Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فشل يمني في إنهاء "أطول حصار" أفرزه الانقلاب

انتهت المفاوضات في الأردن بشأن فتح المعابر والطرقات من وإلى "تعز" بلا أي ثمرة ... وسط إحباط وتظاهرات في المحافظة المنكوبة

مطالبات شعبية بمزيد من الضغوط على الحوثي لفك الحصار عن المدينة (أ ف ب)

بعد أن عززت محادثات الأطراف اليمنية، في العاصمة الأردنية عمان، الآمال في التوصل إلى اتفاق يفضي لرفع الحصار الذي تفرضه ميليشيا الحوثي المسلحة على مدينة تعز، ثالث أكبر المدن (وسط البلاد) كمدخل موضوعي لسلام شامل في اليمن، تتجدد أزمة الثقة بين طرفي النزاع التي أفضت إلى انتهاء المحادثات دون إحداث خرق جوهري في جدار الحصار لتفسح مجالاً جديداً لدوامة معاناة وصراع لا يُعلم له منتهى.

وعقب ثلاثة أيام من الجلوس إلى طاولة التشاور، انفضت الاجتماعات بين وفدي الحكومة الشرعية اليمنية والحوثيين التي ترعاها الأمم المتحدة في المملكة الأردنية، دون التوصل لاتفاق يخلص إلى ما اجتمع الوفدان لأجله، وينهي ما وصفه مراقبون بـ"أقوى حصار عسكري لأكبر تجمع مدني" وذلك جراء "رفض وفد الميليشيا المدعومة من إيران فتح المنافذ الرئيسة في مدينة تعز" (وسط اليمن) التي يغلقونها منذ بداية الحرب، وتقدمهم، بدلاً من ذلك، بمقترح لفتح معابر فرعية بديلة لا تلبي احتياجات السكان للتنقل الحر ونقل البضائع والمواد التموينية والمياه" وفقاً لبيان رئيس الوفد الحكومي.

مراحل الطريق

وأعلن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ أمس عن انتهاء جولة أولية من النقاشات بين الطرفين في العاصمة الأردنية عمّان لفتح طرق رئيسة في تعز ومحافظات أخرى، وذلك بموجب اتفاق الهدنة الذي أُبرم بوساطة أممية.

إلا أن غروندبرج طرح اقتراحاً لإعادة فتح الطرق على مراحل في تعز وأماكن أخرى، مما سيساعد في تسهيل تسليم المساعدات وتنقل اليمنيين الذين يعانون.

ولضمان نجاح رؤيته حث الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي على إنهاء المداولات الداخلية وتقديم "نتائج إيجابية للشعب اليمني" في المحادثات اللاحقة، دون مزيد من التفاصيل بشأن الاقتراح ومتى سيستأنف الطرفان أعماله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويفرض الحوثيون حصاراً خانقاً على مدينة تعز (مركز محافظة تحمل الاسم ذاته)، التي تسيطر الحكومة الشرعية على معظمها، منذ اندلاع الحرب في 2015، وتمنع قوافل الإغاثة الإنسانية من الوصول إلى السكان والمتضررين من الحرب، وهو ما تنفيه الجماعة.

إذ ترفض الميليشيا تهم الحكومة الشرعية، وتلقي باللائمة عليها في التجاوزات التي حدثت في الحاضر والماضي، بما في ذلك خرق الهدنة الحالية التي اعتادت الميليشيا نشر بيانات تشير إلى مزاعم تجاوزات تقدح في الالتزام بها، إما من جانب الحكومة في عدن أو التحالف العربي.

ومنذ الأربعاء، بدأت مفاوضات في الأردن، برعاية الأمم المتحدة، بين وفدي الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، حول فتح الطرق التي يغلقها مسلحو الجماعة في تعز، فضلاً عن تأمين الماء والكهرباء ورفع المعاناة عن سكان المحافظة، وتسهيل حركة المواطنين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.

وتشترط الميليشيا الشروع أولاً في فتح مطار صنعاء والسماح لسفن الوقود بالوصول إليها قبل الحديث عن المأساة الإنسانية للسكان، في حين تعتبر الحكومة الشرعية الجانب الإنساني أولوية وتتهم الحوثيين بمحاولة شرعنة سيطرتهم على الأرض التي يحكمون قبضتهم عليها بقوة السلاح.

انتقاء البنود

يقضي اتفاق الهدنة الأممية المعلنة مطلع أبريل (نيسان) الماضي، على وقف إطلاق النار واستئناف الرحلات الجوية التجارية من وإلى مطار صنعاء والسماح بدخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، وشرعت الشرعية اليمنية المدعومة من التحالف العربي بتنفيذ جميع هذه البنود.

إلا أن البند المتعلق برفع الحصار عن تعز ظل يراوح مكانه دون تقدم يفضي لحلول تخفف وطأة المعاناة الإنسانية على ملايين السكان، وهو ما اعتبره مراقبون تنصل من الالتزامات التي عليها، إذ تتعامل مع الاتفاقيات وجولات الهدن المعلنة وفقاً لمراقبين، مع ما يخدم بقاءها ومصلحتها، وبالمقابل تتنصل عن الالتزامات التي عليها كما هي الحال في معابر وطرق تعز.

