Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مع تصاعد التضخم... هل سيرفع المركزي المصري أسعار الفائدة؟

مؤشر أسعار المستهلكين تجاوز مستهدفات الحكومة وسجل أعلى مستوى منذ مايو 2019

رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة في 21 مارس الماضي (رويترز)

توقع استطلاع حديث أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي، حينما تجتمع لجنة السياسات النقدية خلال الأسبوع المقبل، وخصوصاً مع تفاقم التضخم وارتفاع أسعار الفائدة عالمياً، مما يضغط على تدفقات المحافظ.

ووفق الاستطلاع، توقع ستة من أصل سبعة محللين اقتصاديين شملهم، أن يرفع المركزي أسعار الفائدة في 19 مايو (أيار) الحالي، فيما توقع خمسة منهم زيادة مقدارها 200 نقطة أساس، بما يوازي 2 في المئة.

وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الثلاثاء 10 مايو، عن ارتفاع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى أعلى مستوى له منذ نحو ثلاث سنوات في أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن تسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وخفض قيمة الجنيه في مارس (آذار) الماضي، إلى تسارع ارتفاع أسعار المستهلكين. وقفز معدل التضخم السنوي إلى 13.1 في المئة خلال أبريل الماضي، مسجلاً أعلى مستوى له منذ مايو 2019، من 10.5 في المئة في مارس.

وكان البنك المركزي المصري قد رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس وسمح للجنيه بالانخفاض أمام الدولار في اجتماع مفاجئ يوم 21 مارس الماضي، لكبح جماح التضخم ودعم النشاط الاقتصادي. ويبلغ سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة حالياً 9.25 في المئة و10.25 في المئة على الترتيب، في حين يبلغ سعر العملية الرئيسة وسعر الخصم والائتمان، 9.75 في المئة لكل منها.

توقعات برفع أسعار الفائدة بنسبة كبيرة

وفق مذكرة بحثية حديثة، يتوقع بنك الاستثمار "الأهلي فاروس"، أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس. وقالت المحللة الاقتصادية، إسراء أحمد، إن "معدلات التضخم تضع ضغوطاً مستمرة على أسعار الفائدة الحقيقية، مما يبقيها في المنطقة السلبية... ولتسارع الأوضاع النقدية المتشددة على مستوى العالم والآثار المستمرة للحرب الروسية على أوكرانيا تأثير سلبي على الأسواق الناشئة وتدفع تدفقات رأس المال إلى الخارج".

ومن المرجح أن يكون هذا الإجراء الأكثر تشدداً من جانب البنك المركزي المصري منذ منتصف عام 2017، عندما رفع أسعار الفائدة مرات عدة للحد من التضخم بعد تعويم الجنيه المصري مقابل الدولار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.

في السياق ذاته، كان بنك الاستثمار "رينيسانس كابيتال"، يتوقع ارتفاعاً جديداً للفائدة بواقع 100 نقطة أساس، لكن بعد بيانات التضخم الجديدة أضاف "مخاطر صعودية كبيرة" لتلك التوقعات، بحسبما قالت إيفون مانجو رئيسة قسم الأبحاث في أفريقيا في البنك.

وقالت سارة سعادة محللة أولى الاقتصاد الكلي لدى "سي آي كابيتال"، إن "معدل التضخم جاء أعلى من توقعاتنا ويخرج التضخم أكثر عن مستهدف البنك المركزي المصري، الأمر الذي يدعو إلى اتخاذ إجراءات أقوى للسياسة النقدية". وتوقعت أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 150 إلى 200 نقطة أساس على الأقل.

وأشارت أرقام "كابيتال"، في مذكرة بحثية حديثة، إلى أن رفع أسعار الفائدة هو الحل المباشر الوحيد قصير المدى في الوقت الحالي للحفاظ على صدقية السياسة وإدارة التضخم، فضلاً عن توقعات الجنيه مقابل الدولار. وأوضحت أنه "من المهم أن يتحرك البنك المركزي في أقرب وقت ممكن، خصوصاً مع استمرار ارتفاع الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية"، وتوقعت رفع أسعار الفائدة بواقع 150 إلى 200 نقطة أساس. وتراجع الجنيه بنسبة 18 في المئة أمام الدولار منذ تخفيضه في مارس.

