Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا قررت إيران أخيرا إطلاق نازانين زغاري راتكليف وأنوشه عاشوري؟

الاتفاق النووي الإيراني وتأثير الحرب الروسية في أوكرانيا على إمدادات الطاقة العالمية يعدان من العوامل الرئيسة في خطوة طهران

يرى محللون ألا الإفراج عن المواطنين البريطانيين ولا العودة الوشيكة إلى العمل بالاتفاق النووي، قد يسهما في تحسين السجل الداخلي لإيران (رويترز)

أفرجت طهران أخيراً عن مواطنين بريطانيين إيرانيين كانا قد احتجزا لأعوام في إيران، وغادرا البلاد يوم الأربعاء الماضي، وسط تطورات متسارعة، تشير إلى إحياء وشيك للاتفاق النووي الذي كان قد وقع في عام 2015، وإمكان العودة إلى الاصطفافات الجيوسياسية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

نازانين زغاري راتكليف وأنوشه عاشوري غادرا من "مطار الإمام الخميني الدولي" في طهران - وتوجها إلى المملكة المتحدة عبر عمان - بعد يوم من إعادة النظام الإيراني جوازي سفرهما إليهما.

معلوم أن السيدة زغاري راتكليف، هي عاملة في المجال الخيري تبلغ من العمر 43 عاماً، وكانت قد أمضت قرابة 4 أعوام في السجن وسنة في الإقامة الجبرية، بعد اعتقالها قبل نحو ستة أعوام، في ما بدا أنها تلقت تهماً ملفقة بالتجسس على إيران. أما السيد عاشوري وهو رجل أعمال متقاعد يبلغ من العمر 67 عاماً، فقد أدخل السجن هو الآخر قبل نحو 5 أعوام بتهم زائفة بالتجسس لمصلحة "جهاز الاستخبارات الإسرائيلي" (موساد).

وكانت طهران قد طالبت المملكة المتحدة بإعادة نحو 400 مليون جنيه استرليني (520 مليون دولار أميركي) من الديون المستحقة لإيران، في قضية طال أمدها لنحو 40 عاماً، وتتعلق بعدم تسليم لندن دبابات للقوات الإيرانية. وعللت دوائر رئاسة الوزراء في "10 داونينغ ستريت" السبب، بأن الأموال قد تم سدادها، لكنها احتجزت لشراء سلع إنسانية بقيمتها.

وكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية "فارس"، ذكرت أن المملكة المتحدة أفرجت عن تلك الأصول المجمدة وقامت بتسليم مواطن إيراني كان مسجوناً في بريطانيا لم تكشف عن اسمه.

إطلاق الرهائن بحكم الأمر الواقع، يأتي بعد ورود إشارات قوية تفيد بأن المفاوضات التي دامت لنحو عام في فيينا، في شأن إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة" Joint Comprehensive Plan of Action (الاتفاق النووي)، هي على وشك النجاح.

وكان إقرار "خطة العمل الشاملة المشتركة" قد خفف العقوبات والقيود المالية عن إيران في عام 2015 في مقابل تقليص برنامجها النووي، لكن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أعلن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وأعاد فرض العقوبات على طهران في عام 2018، الأمر الذي حدا بإيران إلى زيادة إنتاجها من المواد النووية بشكل كبير.

رافائيل غروسي المدير العام لـ"الوكالة الدولية للطاقة الذرية" International Atomic Energy Agency، بدا متفائلاً عندما قال لمحطة "فرانس 24" يوم الثلاثاء الماضي: "أعتقد أننا على وشك إبرام صفقة مع إيران".

وتأتي الآمال المتزايدة في التوصل إلى اتفاق قبل أيام فقط من رأس السنة الفارسية الجديدة، وهي عطلة تقفل خلالها الحكومة الإيرانية مؤسساتها وتتوقف حركة التجارة في البلاد أسابيع عدة، الأمر الذي يمنح طهران مزيداً من الوقت لإنتاج مواد انشطارية.

وتمتلك إيران فعلاً ما يكفي من المواد النووية لصنع عدد من القنابل الذرية، إذا ما قررت توجيه اليورانيوم المخصب نحو استخدامات التسلح العسكري، والتنكر لالتزاماتها بموجب المعاهدة.

سنام وكيل الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى معهد "تشاتام هاوس" (مقره في لندن يقوم بتحليل الأحداث العالمية ويقترح حلولاً لها) يقول إن "ما نشهده هو جهد تدريجي يهدف إلى بلورة حل جزئي لبعض التحديات القائمة بين إيران والمجتمع الدولي".