إحياء الأمل

وتأتي هذه المستجدات في الوقت الذي تقترب الهدنة الأممية في اليمن من نهايتها، وسط جهود أممية وحكومية للبناء عليها وتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار والشروع في إحياء مسار الحوار السياسي الذي توقف عملياً منذ التوقيع على اتفاق السويد الخاص بالحديدة في ديسمبر (كانون الأول) 2018، بعد الرفض الحوثي المتكرر لدعوات السلام، وآخرها رفضه حضور المشاورات اليمنية - اليمنية التي جرت برعاية الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بمقره في الرياض مطلع أبريل الفائت، وتمخضت بإصدار الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي قراراً بتشكيل مجلس قيادة رئاسي توافقي يتولى إدارة شؤون البلاد في المرحلة المقبلة.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت مطلع أبريل الماضي هدنة إنسانية في اليمن لشهرين، تتضمن وقفاً شاملاً للعمليات العسكرية وفتح مطار صنعاء إلى وجهات محددة ودخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة ورفع الحصار الحوثي المفروض على محافظة تعز منذ سبعة أعوام وفتح المنافذ البرية بين المدن اليمنية.

رسائل الحوثي

ولعل اللافت للجدل خلال جولة الثلاثة أيام من المفاوضات غير المجدية، ظهور الوفد الحوثي بالبزات العسكرية الرسمية، أثناء إحدى الجلسات التفاوضية ما أثار تساؤلات عدة حول الرسالة التي أرادت الميليشيا إيصالها.

ونشر رئيس الوفد الحوثي، ناطق الميليشيا، محمد عبد السلام، صورة لفريقه تبعها بقوله "ممثلو الجمهورية اليمنية في عمّان مع الأمم المتحدة والأطراف الأخرى في جلسة نقاش حول الخروقات وإعادة فتح بعض الطرقات في بعض المحافظات".

واعتبر مراقبون أن وفد الحوثي سعى لإيصال رسالة مطابقة لما هدد به "رئيس المجلس السياسي الأعلى" مهدي المشاط، أثناء لقائه قيادات تابعة للميليشيا أمس بقوله "في حال لم يف الطرف الآخر بالهدنة الأممية المعلنة، فإن القوات المسلحة جاهزة للقيام بواجبها"، في إشارة لمواصلة نهجها المسلح، خصوصاً والوفد المفاوض لا يحمل أغلبهم صفات عسكرية فضلاً عن طبيعة الميليشيا التي اعتادت ارتداء الزي التقليدي الشعبي ولا يتقيد قادتها بالزي الرسمي.

فشل أممي والقوة

في حين تطالب الحكومة من المجتمع الدولي إلزام ميليشيات الحوثي بنود الهدنة وفتح حصار تعز وتسليم رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها من عائدات النفط، والضغط عليها وداعميها لوقف إطالة أمد الحرب، وما نتج بسببها من زيادة معاناة المواطن في اليمن، وتهديد استقرار دول الجوار والمنطقة وممرات الملاحة البحرية، عبّر ناشطون يمنيون عن خيبة أملهم مما وصفوه بالتعنت الحوثي إزاء الاستحقاقات الإنسانية المتمثلة بحرية التنقل وقطع معاناة السكان، فبدلاً من قطع المسافة من منطقة الحوبان، (المنفذ الشرقي للمدينة) إلى وسطها خلال 15 دقيقة، يحتاج أبناء المحافظة إلى نحو ثماني ساعات للوصول إلى الوجهة نفسها في المدينة الكبيرة التي تضم ملايين السكان، ما تسبب في تداعيات إنسانية فادحة على المدنيين وخصوصاً المرضى.

وقال نشطاء يمنيون، إن "التعنت الحوثي والفشل الأممي" يقضيان على الآمال في رفع الحصار عن تعز، كما كان من المفترض أن يكون جزءاً من هدنة رعتها الأمم المتحدة لمدة شهرين تنتهي في الأول من يونيو (حزيران) المقبل، وراحوا يشبهونه باتفاق ستوكهولم الذي ينص على فتح المعابر ودفع رواتب الموظفين من الإيرادات التي تتحصل عليها الجماعة في المناطق الخاضعة لسيطرتها في محافظتي تعز والحديدة.

وذهب البعض للمطالبة بانتهاج القوة لفك الحصار. كما سبق وشهدت المحافظة احتجاجات شعبية نددت "باستمرار الحصار الذي فاقم الأوضاع الإنسانية المروعة".

وعلق سفير اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة "يونسكو" محمد جميح بقوله "لن يرفع الحوثي حصار تعز، ومن لم يتعلم من تجربة أكثر من 17 سنة تفاوض واتفاقات مع الحوثي فعليه أن يراجع عقله".

واعتبر أن الحل "يكمن في بناء مؤسسات الدولة في المناطق المحررة ودمج المكونات العسكرية والأمنية وتعزيز الاقتصاد والتخلص من الخلافات داخل تعز وداخل الشرعية ودعم الجيش وحينها سيرفع الحصار".

من جانبه، قال الباحث السياسي، عبدالله إسماعيل، إن "الحكومة والتحالف استجابوا، بالتزام كامل، ومسؤولية عالية، في المقابل، نكثت الجماعة الإرهابية كعادتها، وتلاشت وعود المبعوث ككل مرة".

وتعد محافظة تعز، من أكبر المحافظات اليمنية سكاناً، وتقع 60 في المئة من أراضيها تحت سيطرة الحكومة الشرعية، بما في ذلك مركزها مدينة "تعز"، في حين تسيطر الميليشيات الحوثية على 40 في المئة منها و70 في المئة من الإيرادات، كونها تجبي الضرائب من عشرات مصانع المواد الغذائية والاستهلاكية الواقعة في منطقة الحوبان، التي تملكها شركات "هائل سعيد أنعم" التجارية الأهلية، أكبر مجموعة تجارية في اليمن.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات