Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الخضراء" تفتح أبوابها أمام العراقيين... والمطار الخطوة التالية

القرار رحب به الرأي العام ولكن هل حمل مجازفة دعائية؟

فتح "المنطقة الخضراء"، في قلب العاصمة العراقية بغداد، حمل بين طياته الكثير من الأهداف، أبرزها كسر الحاجز النفسي المأزوم، تجاه الحكومة ودعم الاقتصاد الوطني ومحاربة الفاسدين. ويمثل إزالة الجدران الفاصلة بين السلطة والشعب. حيث كانت السلطة وأحزابها معزولة امنياً واجتماعياً عن المجتمع الرازح تحت جحيم أعمال العنف لأكثر من عقد.

وتقع خلف أسوار "الخضراء" مقرات حكومية، وسفارات أجنبية وعربية، أبرزها سفارة الولايات المتحدة، التي تعتبر إحدى كبرى السفارات في العالم، إضافة إلى الوكالات الدولية وغالبية منازل المسؤولين العراقيين.

مستشار رئيس الوزراء عبد الحسين هنين يقول " القرار يتعدى رفع الكتل الكونكريتية، وفتح شوارع كانت مغلقة خلال 16 عاماً، فللموضوع أبعاد مهمة تتعلق بجوانب نفسية واقتصادية بالإضافة إلى مكافحة أحد أنواع الفساد المستشري".

كانت بغداد مقطعة إلى أوصال، وشوارعها مختنقة بالحواجز التي شوهت جمالها وأبعدتها عن حياتها النابضة، أما الآن عادت إليها الروح من جديد، وخفت الاختناقات المرورية، حتى أن اغلب المواطنين حسّنوا واجهات منازلهم ولونوها بألوان زاهية.

مواجهات

لقد واجه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي العديد من التحديات والاعتراضات التي حاولت التأثير على قراره القاضي بفتح المنطقة "الخضراء". ومن أبرز تلك المواجهات اعتراض بعض ضباط الأمن والسفارات وبعض الفاسدين الذي كانوا يعتاشون على غلق المنطقة. إلا أن عبد المهدي " لم يرضخ لتلك الضغوط بل أجبرهم على تقبل قراره وقال لهم بالحرف "لا تراجع عن قراري" بحسب هنين.

ويقول هنين " كانت "الخضراء" "المغلقة" مسوغاً للابتزاز، وعقد صفقات المقاولات الفاسدة، ولم تكن باستطاعة الشركات الرصينة ورجال الأعمال المعروفين دخولها، إلا من خلال شارات خاصة تُمنح مقابل أثمان ويسيطر عليها أشخاص مرتبطين بالسلطة.

استقرار أمني  

يقول هنين " حال بغداد تغير من ثكنة عسكرية إلى مدينة تنبض بالحياة والأمان، وهو مؤشر ايجابي يسهم بشكل كبير في إنعاش الاقتصاد الوطني"، يضيف" فترة السبعة أشهر لم تشهد خروقات أمنية رغم انه أمر برفع عدد كبير من السيطرات (الحواجز) الأمنية، والسبب في ذلك يعود إلى السياسة الأمنية التي اعتمدها رئيس الوزراء مستنداً على أهم ركيزتين هما "المواطن والاستخبارات".

وكشف هنين " خلال مرافقتي رئيس الوزراء في زيارته الدولية لمست الارتياح الكبير لدى رؤساء الدول إزاء فتح "الخضراء"، فهم يعتبرونه قراراً أمنياً كبيراً ومؤشراً على أن العراق بيئة عمل مناسبة وآمنة لكل الشركات العربية والدولية... ومنحت بعض بنوك الدول الأجنبية ضمانات إلى الشركات التي تعمل في العراق ومثال على ذلك الصين، وهذه كلها عوامل مساعدة للنهوض بالاقتصاد العراقي".

المطار

ويعمل رئيس الوزراء الآن على "فتح مطار بغداد بشكل مباشر أمام الجميع كما هو الحال في كل مطارات العالم، وبهذا فانه سيضرب شركات الفساد التي تدير صفقاتها عبر المطار وتبتز المواطنين بأشكال متعددة"، وفقاً لما قاله هنين.

يقول الكاتب والخبير الأمني هشام الهاشمي أن "فتح المنطقة "الخضراء" لا يمكن أن يقال عنه إنجاز حكومي على اعتبار انه تصحيح للإجراءات الأمنية الخاطئة التي تراكمت بعد عام 2003"،

ويرى الهاشمي أن سبب تمسك عبد المهدي بهذا التصحيح، هو "التواطؤ مع رغبات الأحزاب السياسية الشيعية التي تنظر إلى المنطقة "الخضراء" على أنها تحت هيمنة السفارة الأميركية، وتالياً لا بد من فتح أبوابها، وعزل الأميركيين داخل السفارة فقط، كحال باقي السفارات الأجنبية، ومنعهم من التحكم بأبوابها وشوارعها كما كان سابقاً"،

وتابع الهاشمي" هذا القرار لا يأتي بثمار حل المشكلات الخدمية والتدهور الاقتصادي والعمراني والحياة المدنية كما أن هذا التصحيح سيخفف من عنصرية إصدار الشارات الأمنية التي كان يسيطر عليها عناصر تعمل في مكتب الباجات".

 

 

يذكر أن المنطقة "الخضراء" تقع في وسط بغداد، وسميت بـ"الخضراء" بسبب جمالها و كثافة أشجارها، وبخاصة النخيل والصفصاف، ولم تكن تحمل هذا الاسم إلا بعد العام 2003.

سميت قديماً بحي التشريع وفقا للخرائط، ولكن يبدو أنها لا تحمل اسماً محدداً، فبعض الناس يطلقون عليها اسم كرادة مريم، والبعض الأخر يسمونها منطقة القصر أو القصور، ولكن في حقيقة الأمر هي جزء من كرادة مريم، وتضم أجزاءً من أحياء الحارثية والقادسية.

وتبلغ مساحة "الخضراء" حوالى 10كم، وتمتد على نهر دجلة، وكانت تضم القصور الرئاسية (الجمهوري، السلام)، ومقرات الحرس الخاص بالرئيس النظام السابق صدام حسين، والقيادة القومية، كما زينت بعض شوارعها بالتماثيل البرونزية، وعلى الرغم من أنها لم تكن مغلقة أمام الناس آنذاك، إلا أنها كانت تحت الإجراءات الأمنية المشددة.

بعد الغزو الأميركي أغلقت تماما العام 2003، وبعد انسحابهم في العام 2011 استحوذت الحكومة العراقية على المنطقة، وأصبحت لا تسمح بدخولها، إلا للأشخاص الذين يحملون الشارات القانونية "الباجات". وظلت "الخضراء" محاطة بأسوار عالية من الأسمنت المسلح، وتحرسها دبابات وعربات مصفحة وعناصر من القوات الأمنية الخاصة.

وكانت "الخضراء" أكثر مناطق العراق أمناً وتحصيناً، ويعزو المفكر والباحث الموسوعي غالب الكعبي أسباب اختيار هذه المنطقة مقراً للسلطات، إلى موقعها الجغرافي المميز وسط بغداد وامتدادها على ضفاف النهر، ما يعطي قوة إلى التحصينات الأمنية وهو أمر متعارف عليه عالميا، فغالبا ما تشيد المواقع الرئاسية على الأنهر، بالإضافة إلى البعد الحضاري والجمالي الذي تمتاز به.

التدرج الزمني

وكان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي قد أمر في أغسطس (آب) 2015 بإعادة فتح المنطقة، لكن الأمر استمر فقط أياماً قليلة ثم أعيد إغلاقها أمام المارة. وبعد مضي 15 عاماً أعلنت الحكومة العراقية برئاسة عادل عبد المهدي في 10 ديسمبر (كانون الأول) عام 2018 فتح "الخضراء" أمام المواطنين بشكل جزئي. وفي يوم 12 من الشهر ذاته، أمر عبد المهدي، بتمديد ساعات فتح المنطقة من الخامسة عصرًا حتى الواحدة ليلًا، مؤكداً أن قراره "لا رجعة فيه".

وفي الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) 2019، مددَ عبد المهدي الساعات من الخامسة عصراً، حتى التاسعة صباحاً، وفي يوم 17 من شهر فبراير (شباط) 2019 أعلن سكرتير رئيس الوزراء الفريق الركن محمد حميد البياتي عزم عبد المهدي فتح المنطقة 24 ساعة في اليوم.

المزيد من العالم العربي