Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معرض مسقط للكتاب تحدى كورونا وانطلق من جديد

ندوات ثقافية وحركة الشراء تتنوع وناشرون يشكون ارتفاع أجور الأجنحة

من أجواء معرض مسقط للكتاب (الخدمة الإعلامية للمعرض)

هل تمكّن معرض مسقط الدولي للكتاب، في دورته السادسة والعشرين التي تختتم غداً، من استعادة أنفاسه، بعد عامين من الانقطاع الاضطراري، في ظلال كورونا وأشباحه؟ نحن حيال نشاط ثقافي اجتماعي بامتياز، نشاط موجه إلى المجتمع عموماً، الأسرة والأفراد، المؤسسات التعليمية والتربوية والإعلامية والثقافية، ولكل من هذه الفئات وجهة نظره المحكومة بما يستهدف من هذا النشاط. فما أبرز ملامح هذا المعرض؟

نجحت وزارة الإعلام العمانية، المشرفة على المعرض، في إطلاق الدورة الجديدة من المعرض، لكنها لم تتمكن من إقناع الناشرين المشاركين بالأسعار المبالغ فيها للأجنحة، كما لم تنجح في إرضائهم، أو ترضيتهم، ولو بتخفيض ضئيل، من أجور تلك الأجنحة، مقارنة ببعض معارض الكتاب، وخصوصاً الخليجية. فمنذ البداية أعلنت الوزارة أنه لا إعفاء ولا تخفيض، علماً أن المعرض جرى ترسيخه كواحد من المعارض ذات الشأن، لجهة إقبال الزوار على الشراء، فلم يكن كافياً تبرير الأمر بجائحة كورونا.

نجحت الوزارة بكوادرها وطاقاتها، في تقديم دورة "شبه طبيعية"، نسبة إلى ظروف الجائحة التي مرت بها البلاد، ولا تزال وإن كانت أقل حدة وتأثيراً، إلا أنها لا تزال مؤثرة سلباً على الحركة الثقافية في البلاد وفاعلياتها. والنجاح الأول تمثل في القدرة على إعداد المكان، وتوزيع الأجنحة، على نحو يتلاءم مع ظلال الجائحة وأشباحها، من شروط التباعد، بحيث اضطر المنظمون إلى وضع مسافة بين الأجنحة المتقابلة، وتضييق مساحات هذه الأجنحة في ما يخص العمق. وفرض ارتداء الكمامات في جميع مرافق المعرض وممراته، حتى على الأطفال، فضلاً عن التعقيم الدائم، وتوفير عيادة خاصة بفحص الكورونا بثمن زهيد.

وتمثل النجاح الثاني في قدرة الجهة المنظمة، على استقطاب عدد كبير من دور النشر المحلية والعربية والأجنبية، حتى أنها بلغت 715 دار نشر، منها 33 داراً متخصصة في الكتاب الأجنبي، وبلغ عدد الدول المشاركة 27 دولة، وضم المعرض 361 ألف عنوان. وشهد المعرض 114 فعالية ثقافية وأدبية متنوعة، ما بين ندوات ومحاضرات وأمسيات ثقافية وأدبية، وحظيت فئة الأطفال في المعرض بـ80 فعالية متنوعة.

دور النشر... اتجاهات وآراء

يجد زائر المعرض، المتجول في أرجائه، دور النشر العربية الشهيرة، وبعض دور النشر الناشئة والجديدة، إلى جانب دور النشر الأجنبية المعروفة والمجهولة بالنسبة إلى القارئ العربي المطلع. وفيما يعلن القليل من دور النشر، عن ارتفاع في مبيعات كتبه، لأسباب تتعلق بطبيعة العناوين، والفئات التي تتوجه إليها الكتب، وهي غالباً فئة الأطفال والشباب، فإن كثيرين يشكون من شح في البيع، إلى درجة انعدامه في بعض الأيام، خصوصاً الأيام الأولى للمعرض، ويخشى هؤلاء من العودة إلى بلادهم خاسرين، وفي أحسن الأحوال يكونون بالكاد سددوا تكاليف رحلتهم ومشاركتهم.

ويجد المتجول حضوراً كثيفاً لفئة الشباب، ذكوراً وإناثاً، على حساب حضور الفئات الأكبر سناً، بل إن ثمة حضوراً متميزاً للطلاب والطالبات في المدارس. وفي حين تتوجه غالبية الشباب إلى نمط معين غالب على اهتماماتهم، وهو الرواية والقصص، وخصوصاً المترجمة منها، وفي كثير من الأحيان لا تهم أسماء الكتاب والمؤلفين، ولا المترجمين، في حين يبحث القليل عن الدراسات والعلوم والتاريخ والأساطير.

 وبالنسبة إلى المتابع لمعارض الكتاب العربية، لا بد أن يلفت نظره نقص في دور النشر "الدينية"، إسلامية وغير ذلك، أو يمكن القول، إنه باستثناء أجنحة قليلة تخص إصدارات لأسماء شهيرة، فإن المتجول بالكاد يرى دار نشر متخصصة في الكتاب الديني، رغم وجود كثير من دور النشر المعنية بكتب التراث، بتصنيفاته المختلفة.

ندوات ومحاضرات

من بين مجموعة من الندوات والمحاضرات، برزت محاضرة أستاذ الفلسفة في جامعة دمشق سابقاً أحمد برقاوي، وندوة حول مجلة "نزوى". فجر برقاوي بعنوان "الفلسفة والسؤال"، مجموعة من الأسئلة حول دور الفلسفة في حياتنا، الفكرية واليومية، والوجودية والواقعية. فربط الفلسفة بضرورة السؤال، حيث السؤال تمرد على المألوف والراكد، وأكد ضرورة وجود الفلسفة، ليس في مواجهة الدين، بل لتكريس ما هو عقلاني. وهو ما ترفضه مناهجنا التربوية المدرسية والجامعية، لأنها تخاف من السؤال، تخاف العقل، وتفضل النقل والتقليد، تفضل الماضي على الحاضر والمستقبل. كما أن الفلسفة شأن من شؤون الشك والسؤال، لا من شؤون اليقين والاستسلام للغيب المطلق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تلت المحاضرة مجموعة من أسئلة الحضور، دار غالبيتها حول العلاقة بين الفلسفة والدين، ونفى برقاوي جود أي علاقة بينهما، فهما عالمان مختلفان، ينتمي كل منهما إلى عالم وحقل بعيد تماماً عن الآخر. ففي حين ينتمي الدين والتدين إلى عالم الإيمان المطلق بالغيبيات، تنتمي الفلسفة إلى عالم الشك والتساؤلات العميقة حول جوهر الإنسان ووجوده، لذا تبدو وكأنها تعمل في مواجهة الدين، بينما هي تعمل في حقل آخر. ولذا قيل، خطأً "من تفلسف تزندق"، وطورد الفلاسفة وشردوا وقتلوا، بحجة الزندقة. 

"نزوى" و"العربي"

وإلى ذلك وغيره، كان من اللافت احتفاء هذه الدورة من المعرض، بعدد من المجلات العربية، على رأسها مجلة "نزوى" العمانية التي يرأس تحريرها الشاعر سيف الرحبي، ومجلة "العربي" الكويتية. لكن "نزوى" حظيت بندوة خاصة، شارك فيها عدد من الكتاب والباحثين، وحملت الندوة عنوان "مجلة نزوى 28 عاماً من التنوع الثقافي"، وشارك فيها كل من: هلال الحجري، وأحمد يوسف، وفاطمة الشيدي، أدارتها الكاتبة الروائية هدى حمد مديرة تحرير المجلة. وتحدث المشاركون عن ملامح تشكل العلاقة بينهم ككتاب وبين المجلة، منذ نشأتها وحتى الآن، إضافة إلى التوجهات التي تبنتها المجلة، والعوامل التي أسهمت في تميزها واستمراريتها، وأهم الرؤى المؤملة نحو مرحلة التطوير المقبلة.

وقد تحدث البعض في مواجهة الاتهامات التي يتبناها البعض حول نخبوية اتجاه المجلة وتجاهلها الاهتمام بالعامة، فقال الحجري: "أتابع مثل هذه الإشارات والرسائل التي رافقت مجلة ’نزوى’ كمشروع استثنائي في عمان منذ التسعينيات، ومن المتوقع أن يواجه خطاب كخطاب ’نزوى’ هذه التحديات". ورد على الاتهامات التي يتبناها البعض حول نخبوية اتجاهها وتجاهلها الاهتمام بالعامة قائلاً، إن من المتوقع أن تواجه المجلة الثقافية هذه التحديات، فهذه تخوفات من خطاب جديد يترسخ في عمان، وكل جديد هناك من يتوجس منه.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة