Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مجموعات ضغط لبنانية- أميركية تبحث عن حلول لـ"مأزق لبنان"

"يعتبر المجتمع الدولي أن بلد الأرز في طريقه إلى أن يصبح دولة فاشلة إذا بقي الوضع فيه على ما هو عليه"

المؤتمر حصل في مقر النادي الوطني للصحافة في العاصمة الأميركية واشنطن (الخدمة الإعلامية للمؤتمر)

تحت عنوان "مأزق لبنان: السياسات والخيارات"، عُقد في واشنطن مؤتمر حضره ممثلون عن وزارة الخارجية الأميركية والكونغرس ودبلوماسيون أميركيون وأوروبيون وعرب ومراكز أبحاث وجامعات وإعلاميون. كان يمكن لهكذا مؤتمر أن يكون حدثاً عابراً عادياً لولا أنه بدا في مداولاته وتوقيته وعنوانه، خارج سياق تحليلات وكتابات ترسم جميعها مصيراً لمنطقة الشرق الأوسط ومعها لبنان، بريشة "اتفاق فيينا" المرتقب بين الولايات المتحدة وإيران. ففي مقر النادي الوطني للصحافة في العاصمة الأميركية واشنطن، نظمت لجنة التنسيق اللبنانية- الأميركية التي تضم ست منظمات لبنانية- أميركية ناشطة في الولايات المتحدة وهي: "التجمع من أجل لبنان"، "شراكة النهضة اللبنانية الأميركية"، "المركز اللبناني للمعلومات"، "لبناننا الجديد"، "دروع لبنان الموحد"، "الجامعة الثقافية في العالم"، والشريك الوطني للجنة في لبنان "ملتقى تأثير المدني"، مؤتمراً هدف بشكل أساسي إلى تحديد مكامن المشكلة في لبنان تمهيداً لطرح الحلول المناسبة لها.     

وتمت مقاربة المشكلة اللبنانية في نقاش صريح للمرة الأولى بعمق ومن جوانبها المختلفة على حد وصف المشاركين في المؤتمر. وطُرحت أسئلة عدة عن جوهر أزمة لبنان السياسية، ومنها: كيف يمكن حل مشكلة سلاح "حزب الله"، هل الحل في لبنان هو في عقد مؤتمر دولي أم بحوار لبناني، وهل الحل لدى إيران أم لدى الطائفة الشيعية في لبنان، وهل" السياديون" في لبنان قادرون على إقناع الحزب بالتخلي عن سلاحه وبأي ثمن، هل يكون الثمن مزيداً من الامتيازات داخل السلطة والمؤسسات وشراكة أكبر مع باقي الطوائف اللبنانية أم أن القضية أبعد من ذلك وتتعلق بدور هذا السلاح وارتباطه بمشروع إقليمي خارجي والمطلوب بقاؤه من دون الخوض في أي نقاش؟

هاجس الاتفاق النووي

يرخي "مؤتمر فيينا" وما يمكن أن يتركه من تداعيات على ملفات المنطقة، بظلاله على أي نقاش يتعلق بالأزمة اللبنانية، فالهاجس من أن يأتي الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران على حساب لبنان كان حاضراً في المؤتمر وفي اللقاءات التي عقدتها لجنة التنسيق اللبنانية- الأميركية ومنظماتها الست قبل المؤتمر وبعده وعلى مستوى عالٍ في مجلس الشيوخ والخارجية الأميركية. وتكشف مصادر في لجنة التنسيق لـ"اندبندنت عربية" أن الأجواء في الولايات المتحدة لدى الديمقراطيين والجمهوريين معاً، تؤكد سيادة واستقلال ووحدة لبنان وتحييده بالكامل عن أي طرح مقايضة ومفاوضة. ويكشف المصدر الذي رفض كشف اسمه أن "هناك تشدداً أميركياً في شأن وضع حد لحركة إيران الإقليمية. كما لمس الوفد في كل لقاءاته أن هناك مسعى لتقييد دينامية توقيع أي اتفاق بمعزل عن هذا الأمر، فيما بعض المسؤولين في الكونغرس والإدارة الأميركية يذهبون أبعد من ذلك في تأكيد الإصرار على منع استمرار الحركة الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط". في المقابل يجزم أحد أعضاء لجنة التنسيق اللبنانية الأميركية أنه "لا بيع ولا شراء بالنسبة لملف لبنان على طاولة فيينا"، مؤكداً أن "الملف اللبناني ليس حاضراً في المفاوضات، وكذلك كل ملفات منطقة الشرق الأوسط ومن بينها العراق واليمن وسوريا، لأن إيران تصر على حصر المفاوضات بالسلاح النووي فقط لقاء مكاسب تسعى إلى تحقيقها فيما الخوض في ملفات المنطقة قد يجعلها تضطر للتنازل في بعضها، وبالتالي فقدان القدرة على التحكم بها".

تحديد أساس المشكلة قبل الحل

يُجمع كثيرون على وصف المشكلة اللبنانية بالمعقدة، ويعتبر الدكتور جوزف جبيلي، رئيس "المركز اللبناني للمعلومات"، المشارك في مؤتمر واشنطن، أن "المجتمع الدولي يريد أن يساعد لبنان وهو بات يعتبر لبنان في طريقه إلى أن يصبح دولة فاشلة، وأنه لن يتمكن من الاستمرار إذا بقي الوضع فيه على ما هو عليه، لكن المسألة تحتاج أولاً إلى تشريح المشكلة وتفصيلها وتحليل أساسها وأسبابها ليُصار إلى معالجتها بشكل نهائي. وعلى هذا الأساس بدأت منذ 6 أشهر، في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت، مجموعات أميركية- لبنانية تعمل على تحليل الوضع اللبناني في أكثر من اتجاه، لتحضير أجوبة واضحة على الأسئلة التي قد تُطرح من قبل الإدارة الأميركية والكونغرس عن المشكلة اللبنانية، وكيف يمكن للمجتمع الدولي أن يسهم في معالجتها، والمؤتمر الذي عُقد في واشنطن هو أحدها". وتابع جبيلي، "معلوم أن لبنان يواجه اليوم إضافة إلى التحديات المعروفة كموضوع سلاح حزب الله وغيره من السلاح غير الشرعي وموضوع سيادة الدولة، تحدٍ آخر برز منذ عام 2019 زاد الأزمة اللبنانية تعقيداً، وهو الوضع الاقتصادي الاجتماعي وجانب منه متعلق بالفساد المستشري في إدارات الدولة، وسوء الإدارة والمحسوبيات والصفقات وغيرها من أوجه الفساد العديدة في لبنان. فهل المشكلة هي مشكلة نظام، أم أن المشكلة هي في عدم تطبيق اتفاق الطائف،  أم أنها غير ذلك؟ البعض يرى أن الحل هو في تغيير النظام، لأن الخلل فيه هو أساس مشكلة لبنان، وآخرون يعتبرون أن الحل هو في عقد مؤتمر دولي لطرح إصلاحات دستورية بنيوية في الإدارة كون المشكلة هي في إدارة الدولة ومؤسساتها، فيما ذهب البعض إلى حصر المشكلة اللبنانية في سلاح حزب الله وتأثيره على سيادة الدولة وإضعافها. وسأل كثيرون كذلك عن عمق الرابط بين حزب الله والفساد، أم هل المشكلة هي في وجود أشخاص فاسدين تسببوا في وصول الوضع إلى ما وصل إليه؟".
ومن الأسئلة المحورية لأسباب مشكلة لبنان، تلك التي تدور حول التأثير الإقليمي على الساحة اللبنانية، انطلاقاً من علاقة إيران بـ"حزب الله" وإمساكها بالملف اللبناني كورقة إضافية في مفاوضاتها مع الأميركيين، مقابل تراجع العلاقة اللبنانية- العربية. وفي هذا الإطار شدد رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأدنى وجنوب آسيا وآسيا الوسطى ومكافحة الإرهاب في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور كريس مورفي، على أنه "لو لم تكن الولايات المتحدة تدعم المستقبل الاقتصادي للبنانيين وتدعم الجيش اللبناني، وتدعم استقراراً من أجل السلام، لكنا شهدنا وضعاً هشاً ويتدهور بسرعة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الاغتراب قادر على الإنقاذ

كذلك، قال رئيس المركز اللبناني للمعلومات، جوزيف جبيلي، إن "الهدف من المؤتمر هو إيجاد حلول جذرية لمشكلة لبنان"، كاشفاً عن حوار بدأته لجنة التنسيق اللبنانية - الأميركية مع أعضاء في الكونغرس والإدارة الأميركية، وتم التوصل إلى مسودة ورقة تختصر خريطة طريق للحل، إلا أنه فضل عدم الكشف عن مضمونها بانتظار الوقت المناسب، مؤكداً في المقابل أنها "ستتناول كل المواضيع المتعلقة بالأزمة اللبنانية في شقَيها السياسي والاقتصادي، مثل موضوع النظام السياسي والحوكمة وإدارة شؤون الدولة والمواضيع الأمنية والسيادة، أي أن الورقة في طبعتها النهائية ستكون شبيهة ببرنامج انتخابي لكنه موجَّه إلى الولايات المتحدة لطلب مساعدتهم في هذه القضايا بالتعاون مع الجهود التي سيبذلها اللبنانيون. وعُلم أن النقاش مستمر بين أعضاء لجنة التنسيق اللبنانية- الأميركية وباحثين للتوصل إلى صيغة نهائية وهناك تقدم حاصل".
وكشف جبيلي أن "طموح اللجنة هو التوصل إلى ورقة شاملة تتضمن توصيات عملية لرفعها إلى المسؤولين الأميركيين تتعلق بالمشكلة اللبنانية من كل جوانبها"، مؤكداً أن "إعداد هذه الورقة يتطلب بعض الوقت وقد حددت لجنة التنسيق لنفسها مهلة شهرين لإنجازها".
في المقابل، اعتبر المدير التنفيذي لـ"ملتقى التأثير المدني" زياد الصائغ، أن "المؤتمر الذي عُقد في واشنطن وهو الأول للجنة التنسيق اللبنانية- الأميركية يشكل بداية انطلاق لعمل مجموعات ضغط (lobbying) خارجي وداخلي، يتمتع برؤيا علمية وخريطة إنقاذ للبلد بعيداً عن الشعارات التقليدية". وأكد الصائغ أن "لجنة التنسيق تركت في مؤتمرها الأول بصمة مختلفة في هذه اللحظة التاريخية من تاريخ لبنان على كل المستويات". وتابع "مَن يرى الترابط بين المقاربة للنظام السياسي والسياسة الدفاعية والسياسة الخارجية والسياسات الاقتصادية الاجتماعية يتبين له أننا ذاهبون إلى مفهوم للأمن القومي للبنان، إضافة إلى أن الإدارة الاميركية مقتنعة بأن الاغتراب اللبناني قادر على أن يكون المنقذ الأساس والمحرك الأول لأي حل للبنان في هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها. لكن التحرك اللبناني في الخارج لا شك يحتاج إلى دينامية داخلية". وقال الصائغ، إن "الاغتراب اللبناني يخطو خطوة إلى الأمام للقول، إن هناك خطراً على الكيان اللبناني وعلى الهوية ما يستدعي وضع رؤيا متكاملة لتحديد مستقبل لبنان في الخمسين سنة المقبلة بدلاً من تحديد مستقبله من خلال مواقع النفوذ".

هل تكون الانتخابات النيابية نقطة الانطلاق؟

وتم في المداولات المغلقة لمؤتمر لجنة التنسيق اللبنانية– الأميركية، التوصل إلى توافق على أهمية الانتخابات النيابية كمحطة مفصلية، كون أن المجلس النيابي هو الممر الإلزامي لأي حل مستقبلي للأزمة اللبنانية بجوانبها السياسية والاقتصادية. وفي هذا الإطار، لفت كلام عضو مجلس النواب الأميركي الرئيس المشارك للجنة الصداقة اللبنانية- الأميركية في الكونغرس، النائب دارن لحود بأن "انتخابات الخامس عشر من مايو (أيار) تجري في فترة أساسية بالنسبة للبنان، وستكون هذه الانتخابات أول فرصة للشعب اللبناني للإدلاء بصوته منذ احتجاجات عام 2019، والانفجار الرهيب في مرفأ بيروت في عام 2020". وقال النائب الأميركي من أصل لبناني، إنه "يجب أن يرسل لبنان انطباعاً إيجابياً، ورسالة إلى العالم من خلال إجراء انتخابات حرة ونزيهة في موعدها، ومن دون تأثير من جهات معروفة الأهداف مثل حزب الله".

المزيد من تقارير