Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الإخوان" فيلم مغربي "ساخر" يثير الأسئلة

يرى منتقدوه أنه "يستهلك ثيمة الإرهاب من دون إضافات إبداعية" وأصحاب العمل: ملتزم ويحترم البعد الديني

شكل الفيلم مادة دسمة لسجالات ونقاشات ساخنة بين المغاربة (مواقع التواصل)

منذ الأيام الأولى لعرضه في القاعات السينمائية بالمغرب، استطاع الفيلم الكوميدي الجديد "الإخوان" أن يشكل مادة دسمة لسجالات ونقاشات ساخنة بين من اعتبره مستفزاً ومسيئاً لفئة من الإسلاميين (الإخوان)، وآخرين وجدوه ينتقد ظاهرة عامة بطريقة تعتمد على "كوميديا الموقف".

يحكي الفيلم الكوميدي الجديد قصة شباب يعيشون في ظروف اجتماعية صعبة وقعوا فريسة شخص متدين غامض الطباع، استدرجهم إلى جماعة إرهابية وعمد إلى تدريبهم على حمل السلاح والاختطاف، وبعد أن تتطور الأحداث في قالب كوميدي يتبين زيف تدين أمير الجماعة وافتضاح خطابه المتشدد الإرهابي، قبل أن يقرر "الإخوان" تصحيح أخطائهم.

وفي حين يرى منتقدو الفيلم أنه يستهلك "ثيمة الإرهاب" من دون إضافات إبداعية وفنية، وأنه غرق في الهواية والأحكام الجاهزة على فئة من المتدينين، يؤكد أصحابه أنه "عمل ملتزم يناقش قضية الإرهاب واستدراج الشباب المغربي من قبل بعض المتطرفين، كما أنه يحترم البعد الديني عكس ما يروّج بعض أعداء الفن".

استهلاك ثيمة الإرهاب

الناقد السينمائي المغربي مصطفى الطالب حرص على مشاهدة فيلم "الإخوان" قبل التحدث إلى "اندبندنت عربية"، وقال إنه "ليس عملاً مميزاً، فهو من الناحية السينمائية متوسط الكتابة والحوار والأداء، باستثناء التصوير الذي كان جيداً في مجمله ما عدا المؤثرات الصوتية والمرئية في الهجوم على الخلية الإرهابية، إذ لم تكن موفقة".

ويستطرد، "الفيلم من ناحية موضوعه مستهلك وأخطأ موعده مع التاريخ، فهو يذكرنا بأفلام مصرية كوميدية مثل فيلمي عادل إمام (الإرهابي) و(طيور الظلام)"، موضحاً أن الفيلم يستوحي قصته من فيلمين، الأول "يا خيل الله" للمخرج المغربي نبيل عيوش الذي تطرق إلى أحداث الـ 16 من مايو (أيار) الإرهابية في الدار البيضاء، والفيلم الثاني "كباريه" المصري الذي جسد شخصية إرهابي أراد تفجير نفسه في ملهى ليلي، وعندما شرب الخمر تغير موقفه وحاول التخلص من المتفجرات، والمشهد نفسه يوجد في فيلم "الإخوان" باختلاف بسيط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول كتابة الفيلم يرى الطالب أنه "ضعيف الحبكة ومشتت ومحشو بمشاهد تفتقد خيطاً ناظماً، أما الحوار فكان في مجمله شعبوياً لجذب الشباب، وأحياناً ميلودرامياً، كما أن الأغاني المستعملة لإعطاء شيء من الصدقية لشخصياته بدت سيئة".

 وبالنسبة إلى أداء الممثلين أكد أنه أداء هواة لا محترفين مع وجود ممثلين معروفين في العمل، مشيراً إلى أنه "على الرغم من حضور مشاهد كوميدية موفقة إلا أن الطابع الغالب هو الهواية، بمعنى أن إدارة الممثل كانت غائبة".

كوميديا غير هادفة

بالانتقال إلى مضمون الفيلم الجديد يعتبر الطالب أنه "سطحي يفتقد العمق ويكرس نموذج الكوميديا غير الهادفة، كما أنه لم يقدم أية معالجة لموضوع التطرف المدان من طرف الجميع، واكتفى بالتهكم والسخرية من المتدينين عموماً وتشويه صورة الفقيه أو العالم. وزاد، "مثل باقي الأفلام السابقة، لا يقدم (الإخوان) نموذجاً للمتدين الإيجابي المندمج في مجتمعه والناجح في حياته العائلية والمهنية"، لافتاً إلى أن "معظم المغاربة يعيشون على هذا المنوال، فتدينهم فطري ومعتدل ومتوازن وينبذون التطرف".

وتساءل الطالب عن دوافع تغييب نموذج المتدينين الوسطيين المندمجين في المجتمع من الأعمال السينمائية بالمغرب، ليجيب بأن هذا المعطى يفسر لماذا تثير هذه الأفلام جدلاً وسخطاً في المجتمع، إذ يتم توظيف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بسخرية، كما تسيء هذه النوعية من الأفلام إلى المتدينين حتى ولو كانت هزلية أو كوميدية.

وذهب إلى أنه "طالما لا يتم تقديم النموذج الإيجابي فستظل هذه الأفلام محط سخط وسيُتهم مخرجوها بأنهم يركبون على الموجة العالمية من الحرب على الإرهاب، ويسيئون عن قصد للقيم الروحية والدينية، وبأنهم يستغلون موضوع الفقر والجنس والإرهاب كمسوغات لتمرير رسائلهم الأيديولوجية وتصفية حساباتهم مع التيارات الإسلامية، أو لتحقيق ربح مادي لا غير".

لا لسوط النقد والقمع

يركز الناقد السينمائي المغربي المقيم في هولندا فؤاد زويريق على مسألة الحرية في الإبداع الفني، مبدياً رفضه الوصاية على الأعمال الفنية. وقال زويريق لـ "اندبندنت عربية" إن "هناك ارتباطاً وثيقاً بين الحرية والإبداع، فالحرية هي البيئة الصحية الملائمة لولادة الإبداع الحقيقي وانتشاره ولا إبداع من دونها، والنقاش حول هذه الأبجديات لا نجده للأسف إلا في مجتمعاتنا العربية، حيث يتعرض الإبداع دائماً إلى سوط النقد والقمع كلما تعرض فنياً لموضوع ما أو فئة معينة من الناس".

وأضاف زويريق، "أعني هنا السينما والمسرح والدراما التلفزيونية، فكلما كان العمل الفني ساخراً كثرت الصرخات وعلت أصوات القمع والنقد"، مبرزاً أنه يؤيد حرية الإبداع الحقيقي القادر على تشكيل وعي المتلقي وتطوير فكره. ويسترسل، "الفن الساخر بكل أجناسه وفروعه ينتمي إلى الإبداع بالتأكيد، وبالتالي يحتاج إلى الحرية المطلقة كي يؤدي رسالته كما ينبغي، وإذا نزعنا منه هذا الحق أصبح بلا روح ولا قيمة"، لافتاً إلى أن "المبدع هو صوت المجتمع، وإذا قيدنا إبداعه وأخرسنا صوته وكبلناه بحواجز وخطوط حمراء فقد أخرسنا أصواتنا جميعاً".

السخرية ضرورة

على الطريق نفسه، يؤكد زويريق أن "الإبداع من دون حرية لا يساوي شيئاً، فمن الضروري وجود أعمال فنية تسخر من واقعنا ومحيطنا ومعيشتنا، بل منا نحن أنفسنا، لكن بأسلوب إبداعي حقيقي وعبقري وراق وجاد".

وحاول زويريق إمساك العصا من وسطها بالقول إن "الفرق يكمن بين العمل الإبداعي القادر على تحقيق إضافة نوعية مميزة تجعلنا نقوم ذواتنا ونعيد النظر في واقعنا، وبين عمل فاشل وتافه ورديء حتى لو كان ينتمي إلى جنس فني".

وعبر زويريق عن رفضه انتشار وتشجيع الاستثمار في هذا النوع من الأعمال التي تؤثر سلباً في ذائقة الجمهور، مشدداً على أنه لا يتحدث هنا عن الحرية بقدر ما يقصد القيمة الفنية والفكرية للعمل السينمائي والفني عموماً، وخلص إلى أن "الحرية الإبداعية من البديهيات ولا ينبغي أن نناقشها أصلاً، فالمجتمعات الغربية تجاوزت هذا الإشكال، لذا نجد مواطنيها أكثر إبداعاً وابتكاراً، ولا شيء يحد من خيالهم ولا إبداعاتهم، ويتنافسون جدياً في صناعة وإنتاج الإبداع بكل تلاوينه من دون خوف ولا رهبة من أحد، ولا حساسية من هذا الموضوع أو ذاك، لذا فهم في المقدمة دائماً" وفق تعبيره.     

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة