انخفضت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بنسبة 10 في المئة في اليومين الماضيين مع استمرار انسياب الغاز الطبيعي الروسي الذي يمر عبر أوكرانيا إلى دول أوروبا. كما انخفضت أسعار الغاز للعقود الآجلة في الولايات المتحدة مع توقعات أن تكون درجات الحرارة في الربيع المقبل أعلى من معدلاتها.
وكانت أسعار الغاز الطبيعي وصلت إلى مستويات قياسية في الفترة الأخيرة بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا واحتمالات توقف ضخ الغاز الطبيعي إلى أوروبا التي تستورد نحو 40 في المئة من احتياجاتها من روسيا.
وزاد من ارتفاع الأسعار إعلان الولايات المتحدة وبريطانيا وقف استيراد النفط والغاز من روسيا في إطار الحصار الاقتصادي على موسكو بسبب غزوها أوكرانيا.
ولكن توقعات السوق بأن تحذو دول أوروبية أخرى حذو واشنطن ولندن هدأت حين لم تعلن عواصم أوروبا قرارات مماثلة بعد.
وبدأ تراجع أسعار الغاز الطبيعي في بورصة عقوده الآجلة في هولندا وأيضاً في البورصة الأميركية، الأربعاء، وواصل التراجع، الخميس، قبل الإعلان عن أرقام المخزونات الأميركية من الغاز الطبيعي. وذلك لتقدير الأسواق أن يكون السحب من المخزونات في إطار المتوقع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي العقود الآجلة في بورصة نايمكس بالولايات المتحدة، تراجع سعر الغاز في عقود مايو (أيار) إلى 4.52 دولار للوحدة الحرارية البريطانية (القياس المعياري لسعر الغاز عالمياً). وذكرت شركة "نات غاز ويذر" أن نماذج سيناريوهات الطقس في أوروبا وأميركا الشمالية تشير إلى ارتفاع درجات الحرارة ربما بأعلى من معدلها في الأسابيع المقبلة. ومع الطقس الدافئ نسبياً يقل الطلب الاستهلاكي على الغاز للتدفئة وتوليد الطاقة.
ربيع دافئ
وتشير التوقعات الأولية إلى أن الربيع المقبل سيكون دافئاً في نصف الكرة الأرضية الشمالي أكثر من المعتاد موسمياً. وقالت شركة "نات غاز ويذر" إن الطلب على الغاز في الولايات المتحدة "سينخفض إلى أدنى مستوياته الأسبوع المقبل" وتوقعت أن يستمر ذلك المنحى حتى نهاية مارس (آذار) الحالي.
ومنذ يوم الثلاثاء الماضي، وعلى الرغم من الإعلان عن وقف استيراد الغاز الطبيعي من روسيا، إلا أن الانتاج الأميركي أخذ في التراجع بالفعل.
وبحسب بيانات جمعتها وكالة بلومبيرغ، انخفض انتاج الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي، الثلاثاء، إلى 93 مليار قدم مكعبة، مقابل انتاج عند 95 مليار قدم مكعبة، الاثنين.
ومما يشير إلى تراجع الطلب الاستهلاكي في السوق الأميركية الداخلية زيادة الصادرات الأميركية من الغاز الطبيعي في الأسابيع الأخيرة، بخاصة إلى دول أوروبا التي زادت وارداتها من الغاز الطبيعي الأميركي.
وقدر موقع "ناتشورال غاز إنتل" متوسط الصادرات الأميركية من الغاز الطبيعي في الشهر الحالي عند 13.5 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي المسال يومياً.
لكن كل ذلك يمكن أن يتغير في حال أعلنت دول أوروبية الحد من واردات الطاقة من روسيا، وتحديداً الغاز الطبيعي، كما يرى أغلب المحللين في أسواق الطاقة. فمن شأن ذلك أن يدفع الطلب على الغاز الطبيعي صعوداً، بخاصة في سوق البيع الفوري للغاز الطبيعي المسال.
من أوروبا إلى آسيا
من غير الواضح حتى الآن إن كانت دول الاتحاد الأوروبي ستقرر وقف واردات الطاقة من روسيا، بخاصة أنها سبق وشاركت على قدم المساواة مع أميركا في العقوبات التي تفرض على موسكو منذ بدأت الحرب على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي.
وبحسب إيلي روبين، من شركة "إي بي دبليو"، فإن ذلك يظل احتمالاً وارداً يمكن أن يغير الوضع في سوق الغاز الطبيعي.
ويضيف روبين، "يظل الضغط (على الاتحاد الأوروبي) لاتخاذ موقف تجاه روسيا قائماً بشكل حاد، ويبدو أن القادة الأوروبيين يتفادون حتى الآن فرض حظر تام على واردات النفط والغاز من روسيا، فهم يدركون الأبعاد الاقتصادية من ارتفاع حاد في أسعار النفط والغاز التي قد تؤدي إلى تذمر جماهيري واسع يكلفهم أي انتخابات مقبلة".
مع ذلك، يظل الطلب على الغاز في أوروبا الأقوى عالمياً، وبحسب تقرير لوكالة "رويترز" فإن نمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بدأ بالفعل ينتقل ثقله من آسيا إلى أوروبا. وتعد دول آسيا تقليدياً الأكثر استهلاكاً للغاز الطبيعي مع طلب قوي يشكل النسبة الأكبر من الطلب العالمي. إلا أن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي منذ منتصف العام الماضي جعل الطلب الآسيوي يتراجع، فيما استمر نمو الطلب في أوروبا بقوة.
