Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدولار يتفلت في الوقت الضائع بين الانتخابات النيابية والرئاسية في لبنان

مصدر: قرار عربي دولي بمنع سقوط لبنان ودعمه بـ 30 مليار على 7 سنوات

على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، وبالتزامن مع عشرات الأحداث المتنوعة على المستويات السياسية والاقتصادية والمعيشية، لم يتراجع سعر صرف الدولار، بل استمر بالارتفاع مع تسجيل انخفاضات مفاجئة وظرفية، سرعان ما كانت تزول خلال أيام، ليستأنف بعدها الدولار مساره التصاعدي.

وبعد فترة من الاستقرار النسبي دامت لخمسة أشهر سبقت موعد الانتخابات النيابية، ثبت فيها سعر الصرف ما بين 22 و25 ألف ليرة مقابل الدولار، لم تكد صناديق الاقتراع تقفل حتى عادت وتيرة الارتفاع الجنوني تبرز من جديد حيث لامس في أيام قليلة عتبة الـ 32 ألف ليرة.

وتربط بعض الأوساط الاقتصادية سبب الانهيار العنيف لليرة اللبنانية بالتزامن مع الانتخابات النيابية، باقتراب استقالة الحكومة وإمكانية دخول البلاد بمرحلة طويلة من الفراغ المؤسساتي، في وقت لا تستطيع حكومة تصريف أعمال اتخاذ القرارات المناسبة أو إبرام أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي. في حين تعتبر مصادر مصرفية أن الارتفاعات المفاجئة لسعر صرف الدولار ليست سوى عمليات مضاربة يقوم بها بعض السياسيين بالتنسيق مع مجموعة صرافين بهدف تأجيج الرأي العام وإثارة الفوضى خلال مفاصل سياسية حاسمة.

قرار عربي - دولي

في مقابل الأجواء القاتمة المتوقعة، يشير مصدر سياسي نقلاً عن أجواء دبلوماسية خليجية، أن هناك قراراً عربياً دولياً بمنع سقوط لبنان، وأن نتائج الانتخابات الأخيرة أظهرت أن الشعب اللبناني كان مخطوفاً من "حزب الله" وحلفائه، ما زاد من قناعة تلك الدول بوجوب الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني.

وكشف أن تدشين الصندوق السعودي – الفرنسي الذي سيؤمن الدعم لقطاعات حيوية وأساسية كالقطاع التربوي والصحي وغيرها، ليس سوى بداية جدية لدعم كبير سيكون جاهزاً عندما يستطيع اللبنانيون تشكيل حكومة تعكس الانتخابات، وتتبنى خطة إصلاحية واضحة وشفافة.

وأكد أنه لن يكون هناك دعم مالي عشوائي للبنان أو ودائع للمصرف المركزي كما كان يحصل سابقاً، أما القرار محصور بدعم خطة تعافٍ مالية بقيمة تصل إلى 30 مليار دولار مقسمة من سبع إلى عشر سنوات، تحت إشراف لجنة خبراء اقتصاديين تضم الدول العربية والغربية المانحة.

رسائل سياسية

وبرأي المحلل الاقتصادي البروفسور مارون خاطر، فإن أسباب ارتفاع سعر الصرف مرتبط بشحّ الدولار، وارتفاع الأسعار العالمية نتيجة التضخم العالمي الناتج من الحرب الروسية – الأوكرانية، ما أدى إلى زيادة الطلب على الدولار وسط إرباك في منصة صيرفة في لبنان، تفلّت السوق السوداء واحتدام المضاربة فيها بين التجار والصرافين.

وكشف خاطر أن لديه معلومات عن أن المصرف المركزي يتدخل في سوق القطع لشراء الدولار بهدف تأمينه لمنصة صيرفة وإعادة بيعه على سعر المنصة، وهذا الأمر إذا كان يحصل فعلاً فهو كارثي.

وأضاف أن هناك سبباً إضافياً يتمثّل برسائل سياسية قد تكون متعلقة بنتيجة الانتخابات أو الاستحقاقات المقبلة، مشدداً على وجوب إعادة تفعيل المؤسسات للخروج من الأزمة، مشدداً على أن الأرضية خصبة لارتفاع سعر صرف الدولار ولا سقف له، لذلك يجب معالجة الموضوع سريعاً.

بديل بري

بدوره يشدد مدير مركز الاستشارية للدراسات الاستراتيجية عماد رزق، على أن معظم القوى السياسية كانت تعلم أن مسار سعر صرف الدولار سيبقى تصاعدياً، وأن لجمه مرحلياً كان لأسباب سياسية متعلقة بتمرير مرحلة الانتخابات بأقل أضرار ممكنة، متوقعاً أن يصبح سعر صرف الدولار الواحد 47500 ليرة لبنانية خلال الأسابيع المقبلة.

ويعتبر أن مسار عدم استقرار سعر الصرف سيبقى عرضة للمضاربات بسبب غياب الاستقرار السياسي، لا سيما وأن التوازنات داخل المجلس النيابي المنتخب لا تزال غير واضحة تماماً، كاشفاً أنه في حال إعادة انتخاب بري رئيساً للمجلس فإن الأمور ذاهبة باتجاه "ثورة جديدة" عنوانها الفساد. وفي رده على سؤال حول وجود مرشح آخر، يقول إن النائب علي عسيران هو بديل بري لرئاسة مجلس النواب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صعود ونزول

وتتوقع الأستاذة الجامعية والمتخصّصة بالشأن الاقتصادي ليال منصور، أن يشهد سعر صرف الدولار في المرحلة المقبلة تقلبات كثيرة صعوداً ونزولاً بشكل غير مبرر في المعايير الاقتصادية، موضحة أنه قد يرتفع عدة آلاف ليرة ومن ثم ينخفض سريعاً من دون أي دافع مباشر، على الرغم من أنه في طريق تصاعدي.

