة التجنيد الإلزامي لا يعني الاستغناء عن العسكريين المتطوعين".

احتياطي استراتيجي

بدوره. يقول المتخصص في الشؤون الأمنية، معن الجبوري، إن التجنيد الإلزامي سيكون احتياطياً استراتيجياً للمؤسسة الأمنية والعسكرية، نافياً أن يكون "التجنيد الإلزامي عسكرة للمجتمع".

ويضيف الجبوري أن "الظرف الحالي يساعد على التجنيد الإلزامي لإمكانية استيعاب هذا العدد من المواطنين، خصوصاً الذين لا يمتلكون وظائف أو فرص عمل"، معتبراً أن "الخدمة تمثل فرصة لامتصاص الفراغ الذي يعيشونه".

ويلفت الجبوري إلى أن "في العراق تتوفر معسكرات وثكنات، لافتاً إلى أن "هناك وفرة مالية نتيجة ارتفاع أسعار النفط ستوفر الأموال في شأن مرتبات المكلفين الجدد".

تدمير

وتعمل الحكومة العراقية على تحديث وتأهيل وبناء معسكرات جديدة للجيش العراقي في معظم المدن، التي يعود معظمها إلى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعرضت معظم معسكرات الجيش العراقي في المدن وضواحيها بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003 إلى عمليات نهب وسلب وتدمير، وتحول بعضها إلى أماكن للسكن لأسر لا مأوى لديها، مثل معسكر الرشيد، وهو واحد من أضخم المعسكرات التي يعود تاريخ إنشائها إلى نهايات الحكم العثماني لبلاد وادي الرافدين.

وأبقت المؤسسة العسكرية العراقية على معسكرات وقواعد عسكرية وجوية كبيرة لكن عددها محدود، مثل معسكر التاجي شمال بغداد، وسبايكر غرب مدينة تكريت، وقاعدة بلد الجوية شمال بغداد، وعين الأسد غرب العراق، والشعيبة في البصرة، وعدد آخر من المعسكرات والقواعد التي أبقيت صالحة للاستخدام من بين العشرات التي تم تدميرها.

ويتابع الجبوري أن "الخدمة الإلزامية ستلغي الانتماء الطائفي والمذهبي، وكل سيأخذ فرصته بحسب استحقاقه، وبذلك تنصهر المحددات الطائفية والقومية، ويبقى الأساس هو الانتماء للوطن". ويستبعد أن تؤدي الخدمة الإلزامية إلى عسكرة المجتمع.

مبالغ كبيرة

يعتقد الكاتب في الشأن السياسي علي البيدر أن "عودة الخدمة الإلزامية تتطلب توفير مبالغ كبيرة"، مضيفاً أن "العراق يعتمد على جيش نوعي وليس كمياً، وهناك قلق ومخاوف من عودة جيش صدام حسين وقسوته، وهناك رفض كبير في الشارع العراقي لإعادة التجنيد بصيغته السابقة".

ويلفت البيدر إلى أن "العراق يمتلك 350 ألف عنصر من الجيش، وإذا  ما أضيف إليه التجنيد الإلزامي يتجاوز العدد 1.5 مليون جندي"، سائلاً عن "كيفية تمويل هذه الأعداد في ظل عدم خوض أي حروب حقيقية".

ويرى أن "التجنيد الاختياري هو الأنسب في هذه الظروف والوضع الذي يعيشه البلد، مع العمل على تعيين المكلفين الخدمة في وظائف بالزراعة والصناعة والمشاريع الاستثمارية"، لافتاً إلى أن "الخدمة الإلزامية هي عسكرة المجتمع وعسكرة للحياة العراقية".

ويدعو إلى "ألا تتعدى فترة التجنيد الالزامي الأشهر المعدودة، لا سيما أن عديد الجيش العراقي كبير".

ويتكون الجيش العراقي من 14 فرقة عسكرية وقيادات القوة الجوية والبحرية والبرية والدفاع الجوي ومديرية الاستخبارات العسكرية ودوائر أخرى، ويبلغ عدد منتسبيه 350 ألفاً بين جندي وضابط، وينتشر في المدن العراقية باستثناء مدن إقليم كردستان العراق.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي