Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع الفواتير في بريطانيا يجبر مسنين على الاختيار بين التدفئة أو الطعام

مع تزايد فواتير الطاقة مرة أخرى نصف مليون متقاعد إضافي في المملكة المتحدة سيدخلون في ظاهرة "فقر الوقود" هذا الشتاء، وإحدى المتقاعدات تقول: "في بعض الأحيان يكون العشاء مجرد بسكويت"

"...ومع تزايد كلفة المواد الغذائية أيضاً، نُضطر إلى تناول كمياتٍ أقلّ من الطعام. وفي بعض الأحيان يكون عشاؤنا مجرّد بسكويت" (رويترز)

يجد الكبار في السن من الضعفاء في المملكة المتّحدة أنفسهم أمام خيارين: إما الوفاء "بالمستويات الهائلة من الديون"، أو العيش داخل منازل باردة لا يمكن تدفئتها، مع ما يستتبع ذلك من تعريض أنفسهم لخطر تدهور حالهم الصحّية، وذلك بعدما تبيّن أن متوسط فواتير الطاقة سيرتفع بأكثر من 800 جنيه استرليني (1008 دولارات أميركية) الشتاء المقبل.

هذا التحذير أطلقه ناشطون في مجال التنبيه إلى خطر ظاهرة "فقر الوقود"، بعدما كشفت أرقام بحثية أن المتقاعدين الأفراد، سيُضطرون إلى إنفاق أكثر من خُمس دخلهم بعد تكاليف السكن، على فواتير الغاز والكهرباء.

يأتي ذلك بعدما أبلغ جوناثان بريرلي الرئيس التنفيذي لـ "مكتب أسواق الغاز والكهرباء"  Office of Gas and Electricity Markets (Ofgem) (هيئة حكومية تتولّى تنظيم أسواق الكهرباء والغاز الطبيعي في بريطانيا) أعضاء البرلمان، أن الجهة المنظّمة تتوقّع زيادة سقف أسعار الطاقة بمقدار 830 جنيهاً استرلينياً (1008 دولارات)، لتصل إلى 2800 جنيه استرليني سنوياً في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وإذا كان التقدير الذي تضعه هذه الهيئة صحيحاً، فإن فواتير الطاقة ستبتلع نحو 22 في المئة من متوسّط الدخل الأسبوعي للفرد المتقاعد، البالغ 246 جنيهاً استرلينياً (275 دولاراً)، وفق آخر البيانات الرسمية.

مؤسّسة "العمل الوطني للطاقة" National Energy Action (NEA)  (جمعية خيرية تُعنى بمساعدة الفقراء والضعفاء على مواجهة فقر الوقود عبر حصولهم على طاقة ميسّرة الكلفة)، نبّهت إلى أن هذه الزيادة ستدخل أكثر من نصف مليون متقاعد في حزام فقر الوقود، ليرتفع العدد الإجمالي إلى مليونين و500 ألف شخص.

وأضافت أن ملايين الأشخاص من الكبار في السن "لن يكون بإمكانهم دفع تكاليف" التدفئة والطاقة، ما لم يقدّم لهم وزير الخزانة مساعدةً مالية.

وأشارت أيضاً إلى أنه "ما لم تتدخّل حكومة المملكة المتّحدة بشكل أكبر، وتقدّم دعماً أكبر للأسر الأكثر ضعفاً، فسنرى ملايين المتقاعدين عاجزين عن دفع فواتير التدفئة والطاقة في منازلهم".

ورأى مات كوبلاند رئيس تنسيق السياسات في مؤسّسة "العمل الوطني للطاقة" أن "هؤلاء الأفراد سيُجبرون إما على مراكمة مستوياتٍ هائلة من الديون، أو تقنين استخدامهم للطاقة إلى مستويات خطيرة".

وحذّر كوبلاند من أن "الكبار في السن معرّضون تحديداً لخطر إصابتهم بمشكلاتٍ صحّية مختلفة، تنشأ نتيجة قضاء وقتٍ طويل داخل منازل باردة. ويمكن أن تكون أمراض جهاز التنفّس ومشكلات القلب قاتلةً بالنسبة إليهم، وكلّما تفاقمت هذه الأزمة، ازدادت معاناة المسنّين والأسر الضعيفة الأخرى".

في ما يتعلّق بموقف الحكومة، كشف وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك عن خطة بمليارات الجنيهات الاسترلينية من المساعدات، للأسر التي تواجه مصاعب في التعامل مع الأزمة المتفاقمة لغلاء المعيشة.

من بين الحلول التي تُدرس، إجراء تعديلٍ على مخطّط مساعدات "خصم المنزل الدافئ" Warm Home Discount (دفعة حكومية تُعطى لذوي الدخل المنخفض أو المتقاعدين لمرّة واحدة، للمساعدة في تحمّل تكاليف الطاقة خلال فصل الشتاء)، وهي الآن في حدود 150 جنيهاً استرلينياً (189 دولاراً) من فواتير الطاقة تُمنح لثلاثة ملايين أسرة منخفضة الدخل.

ويتردّد أن وزير الخزانة البريطاني يتطلع إلى زيادة العتبة إلى 500 جنيه استرليني (630 دولاراً) أو 600 جنيه استرليني (756 دولاراً)، لكن حتى هذه الزيادة ستظل أقلّ من نصف الارتفاع المسجّل في فواتير الطاقة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرى ناشطون في مجال حماية الكبار في السن، أن هناك حاجةً لاتّخاذ مزيدٍ من الإجراءات، لتفادي تعرّض هؤلاء لمشكلات صحّية ووفيات مبكّرة يمكن تجنّبها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مؤسّسة "إيج يو كي"  Age UK (جمعية خيرية تساعد الكبار في السن) قدّرت أن نحو مليوني أسرة من فئة المسنّين، لن يكون لديها ما يكفي لتغطية إنفاقها على الحاجات الأساسية خلال السنة المقبلة.

وطالبت المؤسّسة الخيرية الحكومة برفع مستوى مدفوعات المساعدات الحكومية ومعاشات التقاعد، كي تواكب الارتفاع في الأسعار. ودعت إلى منح دفعة مستهدفة لمرّة واحدة للمسنّين من ذوي الدخل المنخفض، كي يتمكّنوا من تحمّل تكاليف تدفئة منازلهم وتناول طعام كاف.

إحدى النساء المتقاعدات قالت: "نتقاضى زوجي وأنا الراتب التقاعدي الأساسي. أنا معوّقة وأتلقّى الحدّ الأدنى من "مخصّصات الاستقلالية الشخصية"  Personal Independence Payment (PIP) (إعانة اجتماعية تهدف إلى مساعدة البالغين على تحمّل تكاليف العيش الإضافية الناجمة عن إعاقة أو حالة صحّية طويلة الأجل). أما زوجي فيعاني من "متلازمة رينود"  Raynaud’s Syndrome (مرض يتسبّب بشعور بالخدر والبرودة في بعض أنحاء الجسم، كأصابع اليدين والقدمين)، ما يعني أنه يجب أن يبقى دافئاً في جميع الأوقات".

وأضافت: "لم يعد في إمكاننا تحمّل تكاليف الخروج من المنزل كثيراً، خصوصاً الآن مع هذه الزيادات الهائلة في أسعار البنزين. ومع إزالة نظام  Triple Lock  (ضمان لمعاش التقاعد في المملكة المتحدة، للتأكد من عدم فقدان قيمته نتيجة التضخم) وتزايد كلفة المواد الغذائية أيضاً، نُضطر إلى تناول كمياتٍ أقلّ من الطعام. وفي بعض الأحيان يكون عشاؤنا مجرّد بسكويت".

أما بريندا بالف المرأة البالغة من العمر 67 سنة والتي ترمّلت في العام 2020 على أثر وفاة زوجها ديف، فتشير إلى "حال القلق الدائم" التي تعيشها في ما يتعلّق بمواردها المالية. وتقول في هذا الإطار: "أجد نفسي مضطّرة في الواقع إلى مراقبة مصروف الكهرباء والغاز. وغالباً ما أفكّر بأن من الأفضل إطفاء النظام". 

وتؤكّد بالف أن "كثيراً من الكبار في السن يعملون على تقليص جوانب عدّة من نفقاتهم، وهذا ما يجعلهم معزولين مرّة أخرى. إنني أعيش قلقاً دائماً وأتساءل: ماذا لو لم أتمكّن من دفع كلفة هذه الحاجة أو تلك؟"

وتشير إلى أن "العيش بدخلٍ منخفض يثير قلقاً وتوتراً دائمين، في حين أنه عندما يكون كلّ ما يمكن التفكير به هو طريقة تغطية الفواتير، فإن ذلك يشكل إرباكاً حقيقياً".

واستناداً إلى مؤسّسة "اندبندنت إيج"  Independent Age (التي تُعنى بالكبار في السن في إنجلترا وويلز واسكتلندا)  فإن معدّل الفقر لدى المسنّين ارتفع منذ عام 2012، في وقتٍ لا يتلقّى فيه مئات الآلاف من الأشخاص الدعم المالي الذي يستحقّونه.

في المقابل، لا يتمكّن عددٌ كبير من الكبار في السن من الاستفادة من الائتمان التقاعدي (أموال إضافية لأصحاب الرواتب المتقاعدة تساعد في زيادة دخلهم الأسبوعي لمواجهة تكاليف المعيشة)، التي تزيد من دخل الفرد وتتيح له الوصول إلى دعم آخر، بما في ذلك "خصم المنزل الدافئ". وفيما تمّ تخصيص نحو مليار و700 مليون جنيه استرليني (ملياران و142 مليون دولار) من الائتمانات التقاعدية للكبار في السن، إلا أن شيئاً لم يصل إليهم.

مورغان فاين، رئيس تنسيق السياسات في مؤسّسة "اندبندنت إيج" الخيرية قال: "شهدنا حتى الآن دفقاً من المكالمات على خط المساعدة الخاص بنا، من أفرادٍ تقل أعمارهم عن 65 سنة، قالوا إنهم يعانون من ضغوطٍ شديدة في شأن تأمين المال لدفع فواتير الطاقة، إلى درجة أن البعض يتخطّى تناول وجباتٍ غذائية كي يتمكّن من تغطية النفقات.

ورأى فاين أن "الزيادات غير المسبوقة التي نتوقّع الآن حصولها في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، لن يكون من شأنها سوى زيادة الخوف والقلق اللذين يشعر بهما الكبار في السن".

استطلاع رأي حديثٌ، كشف عن أن نحو نصف عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة، أكّدوا للمؤسّسة الخيرية أنه لم يعد في إمكانهم حتى تحمّل زيادةٍ بنحو 50 جنيهاً استرلينياً (63 دولاراً) في الشهر، على التكاليف الراهنة لمعيشتهم.

© The Independent