Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشروع الغاز "المغرب - نيجيريا" هل يرى النور بدعم روسي؟

آثار إيجابية متوقعة على الاقتصاد المغربي والتعاون مع دول الجنوب الأفريقي

أبدت منظمات وبلدان اهتمامها بتمويل مشروع إنشاء أنبوب غاز يربط بين المغرب ونيجيريا (أ ف ب)

تستبشر الأوساط الاقتصادية، بخاصة المهتمة بشؤون الطاقة في كل من المغرب ونيجيريا وفي الداخل الأفريقي وباقي العالم، خيراً بمشروع إنشاء أنبوب غاز يعتبر، وفق المتابعين، "أطول أنبوب غاز أوف شور في العالم" يربط بين البلدين، ويمر عبر 11 بلداً في غرب القارة السمراء.

مشروع أنبوب الغاز المذكور في الوقت الراهن هو قيد الدراسات التقنية والاقتصادية والبحث عن ممولين، لإيصاله من نيجيريا إلى المغرب، وربطه بعد ذلك بالسوق الأوروبية، في الوقت الذي أبدت منظمات وبلدان اهتمامها بتمويل المشروع، في مقدمتها روسيا على الرغم من انشغالها في الحرب على أوكرانيا.

هيئات ودول مهتمة بتمويل المشروع

في هذا الصدد كشف تولو أوغونليزي، مستشار الرئيس النيجيري محمد بخاري، في تصريحات نقلها الإعلام المحلي أخيراً، عن بعض هذه الهيئات والدول المهتمة بتمويل مشروع أنبوب الغاز، ذكر من بينها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وروسيا أيضاً.

وقال المسؤول النيجيري، "الروس راغبون في الاستثمار في هذا المشروع، وهناك العديد من المنظمات الأخرى التي ترغب أيضاً في الاستثمار، لأنه سينقل غازنا عبر العديد من البلدان الأفريقية، وسيكون بإمكاننا ولوج السوق الأوروبية".

ووقع المغرب قبل أيام قليلة مع صندوق (أوبك) للتنمية الدولية على الوثائق القانونية المتعلقة بتمويل جزء من الشطر الثاني من الدراسات القبلية المفصلة لمشروع خط أنبوب الغاز المذكور، تتعلق بتمويل قيمته 14.3 مليون دولار، يمنحه صندوق (أوبك) للتنمية الدولية للمكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن المغربي.

وتهم الدراسة التي أسهم في تمويلها أيضاً البنك الإسلامي للتنمية، وصياغة الوثائق من أجل تنفيذ مشروع خط "أنابيب الغاز نيجيريا - المغرب" واستكمال التحاليل التقنية والمالية والقانونية ذات الصلة.

25 مليار دولار و40 مليار متر مكعب

يمتد أنبوب الغاز المرتقب على طول 5 آلاف و660 كيلو متراً، بتكلفة مالية تتخطى 25 مليار دولار أميركي، حيث سيتيح نقل 40 مليار متر مكعب كسقف أقصى من الغاز النيجيري كل سنة إلى المغرب، مارّاً عبر الدول الأفريقية التالية: بينين وتوغو وغانا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا.

وكان الملك محمد السادس والرئيس محمد بخاري، قد وقّعا على اتفاق مبدئي بين البلدين بخصوص مشروع أنبوب الغاز، وذلك خلال زيارة للعاهل المغربي إلى نيجيريا في ديسمبر (كانون الأول) عام 2016، قبل أن يتم تنظيم حفل للتوقيع الرسمي على الاتفاقية بين حكومتي البلدين في يونيو (حزيران) 2018 في العاصمة المغربية الرباط.

مراحل ودراسات

للحديث عن السياق والإطار العام لهذا المشروع الضخم، يقول فريد شوقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاضي عياض بمدينة مراكش (جنوب)، في حديث مع "اندبندنت عربية"، إن الملامح الأولى الرئيسة لإنجاز أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، مروراً بعدة دول أفريقية، بدأت تظهر بشكل تدريجي عبر مراحل أساسية.

المرحلة الأولى، وفق شوقي، تتمثل في "دراسة الجدوى التقنية والاقتصادية لهذا المشروع الطموح"، والذي صدر عنه إعلان مشترك بين المغرب ونيجيريا يؤكد استعداد الطرفين لمواصلة تشييد وتسويق هذا الأنبوب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما المرحلة الثانية، يستطرد الخبير الاقتصادي ذاته، "فتروم إعداد الدراسات والوثائق اللازمة لإنجاز أنبوب الغاز، من طرف متخصصين وخبراء في المجال، باعتباره مشروعاً اقتصادياً وطاقياً ضخماً يتضمن عدداً من التعقيدات ويواجه كثيراً من التحديات".