وأضاف في حديث مع "اندبندنت": "إن الرغبة الشديدة في التوصل إلى صفقة بين الجانبين تستهدف تعويم البرنامج الإيران وإعادته إلى ما كان عليه. ففي غياب أي اتفاق، هنالك خطر كبير بأن تستكمل إيران تطوير برنامجها النووي، وسترتد العواقب على المنطقة برمتها.

وتفيد معلومات بأن روسيا كانت قد لجمت إمكان التوصل إلى اتفاق، نتيجة مخاوف من أن العقوبات المفروضة عليها بعد شن حربها على أوكرانيا، من شأنها أن تعوق قدرتها في مسألة تنفيذ شروط التسوية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في فرض مجموعة من العقوبات الدولية على موسكو التي تصدر النفط والغاز. وأسهم الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة في مختلف أنحاء العالم في تسريع الخطى نحو إعادة ضخ النفط والغاز الإيرانيين إلى الأسواق العالمية.

ويرى منصور بورج التابع لمجموعة "المادة الثامنة عشرة" Article18 التي تطالب بالحريات الدينية في إيران، أن "طهران تسعى إلى (إنهاء) هذه المفاوضات. وفيما يحافظ الإيرانيون على إظهار شجاعتهم والتظاهر بأن الأمور تسير على ما يرام بالنسبة إليهم، إلا أنهم يقبعون في حال من اليأس وهم في حاجة ماسة للحصول على أموال".

وتتحدث معلومات عن أن الحكومة الإيرانية وقعت على صفقة مدتها 20 سنة بقيمة 500 مليون دولار (382 مليون جنيه استرليني) مع شركة لم تذكر اسمها، لكن يرجح أن يكون مقرها الصين، لاستخراج النفط من حقل بارس للغاز في الخليج، كما قال الرئيس التنفيذي لـ"شركة النفط الوطنية الإيرانية" محسن خوجاستيمر للتلفزيون الحكومي يوم الثلاثاء الماضي.

ويؤكد خبراء الصناعة أن إمدادات الطاقة الإيرانية قد بدأ من الآن تسعيرها في السوق، من جانب التجار الذين يتوقعون تعويم اتفاق "خطة العمل الشاملة المشتركة" بين طهران والغرب.

لكن سنام وكيل يعتبر أن "إعادة تأهيل برنامج الطاقة الإيراني هو مشروع طويل الأمد". فحتى لو تقلصت المخاوف حيال البرنامج النووي الإيراني، وجرى إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة"، فمن المحتمل أن تستمر التوترات بين طهران والولايات المتحدة. وفي هذا السياق، طالب المبعوث الأميركي إلى إيران روبرت مالي طهران بالإفراج عن عدد من الإيرانيين الأميركيين المحتجزين في السجون، والكشف عن مصير روبرت ليفينسون العميل السابق لدى "مكتب التحقيقات الفيدرالي" FBI الذي كان قد اختفى في إيران، ويعتقد أنه توفي.

العاصمة الأميركية ما زالت تشعر بغضب أيضاً من مواصلة إيران تطوير تكنولوجيا تصنيع الصواريخ وتمويلها، وتعبئة وتدريب ميليشيات متحالفة معها في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من تخفيف حدة التوترات بين طهران وقوى الغرب المشاركة في المحادثات النووية، فإن العداء بين إيران وإسرائيل التي تعارض الاتفاق، ما زال متأججاً.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الدولة تعرضت لهجوم إلكتروني واسع النطاق على مواقع الحكومة والمرافق العامة، بعد أيام من زعم طهران أنها أحبطت هجوماً إسرائيلياً على موقع عند سفح أحد الجبال، تجري فيه أعمال تخصيب اليورانيوم.

وكانت إيران قد أطلقت في أواخر الأسبوع الماضي، صواريخ باليستية على موقع قريب من قاعدة أميركية في شمال العراق، ادعت طهران أنه كان يستضيف محطة استخبارات إسرائيلية، وذلك بعد أيام فقط من مقتل عنصرين من "الحرس الثوري الإيراني" في إحدى القواعد في سوريا.

ويرى محللون أن الإفراج عن مواطنين بريطانيين أو العودة الوشيكة إلى العمل بالاتفاق النووي، لن يسهما على الأرجح في تحسين السجل الداخلي لإيران في مجال حقوق الإنسان. ويؤكد السيد بورج في هذا الإطار أن المئات من سجناء الرأي ما زالوا معتقلين في السجون الإيرانية، بمن فيهم أفراد من أقليات دينية.

وختم بالقول: "قد تسهم هذه الصفقة في تخفيف الضغط من الخارج على إيران، لكن حال جنون العظمة وتفاعلات الأزمة ستستمر. ولم نشهد بعد أي تغيير في السلوك الإيراني".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات