قال رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، إن البرنامج الحكومي الذي ستعتمده السلطة التنفيذية خلال ولايتها (2022-2026)، يرتكز على ثلاثة محاور استراتيجية، تتمثل في تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، وتحفيز الاقتصاد الوطني لفائدة التشغيل، وتكريس الحكامة الجيدة في التدبير العمومي.
وأشار أخنوش إلى أنه لمواجهة التحديات الراهنة يقوم البرنامج أيضاً على خمسة مبادئ موجهة، تتمثل في "تحصين الاختيار الديمقراطي وتعزيز آلياته، ومأسسة العدالة الاجتماعية، ووضع الرأس مال البشري في صلب تفعيل النموذج التنموي للمملكة، وجعل كرامة المواطن أساس السياسات العمومية، وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى وتعزيز قدرتها الشرائية والادخارية".
أولويات اجتماعية واقتصادية
في تعليقه على مضمون البرنامج الحكومي الجديد، قال أستاذ القانون العام خالد التزاني، "كما كان متوقعاً، فقد أعطيت الأولوية للملفات الاجتماعية كالصحة والتعليم والشغل، لأن المغاربة ينتظرون طرح هذه الملفات، كما يأملون تعافياً للاقتصاد الوطني بعد جائحة كورونا، كما تضمن البرنامج العمل على تقوية الحضور المغربي على المستوى الخارجي".
أضاف، "أبرز ما يرتكز عليه البرنامج هو العمل على حماية وتوسيع الطبقة المتوسطة، نظراً إلى أهميتها، كما سيتم العمل على توفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية، وذلك لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي، إضافة إلى توفير مليون منصب شغل خلال السنوات الخمس المقبلة، وكذلك تحسين القطاع الصحي ووضعية العاملين به، ثم النهوض بالمنظومة التربوية والتعليمية وبكل مكوناتها، ورفع تصنيف المغرب على المستوى الدولي".
كما يتضمن البرنامج الحكومي، بحسب التزاني، التحسين التدريجي للتوازنات الماكرو - اقتصادية، والعمل على نقل الاختصاصات الواسعة من الدولة إلى الجهات، وتسخير كل الإمكانات من أجل الدفاع عن الوطن، إضافة إلى العمل على الحضور القوي للمغرب في التكتلات الاقتصادية الدولية والجهوية، وكذلك تعزيز مكانة المغرب في المنتظم الدولي والدفاع عن قضاياه الخارجية.
ويخلص أستاذ القانون العام إلى أنه على الحكومة الجديدة تجاوز التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا، التي سببت في عام 2020 ركوداً غير مسبوق "من خلال برنامج طموح للإنعاش الاقتصادي"، يضاف إلى ذلك "تعميم التغطية الصحية على مدى خمسة أعوام لـ22 مليون شخص، كما تراهن الحكومة على النموذج التنموي الجديد الذي يطمح إلى مضاعفة الناتج الداخلي في أفق 2035".
برنامج من دون معطيات
من جانبه، قال القيادي بحزب العدالة والتنمية، عبدالله بوانو، في تصريح صحافي، إن البرنامج الجديد لا يعدو أن يكون "خطاباً إنشائياً"، باعتبار أنه الأول من نوعه الذي "يخلو من أرقام في تاريخ البرلمان". موضحاً، "تصريح رئيس الحكومة لا توجد فيه لا نسبة النمو، ولا العجز، ولا التضخم، ولا حجم الاستثمارات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأبدى بوانو اندهاشه من غياب المعطيات التي قدمت في البرامج الانتخابية لأحزاب الائتلاف الحكومي، "وكأن هذه الحكومة تبيع الوهم للمغاربة"، متسائلاً: "أين الزيادة في الدخل بالنسبة لأجور عدد من الفئات، سواء الصحة أو التعليم؟".
أضاف، "البرنامج الحكومي يفتقد الصدقية، ويغيب عنه انعكاس لبرامج الأحزاب الثلاثة المكونة للحكومة"، مشيراً إلى أن أخنوش "ذكر محاربة الفساد دون أي إجراء ولا مؤشر واحد من المؤشرات، التي تعتمد في المجال الاقتصادي والاجتماعي. نحن لا نجد في هذا التصريح الحكومي ما كان في البرامج السابقة. أين إصلاح التقاعد؟ أين مراجعة التعاقد وحذف التعاقد؟ كل هذا لم نجده في هذا التصريح الحكومي".
