Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليست "هواوي" وحدها... الـ4 الكبار في مرمى "العدل الأميركية"

معركة ضد "غوغل" و"فيسبوك" و"أبل" و"أمازون" لمنع ظهور عائلة روكفلر جديدة

أبل إحدى الشركات الأربع التي تجري وزارة العدل الأميركية التحقيق معها (رويترز)

بينما تصدرت عناوين الحرب التجارية الأميركية مع الصين، ثم لاحقا مع المكسيك، لم تتم تغطية قصة، لا تقل أهمية، متعلقة ببدء لجنة التجارة الاتحادية ووزارة العدل الأميركية تحقيقات بشأن مدى خرق عمالقة التكنولوجيا "غوغل" و"فيسبوك" و"أمازون" و"أبل" قوانين المنافسة العادلة الأميركية والمعروفة باسم Antitrust Laws ، ما يمنع ظهور منافسين من الشركات الأصغر حجماً ويضر بالمستخدمين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وجاءت أخبار التحقيقات ضد الأربع الكبار، في وقت تحشّد فيه بكين دول العالم ضد الحرب التجارية التي بدأتها الولايات المتحدة الأميركية برفع الرسوم الجمركية على البضائع الصينية، ما أضر باتفاقيات التجارة الحرة التي تفترض خفض الرسوم وتحرير الأسواق وحركة عبور البضائع. وظهر التحشيد الصيني ضد أميركا بشكل جلي في ارتباك البيان الختامي لكبار المسؤولين الماليين لمجموعة العشرين في اليابان قبل يومين، حيث تم حذف فقرة متعلقة "بالحاجة الملحة لحل التوترات التجارية"، وفقا لـ"رويترز".

وظهر من خلال التحالف (الصيني -الروسي) الجديد ضد العقوبات الأميركية، الذي تكلل بتوقيع اتفاق شراكة لتطوير شبكة الجيل الخامس، وهي الشبكة التي تعمل عليها شركة "هواوي" عملاق التكنولوجيا الصيني والكفيلة بتسريع الإنترنت عشرات المرات عما هو عليه في الجيل الرابع.

حملة مضادة صينية

وكانت الولايات المتحدة الأميركية حظرت استخدام منتجات "هواوي" و68  شركة صينية أخرى ثم علقت القرار على "هواوي" لمدة 90 يوما حتى ترتب الشركات الأميركية المتعاقدة معها بدائل لعدم الاضرار بأعمالها.

وتحاول بكين إظهار أن الرسوم الجديدة والمعركة ضد شركاتها غرضها التقليل من نمو هذه الشركات وتوسعاتها في الأسواق الأميركية لمصلحة الشركات الأميركية مثل "غوغل" و"أمازون"، بشكل يعاكس مبادئ واتفاقيات السوق المفتوحة للمنافسين التي أقرتها الولايات المتحدة، في وقت ترد فيه الأخيرة بأن "الصين لا تلتزم بقواعد واتفاقيات التجارة الحرة"، إذ إن الحكومة تدعم شركاتها، وبينها "هواوي"، بطريقة أو بأخرى، وهو أمر يضعف تنافسية الشركات الأميركية في أسواقها كما في الأسواق العالمية. كما تتهم الحكومة الأميركية بكين "بأنها لا تحمي الملكية الفكرية للشركات الأميركية"، إذ تقوم الشركات الصينية بتقليد وسرقة الأفكار الأميركية وتطبقها في شركاتها.

تحقيقات ضد الأربع الكبار

وفي ظل هذا الجدل، وبشكل معاكس لما تروج له بكين، قررت لجنة التجارة الاتحادية الأميركية توسيع دائرة التحقيقات مع الشركات الأميركية، الشبيهة لـ"هواوي"، والتي أصبحت قوتها تهدد نشوء شركات منافسة وتحتكر أسواقا بكاملها، وهو أمر يعيد الاقتصاد الأميركي120  عاما إلى الوراء، تحديدا إلى "حقبة روزفلت"، كما يقول السيناتور الجمهوري جوش هولي، الذي يشن حملة ضد الشركات الأربع ويعتبرها تعمل ضمن "صندوق أسود" لا يمكن معرفة ماذا يجري داخله؟ وأصبح لديها قوة في السيطرة على المجتمعات.

