Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزير خارجية فرنسا ونجله مطلوبان في مالي بتهم الفساد

يرى مراقبون أن الخطوة ما هي إلا محاولة لتأكيد رفض نفوذ باريس في باماكو

لودريان إلى جانب الرئيس المالي السابق إبراهيم بو بكر كيتا، خلال اجتماع في باماكو، في 22 يونيو 2015 (أ ف ب)

تتجه العلاقات بين فرنسا ومالي إلى نقطة الـ"لا رجوع"، بعد أن أقدمت باماكو على إصدار مذكرة استدعاء بحق وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ونجله توماس، ليمثلا أمام العدالة في قضية "اعتداء على الممتلكات العامة".

مذكرة قضائية وتناقض الروايات

وجاء في المذكرة القضائية، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، أن "قاضي التحقيق في المكتب الثاني من محكمة الدرجة العليا في الدائرة الثالثة في العاصمة المالية باماكو، يدعو جان إيف لودريان، وزير خارجية فرنسا، ونجله توماس، للحضور أمامه في 20 يونيو/ حزيران المقبل، في إطار قضية الاعتداء على الممتلكات العامة ومخالفات أخرى ضد دولة مالي".
وتأتي الخطوة استجابة للدعوى التي رُفعت أمام المحكمة في فبراير (شباط) الماضي، من جانب منظمة غير حكومية تتهم لودريان بمخالفات تتعلق بمنح عقد لطباعة جوازات السفر البيومترية الخاصة بمالي من دون الإعلان عن مناقصة عامة.
وبعكس الرواية الفرنسية، أشار مصدر قضائي مالي بحسب ما أوضحت صحف محلية، إلى أن التحقيق جاء عقب شكوى من منصة تجمع عدداً من جمعيات المجتمع المدني في مالي تُسمّى "ماليكو- قضية مالي". وأضاف أن الأمر يخص منح عقد يمتد لمدة 10 سنوات، يهتم بتصنيع جوازات السفر المالية للشركة الفرنسية "أوبيرثور تيكنولوجيز" على علاقة بنجل الوزير لودريان، توماس، مبرزاً أن القضية تعود إلى عام 2015.
في الشأن ذاته، ذكر مصدر دبلوماسي فرنسي أنه "حتى الآن، لم تصل أي شكوى إلى السفارة الفرنسية في باماكو".

توتر متصاعد غير معهود

ويشهد خط "باماكو- باريس" توتراً متصاعداً غير معهود، ظهر فجأة منذ الحراك الشعبي الذي سبق انقلاب عام 2020، ثم جاء ما يُعرف بـ"انقلاب الانقلاب" عام 2021 ليزيد العلاقات الثنائية تأزماً، إذ طلب المجلس العسكري من القوات الفرنسية الانسحاب من البلاد بعد اتهامات بـ"دعم الإرهابيين" تارة، والتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد تارة أخرى، واستغلال ثروات الماليين وتهريبها تارة ثالثة، لتتواصل الضربات تحت الحزام، بطرد السفير الفرنسي من باماكو وإلغاء الاتفاقيات الدفاعية أخيراً.
ولم يهدأ الوضع بين البلدين، إذ اتهم المجلس العسكري الحاكم في باماكو الجيش الفرنسي بـ"التجسس والتخريب"، بعدما نشرت هيئة الأركان الفرنسية تسجيل فيديو التقطته طائرة مسيّرة بالقرب من قاعدة في وسط مالي أعادتها فرنسا أخيراً إلى الماليين. وقال إن السلطات "لاحظت منذ بداية العام أكثر من 50 انتهاكاً متعمداً للمجال الجوي المالي من قبل طائرات أجنبية، خصوصاً طائرات تابعة للقوات الفرنسية"، موضحاً أنه "إضافة إلى التجسس، قامت القوات الفرنسية بأعمال تخريب بنشرها صوراً كاذبة ملفقة لاتهام جنود ماليين بارتكاب جرائم قتل مدنيين، لتشويه صورتهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


استفزازات

كما "استفزت" فرنسا السلطات المالية، حين قال لودريان إن المجلس العسكري الحاكم في مالي ليس لديه "شركاء سوى مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية، بعدما أصبح في عزلة"، مؤكداً أن "محاربة المتشددين ستستمر في منطقة الساحل مع دول أخرى في المنطقة". وشدد وزير الخارجية الفرنسي على "عدم شرعية المجلس العسكري"، ليصعّد رئيس وزراء الانتقالي كوكالا مايغا من لهجته ضد باريس، متهماً إياها بالسعي إلى تقسيم الشعب المالي واستغلال المنظمات الإقليمية الفرعية والحفاظ على سلوكها الاستعماري.

اتجاه نحو الانعتاق

في السياق، بيّنت الباحثة في الشؤون الأمنية والاستراتيجية شروق مستور أن "المتابع للعلاقات الفرنسية مع مالي خلال الفترة الأخيرة يدرك جيداً أن باماكو تتجه بخطوات ثابتة نحو الانعتاق من العباءة الفرنسية عن طريق سياسات وخطوات تدين فيها كل ما صدر عن باريس من اعتداءات وانتهاكات طوال فترة وجودها في مالي أي منذ عام 2013"، معتقدة أن "خطوة استدعاء لودريان ونجله إلى المحكمة ما هي إلا محاولة لتأكيد رفض السلطات المالية للوجود الفرنسي السابق ومخلفاته. كما يمكن اعتبارها سياسة موجهة إلى الداخل المالي لتعزيز ثقة المواطنين، لأن فئة كبيرة من الشعب رفضت الوجود الفرنسي عن طريق تظاهرات شعبية سابقاً".
وواصلت مستور أن "الخطوات التي اتخذتها مالي تكشف عن دعم أطراف خارجية، على الأغلب روسيا التي ترفض الوجود الفرنسي، لسلطات باماكو، من حيث الإمكانات والضمانات لحمايتها من رد الفعل الفرنسي غير المتوقع"، مستبعدة استجابة لودريان للاستدعاء، وقالت إن "هدف السلطة في مالي لا يتعلق باستجابة وزير الخارجية ومثوله أمام المحكمة، بل هي سياسات موجهة لاستفزاز باريس وإثبات موقفها الرافض للوجود الفرنسي وتعزيز شرعيتها لدى الشعب المالي".

المزيد من متابعات