البنوك العالمية تواصل تشديد السياسة النقدية

في الوقت نفسه، تشدد البنوك المركزية السياسة النقدية في جميع أنحاء العالم، إذ رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الارتفاع الأكبر منذ أكثر من عقدين، خلال اجتماعه الأسبوع الماضي، في خطوة تزيد من الضغط على أصول الأسواق الناشئة وتدفع إلى مزيد من تشديد السياسة النقدية. ومع بلوغ التضخم في الولايات المتحدة ذروته عند أعلى مستوى له منذ أربعة عقود، فمن المتوقع إجراء زيادات أخرى. وحذت دول عدة حذوه، أو من المتوقع أن تفعل ذلك، سعياً لكبح التضخم والحفاظ على الأساسيات في مواجهة ارتفاع الدولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأدى رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مع الابتعاد عن المخاطر العالمية، إلى إضعاف شهية المستثمرين للسندات المصرية، التي كانت تقدم حتى وقت قريب أحد أعلى أسعار الفائدة المعدلة بحسب التضخم في العالم. وتسبب ارتفاع التضخم محلياً في تحويل سعر الفائدة الحقيقي في البلاد إلى سلبي في الوقت نفسه الذي وصلت فيه عائدات الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات ونصف. وأثارت حالة عدم اليقين الاقتصادي عمليات بيع في أصول الأسواق الناشئة.

وفي تقرير حديث، رجح بنك "بي أن بي باريبا"، قيام البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس الأسبوع المقبل. وذكر أن صانعي السياسة سيحتاجون إلى رفع أسعار الفائدة بمقدار 300 إلى 400 نقطة أساس أخرى قبل أن يعود المستثمرون الأجانب إلى الديون المقومة بالجنيه.

كان المحللون في المجموعة المالية "هيرميس"، قد أكدوا أن "أسعار الفائدة الحقيقية لن تكون مهمة كثيراً في هذه المرحلة... البيئة العالمية، سواء كانت الحرب في أوكرانيا أو اتجاه الاحتياطي الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية، من المرجح أن تقوض آفاق أي انتعاش ملحوظ في تدفقات تجارة الفائدة على أي حال".

كيف يتحرك التضخم حتى نهاية 2022؟

في ما يتعلق بمعدلات التضخم، كشفت بيانات جهاز الإحصاء، عن استمرار ارتفاعها خلال أبريل الماضي لتسجل مستوى 13.1 في المئة. وأشار الجهاز إلى أن المواد الغذائية تقود التضخم للارتفاع مجدداً، إذ قفزت أسعار المواد الغذائية، التي تشكل الوزن الأكبر في سلة السلع المستخدمة لقياس تضخم الأسعار، بنسبة 26 في المئة على أساس سنوي في أبريل، من 19.8 في المئة في مارس، بعد أن تسبب نقص الإمدادات، وتقلب الأسواق العالمية، وارتفاع تكاليف الإنتاج إلى زيادات كبيرة في أسعار الفواكه والخضر والمأكولات البحرية واللحوم. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 7.6 في المئة على أساس شهري، لتدفع معدل التضخم الشهري إلى الارتفاع إلى مستوى 3.3 في المئة، مسجلاً أعلى مستوى له منذ يونيو (حزيران) 2018.

وكشفت شركة "نعيم" للوساطة المالية، في مذكرة بحثية حديثة، أن "الرقم تجاوز توقعات المحللين"، وأن "معدل التضخم أعلى بكثير من تقديراتنا البالغة 11.8 في المئة". وكان استطلاع أجرته وكالة "رويترز" قد وضع متوسط التوقعات عند 11.8 في المئة. وأشارت نتائج الاستطلاع إلى أن "التضخم جاء أعلى من المتوقع جراء الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية في ضوء خفض قيمة الجنيه والحرب في أوكرانيا".

وفق مؤسسة "غولدمان ساكس"، من المرجح أن يرتفع التضخم إلى 17 في المئة هذا العام، قبل أن يتراجع إلى النطاق المستهدف للبنك المركزي بنهاية العام. فيما أشار "الأهلي فاروس" إلى أنه "من غير المرجح أن يتراجع الضغط العالمي الحالي قريباً، مما سيسبب ضغوطاً ممتدة على مستويات الأسعار المحلية".

وحتى الآن، تتزايد معدلات التضخم بشكل سريع على مستوى العالم. وكان الحد من ارتفاع الأسعار هو الشغل الشاغل للعديد من الاقتصادات منذ الارتفاع الكبير في الطلب خلال فترة ما بعد الإغلاق والاضطرابات في سلاسل التوريد العام الماضي. ومذاك، زادت الحرب الروسية- الأوكرانية من حدة الأزمة، لتدفع أسعار الطاقة والغذاء إلى الارتفاع ولتصل معدلات التضخم في الاقتصادات المتقدمة إلى أعلى مستويات لها خلال عقود. وخلال العام الحالي، انضمت الولايات المتحدة إلى الأسواق الناشئة في إجراء دورة تشديد صارمة من أجل كبح جماح التضخم، ومن المتوقع أن يبدأ البنك المركزي الأوروبي رفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام.

اقرأ المزيد