ارتبط منصب مدير مكتب الرئاسة في اليمن بتوجيه السياسة العامة التي تنتهجها الرئاسة، بخاصة أنه التصق في وجدان الناس بقدرة النافذين فيه على التحكمه بشؤون الدولة العامة وصناعة القرار، وعلاقة الرئيس بالناس وقربه منهم كون سياسات المكتب المختلفة تصدر نتيجة التصاق رئيسه المباشر بالرئيس على نحو شخصي.
واعتبر هذا المنصب بمثابة مؤشر التحكم في التعاطي العام بين الرئيس ومرؤوسيه سلباً أو إيجاباً، إذ شغل صاحبه في اليمن دور "الحاجب" الذي يمنع ويتيح لمن يشاء الاقتراب من إدارة شؤون الحكم، ويضع الرئيس في صورة القضايا.
إحياء المنصب
وبتشكل المجلس الرئاسي في الـ7 من شهر أبريل (نيسان) الماضي، برئاسة رشاد العليمي وعضوية 7 أعضاء، ترقب الشارع اليمني التغييرات التي ستطال مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة، عقب أعوام من حالة الموت وتهم الفساد وما سببته من وضع إنساني صعب، وانهيار اقتصادي يضاف إلى مشكلة الحرب، ومن ضمنها منصب مدير مكتب الرئاسة الذي أُنيط يوم أمس بالسياسي والأكاديمي يحيى محمد الشعيبي الذي كان يشغل منصب سفير اليمن لدى جمهورية ألمانيا منذ عام 2016، قبل أن يعود منذ يومين إلى العاصمة المؤقتة عدن.
القرار المؤجل
وظهر يحيى الشعيبي خلال لقاء الرئيس اليمني رشاد العليمي مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة هانس غروندبرغ، في مدينة عدن صباح الثلاثاء، كأول ظهور إعلامي له في هذا المنصب الذي لم يصدر به مرسوم رئاسي حتى اللحظة، خلفاً لعبدالله العليمي كون الأخير أصبح عضواً في مجلس القيادة الرئاسي بعد أن شغل هذا المنصب منذ عام 2016، وأثير حوله كثير من الجدل نظراً إلى خلفيته السياسية باعتباره قيادياً في حزب الإصلاح.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلا أن وكالة الأنباء الرسمية "سبأ"، ذيلت خبر التقاء رئيس مجلس القيادة الرئاسي بالمبعوث الأممي بحضور "الدكتور يحيى الشعيبي، مدير مكتب الرئاسة"، ما يعني تولّيه المنصب من دون صدور قرار رسمي بعد، وهو ما يرجح تأجيل القرار حتى تصدر بمعيّته قرارات أخرى مماثلة، كما جرت العادة، ستشمل، وفقاً لمصدر حكومي، تغييرات واسعة في تركيبة وهياكل الدولة المدنية والعسكرية ستطال رئاسة الحكومة التي رُشح لها عدد من الأسماء من بينها، محافظ عدن السابق عبد العزيز المفلحي، ورئيس الوزراء الأسبق خالد بحاح الذي شغل المنصب ذاته خلال تشكيل حكومة الكفاءات عام 2014، وقدم استقالته متزامنة مع استقالة الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بُعيد أيام من الانقلاب الحوثي على الدولة نهاية العام ذاته، إضافة إلى عدد من الحقائب الوزارية أهمها الدفاع والداخلية.
محل إجماع
يحظى يحيى الشعيبي بسيرة حافلة في العمل السياسي والأكاديمي، ويُعدّ من الشخصيات التي تركت أثراً في القطاعات الحكومية التي تولّى مناصب عليا فيها، منها وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومحافظ مدينة عدن التي حقق فيها نجاحات كبيرة، وهو الأمر الذي دفعه ليغدو محل توافق أعضاء المجلس الرئاسي لتسليمه أهم مؤسسة لإدارة شؤون البلاد بعدما كان هذا المنصب، وفقاً لتصريحات سياسيين، سبباً في كثير من التباينات الحاصلة في صف الشرعية اليمنية خلال الفترة الماضية.
سيرة واستقالة
والشعيبي من مواليد عام 1952 في محافظة لحج، جنوب اليمن، حاصل على الدكتوراه من الولايات المتحدة الأميركية، وتم تعيينه أستاذاً في جامعة صنعاء، قبل توليه منصب وكيل شؤون الطلاب فيها.
وعام 1997، عُيّن وزيراً للتربية والتعليم، وعام 2001 تسلّم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
وعام 2003، سُمّي محافظاً لمحافظة عدن وفي 2007 عُيّن وزيراً للدولة وأميناً للعاصمة صنعاء.
كما تسلّم وزارة التعليم العالي عام 2011 في حكومة الوفاق الوطني إلا أنه قدم استقالته منها في 4 يوليو (تموز) 2012، ويُعتبر أول وزير يقدم استقالته من حكومة الوفاق الوطني، احتجاجاً على حالة الانقسام السياسي التي شهدتها البلاد حينها.
ومع سيطرة الميليشيات الحوثية على السلطة في صنعاء، غادر الشعيبي البلاد. وعام 2016، تم تعيينه سفيراً فوق العادة لليمن لدى جمهورية ألمانيا الاتحادية، قبل أن تقوده التطورات الأخيرة إلى قصر المعاشيق الرئاسي في العاصمة المؤقتة عدن.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، الدكتور رشاد العليمي تعهد في 19 أبريل الماضي، بإنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة ومعالجة الوضعين الاقتصادي والمعيشي، وإعادة بناء المؤسسات واستقرارها في العاصمة المؤقتة عدن وعلى امتداد التراب الوطني كله.
وأكد العليمي في الكلمة التي ألقاها عقب أدائه وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، اليمين الدستورية في العاصمة اليمنية المؤقتة، أن المجلس الرئاسي سيلتزم أمام الشعب اليمني كله، شمالاً وجنوباً، السير على قاعدة الشراكة والتوافق الوطني لمواجهة كل التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي السابع من أبريل الماضي، تشكّل مجلس القيادة الرئاسي بقرار من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، ويضم في تشكيلته ثمانية أعضاء، بينهم رئيس المجلس رشاد العليمي، وعضوية قيادات المكونات السياسية والعسكرية الفاعلة في المشهد اليمني خلال الأعوام الماضية.
وجاء الإعلان عن تشكيل المجلس في ختام مشاورات للقوى اليمنية في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي في غياب الحوثيين الذين رفضوا الحضور.