ولفت شوقي إلى أن "هذه الدراسات تهم الآثار الاجتماعية والبيئية، فضلاً عن الدراسات الاستقصائية بحرياً وبراً للمسار الذي سيسلكه أنبوب الغاز الضخم، المار من بلدان أفريقية عديدة".

ووفقاً للأستاذ الجامعي، فإن "مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا يعد استراتيجياً بكل ما في الكلمة من معنى، بالنظر إلى أنه يمثل مادة حيوية في تمويل الاقتصادات، ولأن له بُعد استشرافي واستراتيجي في خضم مشاكل الطاقة بالعالم، كما أن من شأنه تحفيز التنمية الاقتصادية، ليس فقط للمغرب، بل لمنطقة شمال وغرب أفريقيا أيضاً".

تداعيات المشروع على الاقتصاد المغربي

حدد فريد شوقي ثلاثة مستويات رئيسة لتداعيات وآثار مشروع أنبوب الغاز المرتقب، "المستوى الأول آثاره مباشرة وجلية على الاقتصاد المغربي، لأنه من المفترض أن يلبي حاجات الاقتصاد الوطني من المواد الطاقية".

ولفت إلى أن الاستهلاك المغربي من الغاز الطبيعي هو في حدود مليار متر مكعب، 10 في المئة منه تنتج وطنياً، لكن 90 في المئة من هذه المادة تستورد من الخارج، مشيراً إلى أن الاستهلاك الوطني من الغاز الطبيعي سيعرف تطوراً من مليار و100 مليون متر مكعب عام 2025 إلى مليار و700 مليون متر مكعب عام 2030، مع هدف الوصول إلى 3 مليارات متر مكعب برسم عام 2040.

واسترسل الخبير ذاته إلى "أن المشروع المذكور يتسم بنظرة استراتيجية واعدة لتلبية الطلب المتزايد للمغرب من مصادر الطاقة، كما أنه سيلبي حاجات استهلاك مجموعة من القطاعات التي يراهن المغرب عليها في تطوير اقتصاده مستقبلاً".

وضرب شوقي أمثلة من هذه القطاعات الصناعية بامتياز، من قبيل صناعة السيارات، والصناعات الإنتاجية والتحويلية، وصناعة أسمدة الفوسفات، وصناعة مواد البناء، والصناعات الكيماوية وشبه الكيماوية، والصناعات الدوائية، مثل المشروع الكبير الخاص بتصنيع اللقاحات ضد الأوبئة بالمغرب.

تعاون "جنوب - جنوب"

وتطرق شوقي إلى المستوى الثاني من آثار المشروع المعني، متمثلاً في العمق الأفريقي للمغرب، إذ "إن أنبوب الغاز سيشكل رافعة مهمة من أجل تحقيق الاندماج الاقتصادي بين الدول التي يمر منها الأنبوب، كما سيشكل نموذجاً رائعاً لتعاون دول (جنوب - جنوب)".

وبخصوص المستوى الثالث، يسترسل شوقي، قائلاً إنه "يتجسد أساساً في البعد الجيو استراتيجي للمشروع، بما أنه سيربط أفريقيا وأوروبا، مروراً بالمغرب، وسيخفف من التبعية للدول التي لديها الريادة في مجال الطاقة، مثل روسيا".

وسجل الخبير الاقتصادي في هذا الصدد كيف أن الحرب الروسية - الأوكرانية "أظهرت بشكل واضح مدى أهمية الاستقلالية في مجال الطاقة، فضلاً عن آثار هذه الحرب سلباً على إمدادات أوروبا من الغاز الطبيعي"، متوقعاً أن يحقق المغرب استقلالية كبيرة في هذه المادة الحيوية، فضلاً عن العدد الكبير من مناصب الشغل التي سيخلقها المشروع.

ولفت إلى أنه نظراً لوزن وطبيعة مشروع أنبوب الغاز على العلاقات الجيوسياسية، فإن عدداً من الدول والمنظمات أبدت رغبتها في المشاركة فيه، وعلى رأسها "أوبك" وروسيا، وحتى مستثمرون ذاتيون"، مبيناً أن الصلاحية تبقى على الرغم من ذلك للقائمين على المشروع لتحديد الأطراف التي بإمكانها تمويله بالفعل.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير