Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محاولة منع الجمعيات مراقبة المال العام تزعج المجتمع المدني المغربي

وقفة احتجاجية في الرباط تنديداً بتصريحات وزير العدل

وقفة احتجاجية نظمتها الجمعية المغربية لحماية المال العام للتنديد بتصريحات وزير العدل (اندبندنت عربية)

نظمت الجمعية المغربية لحماية المال العام، السبت السابع من مايو (أيار)، وقفة احتجاجية بالرباط، للتنديد بتوجه وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الساعي لمنع الجمعيات الحقوقية العاملة في مجال حماية المال العام من وضع الشكاوى لدى النيابة العامة ضد ناهبي المال العام بالمؤسسات العمومية.

وعن دواعي تنظيم الاحتجاج، قال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، "الوقفة الاحتجاجية التي دعت لها هيئته بمشاركة العديد من فعاليات المجتمع المدني تعد فرصة لاستنكار التصريحات غير المسؤولة والمستفزة لوزير العدل، والتي كررها في عدد من المناسبات"، موضحاً أن "على الوزير أن يعلم أن المجتمع المدني ليس حائطاً قصيراً يمكنه القفز عليه، وأن الوزير يريد من خلاله توجهه الأخير أن يبعث رسائل إلى جهات معينة يدافع عنها، يؤكد من خلالها أنه قادر على ردع الأصوات التي تنتقد تلك الجهات وتحاسبها وتجرها إلى المحاكم"، وخلص الغلوسي إلى أن توجه وزير العدل أمر مخالف لدستور 2011 الذي منح المجتمع المدني مكانة مهمة، وجعل منه شريكاً أساسياً في إنتاج وتقييم السياسات العامة.

من جانبه، تساءل سمير بوزيد نائب رئيس المكتب التنفيذي للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، عن السبب الحقيقي للتصريحات التي أدلى بها وزير العدل، وقال، "أليس لديه علم، وهو يتحدث عن مقتضيات معينة بأنه حتى يتم إدخال مجموعة من المقتضيات على القوانين، يجب أن تمر عبر عدد من المساطر الخاصة بالمصادقة، إن على مستوى المجلس الحكومي أو البرلمان؟!"، مضيفاً، "لما هذا التحامل على مؤسسات المجتمع المدني التي تلعب دورها في محاربة الفساد ونهب المال العام كما جاء في المقتضيات الدستورية، عوض أن يسعى إلى الارتقاء بهذه الجمعيات إلى فاعل أساسي في صياغة ومراقبة وتتبع السياسات والبرامج والخطط الوطنية لمحاربة الفساد".

مبادئ على المحك

وأوضح محمد الغلوسي أن التصريحات الأخيرة لوزير العدل تضع العديد من الثوابت على المحك، كمبادئ دولة الحق والقانون، وربط المسؤولية بالمحاسبة والمساواة أمام القانون، وأنها تمتحن مدى توفر الإرادة السياسية لمكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام والقطع مع سياسة الريع، مشيراً إلى أنها "إرادة سياسية يتطلع إليها المجتمع من أجل تعزيز جسور الثقة في المؤسسات والتوجه نحو المستقبل بكل أمل وعزيمة لبناء غد واعد وأفضل، ولا يمكن لذلك أن يتحقق إلا بتضافر كل الجهود والإرادات الصادقة في هذا البلد، جهود متكاملة بين مختلف الفاعلين عبر اختلاف مواقعهم لبناء دولة المؤسسات قوامها فصل للسلطات وتوزيع عادل للثروة وتنمية مستدامة"، معتبراً أنه "للأسف، هناك من يسعى لخنق الأصوات الحرة وتكميم الأفواه، ويحن إلى العهود الماضية، ويريد حياة سياسية من دون معارضة ولا جمعيات منتقدة ومساهمة في تعزيز قيم المواطنة الحقة، وتسكنه الرغبة في إدامة واقع الفساد والرشوة ونهب المال العام، وإشاعة كل الممارسات المحافظة على هذا الواقع وضرب كل المكتسبات"، مضيفاً، "ولذلك، على هؤلاء أن يعرفوا أن أموراً كثيرة تغيرت وتحولات مهمة حصلت في المجتمع على أكثر من صعيد، وارتفع منسوب الوعي لدى شرائح اجتماعية واسعة، ولذلك، فإن الرأي العام لن يتسامح مع استمرار الفساد وحماته، وسيبدع أساليب متنوعة لمقاومة هذا التوجه الذي يدفع البلد إلى الأزمة وانسداد الأفق".

الدولة هي من تراقب المال العام

وكان عبد اللطيف وهبي وزير العدل المغربي قد أوضح أمام مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) أن "من يحق له وضع الشكاية ضد أي رئيس جماعة أو منتخب هو وزير الداخلية، لأنه هو من يتتبع الأمور المالية بالجماعات"، باعتبار أن "أي مرشح ينجح في الانتخابات تطارده الجمعيات بالشكايات انطلاقاً من تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وبالتالي لن نجد مستقبلاً من يجرؤ للترشح في الانتخابات"، مشيراً إلى أن "مراقبة وتتبع الأموال العامة من اختصاص الدولة، وللمواطن الحق في إبداء الملاحظات، التي يجب أن يوصلها لممثلي الشعب الذين يحق لهم الحديث عن أي اختلالات داخل البرلمان"، واعتبر وزير العدل أن المجلس الأعلى للحسابات، باعتباره مؤسسة دستورية، هي من يحق لها مراسلة النيابة العامة التي هي أيضاً مؤسسة دستورية، بهدف تحريك المتابعة القضائية في قضايا نهب المال العام، وتأتي تصريحات الوزير في ظل شبه غياب للمجلس الأعلى للحسابات، نظراً لتفجر قضايا عدة حول نهب المال بالمؤسسات العمومية كانت جمعيات حماية المال العام من نبه لها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبه، أشار محمد الغلوسي إلى أن وزير العدل، وكأنه يعني من خلال تصريحاته تلك، أن الأموال العامة خاصة بالدولة، وأنها ليست أموال دافعي الضرائب، مضيفاً أن "المجلس الأعلى للحسابات مؤسسة دستورية معنية بممارسة الرقابة على المال العام والمؤسسات الخاضعة لسلطة المجلس، وأن وزارة الداخلية تتوفر على مفتشية عامة تنجز تقارير رسمية لها صلة بالاختلالات التي قد تعتري تدبير بعض الجماعات الترابية"، موضحاً أن "الأسئلة التي يطرحها الرأي العام وينتظر إجابات واضحة عنها، هي لماذا لا تحال كل التقارير التي تنجزها هاتان المؤسستان إلى القضاء، بخاصة وأن هناك تقارير تكتسي صبغة جنائية، بل إن البعض منها يشكل خطورة حقيقية، وتشير إلى تورط مسؤولين يمارسون قدراً من المسؤولية العمومية، ولماذا لا تشير هذه التقارير إلى المسؤولية التي يتحملها كبار المسؤولين والموظفين السامين في تلك الاختلالات، وما الذي يمنع المؤسستين معاً من إحالة كل تلك التقارير إلى الجهات القضائية من دون انتقائية ومن دون أي اعتبارات أخرى، ولماذا تعتمد وزارة الداخلية بعضاً من تقاريرها لعزل بعض رؤساء الجماعات المحلية من مهامهم وبشكل مستعجل، في حين تتغاضى عن ذلك بالنسبة لبعض رؤساء الجماعات الآخرين، على الرغم من جسامة الأخطاء التدبيرية التي ارتكبوها وأنجزت في حقهم تقارير رسمية؟".

التضييق على الجمعيات غير القانونية

وعلى إثر تصريحات وزير العدل الأخيرة، قامت وزارة الداخلية بالتضييق على الجمعيات التي لا تتوفر على الصفة القانونية، موضحة في بلاغ لها أن "بعض الجمعيات، بخاصة منها المهنية، تنشر بلاغات حول أنشطتها ومواقفها أو قراراتها، على الرغم من أنها لا تتوفر على الصفة القانونية المطلوبة وبسبب عدم تلاؤمها مع المقتضيات القانونية وعدم تجديد هيئاتها القيادية، كما ينص على ذلك القانون المنظم للحق في تأسيس الجمعيات"، معتبراً أن "هذه الممارسات تضلل الرأي العام الوطني والدولي، وتمس في الوقت نفسه بجوهر دولة القانون القائم على معادلة التوازن بين ممارسة الحقوق واحترام الواجبات"، وأكدت الوزارة أنها ستقوم بتطبيق الإجراءات القانونية والقضائية في مواجهة تلك الهيئات التي تخرق القانون.

تكريس الفساد

وعملت الحكومة منذ تنصيبها في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021 على سحب بعض مشاريع القوانين من البرلمان، الأمر الذي جر سيلاً من الانتقادات عليها، باعتبارها تتجه نحو تكريس الفساد، وأوضحت النائبة عن حزب "العدالة والتنمية" (المعارض) ثورية عفيف أنه "للأسف، منذ تنصيب الحكومة الحالية وهي تحارب كل الأدوات والآليات الكفيلة بمحاربة الفساد، بدءاً من البرنامج الحكومي الذي جاء خالياً من أي إجراءات لمحاربة الفساد، ثم العجلة الكبيرة في سحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع، ومشروع قانون الاحتلال المؤقت للملك العمومي، اللذين يعتبران آلية قانونية مهمة في محاربة الفساد، مشيرة إلى أن "ذلك كله يؤكد بالملموس أن الحكومة الحالية ليست من أولوياتها محاربة الفساد، بل تسعى لتحصين المفسدين، وتكميم أفواه الجمعيات، وتقزيم أدوارها، وسحب المهام الموكولة لها بشأن تتبع ومراقبة المنتخبين، وتقديم شكايات بشأن الاختلالات المسجلة ضدهم، إنه تراجع كبير في مسار مكافحة الفساد والمفسدين، وضرب لأسمى قانون في البلاد (الدستور) الذي ربط المسؤولية بالمحاسبة".

المزيد من الأخبار