وحقبة روزفلت، هي المرحلة الإصلاحية التي عاشتها الولايات المتحدة الأميركية بداية القرن الماضي، عندما أعادت تصحيح كل المفاهيم الاجتماعية والسياسية المتعلقة بالعدالة وحقوق المواطنين والديموقراطية، إضافة الى تصحيح القواعد الاقتصادية الرأسمالية، وآليات العمل في السوق الحر، التي تمنع الاحتكارات وتضمن المنافسة العادلة بين اللاعبين في السوق وتضمن حقوق المستهلكين. وأشهر قضية جدلية عاشتها الولايات المتحدة في هذه الحقبة هي الثروة الطائلة التي حصدتها عائلة روكفلر عندما استخدمت نفوذها السياسي وسيطرتها على قطاعات مصرفية وصناعية، لتخرق قوانين المنافسة العادلة عبر استغلالها لشبكة السكك الحديد لمصلحة شركتها "ستاندرد أويل" النفطية وإخراج أغلب اللاعبين من سوق تكرير النفط، ما وضع جون روكفلر في قائمة أغنى رجل في التاريخ حتى الآن، بثروة هي ضعف ثروة أغنى رجل في العالم اليوم جيف بيزوس، رئيس شركة أمازون. وظهرت بعد ذلك قوانين إصلاحية عدة لتحقيق المنافسة العادلة ومنع الاحتكارات Antitrust Laws .

مصانع العصر الحديث

وهناك ربط كبير في السياسة والاقتصاد الأميركيين اليوم بين المرحلة التي سبقت حقبة روزفلت وبين المرحلة الحالية، حيث تعود سيطرة الشركات التكنولوجية، التي تعتبر مصانع العصر الحديث، على أسواق السلع والخدمات والإعلانات واتجاهات الرأي العام. وأبرز هذه الشركات هي الأربع الكبار "أمازون" و"فيسبوك" و"أبل" و"غوغل"، وهناك شبه اتفاق أميركي بضرورة كبح جماح القوة المطلقة لهذه الشركات، تماما كما تم حظر "هواوي" التي تعتبر النموذج الصيني الشبيه بها.

وقائمة الاتهامات التي تطال الأربع الكبار تعتبر أن "أمازون" أصبحت تحتكر سوق التجزئة الالكترونية وتتحكم بأسواق التجزئة التقليدية، حيث أصبح التجار مجبورين على التعامل معها أو يغلقون متاجرهم، في وقت هناك اتهامات بأن "أمازون" تتحكم بظهور السلع والمنتجات على منصاتها بناء على المكاسب التي تحصلها من تجار التجزئة والموردين، وهو ما يُصرِف بضائع معينة على حساب أخرى.

أما الاتهامات ضد "فيسبوك"، كمنصة للتواصل الاجتماعي، فهي في تحكمها بالمحتوى لحجب أصوات معينة على منصتها ورفع أخرى، بشكل يوجه الرأي العام باتجاهات معينة، منتهكة أسس الديموقراطية والحق في الوصول للمعلومات بشكل عادل.

والاتهامات ضد "غوغل" بأنها كمنصة للإعلان عبر الإنترنت في العالم تستغل حجمها لإخراج المنافسين الأصغر حجماً من السوق. وهناك اتهامات أيضا بتحكمها في المحتوى عند إجراء البحث عبرها، بشكل يقدم أخبارا ومعلومات ومنتجات على أخرى. أما الاتهامات ضد "أبل" فهي في احتكارها سوق التطبيقات والسماح بوجود تطبيقات على حساب أخرى، خصوصا إذا كانت تطبيقات مدفوعة.

الشركات الأربع تنفي الاتهامات

لكن الشركات الأربعة تنفي كل هذه الاتهامات، وتقول "فيسبوك" و"غوغل" "إن منصاتها مجانية ولا تتحكم في المحتوى"، بينما تقول "أبل" "إنها تمنع التطبيقات ذات الكراهية أو المحتوى الجنسي فقط، وهناك ملايين التطبيقات المجانية"، وتعتبر "أمازون"، "أنها منصة الكترونية لا تؤثر في أسواق التجزئة التقليدية".

وقبل تحريك هذه القضية، كسبت لجنة التجارة الاتحادية قضية أواخر مايو (أيار) الماضي ضد شركة "كوالكوم" التي استغلت نفوذها لسنوات طويلة كشركة مالكة لبراءات اختراع تكنولوجية تحتكر سوق رقائق المودم، وكانت اللجنة قدمت الشكوى في العام 2017.

