Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سجال شعبي حول الفكاهي المغربي الأشهر حسن الفد

 برنامجه الكوميدي حقق أعلى المشاهدات بفضل شخصية "كبور" البدوي

الفنان الكوميدي المغربي الشهير حسن الفد (صفحة الممثل على فيسبوك)

مع نهاية شهر رمضان يبدأ الجدل الدائر ككل سنة حول قيمة الأعمال الفنية التي عرضت على الشاشة الصغيرة. غير أن هذه السنة قد تميزت بتوجيه النقد إلى الفكاهي المغربي حسن الفد الذي يحظى بشهرة واسعة، والذي كان يُنظر إليه باستمرار كنموذج للفنان المثقف والموهوب والأقدر على إضحاك الجمهور من دون الوقوع في الابتذال.

في السنوات الأخيرة تحول الممثل المغربي المقيم في كندا حسن الفد إلى الكوميدي الأكثر شهرة وحضوراً في المغرب، واشتهرت معه شخصية "كبّور" التي جسدها في السلاسل الفكاهية في التلفزيون. وصارت هذه الشخصية حاضرة على نحو كبير في الحياة العامة لدى المغاربة على اختلاف أجيالهم، إلى درجة أن رواد مواقع التواصل أصبحوا ينشرون نكاتهم وطرائفهم منسوبة إلى "كبّور"، وأسهموا بالتالي في امتداد هذه الشخصية الطريفة والمليئة بالمتناقضات، التي تعبر عن شريحة واسعة من الناس.

منذ عشر سنوات ارتبط الحضور الفني لحسن الفد لدى المغاربة بشهر رمضان، وإن كان ظهوره في السلاسل الكوميدية على الشاشة الصغيرة يعود إلى نهاية التسعينيات. لكن في العقد الأخير شكل الفكاهي المغربي برفقة الممثلة دنيا بوطازوت ثنائياً فريداً، حظي بشعبية واسعة. "كبّور" و"الشعيبية"، زوج وزوجة من البادية يعيشان حياة بسيطة مليئة بالطرائف، ومليئة أيضاً بالمقالب والمكائد والدسائس وإن كانت مغلفة بالحب. يقضيان النهار والليل في المناوشات والعناد والخصام، لكنهما لا يستطيعان أن يفترقا أو يتخلى أحدهما عن الآخر. تابع المشاهدون المغاربة، ومعهم بلدان الجوار، شخصية "كبور" على مدار سنوات في ستة أجزاء، وقد عوضت الممثلة مونية لمكيمل زميلتها دنيا بوطازوت في الأجزاء الأخيرة.

يتفادى حسن الفد في أعماله الفكاهية ادعاء البطولة أو اعتماد الخطاب السياسي وتوجيه الرسائل المباشرة، ويركز على الخفة والمرح من أجل انتزاع ابتسامة المشاهد المغربي دون إرهاقه. ويعتمد على خلية كتابة يبدو من السيناريوهات المقترحة لأعماله الفكاهية الرمضانية أنها تصغي إلى نبض الشارع، وتدنو من حياة المواطن المغربي البسيط.

 الكوميديا المغربية

مع بداية عهد التلفزيون في المغرب انتقل فن الفكاهة من الحلقات الشعبية في الأسواق والساحات إلى الشاشة الصغيرة، وكان الممثل عبد الرحيم التونسي الشهير باسم عبد الرؤوف هو الوجه الأبرز لسنوات طويلة. ثم تعاقبت أجيال الفكاهيين، وحظيت بعض الوجوه بحضور واسع بين المشاهدين المغاربة مثل محمد الخياري، سعيد الناصري، عبد الخالق فهيد، جواد السايح وغيرهم. لكن معظم الأسماء كانت تقع في النمطية، وتعتمد طرقاً كانت تبدو للمشاهد المغربي متجاوزة، خصوصاً المشاهد الذي يحمل ثقافة الفرجة.

وغالباً ما تقابل أعمال الفكاهيين التي تقدمها التلفزة المغربية خلال شهر رمضان بكثير من الانتقادات، في الصحافة المحلية أو على مواقع التواصل، إذ ليس من السهل على الإطلاق أن تُضحك شعباً يعيش على الاستعارات. و هذا ما لا يريد أن يفهمه عديد ممن اقتحموا ميدان الفكاهة. فالمغرب، كمعظم الشعوب العربية، شعب استعارات بالأساس، ولغته اليومية لغة مفخخة، حافلة بالتورية والمجاز والانزياح ومختلف أشكال البلاغة قديمها وحديثها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لهذا السبب على الكوميدي المتميز أن يشتغل بشكل ذكي على اللغة اليومية لهذا الشعب، إذ سيبدو مثيراً للشفقة كل من "يعوّج" ملامحه كي ينتزع الضحكة من مواطن مغربي، أو يلعب بمخارج الحروف ويحرّف بعض الكلمات، أو يتكئ على اللكنة البدوية أو الأمازيغية بشكل تعسفي.

لذلك ظهر حسن الفد مستفيداً من أخطاء الذين سبقوه، ومستنداً إلى مرجعيته المعرفية بالفن والثقافة، متأثراً براهن الفكاهة الفرنسية. خرج من السينما هو الذي أدى فيها أدواراً مختلفة في أفلام معروفة، ودخل عالم السيتكومات والسلاسل الفكاهية ليقدم أدواراً عديدة، ويجسد شخصيات لا تتشابه. غير أنه ارتاح على ما يبدو لشخصية "كبّور" البدوي الظريف، خصوصاً بعد أن استطاعت هذه الشخصية أن تحقق له نسب مشاهدة عالية، وعرفت انتشاراً كبيراً في الحياة العامة في المغرب. لذلك ظل في السنوات الأخيرة يعيد تجسيد هذه الشخصية بتنويعات يسيرة، حيث قدم كبّور في ستة أجزاء، معللاً ذلك بالإقبال الجماهيري، وهذا ما جعل الانتقادت تنهال عليه عبر مواقع التواصل من لدن محبيه الذين رأوا أنه لم يستطع أن يخرج من جلباب شخصية كبّور، وعابوا عليه أنه صار ينقلهم من المتعة إلى الملل. لكن يبدو أن الكوميدي المغربي انقاد نحو تيار تجاري ربما لم يكن يأبه له في البداية. وهذا ما يجعل حسن الفد الفنان الموهوب والناجح والذكي مهدداً هو الآخر بالوقوع في النمطية التي كان أكبر المعادين لها.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة