Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لإيلون ماسك أجندة خاصة بـ"تويتر" لا تنطوي على حرية التعبير

امتلاك "تويتر" يمنحه مصادر قوة لا يتمتع بها إلا قليل من معاصريه: القدرة على اتخاذ القرار في شأن المسائل التي يعتد بها

من غير المرجّح أن ينفذ ماسك أي شيء جذري بالقدر الكافي لتغيير "تويتر" فعلياً بطريقة مهمة (رويترز)

تصادف اليوم الذكرى السنوية العاشرة لانضمامي إلى "تويتر". عام 2012، كنت مثل عديد من الطلاب الجامعيين في اقتصاد ما بعد الانهيار المالي، أعاني من أجل تحديد واكتشاف ما أود القيام به خلال بقية حياتي، والأهم ربما، الطريقة التي كنت سأسدد بها قروضي [الجامعية] الطالبية.

وفي واحدة من المحادثات الخاصة بتشغيل الخريجين، قدم لي استشاري تولى منصبه قبل سنتين، تباهى بحياته الجذابة [التي تشبه الأحلام] في القلب التجاري للندن، إذ أبرم صفقات بمليون جنيه استرليني (1.26 مليون دولار)، وعاش في شقة بمبنى مرتفع في نوتينغ هيل، نصيحة حددت على نحو غير متوقع العقد التالي. قال: "انضم إلى (تويتر). إنه حقاً وسيلة عظيمة للتواصل مع أصحاب العمل واستقطاب اهتمامهم".

وعلى الرغم من أنني لم أتمكن من الانضمام إلى برنامج عالي الأجر في القلب التجاري للندن مخصص للخريجين كنت قد اخترته، لم تكن نصيحته خاطئة. من خلال "تويتر"، حصلت، وأنا شخص لا يتمتع بصلات إعلامية أو ثروة عائلية كبيرة، على عمولتي الأولى من عمل لحسابي الخاص، وتوليت وظائفي الأولى، وسافرت إلى الخارج وفي نهاية المطاف، بنيت أعمالي الخاصة. ومن خلال سلسلة من المحادثات عبر "تويتر"، كُلِّفتُ كتابة هذا العمود.

على مدى العقد الماضي، تغير "تويتر" كمنصة في أهميته والغرض منه. وعلى الرغم من أنه بدأ ربما كلوحة رسائل كبيرة، وبالنسبة إليّ، وسيلة مفيدة لتجميع الأخبار، قد يكون وصف المنصة على هذا النحو الآن مثيراً للضحك. بدلاً من ذلك، من المرجح أن يعترف مستخدموه النشطون أنفسهم بأن "تويتر" صار أقرب إلى ما يشبه مسرع للمعلومات المضللة، وبوتقة للمضايقة وخطاب الكراهية، ومن المؤكد أنه مكان يجد فيه المرء عمليات احتيالية تتعلق بالعملات المشفرة، أكثر مما يجد فرصاً مهنية.

وحتى في ما يتصل بالغرض المزعوم من "تويتر"، توفير "ساحة عامة" للتعبير الحر، يقصر "تويتر" عن ذلك [لا يرقى إلى ذلك]، ليس أقله في رقابته المتكررة على المنشقين السياسيين (لا سيما الفلسطينيين). وبعبارة بسيطة، يفشل "تويتر"، على نطاق واسع، كما هو، في تحقيق أي من أهدافه وطموحاته المعلنة، وينشر باستمرار خصائص من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم مشكلاته الحالية. حتى إن مطورين يعملون لدى "تويتر" وصفوه بأنه "معطّل" [مليء بالشوائب] إلى حد لا يمكن إصلاحه.

قد يفسر ذلك لماذا يتحمس البعض لشراء إيلون ماسك "تويتر" بأكثر من 40 مليار جنيه. لقد عبر ماسك، المستخدم الكثيف للمنصة، عن مبادرات حول إصلاح ما يُسمى مشكلة "حرية التعبير" لدى "تويتر"، معتقداً أنه يستطيع في ظل قيادته أن يجعل منه مكاناً "محايداً سياسياً"، حيث يكون التعبير بكامله حراً، وحيث يمكن لمحادثات مثمرة أن تجري أخيراً.

لكن لأن ماسك لم يتوسع حقاً في شرح أي من هذه الخطط، ولم يستجب إلى الانتقادات الموجهة إليه في ما يتصل بالطريقة التي قد تعمل بها مقترحاته حتى على المستوى التكنولوجي، يدخل الخطاب في مناقشة أخرى لا تنتهي من مناقشات الحرب الثقافية. فهل يجلب ماسك في واقع الأمر "المدينة الفاضلة لحرية التعبير" المتخيلة التي يحلم بها أتباعه المتشددون، أم سيفتح السدود أمام فاشيين علنيين سيستغلون المنصة علناً لمضايقة معارضيهم وكشف أسرارهم واستهدافهم؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ستكون الحقيقة أكثر بساطة: من غير المرجح أن ينفذ ماسك أي شيء جذري بالقدر الكافي لتغيير "تويتر" فعلياً بطريقة مهمة. ويرجع أحد الأسباب وراء ذلك إلى العمل المحض الخاص بالمنصة ككل. كما لاحظ الصحافي البريطاني ساني هاندال أخيراً، من الصعب أن يدار أي نوع من المجتمعات الموجودة عبر الإنترنت، ناهيك عن مجتمع يضم مئات الملايين من المستخدمين الموجودين في مساحة غير محصورة.

وهذا من بين الأسباب التي قد تجعل ماسك يشعر بالذهول إزاء الحقائق المحيطة بمحاولة إنشاء منصة لحرية التعبير. هو لن يضطر إلى التعامل مع قوانين البلدان الأخرى وتنظيماتها الخاصة بالبيانات فحسب، بل سيضطر أيضاً إلى التعامل مع الحقائق المتعلقة بإدارة المستخدمين الذين يتعمدون المشاغبة، أو كشف الأسرار، أو محاولة زعزعة استقرار المجتمعات الموجودة عبر الإنترنت، أو، حقاً، محاولة تنفيذ عمليات احتيالية ونصب فخاخ "التصيد الاحتيالي".

يعرف أي شخص أشرف في أي وقت من الأوقات على مجموعة أو منتدى على "فيسبوك" مدى صعوبة هذه المهمة واستهلاكها للوقت، لكن الأهم من ذلك أنه يعرف مدى ضرورة الاعتدال إذا كان يحاول جعل أي نوع من المجموعات تعمل في شكل فاعل.

الأمر الثاني، وربما الأهم، أن ماسك ربما لا يهتم بـ"تويتر" على الإطلاق. من المؤكد أنه يستمتع باستخدامه، وربما يحب أن تكون تغريداته قوية بالقدر الكافي لتحريك الأسواق على النحو الذي يصب في مصلحة سعر سهم "تيسلا". وقد يكون اهتمامه بـ"تويتر" أكثر اتساقاً مع مصالحه في مجال الطرق والأنفاق، على وجه التحديد، هو يفهم القيمة البعيدة الأجل للبنية التحتية، وفي شكل مهم، معنى التحكم بها.

إذا فهمنا "تويتر" ليس باعتباره "منصة للتواصل الاجتماعي"، بل عنصر أساسي في البنية التحتية الرقمية، عنصر يدير المعلومات، وفي شكل مهم، عنصر يؤثر في صورة مفرطة في ما يُصنَّف أخباراً "مهمة"، يمنح امتلاك "تويتر" ماسك قوة لا يتمتع بها إلا قليل من معاصريه: القدرة على اتخاذ القرار في شأن الأشياء التي تستحق الاهتمام.

لنطلق على ما جرى ما هو عليه في واقع الأمر، استحواذاً إعلامياً، لكن على النقيض من أصحاب المليارات الذين يشترون الصحف والقنوات التلفزيونية للتمسك بالنفوذ وممارسته، يذهب شراء ماسك "تويتر" إلى ما هو أبعد من ذلك، شراء فعلي للبنية التحتية كلها التي تحدد كيفية توزيع المعلومات، وفي شكل مهم، المعلومات التي تُوزَّع.

وسواء أصبح "تويتر" "أفضل" حالاً أو "أسوأ" فهذا أمر ثانوي. والأمر الذي ينبغي أن يكون الأكثر إزعاجاً لنا جميعاً، لا سيما أولئك الذين يهتمون بحرية التعبير، هو أن مليارديراً آخر صار يمتلك قسماً كبيراً من الإنترنت [يتحكم بمقاليده]، وسيصبح أكثر ثراءً، بصرف النظر عما إذا كنا نختار المشاركة أو لا.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء