Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أصبحت أيام رئيس الحكومة المغربية معدودة في منصبه؟

أخنوش ملياردير مقرب من دوائر صنع القرار في البلاد وتقدر ثروته بملياري دولار

يملك عزيز أخنوش شركة قابضة تضم شركات متخصصة في مجالات متعددة ويُعد إمبراطور المحروقات في المغرب (أ ف ب)

يُتَّهم عزيز أخنوش، رئيس الوزراء المغربي، بالفشل في تدبير المرحلة، الآن، وفي ظل تنامي غضب الشارع المغربي على تدبيره السياسات العامة، في ظل الزيادات المهولة في الأسعار، وانقباض حجم القدرة الشرائية في ظل موجة الجفاف، وتداعيات كل من جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية، إضافة إلى إنفاق بعض أعضاء حكومته المال العام في الترويج لبرامج معينة، فهل أصبحت أيام أخنوش معدودة في منصب رئاسة الحكومة؟

إمبراطور المحروقات

أخنوش، رئيس الوزراء المغربي، هو ملياردير مقرب من دوائر صنع القرار في المغرب، وتقدر ثروته بملياري دولار، ويحل في المرتبة 1513 على المستوى العالمي، و13 على المستوى القاري على لائحة الأثرياء، زادت ثروته فقط بين عامي 2020 و2022 مليار دولار، وبحسب مجلة "فوربس"، يملك شركة قابضة تضم شركات متخصصة في مجالات متعددة، ويُعد إمبراطور المحروقات في المغرب، وتشكل شركته "أفريقيا غاز" إحدى ركائز توزيع المحروقات بالبلد إلى جانب "شل" الهولندية -البريطانية و"توتال" الفرنسية، ويتهم أنه استغل تحرير سعر المحروقات على أثر قرار حكومة عبد الإله بنكيران وقف الدعم على تلك المواد عام 2015، حيث اتفقت شركات التوزيع على مواصلة اعتماد الأسعار السابقة نفسها، على الرغم من تراجع سعر برميل البترول آنذاك في السوق العالمية، وتُتَّهم بأنها راكمت أرباح "غير أخلاقية" تقدر بـ4.5 مليار دولار منذ قرار تحرير الأسعار إلى حدود نهاية عام 2021.

كما يُتَّهم أخنوش بالفشل في تدبير القطاع الفلاحي حينما شغل منصب وزير الفلاحة 14 عاماً (2007-2021)، إلى أن أصبح رئيساً للحكومة جراء انتخابات عام 2021، حيث لاحقته الانتقادات بخصوص سوء تدبير تداعيات الجائحة على المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية، ووصلت تلك الانتقادات مداها عندما طالبت فعاليات الحراك الشعبي خلال الاحتفال بالذكرى 11 لحركة "20 فبراير" برحيله، وكانت محطات الوقود المملوكة له واحدة من الشركات التي شهدت حملة مقاطعة عام 2018، بسبب ارتفاع الأسعار.

فشل في التدبير

انتخب أخنوش أميناً عاماً لحزب "التجمع الوطني للأحرار" عام 2016، وبعد أن حقق الحزب الصدارة في نتائج الانتخابات العامة التي شهدها المغرب عام 2021، عين أخنوش رئيساً للوزراء، بحسب بنود الدستور المغربي، إلا أن حكومته اعتمدت برنامجاً يعد بخلق انتعاش اقتصادي، وكذلك بالاهتمام بشكل كبير في المجال الاجتماعي، لكنها واجهت تحديات صعبة، بفضل التداعيات الخطيرة للجائحة على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وأمام، ما اعتبروه فشل الحكومة في الالتزام بوعودها، رأى مراقبون أن على رئيس الوزراء الاعتراف بالفشل والرحيل.

