Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة المعيشة لا تمكنني من الاهتمام بالسياسة رغم أن هذه هي وظيفتي

إنها المرة الأولى التي أختبر فيها التضخم الاقتصادي وأنا في سن الرشد وقد صدمني الشعور المطلق بالعجز الناجم عنه

أزمة كلف المعيشة مزعجة ومدمرة لحياة ملايين (رويترز)

لم يخطر في بالي مطلقاً أنك عندما تعيش في فترة تضخم حاد سيكون الأمر ملموساً مؤلماً بشدة. لقد عدت إلى بريطانيا قبل نحو أسبوعين، وفي كل مرة أتحقق فيها من حسابي المصرفي، يقفز في ذهني مشهد أشبه بالرسوم المتحركة.

أتخيل نفسي مثل شخصية من شخصيات ديزني المسالمة التي لا تؤذي أحداً، لكن فجأة يقوم شخص شرير بطلي كل القطع المعدنية التي أمتلكها بالزيت، فتأخذ بالانزلاق من جيبي واحدة تلو الأخرى. أحاول مواصلة حياتي والاهتمام بشؤوني الكرتونية، لكن النقود تواصل السقوط على الأرض مهما حاولت منع ذلك.

إنه مشهد أتخيله كل يومين لأنني بت أتفقد حسابي المصرفي بهذه الوتيرة الآن. لم أكن معتادة على القيام بذلك في السابق لغاية بضعة أشهر مضت. أنا أكسب دخلاً لائقاً جداً، وأنا محظوظة في العادة لأكتفي بإلقاء نظرة سريعة على التطبيق المصرفي على هاتفي بين الحين والآخر فقط للتأكد من أنني لم أفرط كثيراً في إنفاقي، لكن الحال لم يكن كذلك دائماً.

لقد كنت شبه مفلسة خلال سنواتي الخمس الأولى في لندن، وألفت الدعاء بأن تسير الأمور على ما يرام في كل مرة أحاول سحب 10 جنيهات من الصراف الآلي، ومع ذلك يبدو الوضع الحالي مختلفاً.

هذه هي المرة الأولى التي أختبر فيها التضخم الاقتصادي كشخص بالغ، وقد صدمني الشعور المطلق بالعجز الذي يرافق ذلك. أعلم أنني قد أبدو كطفل صغير يمر بنوبة غضب، لكنني أشعر أن الحال ليست منصفة. أنا أقوم بكم العمل المعتاد نفسه، ومع ذلك فقدرتي على تحمل المصاريف أقل، لطالما كنت شخصاً يحسن إدارة المال ومع ذلك فأنا أعاني. هذا الوضع ليس عادلاً، ولا يمكنني فعل شيء حياله. لا يمكنني حتى أن أفكر في المستقبل: هل ستتحسن الأمور قريباً؟ أم هل ستزداد سوءاً؟ ليست لدي أدنى فكرة. الأمر خارج عن سيطرتي تماماً.

نتيجة لذلك، فمن الصعب حالياً الانتباه إلى الدوامة التي تدور في ويستمنستر. قد يترشح جيريمي هانت أو لا ليحل محل بوريس جونسون، قد يحاول ويس ستريتينغ دخول السباق ليأخذ منصب كير ستارمر أو قد يصرف النظر عن ذلك، ربما يوجه مايكل غوف بنقل مجلس اللوردات إلى شمال البلاد بينما يتم تجديد المبنى الأصلي أو لا يقوم بذلك. من يهتم بكل هذا؟

يجب أن أكون مهتمة بالطبع، لكنني أجد صعوبة في ذلك. حتى بروتوكول إيرلندا الشمالية لم يثر اهتمامي، على الرغم من أن ما سيحدث خلال الأسابيع القليلة المقبلة قد يشكل مستقبل بريطانيا على المدى الطويل بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

يصاب عقلي بحال جمود في كل مرة أسمع أو أقرأ أي خبر عن اللورد فروست كبير المفاوضين مع أوروبا.

بالطبع، أنا لم أكتب هذه المقالة لأشتكي من وضعي، ففي كل مرة أقرر الاستغناء عن طلب مشروب على الرغم من رغبتي في تناوله، هناك أشخاص يمرون بالتجربة نفسها ليقرروا ما إذا كان بإمكانهم الاستغناء عن وجبة العشاء.

في كل مرة أفكر أن زيارة المتجر الخيري للتبضع ستكون بذخاً شديداً، هناك أشخاص يقطعون أميالاً سيراً على الأقدام بدلاً من ركوب الحافلة. إن أزمة كلف المعيشة مزعجة ومثبطة لمن هم في مثل وضعي، لكنها مدمرة لحياة ملايين آخرين.

إذا كانت شؤوني المالية تشتت انتباهي إلى حد عم اكتراثي فعلياً بما يجري في البرلمان، على الرغم من أن هذه هي وظيفتي، فهل سيهتم الناخبون العاديون بأي تطورات هناك؟ نحن نعلم أن الناس لا يميلون إلى متابعة السياسة عن كثب حتى عندما تكون الأوضاع في أفضل حال، لكنني أجد صعوبة في تصور كيف ستجري الأمور خلال الأشهر القليلة المقبلة.

ربما ستكون هناك سياسات جديدة براقة وحروب ثقافية معقدة مقبلة، لكنني أشك في أن أياً منها سيجذب انتباه الناخبين.

إذا كانت الحكومة لا تخطط لفعل أي شيء للتعامل مع أزمة كلف المعيشة، فقد تكون مثل من يغني في الطاحون. هذه مشكلة تؤثر في الجميع عبر حياتهم اليومية، وإلى أن تتم معالجتها فلن تكون هناك أهمية لأي قضية أخرى.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء