Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تلتفت إلى ثروتها السياحية للخروج من تبعية قطاع المحروقات

القطاع يوفر عائدات مالية ضخمة ويسهم في التنويع الاقتصادي المنشود

الجزائر جدية في جعل السياحة أحد أهم الروافد التي من شأنها تقديم مداخيل كبيرة لخزينة الدولة (أ ف ب)

يشهد قطاع السياحة في الجزائر حيوية لم يعرفها منذ استقلال البلاد، سواء ما تعلق بالقوانين المنظمة أو الترويج للإمكانيات أو إبرام صفقات التعاون، ما ترك انطباعاً إيجابياً لدى المعنيين من المهنيين والمواطنين بأن تنويع الاقتصاد لم يعد شعاراً ترفعه سلطة ما بعد الحراك للاستهلاك وإنما حقيقة.

قوانين وخدمات واهتمام

ويأتي إعداد مشروع قانون لضبط نشاط المرشد السياحي ليضاف إلى الحركية التي يعرفها القطاع، وهو القانون الذي يعتبر الأول من نوعه في الجزائر. وأوضح وزير السياحة ياسين حمادي، أنه يندرج ضمن القانون التوجيهي للسياحة الذي يضم مجمل الترسانة القانونية المنظمة للقطاع، إذ يهدف إلى تنظيم وضبط نشاط المرشدين السياحيين، وتسهيل مهمة دخولهم إلى الموانئ والمطارات لاستقبال السياح ومرافقتهم في تنقلاتهم بمختلف المناطق، مشيراً إلى أنه سيتم إصدار مراسيم تنفيذية ونصوص تنظيمية للتكفل بمختلف النشاطات السياحية في هذا المجال.

كما كشف حمادي، عن "الإطلاق الوشيك لأرضية رقمية حول المسارات الموضوعاتية السياحية من أجل ترقية النشاط السياحي"، وصرح بأن "الخطوة هدفها التعريف بما تتوفر عليه الجزائر من مقومات سياحية متنوعة، ضمن مسارات السياحة المتعددة وهي الدينية، الجبلية، الشاطئية، الحموية، الطبيعية والصحراوية، وذلك من أجل تسويق المنتج السياحي الجزائري في تلك المسارات والوجهات"، وقال، إن المبادرة جاءت بعد التجاوب الملحوظ لكل المتعاملين في قطاع السياحة، مع البوابة الإلكترونية التي تم إطلاقها خلال العام الماضي، والتي شملت الإرشاد السياحي والتعريف بالاستثمار الفندقي واستغلال المياه الحموية.

وأوضح الوزير أن "الأرضية الرقمية الجديدة التي هي نتاج عمل حكومي مشترك بين قطاعات متعددة، على غرار وزارات الثقافة والفنون والشؤون الدينية، والمجاهدين وذوي الحقوق والشباب والرياضة، ستقدم الإضافة المرجوة بطرح فرص للترويج للمنتج السياحي وجعله رافداً اقتصادياً مهماً"، مشدداً أن قطاعه الوزاري عازم على ترقية السياحة الداخلية واستقطاب السياح إلى كل المناطق المؤهلة، مشيراً إلى أنه من أجل استئناف النشاط السياحي، يجب أن تواكب الجزائر التطورات في مجال الرقمنة والترويج للسياحة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتعريف بالمرافق العديدة والآليات الجديدة المعتمدة دولياً.

مشاركات دولية

ويبدو أن الجزائر جدية في جعل السياحة أحد أهم الروافد التي من شأنها تقديم مداخيل كبيرة للخزينة العامة قد تزاحم المحصل عليها من تصدير المحروقات بالنظر إلى الإمكانيات الضخمة التي تزخر بها، وهو الأمر الذي لم يعد خافياً في ظل المشاركات المتوالية للجهات السياحية الحكومية في مختلف المعارض واللقاءات الدولية، وآخرها موسكو ومدريد، حيث حضر بقوة ديوان السياحة الحكومي، برفقة وفد من المتعاملين السياحيين في مجال الفندقة والسياحة والأسفار.

وأفاد بيان لديوان السياحة أن هذه المشاركات تندرج في سياق مواصلة الجهود الرامية إلى النهوض بالقطاع السياحي وبعثه طبقاً للتوجيهات والتوصيات الواردة في خطة العمل المحددة في مخطط وجهة الجزائر، والذي ركز على ضرورة تكثيف العمل الترويجي لإبراز صورة الجزائر عالمياً وإدراج المقصد الجزائري ضمن الأسواق السياحية الدولية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تواصل مكثف مع الأجانب

إلى ذلك، يتواصل المسؤولون الجزائريون بشكل مكثف مع الجهات الأجنبية في سياق الترويج للسياحة وتوقيع اتفاقيات تعاون، حيث عرفت الأسابيع الماضية استقبالات لسفراء عرب وغربيين تناولت سبل دفع قطاع السياحة في الجزائر، وهو ما حصل، أخيراً، مع سفير قطر الذي كشف عن رغبة بلاده في بحث فرص التعاون والاستثمار في مجال السياحة وتربية الخيول، وأيضاً مع سفير إندونيسيا الذي أبدى اهتماماً بمجال السياحة والصناعة التقليدية، وأبدى استعداداً لتوسيع الشراكة البينية وخلق آفاق رحبة لتعزيز العلاقات الثنائية في هذه المجالات، خصوصاً ما تعلق بالسياحة الدينية والصحراوية والثقافية، بالنظر للمقومات السياحية الضخمة التي تزخر بها الجزائر، وكذلك العمل سوياً على الترويج للوجهتين السياحيتين من خلال تنظيم رحلات استكشافية لوسائل الإعلام والمؤثرين، إلى جانب تبادل المشاركة في الصالونات السياحية المقامة في كلا البلدين.

كما سيتم تنظيم رحلة استكشافية لعدد من المتعاملين السياحيين والاقتصاديين الإيطاليين إلى الجزائر، للتعرف على المقومات السياحية التي تزخر بها البلاد، وجاء الاتفاق خلال استقبال وزير السياحة الجزائري ياسين حمادي، للسفير الإيطالي جيوفاني بوغلييسي، لدراسة سبل وفرص تعزيز التعاون الثنائي في مجال السياحة.

اعتراف بالضعف

"آن الأوان لانفتاح الجزائر على السوق العالمية للسياحة وتقديم الوجهة الجزائرية كمنطقة استقطاب بما تملكه من مقومات ومعالم ومناطق"، بهذه العبارات لخص وزير السياحة والصناعات التقليدية الأهداف المسطرة على المدى المتوسط، واعترف في رده على مساءلة برلمانية كتابية، أن "تحدي الجزائر اليوم يكمن في استدراك التأخر المسجل في قطاعها السياحي ببلوغ 300 ألف سرير آفاق 2030، وذلك من خلال تشجيع الاستثمار وضمان المرافقة الدائمة للمستثمرين في جميع المراحل مع تقديم التسهيلات اللازمة قصد تجسيد المشاريع على أرض الواقع، وفي آجالها المحددة".

وكشف وزير السياحة أن الجزائر تتوفر إلى غاية 31 ديسمبر (كانون الأول) 2021، على 1503 مؤسسات فندقية بطاقة استيعاب تقدر بأكثر من 132 ألف سرير، فيما أُحصي 2587 مشروعاً جديداً مصادق عليها، منها 750 دخلت مرحلة الإنجاز، غير أن تشييد المرافق السياحية مهما كان حجمها ومستواها لا يكفي لبناء وجهة سياحية جذابة إلا إذا تم توفير المورد البشري القادر على تسييرها بحسب المعايير الحديثة وتقديم خدمات راقية متطابقة مع المقاييس المعمول بها دولياً.

مقاربات تتلاءم مع الخصوصيات

في السياق، يقول الحقوقي التونسي الجزائري محمد آدم المقراني، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن الجزائر تزخر بخزان طبيعي مهم ومتنوع يمكنها من الانفتاح على السياحة بشتى أنواعها سواء كانت بيئية أو صحراوية أو بحرية، فهي في الآن ذاته بلد متوسطي له عمق  أفريقي، يتمتع بالمواقع الأثرية من مختلف الحقبات وتنوع ثقافي وفني يمكن أن يكون جاذباً للسياح من شتى دول العالم، مضيفاً أنه في ظل هذه الإمكانيات تشكو الجزائر من ضعف العناية بالمنشآت السياحية، إضافة لخدمات سياحية لا ترتقي لمستوى تطلعات السائح سواء كان جزائرياً أو أجنبياً، ما يدفع الجزائريين لقضاء عطلهم بدول الجوار وخصوصاً تونس.

ويواصل المقراني، أن الوضع يطرح نقاط استفهام حول ضرورة تطوير السياحة في الجزائر بمقاربات جديدة تتلاءم مع الخصوصيات الثقافية للمجتمع الجزائري، وتشجع على اكتشاف الوجه المخفي من بلد يمكن أن يكون من أهم الوجهات السياحية في المتوسط، مبرزاً أهمية توفير يد عاملة مختصة ومتكونة وأبرزها المرشد السياحي الذي يشكل دعامة للسياحة، وختم أنه بقدر ما يوفر القطاع عائدات مالية ضخمة من شأنه أن يسهم في التنويع الاقتصادي المنشود، ويمكنه أن يمنح الجزائري قدراً واسعاً من الترفيه في إطار تحسين جودة الحياة.

اقرأ المزيد