Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب أوكرانيا ترفع تكاليف السفر الجوي بسبب الوقود

نقص منتجات التكرير وزيادة الطلب تتجه بالشركات لزيادة أسعار التذاكر

ارتفاع أسعار تذاكر السفر الجوي مجدداً مع إستمرار التوتر العالمي (أ ف ب)

من المتوقع ارتفاع أسعار تذاكر السفر الجوي مجدداً، ربما بدءاً من أشهر الصيف المبكرة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) بسبب الارتفاع غير المسبوق في أسعار وقود الطائرات، حسبما قدر المحللون في "غلوبال بلاتس"، وحدة أبحاث الطاقة في مؤسسة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني. وكانت أسعار تذاكر الطيران شهدت ارتفاعاً منذ أزمة وباء كورونا مع وقف شركات الطيران النسبة الأكبر من أساطيلها لتقليل تكلفة التشغيل ومحاولة تعويض الخسائر الهائلة التي مني بها قطاع السفر الجوي بسبب إقفال الحدود وتقييد الانتقال بين البلدان في فترات الإغلاق للحد من انتشار فيروس كورونا منذ عام 2020. ثم جاءت الحرب الروسية في أوكرانيا لتفاقم من أزمة قطاع الطيران، ليس فقط بسبب العقوبات على روسيا، وإنما نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالمياً، ما أسهم في ارتفاع أسعار وقود الطائرات، وهو أحد مشتقات تكرير البترول. وبلغت أسعار وقود الطائرات هذا الأسبوع في العقود الآجلة تسليم شهر مايو في بورصة "نايمكس" بنيويورك أعلى مستوى لها على الإطلاق. وحسب أرقام "غلوبال بلاتس"، ارتفع سعر وقود الطائرات في تلك العقود إلى نحو 7.6 دولار للغالون (أي 318.6 دولار للبرميل). ويشير أحد المتعاملين إلى زيادة الإقبال على شراء عقود وقود الطائرت الآجلة في ظل مخاوف من ارتفاع الأسعار أكثر.      

المشتقات وحرب أوكرانيا

وبحسب تحليل من "غلوبال بلاتس" هذا الأسبوع، يرجع السبب إلى نقص المعروض من المصافي الأميركية، ومن واردات المشتقات من الخارج في الوقت نفسه. فبعد قرار الولايات المتحدة وقف استيراد النفط من روسيا في إطار العقوبات على موسكو بسبب حرب أوكرانيا ارتفعت أسعار البنزين والديزل في السوق الأميركية. لذا ركزت المصافي الكبرى على إنتاج تلك المشتقات أكثر من إنتاج وقود الطائرات بسبب حافز ارتفاع أسعار الديزل منخفض الكبريت الذي يرفع أرباح تلك المصافي. وتشير بيانات هيئة معلومات الطاقة الأميركية إلى أن إنتاج المصافي من الديزل منخفض الكبريت أصبح يفوق إنتاج وقود الطائرات بأكثر من ثلاثة أضعاف ونصف. حيث وصل متوسط الإنتاج الأسبوعي من الديزل إلى 4.81 مليون برميل يومياً من الديزل مقابل 1.39 مليون برميل يومياً من وقود الطائرات.

مشتقات البترول

في الوقت نفسه شهدت واردات مشتقات تكرير البترول، ومن بينها وقود الطائرات، انخفاضاً كبيراً هذا العام مع توجه الشحنات إلى موانئ أخرى حول العالم غير ميناء نيويورك لتفريغ شحنات المشتقات. ففي عام 2019، استقبل ميناء نيويورك 3.6 مليون برميل من وقود الطائرات. وتضاعفت تلك الكمية في عام 2020 لتصل إلى 7.18 مليون برميل. وفي العام الماضي ارتفعت الواردات بنسبة 55 في المئة لتصل إلى 11.16 مليون برميل من وقود الطائرات.

لكن في الربع الأول كله من هذا العام لم تصل إلى ميناء نيويورك للمشتقات سوى ناقلة واحدة تحمل أقل من 300 ألف برميل من وقود الطائرات، حسب بيانات إدارة الجمارك والرسوم الأميركية. بينما في الربع الأول من العام الماضي، استقبل الميناء الأميركي 1.25 مليون برميل من واردات وقود الطائرات. ذلك في الوقت الذي ارتفع فيه طلب المطارات الأميركية على وقود الطائرات مع عودة النشاط للسفر الجوي الداخلي والخارجي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وغالباً ما تتحوط شركات الطيران لتقلبات أسعار المشتقات، وتحديداً وقود الطائرات، بالشراء في أوقات انخفاض الأسعار في المصافي والتخزين للاستخدام عند ارتفاع الأسعار في ما يشبه طريقة احتياطي المخزونات التجارية من النفط الخام. لكن كثيراً من الشركات تخلت في السنوات الأخيرة عن التحوط في قوود الطائرات، على اعتبار أن بإمكانها تحصيل فارق الأسعار بزيادة سعر تذاكر السفر في مواسم الإقبال على السفر الجوي دون الحاجة لتحمل الشركة كلفة التحوط بتخزين الوقود.

وما زالت كثير من شركات الطيران الأوروبية الكبيرة تقوم بالتحوط وتخزين وقود الطائرات، لكن 85 في المئة من شركات الطيران الأميركية لم تعد تزن وقود الطائرات من باب التحوط. بالتالي فهي أكثر انكشافاً الآن على ارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة. على سبيل المثال، فإن زيادة سنتاً واحداً في سعر غالون وقود الطائرات يكلف شركة مثل "أميركان إير لاينز" ما يصل إلى 40 مليون دولار إضافية سنوياً. وبحساب ذلك بكلفة برميل مقابل المشتقات، فإن زيادة دولار واحد في سعر البرميل يضيف 95 مليون دولار لتكاليف الوقود.

 شركات الطيران

وتأتي كلفة وقود الطيران كثاني أعلى بند في ميزانيات تشغيل شركات الطيران بعد بند الرواتب والعاملين. وبالفعل، زادت كلفة البند الأول مع نقص العمالة في ما بعد أزمة وباء كورونا، والمدة الطويلة التي يحتاجها تدريب الطيارين وطواقم الضيافة. بالتالي ستعمل شركات الطيران على تعويض تلك الزيادة في كلفة التشغيل، من أكبر بندين: العمالة والوقود، بتحميل الفارق على أسعار تذاكر السفر لعملائها.

في مؤتمر "جيه بي مورغان" قبل أيام، قدرت شركة "دلتا" أنها بحاجة لرفع سعر تذاكر الطيران بنسب تتراوح ما بين 8 و10 في المئة كي تعوض زيادة كلفة وقود الطيران مع ارتفاع الأسعار. ويقدر المحللون في سوق السفر الجوي أن شركات الطيران في أغلبها سترفع أسعار التذاكر بنسبة 10 في المئة في المتوسط للحفاظ على هامش ربح، مع آمال زيادة الطلب على السفر الجوي في الأشهر المقبلة.