التحديات الاجتماعية
أوضح الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، علي لطفي، أن التصريح الحكومي يرتكز على 10 التزامات اقتصادية واجتماعية وثقافية، وضمنها يتعهد بخلق مليون منصب شغل في السنوات الخمس المقبلة، واصفاً إياه بـ "البرنامج الطموح"، وأهدافه قابلة للتنفيذ. لكن إن كانت هناك "خيارات اقتصادية فعّالة، وخطة وطنية للتشغيل تعتمد على أنماط ووسائل وآليات جديدة للتحفيز والتشجيع، وتخفيف العبء الجبائي والضريبي عن الشركات والمقاولات"، على حد تعبيره.
ويؤكد لطفي أن البرنامج الجديد يستهدف تعميم الحماية الاجتماعية كأولوية، وتحفيز الاقتصاد لخلق أكبر عدد من فرص الشغل، هذا إلى جانب تكريس الحكامة الجيدة في التدبير العمومي لمحاربة الفساد.
ويضيف أن برنامج حكومة أخنوش والتزاماته وتعهداته بخصوص معالجة أزمة التشغيل ومحاربة البطالة لا يخرج عن القاعدة، ولا يختلف عن مخطط التشغيل لحكومة سعد الدين العثماني المنتهية ولايتها، التي تعهدت بدورها بإحداث مليون و200 ألف منصب شغل جديد ما بين 2018 و2021، أي ما يعادل 300 ألف منصب شغل في السنة، إضافة إلى المحافظة على معدل النشاط بشكل يفوق نسبة 46 في المئة، إلا أنها (حكومة سعد الدين العثماني) أخفقت في ذلك، ولم تحقق سوى نسبة لا تتجاوز 30 في المئة من تعهداتها، بحيث فقدت ما يزيد على 500 ألف وظيفة سنة 2020، و400 ألف في 2021، وارتفع معدل البطالة من 10 إلى 12 في المئة، بحسب إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط (الحكومية) ما بين 2020 و2021.
ويشير لطفي إلى أنه بسبب الجائحة والركود الاقتصادي الذي عرفه عدد كبير من القطاعات الحيوية، وإفلاس كثير من المقاولات، وتدهور الحالة الاقتصادية والاجتماعية، انتشرت البطالة، وانخفض معدل الشغل.
ويرى النقابي المغربي أن موضوع البطالة، بخاصة عند الشباب، ما زال يمثل تحدياً كبيراً وحاسماً أمام الحكومة الجديدة، معتبراً أن عملية خلق فرص الشغل تبقى ضعيفة جداً، مع اتساع رقعة ظاهرة الاقتصاد غير المهيكل، والشغل غير اللائق وغير القار، واصفاً البطالة بأنها "قنبلة موقوتة"، ومؤكداً أنها "أهم المشاكل التي تهدد استقرار المجتمع المغربي، وذلك بسبب الإحباط الذي ينشأ عند تلك الفئة التي يجري إقصاؤها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً".
ويرجع لطفي ذلك إلى تداعيات الجائحة، وأيضاً بسبب ضعف وفشل الخيارات الاقتصادية والسياسات العمومية، وضعف الاستثمار العمومي، إضافة إلى هشاشة الاقتصاد، وبطء وتيرة إنشاء فرص الشغل التي لا تواكب النمو السكاني، وكذلك استثناء النساء والشباب من سوق الشغل.
وبحسب تقارير البنك الدولي، فإنه لا يعمل بالمغرب إلا نحو 30 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، كما أن خريجي الجامعات من حملة الشهادات الجامعية يعانون أيضاً ارتفاع مستويات البطالة في صفوفهم التي تصل إلى 45 في المئة، حيث تبقى معدلات بطالة اﻟﺸﺒﺎب أﻋﻠﻰ بكثير ﻣﻦ نسبتها لدى اﻟﻌﺎﻣﺔ.