وتشير إلى أنه مهما تغيرت الحكومات والنواب وغير ذلك، فإن الوضع القائم يفرض المسار التصاعدي للدولار، معتبرة أن تلك العوامل قد تكون مؤثرة في دول متقدمة مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وعملياً فإن أي حدث مهما كانت أبعاده إيجابية أو سلبية فإنه ينعكس مباشرة على مسار العملة في الدول المتقدمة اقتصادياً. أما في لبنان فالأمر مختلف تماماً، فالأحداث من شأنها تسريع انهيار العملة أو إبطائها، لكنها من الصعب أن تغير مسار العملة الوطنية الآخذ حالياً بالتراجع مقابل الدولار.

خسائر بـ 30 مليوناً

في حين أكد المحلل المالي وليد أبو سليمان، أن كل التوقعات كانت تشير إلى ارتفاع مُحتّم للدولار بعد الانتخابات، مسجلاً ملاحظة حول ارتفاع كبير حصل ليل الأحد مع العلم أن لا أعمال تجارية في هذا الوقت، في حين لم يتراجع حجم التداول على منصة صيرفة، الأمر الذي يؤكد التلاعب في السوق الموازية في هذه الفترة من قبل المضاربين.

وأشار إلى أن هناك مجموعة قوانين ملحة يقع إقرارها على عاتق المجلس النيابي المنتخب إضافة إلى استحقاق تشكيل الحكومة، كاشفاً أنّ كل تأخّر في تشكيل الحكومة المقبلة بعد دخول حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في زمن تصريف الأعمال، يكبد الاقتصاد خسائر قد تتخطى الـ 30 مليون دولار يومياً.

وكشف أنه عندما بدأ البنك المركزي التدخل في السوق ضَخّ أحياناً 90 مليون دولار في السوق في اليوم الواحد، بينما تراجع هذا الرقم إلى 50 مليون دولار وأحياناً إلى 30 مليوناً. وهناك حديث عن نيته التوقّف عن دعم تجار البنزين ومستوردي النفط، وهذا دليل على أنه ما عاد يملك الكثير من الدولارات.

وقال "لقد دخل لبنان في المجهول لأنّ الصورة ضبابية جداً، بالتالي لا سقوف لارتفاع الدولار"، لافتاً إلى أنّ توقّف عمل الصيرفة سيحوّل التجار نحو السوق السوداء كلياً، ما سيدفع إلى مزيد من الارتفاع في سعر الدولار مقابل الليرة، على أنّ تتجه هذه الخطوة بالاقتصاد إلى مزيد من "الدَولرة"، ما يدفع التجار وأصحاب محطات البنزين إلى التسعير بالدولار، فيزيد الطلب على العملة الخضراء ويرفع أسعارها، بالتالي مزيد من تدهور القدرة الشرائية لدى المواطنين.

تفاقم الأزمات

ولم تكد تخرج جموع الجماهير السياسية من الشوارع، بعد إصدار نتائج الانتخابات، حتى عادت التحركات الاحتجاجية والمطلبية إلى الشارع حيث شهدت بعض المناطق سلسلة احتجاجات وقطع طرقات تنديداً بارتفاع سعر صرف الدولار وفقدان الخبز من الأسواق. وشهدت الأفران في لبنان عودة طوابير الانتظار الطويلة لحصول المواطنين على خبزهم اليومي. كما سُجل تقنين كبير في عملية توزيع الخبز على الأسواق والمحال، أدى إلى انقطاعه في الساعات الأولى من النهار، ما أثار حالة هلع لدى المواطنين، وذلك على الرغم من أن مصرف لبنان قد فتح الأسبوع الماضي اعتمادات لـ 4 بواخر قمح مستوردة، تؤمن مخزوناً للبلاد يكفي حاجته لنحو شهر.

ووضع المحروقات ليس أفضل حالاً، إذ اصطف اللبنانيون منذ أيام في الطوابير مجدداً أمام محطات المحروقات، التي أقفل نحو 90 في المئة منها، إلا أن ممثل موزعي المحروقات، فادي أبو شقرا، نفى أن يكون لبنان قد دخل في أزمة محروقات جديدة كتلك التي عاشها على مدى العامين الماضيين، موضحاً "أن نهاية الأسبوع ترافقت مع موعد الانتخابات النيابية واستمر التعطيل الاثنين، ما أدى إلى زيادة الضغط على المحطات وارتفع استهلاك البنزين، فيما الشركات الموزعة لم تعوض هذا النقص الثلاثاء، ما أدى إلى نفاد مخزون المحطات."

ولم تقتصر الأزمة على مواد البنزين والمازوت فحسب، فشركات توزيع الغاز بدورها توقفت عن تسليمه أيضاً بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، واضطرارها إلى بيع قارورة الغاز وفق التسعيرة الرسمية التي تحددها وزارة الطاقة بالليرة اللبنانية، وهو ما يلحق بها خسائر فادحة.

ولتكتمل معاناة اللبنانيين، أبلغتهم مؤسسة كهرباء لبنان، بأنهم على موعد مع زيادة في ساعات التقنين الكهربائي، وذلك بعدما كانت قد رفعت قدرتها الإنتاجية لتغطية فترة الانتخابات النيابية، ما أدى إلى استهلاك مخزونها من المحروقات بوتيرة أسرع خلال تلك الفترة.

المزيد من العالم العربي