وخرج كتاب شيق في العام نفسه لأستاذ التسويق بجامعة نيويورك سكوت غالواي، بعنوان (الأربعة: الحمض النووي الخفي لـ"أمازون" و"آبل" و"فيسبوك" و"غوغل")، حيث يسرد فيه حجم النفوذ والتحكم لهذه الشركات في الأسواق وفي الحياة اليومية.

جماعات ضغط سياسية

ودفعت هذه الهجمات على الشركات الأربع إلى زيادة إنفاقها على جماعات الضغط السياسية والحملات الانتخابية لتأييد موقفها في الأروقة السياسية وحشد الرأي العام معها. وتنقل "نيويورك تايمز"، "أن هذه الشركات أنفقت 55 مليون دولار على جماعات الضغط في العام الماضي، وهو ضعف ما أنفقته في العام 2016، بحسب مركز الاستجابة السياسية الذي يرصد تمويلات جماعات الضغط".

وكما الحال في موقف الحزبين الديموقراطي والجمهوري حول "هواوي"، هناك شبه إجماع من الحزبين حول تقليص نفوذ الأربع الكبار، وإن كان هناك تفاوت في الرأي والأهداف بين الاثنين. فبينما يوجه ترمب وبعض أعضاء حزبه الجمهوري السهام ضد منصات وسائل التواصل الاجتماعي و"غوغل" باعتبارها توجه الرأي العام وتحجب الأصوات المحافظة على الإنترنت التي تؤيد طروحاته، يعتبر أعضاء في الحزب الديموقراطي، وعلى رأسهم رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، "أن تركز السلطة والقوة بيد شركات قليلة هو خطر على الديموقراطية، خصوصا عندما توجه المنصات الالكترونية المحتوى"، كما قالت في تعليقها الشهير على "تويتر"، بعد أن بدأت اللجان القضائية التحقيقات ضد الشركات الأربع، مضيفة أن "عصر الرقابة الذاتية قد انتهى".

ضربة سياسية لبيلوسي

 لكن بيلوسي نفسها واجهت قصة مثيرة بعد ذلك مباشرة، عندما انتشر فيديو لها نُشر على صفحة الموقع المحافظ "بوليتيكس واتشدوغ" على فيسبوك، وحصد نحو 2,3 مليون مشاهدة، يظهرها وكأنها ثملة ولديها صعوبة في النطق.

 وطلبت بيلوسي من إدارة "فيسبوك" حذفه، إلا أن "فيسبوك" رفضت ذلك معتبرة أنها لا تتدخل في المحتوى، ولا يوجد سياسة تفترض أن يكون ما ينشر دقيقا، فيما فُسر بأنه "رسالة ضغط من (فيسبوك) إلى الحزب الديموقراطي وزعيمته بيلوسي من موقفهم في التحقيقات ضد الشركة".

فضائح البيانات

وكانت "فيسبوك" واجهت فضيحة في العام الماضي عندما تم الكشف عن بيعها ملايين بيانات المستخدمين إلى "كامبريدج اناليتيكا للاستشارات"، تكبدت على أثره مليارات الدولارات في قضايا بالمحاكم الأميركية. وكانت "غوغل" واجهت أيضا قضايا احتكار في أوروبا ودفعت على أثرها مليارات الدولارات، وهي تواجه اليوم أمرا شبيها في الولايات المتحدة.

ولا تزال التحقيقات ضد الرئيس ترمب قائمة فيما إذا كانت مواقع روسية استخدمت "تويتر" لتوجيه الرأي العام الأميركي لمصلحته في الانتخابات الرئاسية ضد منافسته هيلاري كلينتون، حيث يعتقد أن منصة التواصل الاجتماعي "تويتر" سهلت حصول هذه المواقع على ما يُعرف بـAPIs (application programming interfaces). أو الكودات الخاصة التي تسمح بتحليل ملايين البيانات على "تويتر" وتوجيه الرأي.

 وترجح بعض التحليلات أن لدى إدارة ترمب مصلحة في تقويض شركات التواصل الاجتماعي مثل "تويتر" و"فيسبوك" لإظهارها بأنها خلف المشاكل السياسية وتقويض الديموقراطية، وليس سياسة ترمب، وهو ما قد يُبعد الرأي العام عن التركيز على الملف الروسي.

وهوت أسعار أسهم التكنولوجيا الأسبوع الماضي بما فيها الأربع الكبار، إضافة إلى شركات أخرى تم الربط بينها وبين الشركات الأربع، مثل "نيتفلكس" و"سيليز فورس" و"مايكروسوفت".

.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد