في خطوة لإنهاء الآثار التي سببها الغزو الأميركي لبغداد عام 2003، وغلق المنطقة الرئاسية التي سميت "المنطقة الخضراء" لتضم مقر قيادته في العراق والمواقع الحكومية العراقية البارزة، أطلق رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وعداً بتغيير تسمية المنطقة، وإرجاعها إلى ما كانت عليه قبل سقوط نظام صدام حسين.
وتضم المنطقة الخضراء، التي عرفت سابقاً من قبل قيادة الجيش الأميركي في العراق بعد أبريل (نيسان) 2003 بـ"المنطقة الدولية"، مقار الحكومة والبرلمان العراقيين، والسفارتين الأميركية والبريطانية والإماراتية والكويتية وعدد من بعثات الدول الأجنبية بالعراق، فضلاً عن مقار وزارة الدفاع العراقية، وجهاز الاستخبارات العراقية، والفرقة الخاصة المكلفة بحماية المناطق الحساسة في العاصمة، وجهاز مكافحة الإرهاب، ومستشارية الأمن الوطني، وقيادة العمليات المشتركة للقوات المسلحة العراقية، ومجلس القضاء الأعلى، وهيئة الاستثمار العامة.
الكاظمي يتجه لإلغاء التسمية
قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إن من المهم إلغاء تسمية "المنطقة الخضراء" لتعاود الدوائر البلدية أخذ نطاق عملها في المناطق التي تشغلها المنطقة حالياً. وقال الكاظمي خلال اجتماعه بكوادر أمانة بغداد إن "من الضروري الانتهاء من مفهوم (المنطقة الخضراء)، وعودة الدوائر البلدية قبل عام 2003 لتقوم بعملها، وكذا عودة تسميات الحارثية وكرادة مريم وحي التشريع إلى الأحياء التي تضمها المنطقة".
وأشاد الباحث في الشأن العراقي عادل العرداوي بإعادة التسمية السابقة إلى "المنطقة الخضراء"، مشيراً إلى أنها مقدمة لخطوات لاحقة في هذا الاتجاه، وأضاف أنه "إذا لم تتخذ هذه الخطوة اليوم فستتخذ مستقبلاً وهي عين الصواب"، مشيراً إلى أن "المنطقة تضم في نطاقها القصور الرئاسية، وعند ذكر القصر الجمهوري في سبعينيات القرن الماضي في نشرات الأخبار كانت ترد عبارة القصر الجمهوري في (كرادة مريم)، ولم تلغ هذه التسمية للمنطقة التي تضم القصور الرئاسية إلا مع الاحتلال الأميركي".
استعادة ثقة المواطن
من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي علي بيدر، إن إعادة الأسماء السابقة للمناطق التي تكون "المنطقة الخضراء" هو من أجل استعادة ثقة المواطن العراقي بالسلطة. وأضاف البيدر أن توجيه رئيس الوزراء لأمانة بغداد بإعادة التسمية السابقة محاولة لجعل السلطة جزءاً من الشارع والمجتمع العراقي، وتناسي مراحل سابقة من الاحتلال وعيش المنظومة السياسية في برجها العاجي الذي تمثله "المنطقة الخضراء"، والتي كانت أشبه بالأسطورة وقلاع الإمبراطوريات التي تحكم بالحديد والنار، مشيراً إلى أن الصورة النمطية للمنطقة لدى الشارع هي أنها مرتع للفساد والقتلة المجرمين في مراحل سابقة، مثل الطائفية والاحتلال، وكل من يرتكب جرماً أو إثماً.
وشدد على ضرورة أن تكون منظومة السلطة والحكم بين المواطنين، وألا تذهب إلى من نخاف منهم كما كان معمولاً به سابقاً، داعياً الى إزالة أسوار "المنطقة الخضراء" التي أوجدت فجوة وتمايزاً بين العراقيين، لاستعادة ثقة المواطن بالسلطة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بدوره، قال معتز عبد الحميد، مدير المركز الجمهوري للدراسات الأمنية والاستراتيجية، أن توجيه رئيس الوزراء جاء بعد ضغط الشارع ومنظمات المجتمع المدني بضرورة إلغاء الطبقية التي تمثلها "المنطقة الخضراء". وأضاف أن "توجيه رئيس الوزراء تم اتخاذه تحت ضغط الشارع ومنظمات المجتمع المدني وحركات تشعر أن هذه المنطقة تتمتع برفاهية وانضباط عسكري ومروري واحترام للمواطن من خلال التواجد المستمر لقوات شرطة المرور والقوات الأمنية"، مبيناً أن هذا الأمر جعل المنطقة مختلفة عن أي شارع قريب منها، كون بقية شوارع بغداد مباحة للفوضى وعدم الالتزام بالقانون.
وأشار إلى أن توجيه رئيس الوزراء جاء بعد دراسة كبيرة تبين نفور المواطنين من تواجد النخبة السياسية والسفارات وكل الدوائر في المنطقة التي تتمتع ببحبوحة من الخدمات كالكهرباء والماء وتوفر أنظمة الإشارات المرورية، فضلاً عن تمتعها بامتيازات خاصة لا تتمتع بها المناطق الأخرى في بغداد.
لن تعود كالسابق
عبد الحميد أوضح أن إرجاع "المنطقة الخضراء" إلى سابق عهدها يحتاج فترة زمنية، لأن المشكلة في أبوابها المغلقة نتيجة التوجس الأمني. ومنذ نهاية 2018 تم رفع أغلب الكتل الكونكريتية المحيطة بالمنطقة، خصوصاً المحيطة بمبنى مجلس النواب العراقي، وفندق الرشيد، المحسوبان على المنطقة، وافتتاح عدد كبير من الشوارع التي تربطها بمناطق بغداد، لكن تظاهرات أكتوبر (تشرين الأول) 2019 أدت إلى إغلاق جزء كبير منها، وسط إجراءات أمنية مشددة استمرت مع حكومة الكاظمية منذ مايو (أيار) 2020، ومحاولة الميليشيات الشيعية بين الحين والآخر مهاجمة مقر رئيس الحكومة، كما حصل في عامي 2020 و2021.