ورأى الأمين العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، علي لطفي، أن "هناك شبه إجماع على أن حكومة عزيز أخنوش وجدت أمامها حصيلة اقتصادية واجتماعية سلبية ثقيلة جداً، من مخلفات حكومتي حزب "العدالة والتنمية" التي شرعنت فوضى الأسعار، من خلال قانون حرية الأسعار والمنافسة وإلغاء نظام المقاصة ودعم المحروقات، وتركت تدبيرها لفوضى السوق والثقل الضريبي، تلك الأزمة عمقتها آثار وتداعيات جائحة كورونا، التي خلفت خسائر فادحة ومؤلمة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي"، مشيراً إلى أن تلك الحكومة، والأحزاب المشكلة لها، التزمت ووعدت بتصحيح الاختلالات والتخفيف من حدة الأزمة الصحية والاقتصادية التي يعرفها المغرب، من خلال القيام بإجراءات جريئة لإعادة إنعاش الاقتصاد الوطني، وتحسين المؤشرات الاجتماعية التي تجاوزت الخطوط الحمراء، وأوصلت المغرب إلى مرتبة متدنية جداً على مستوى سلم التنمية البشرية والإنسانية. وخلص لطفي إلى أن "الحكومة لم تَفِ بالتزاماتها السياسية والاقتصادية، ولا في تحسين الوضع المعيشي للطبقة الكادحة، في وقت قامت بتعميق الفوارق الطبقية، وجمدت أجور الطبقة العاملة، في مقابل ارتفاع مهول لأسعار المحروقات والخدمات الاجتماعية والمواد الغذائية، وظلت حبيسة شعارات جوفاء ووعود معسولة، وأخطر ما في الأمر خياراتها التي تصدر بين الحين والآخر عن بعض وزرائها، والتي تُعد متخلفة استبدادية، ويشجع بعضها على تكميم الأفواه وتشجيع الفساد وحماية المفسدين وتبذير المال العام".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد لطفي على كون "الحكومة ضعيفة وغير منسجمة، وتغيب عنها الرؤية الاستراتيجية لإخراج المغرب من أزماته التي ستزداد حدة مع الحرب الروسية - الأوكرانية، وبعض أفرادها فاقد التجربة، ولكل هذه الاعتبارات، ومن أجل إنقاذ المغرب وإخراجه من براثن التخلف والعجز الاجتماعي والهشاشة الاقتصادية وتأهيل القطاعات ذات الأولوية من تعليم وصحة وشغل، أعتقد أنه آن الأوان لإعادة النظر في الحكومة الحالية".

يبقى الحال على ما هو عليه

في المقابل، أشار محللون إلى أن الوضع سيظل على ما هو عليه، وأن الاحتقان الحالي بالمغرب لم يصل بعد إلى ذروة تتطلب تغيير الحكومة. وأوضح المحلل الاقتصادي عبد الإله الخضري، أن "الحديث عن نهاية الحكومة الحالية سابق لأوانه في تقديري، فارتفاع الأسعار لم يكن يوماً سبباً في سقوط الحكومات في المغرب، ربما تسبب في هزّات اجتماعية مع خطورة متفاوتة، لكن تلك الأحداث لم تفلح يوماً في إسقاط أي حكومة في المغرب، لأن موضوع إسقاط، أو بتعبير أصح، تغيير أي حكومة في المغرب، خارج نتائج الانتخابات، يخضع لتقديرات وحسابات القصر، وليس لاعتبارات أخرى، بعد أن يتم تقييم المخاطر المحتملة، إذ إن غلاء الأسعار ليس عاملاً رئيساً في تلك الاعتبارات".

واعتبر الخضري أن الأزمة في المغرب لم تصل بعد إلى الذروة، وفق المعايير الماكرو - اقتصادية، بالتالي، ما زال لصناع القرار هامش المناورة، ما يسمح لهم بالتدخل في الوقت الذي يشاؤون، ربما تبريرهم في عدم التدخل حتى الآن راجع إلى أن لدى الرأي العام قناعة بكون الأسعار الداخلية تأثرت بما يحصل دولياً، بخاصة بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية مثلاً، مضيفاً أن "المبرر الرئيس في تصوري مرتبط بكون درجة غضب الشارع المغربي لا تبعث على القلق، على الرغم مما تشهده الأسعار من ارتفاع جنوني، وهذا هو مربط الفرس، لذلك في تقديري الخاص، الوضع سيبقى يراوح مكانه، والحكومة ماضية في عملها، على الرغم من أننا لا نلمس أي جديد أو مبادرة نوعية قامت بها، وبين الفينة والأخرى، تحاول أن تحمل الحكومة السابقة مسؤولية ارتفاع الأسعار من دون الإقدام على اتخاذ أي قرار إصلاحي جريء، كالعودة بالمحروقات إلى صندوق المقاصة أو إعادة تأميم شركة "لاسامير" (شركة تكرير البترول) وتشغيلها على سبيل المثال".

وأكد المحلل الاقتصادي أن الاقتصاد المغربي، على الرغم من ادّعاء البعض أنه اقتصاد ليبرالي يخضع لقواعد السوق، فإنه في الحقيقة مجرد اقتصاد ريعي ضعيف الإنتاجية، عليل وهش البنية التحتية والفوقية، وهو أشبه برجل مصاب بداء السكري، وكل احتمالات الإصابة بعلّة أو أزمة ما واردة، على الرغم من محاولات تطوير بعض القطاعات، ما دامت الأسس السوسيو - اقتصادية للمملكة مليئة بالاختلالات البنيوية، وما دام الفساد مستحكماً في اقتصاد البلاد.

توضيح

وسط هذه الأجواء، أوضح أخنوش أن الحكومة عازمة على مواصلة العمل لتوفير الموارد الضرورية لمواجهة التبعات المالية لهذه الظرفية الاقتصادية الصعبة، والحفاظ على توازنات المالية العمومية، مؤكداً توجهه نحو حماية القدرة الشرائية للمواطن والاستثمار في القطاعات الاجتماعية، مضيفاً أن الحكومة تؤكد عملها على مواصلة تمويل البرامج التي تم الالتزام بها في إطار قانون المالية، والتي يأتي على رأسها تعميم الحماية الاجتماعية، وأن الموارد الضرورية متوفرة بما يكفي لتمويل برنامج الحماية الاجتماعية. وقال إن مجموع الموارد المتوقعة برسم سنة 2022 لصندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي تبلغ 13.4 مليار درهم (ما يفوق ملياراً و300 مليون دولار)، وسيتم تخصيص ما يناهز 4.2 مليار درهم (أكثر من 426 مليون دولار) منها لتعميم التأمين الإجباري عن المرض لفائدة الفئات الهشة، بينما سيخصص غلاف مالي يقدر بخمسة مليارات درهم (ما يناهز 508 ملايين دولار) لتمويل مختلف البرامج الاجتماعية الحالية.

اتهامات وردود

وأثار رئيس الحكومة الجدل على أثر اتهامه الحكومة السابقة، التي كان يتزعمها حزب "العدالة والتنمية"، بكونها السبب في موجة غلاء الأسعار التي يشهدها المغرب حالياً، عقب قرار تحرير أسعار المحروقات، وفي رده على تلك الاتهامات اعترض عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية"، على تحيّن أخنوش الفرصة للادعاء أن الحزب هو الذي رفع الأسعار وتسبب في موجة الغلاء التي يعيشها المغاربة، بسبب تحرير سوق المحروقات، موضحاً أن قرار حذف الدعم على المحروقات كان أمراً كبيراً بالنسبة للحزب، اتخذه بإرادته، وليس توجيهاً أو طلباً من أحد. وأشار بنكيران إلى أن الدافع وراء رده على اتهامات أخنوش، هو قول الأخير إنه لا يملك عصا سحرية، في الوقت الذي يبذر نحو مليونين و300 ألف دولار على مشروع ترويج وتسويق برنامج "فرصة"، ما جعله يشعر بأن رئاسة الحكومة بدأت تمارس تصرفات غير معقولة، مؤكداً أن رئيس الحكومة الذي يقول هذا الكلام عليه أن يقدم استقالته ويذهب إلى حال سبيله، لأنه غير قادر على حل مشاكل المغرب، ولأن كلامه دليل على أنه عاجز عن حل المشاكل التي تواجهنا اليوم، ومنها ارتفاع الأسعار وتأثيرها على مختلف المواد، والغليان الاجتماعي الذي لا نعرف إلى أن سيصل.

المزيد من تقارير