Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وثيقة كاثوليكية تحمل إسرائيل مسؤولية العنف في القدس

دعت حكومة تل أبيب إلى تحقيق السلام بمنح الفلسطينيين حقوقهم وحذرت من "مسيرة الأعلام" ومطالبات بإقالة وزير الأمن الداخلي

نعش صحفية الجزيرة المقتولة شيرين أبو عاقلة خارج المستشفى قبل نقله إلى الكنيسة ثم مثواها في القدس (أ ف ب)

عبرت لجنة "العدل والسلام" التابعة لمجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في القدس، عن قلقها من مستقبل الفلسطينيين، عموماً، والمسيحيين، خصوصاً في مدينة القدس. وحمّلت السلطات الإسرائيلية مسؤولية العنف المستشري المتصاعد بحق المقدسيين، داعية إياها والأسرة الدولية إلى نظرة حقيقية وشجاعة لما يحدث في الأرض المقدسة.

دعوة لجنة "العدل والسلام" جاءت في وثيقة خاصة أعدتها في ختام مؤتمر صحافي، عقدته للتعبير عن استيائها واحتجاجها على ما سمّته "همجية الهجوم على موكب تشييع الإعلامية شيرين أبو عاقلة"، معتبرة خطوة المؤسسة الإسرائيلية اختراقاً لجميع المعايير الدينية والأخلاقية والبشرية.

وافتتحت الوثيقة بالإشارة إلى مقتل الإعلامية شيرين أبو عاقلة في جنين، "اغتيالها كان بمثابة هزة للجميع. لقد اغتيلت شيرين ولن تكون الضحية الأخيرة للعنف السائد في الأرض المقدسة"، وأضافت "شيرين هي عضو في جماعتنا المسيحية، ولها شهرة واسعة في المنطقة. لقد توافد الألوف لتشييعها. وكان تدخل الشرطة الوحشي في جنازتها أمراً أذهل الجميع. منذ أكثر من شهرين، شهدنا عنفاً متزايداً في الأرض المقدسة ولو أن بعضه لم يصل إلى مقدمة الأخبار. وزاد العنف وصارت ’الدماء تلامس الدماء‘، كما يقول النبي، وسقط ضحيته يهود إسرائيليون وفلسطينيون عرب وغيرهم، كلهم ضحايا صراع ما زال يطحن ويفترس ضحاياه".

الموت هو المنتصر

حاولت لجنة "العدل والسلام" في الوثيقة تحليل واقع المسيحيين في الأراضي المقدسة وما يتعرّضون له من عنف، وتطرقت إلى الأعداد المتزايدة لضحاياه من طرفَي الخط الأخضر، وشددت على أنه "طالما استمر الصراع بين الإسرائيليين اليهود والفلسطينيين العرب، وطالما لا يوجد عدل ولا مساواة ولا سلام في الأرض المقدسة، ولا التزام مخلص لإنهاء الصراع، سيبقى الموت هو المنتصر".

وأضافت "طالما استمر نظام التفرقة والتمييز داخل دولة إسرائيل، لن تكون هناك نهاية لدائرة العنف. وطالما أن القادة السياسيين المحليين يقدمون مصالحهم الشخصية ويتجاهلون صرخات الأرامل والأيتام والأمهات والآباء الثكلى، فإن الذين يعيشون في هذه الأرض ’سيضعفون ويذبلون‘، كما يقول النبي. وطالما أن الأسرة الدولية تتنصل من مسؤوليتها تجاه الوضع في إسرائيل وفلسطين، ستستمر مجنزرات هذا الصراع في سحق الأحياء وإراقة الدماء إلى ما لا نهاية".

وتشكل الوثيقة مرجعاً لمختلف الأحداث التي شهدتها الأراضي الفلسطينية، والقدس تحديداً، وأسهمت في تصعيد العنف. وفي حين لم تتطرق جهات عدة في حديثها عن العنف المستشري، إلى السياسة الإسرائيلية التي تمثّل تربة خصبة لهذا العنف، بما في ذلك دعم المستوطنين ومنحهم شرعية الاعتداء والسيطرة على الفلسطينيين، اعتبرت وثيقة لجنة "العدل والسلام"، أن "المستوطنين الذين صادروا الأراضي الفلسطينية ويعيشون بشكل غير قانوني، سبب للعنف. ففي بعض أجزاء الضفة الغربية، يسيطرون على مناطق بأكملها، ويفرضون وضعاً من اللاقانون والإرهاب على العائلات والأحياء والقرى الفلسطينية، فيمنعونهم من السفر بحرية ومن العمل في أراضيهم ومن رعي قطعانهم، ومن أن يعيشوا حياتهم العادية. والجيش الإسرائيلي، بدلاً من ردعهم وتعريف أعمالهم على أنها جرائم، وفي بعض الحالات هي إرهاب صارخ، يساعدهم ويحميهم في اعتداءاتهم".

السلام حيث لا يوجد سلام

وفي سياق تحميل السلطات الإسرائيلية مسؤولية الوضع القائم، شدد معدو الوثيقة على أهمية تحقيق السلام حيث يجب أن يتحقق. وأوردت الوثيقة في هذا الجانب "إسرائيل تبحث عن السلام حيث لا يوجد السلام، بينما الأمر يتطلب البحث عنه مع شعوب المنطقة وفي قلوب الناس. والسلام الحقيقي يبدأ عندما يعلن الفلسطينيون أنهم حصلوا على حقوقهم. يبدأ عندما يقول الفلسطينيون إن حربهم مع إسرائيل انتهت. عندها فقط يبدأ زمن جديد في هذه المنطقة".

ما تناولته الوثيقة من جوانب العنف التي باتت نهجاً إسرائيلياً تجاه الفلسطينيين عموماً، والمقدسيين بشكل خاص، هي مواضيع مطروحة على أجندة مختلف الجهات الإسرائيلية، فيما تضعها المؤسستان الأمنية والعسكرية على رأس أولوياتهما.

وعلى مدار شهرين، تشهد تل أبيب انقساماً في الموقف من السياسة تجاه الفلسطينيين، فهناك من يرى أن العمليات الأخيرة التي نُفّذت منذ نهاية شهر مارس (آذار)، جاءت على خلفية أيديولوجية تقف خلفها الحركات الدينية والفلسطينية المتطرفة، وعليه فإن الرد الإسرائيلي عليها ليس عنفاً إنما رداً أمنياً ضرورياً، وهناك من اعتبر أن المستوطنين هم العلة الأساسية، وليست مصادفة ما شاهدناه بعد عملية "إلعاد"، إذ خرج اليهود المتدينون بحملة واسعة ضد المستوطنين وحمّلوهم المسؤولية. وعبر مختلف وسائل الإعلام العبرية، اعتبر كبار الحاخامات في إلعاد المستوطنين طرفاً يولد العنف ويدفع الفلسطينيين إلى تنفيذ العمليات.

مسيرة الأعلام

 في سياق الوثيقة، تطرق معدوها من لجنة "العدل والسلام" إلى تصرفات المستوطنين والتعامل معهم بيدٍ من حرير ومنحهم الضوء الأخضر بالتصرف كما يشاؤون. ولعل القرار الذي اتخذته المؤسسة الإسرائيلية، الأربعاء، بإبقاء "مسيرة الأعلام" في القدس على مسارها الذي يمر من أمام الحرم القدسي الشريف، هو قرار يؤكد ما تطرق إليه معدو الوثيقة في هذا الجانب.

حزب "ميرتس" اليساري في الائتلاف الحكومي، حذر من هذا القرار وإمكانية أن يؤدي إلى تصعيد آخر في التوتر الأمني بالقدس، الذي يجلب في نهاية الأمر العنف.

وقال وزير التعاون الإقليمي عيساوي فريج (ميرتس) إن "القرار بالسماح بعبور مسيرة الاستفزاز في الحي الإسلامي وفي باب العامود هو خطأ خطير ومقلق. هدف المسيرة في قلب شرق القدس ليس مصلحة القدس بل الرغبة بإشعالها".

واعتبرت النائبة غابي ليسكي من "ميرتس" أن "القرار يشبه إعطاء البنزين والوقود إلى عصبة من محبي إشعال النيران. القرار استفزازي يتجاهل فئة سكانية كاملة في شرق القدس". ودعت وزير الأمن الداخلي عومر بارليف إلى تغيير مسار "مسيرة الأعلام".

حركة "نقف معاً"، التي حذرت من تصاعد العنف في القدس، باشرت في جمع توقيعات على عريضة تدعو إلى إقالة بارليف، جاء فيها أنه "يستخدم الشرطة في خدمة الكهانيين، وكأنه ما كانت تكفي الصور القاسية للتفريق العنيف لجنازة الصحافية شيرين أبو عاقلة. الآن يبسط بارليف بساطاً أحمر أمام الكهانيين (المقصود عناصر كهانا اليميني المتطرف) لإحراق القدس مرة أخرى. هذا القرار البائس يجب أن يُلغى، والوزير البائس هذا يجب أن يُقال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته، قال رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة إن "مسيرة الأعلام في قلب القدس الشرقية هي مجرد ذريعة لليمين المتطرف لإشعال المنطقة وللعربدة في الشوارع ولهتاف ’الموت للعرب‘ برعاية الشرطة. لا يزال بإمكان بارليف منع المسيرة العنصرية. لم يفُت الأوان لتغيير القرار".

في مقابل هذه الأصوات، اعتبر البعض أن ما تنفذه إسرائيل من سياسة في القدس ما هو إلا حاجة ضرورية لضمان أمنها. ورأى رئيس منظمة متضرري الإرهاب، المقدم احتياط مئير إيندور أن العنف في القدس وليد الفلسطينيين، وعلى إسرائيل اتخاذ موقف فوري وحاسم لمنعه "حتى لا يدفع الإسرائيليون ثمناً باهظاً في انتفاضة ثالثة، لا أحد يعرف كيف ستكون وكيف ستتطور".

طالما استمر الصراع بين الإسرائيليين اليهود والفلسطينيين العرب، وطالما لا يوجد عدل ولا مساواة ولا سلام في الأرض المقدسة، ولا التزام مخلص لإنهاء الصراع، سيبقى الموت هو المنتصر.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط