Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

واشنطن تفرض عقوبات على "شبكة مالية دولية" تمول الحوثيين

"الخزانة الأميركية" تكشف عن متاجرة الميليشيات بتهريب الوقود والمنتجات البترولية والسلع وجنيها عشرات ملايين الدولارات

وزارة الخزانة الأميركية (غيتي)

ضمن المساعي الدولية المطالبة بوقف الحرب اليمنية واحتواء التصعيد الذي تقوده ميليشيات الحوثي، بحسب عواصم غربية، على مناطق الداخل اليمني ومدن الجوار الخليجي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية الأربعاء فرض عقوبات على أعضاء شبكة دولية قالت إن "فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني يديرها لتمويل الحوثيين لشن هجمات ضد الحكومة اليمنية والدول المجاورة تهدد المدنيين والبنية التحتية".

عائدات حوثية بعشرات الملايين

وكشفت "الخزانة الأميركية" في بيان أن "الشبكة بقيادة فيلق القدس وممول حوثي يدعى سعيد الجمل قاما بتحويل عشرات الملايين من الدولارات إلى اليمن عبر شبكة دولية معقدة من الوسطاء لدعم هجمات الحوثيين، على الرغم من دعوات السلام المستمرة من قبل المجتمع الدولي".

وقالت الوزارة إنها أدرجت في الـ 10 من يونيو (حزيران) 2021 كلاً من "الجمل وأعضاء شبكته لدورهم في بيع سلع مثل البترول لتمويل الحوثيين".

الجمل بما حمل

الوزارة أوضحت أن "سعيد الجمل يدير شبكة من الشركات والسفن التي تهرب الوقود والمنتجات البترولية والسلع الأخرى لعملاء في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، ويساعد الجمل شخص يدعى عبدي ناصر علي محمود في تركيا، وكانت شبكة أعماله بمثابة غطاء لأنشطة الجمل"، مؤكدة أن الشبكة "حققت عائدات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات بمساعدة مجموعة متنوعة من تجار السلع الدوليين، منهم شخص يدعى محمود عبدالله دايل أحمد مقيم في الإمارات والسويد ورجل أعمال يوناني يدعى كونستانتينوس ستافريديس مقيم في الإمارات".

وتابعت أن "الشركات المشاركة في تلك الشبكة سهلت معاملات بملايين الدولارات للجمل، بما في ذلك عمليات نقل شحنات نفط إلى الصين وسوريا، واستغل رجل أعمال موال للنظام السوري يدعى محمد براء قاطرجي، سبق وأن فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عليه، إحدى الشركات لإرسال ملايين الدولارات إلى شركة تابعة للجمل".

كما كشفت الوزارة أن الأفراد والشركات المستهدفة بقرار يوم الأربعاء جزء من شبكة يشرف عليها "فيلق القدس"، الذراع الطولى للحرس الثوري الإيراني، وسعيد الجمل وهو ممول حوثي فرضت عليه عقوبات العام الماضي.

وقالت إن من بين الأفراد والكيانات الذين طالتهم العقوبات أيضاً عبده عبدالله دائل أحمد، وهو تاجر سلع مقيم في الإمارات والسويد وشركته معاذ عبدالله دائل للاستيراد والتصدير، وكونستانتينوس ستافريديس، وهو رجل أعمال يوناني يقيم في الإمارات وشركته "فاني" لتجارة النفط.

كما أدرجت شركات صرافة في تركيا واليمن وشركة "أوروم" لإدارة السفن التي تدير عملياتها من الهند والإمارات وسنغافورة إلى جانب مديرها الإداري شيرانجيف كومار سينغ.

والقرار يجمد أي أموال أو أصول للكيانات والأفراد المتورطين في الشبكة والخاضعين للسلطة القضائية الأميركية، ويمنع الأميركيين عموماً من إجراء أي تعاملات تجارية معهم.

رداً على التصعيد

وفي توضيح للإجراء المتخذ، أكدت الوزارة أن قرارها جاء بسبب "مواصلة الحوثيون حملتهم المدمرة داخل اليمن، وقد أطلقوا مراراً صواريخ باليستية وطائرات من دون طيار أصابت البنية التحتية المدنية في الدول المجاورة، مما أدى إلى سقوط ضحايا مدنيين".

وقالت إنه "يجب على قادة الحوثيين وقف حملتهم العنيفة والتفاوض بحسن نية لإنهاء الصراع".

وأضافت أن "ميليشيات الحوثي تواصل حملتها التدميرية ضد اليمن على الرغم من دعوات السلام من المجتمع الدولي، مشددة على مواصلة العمل بحزم ضد كل من يحاول إطالة أمد النزاع في اليمن لتحقيق مآربه الخاصة".

شركاء وتنسيق

وفي حين أرجع مراقبون دوافع القرار بأنه استجابة إلى الدعوات السعودية والإماراتية ومعها الحكومة الشرعية لمعاقبة الميليشيات على طريق تصنيفها ضمن قوائم الإرهاب، أكدت الخزانة أن "الإجراءات التي تم اتخاذها اليوم كانت بالتنسيق والتعاون الوثيقين مع الشركاء الخليجيين الإقليميين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت، "سنواصل العمل مع حلفائنا الإقليميين للعمل بشكل حاسم ضد أولئك الذين يسعون إلى إطالة أمد هذه الحرب من أجل طموحاتهم الخاصة".

فرد و5 كيانات إرهابية

وفي خطوة موازية، أدرجت دولة الإمارات فرداً وخمسة كيانات ضمن القائمة المحلية المعتمدة المدرج عليها الأشخاص والكيانات والتنظيمات الداعمة للإرهاب.

وأصدر مجلس الوزراء الإماراتي القرار الوزاري رقم (13) لسنة 2022، الذي تضمن إدراج فرد وخمسة كيانات إرهابية ضمن القائمة المحلية المعتمدة المدرج عليها الأشخاص والكيانات والتنظيمات الداعمة للإرهاب.

ويأتي القرار "في إطار حرص دولة الإمارات على استهداف وتعطيل الشبكات المرتبطة بتمويل الإرهاب والنشاطات المصاحبة له، وفقاً لوكالة الأنباء الإماراتية".

تجميد خلال أقل من 24 ساعة

الحكومة الإماراتية بدورها أكدت أنه يجب "على جميع الجهات الرقابية كافة القيام بحصر أي فرد أو جهات تابعة أو مرتبطة بأية علاقة مالية أو تجارية مع هذه الكيانات، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحسب القوانين سارية المفعول في دولة الإمارات بما يشمل إجراء التجميد خلال أقل من 24 ساعة، إذ إن هذه الشركات والأفراد مرتبطين بدعم ميليشيات الحوثي الإرهابية التي تستخدم هذه التمويلات لاستهداف المنشآت المدنية والمدنيين".

ضغط التصنيف

وفي أعقاب التصعيد الحوثي نحو المدن اليمنية التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية وهجماته المتكررة على الأعيان المدنية في الجارة السعودية لتمتد في تطور لافت إلى دولة الإمارات، سارعت دول خليجية وعربية عدة، إضافة إلى الحكومة اليمنية الشرعية، للضغط نحو استصدار قرار أميركي يقضي بأهمية ردع تلك الجماعة، والبدء في تجفيف منابع تمويلها، مع ضغط مواز يهدف إلى إجبارها على الرضوخ للحلول السياسية.

وعقب ماراثون من المطالبات، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن في الـ 19 من يناير (كانون الثاني) من الشهر ذاته الذي شهد اعتداء حوثياً على مطار أبوظبي، أن "الولايات المتحدة تدرس استعادة تصنيفها الحوثيين مجموعة إرهابية".

وعلى الرغم من عدم اتخاذ الإدارة الأميركية القرار حتى اليوم وسط ضغوط متواصلة عليها باتخاذه، إلا أن العقوبات التي تم فرضها الأربعاء تعطي تحذيراً واضحاً للحوثيين، وفقاً لمتابعين، بقرب تصنيفهم على لوائح الجماعات الإرهابية.

مساعدة الشركاء

وفي إيضاح لهذه الخطوة، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بيان، إن "الولايات المتحدة فرضت عقوبات على أعضاء تلك الشبكة الدولية الممولة للحوثيين الذين يهاجمون بشكل روتيني المدنيين والبنية التحتية المدنية في اليمن ودولاً مجاورة، بينما تتزايد حدة الأزمة الإنسانية في اليمن".

بلينكن أوضح أن "الولايات المتحدة قامت بتنسيق هذا الإجراء بشكل وثيق مع شركائنا في الخليج".

وتابع، "استمرار الهجوم العسكري للحوثيين أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، مما يعرض أكثر من مليون نازح لخطر جسيم"، ولفت إلى "احتجاز الحوثيين موظفين يمنيين حاليين وسابقين في السفارة الأميركية في صنعاء من دون الاتصال بعائلاتهم منذ شهور".

وتابع، "نواصل العمل بشكل وثيق مع شركائنا الإقليميين للعمل بشكل حاسم ضد أولئك الذين يسعون إلى إطالة أمد هذه الحرب من أجل أهدافهم الخاصة"، وشدد على أن "الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بشدة بمساعدة السعودية والإمارات في الدفاع عن نفسيهما وعن عشرات الآلاف من المواطنين الأميركيين الذين يعيشون في الخليج ضد هجمات الحوثيين".

وكانت إدارة الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب وضعت الحوثيين على القائمة قبل 10 أيام من مغادرته منصبه، مما أدى إلى فرض عقوبات مالية، إلا أن إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن سرعان ما تراجعت عن هذه الخطوة خشية أن تثني العقوبات "مجموعات الإغاثة والمستوردين التجاريين عن جلب سلع مثل الطعام والوقود إلى اليمن الذي يعتمد على الواردات بنسبة 90 في المئة من حاجاته من الغذاء والوقود والدواء".

مطالبات حكومية

ولطالما طالبت الحكومة الشرعية في اليمن المجتمع الدولي والأمم المتحدة بتصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية، وكانت الرئاسة اليمنية طالبت بتصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية"، معتبرة أن ذلك سيجبرها على "الخضوع لعملية السلام في البلاد".

وليست تلك الدعوة الأولى، فقد أعلن الرئيس الأميركي السابق ترمب أن الحوثيين منظمة إرهابية قبل أيام من رحيله عن البيت الأبيض، لكن هذا التصنيف لم يدم سوى أيام قبل أن يلغيه بايدن بعيد وصوله إلى البيت الأبيض.

ولكن الأمم المتحدة حذرت من أن هذه الخطوة ستجر البلاد إلى "مجاعة على نطاق لم نشهده منذ قرابة 40 عاماً"، كما جاء على لسان مسؤول المساعدات في الأمم المتحدة مارتن لوكوك قبل نحو عام.

حق الرد

ويرفض الحوثيون تصنيفهم "منظمة إرهابية"، متوعدين بأنهم يحتفظون "بحق الرد". وقال القيادي البارز في الجماعة محمد علي الحوثي في تغريدة له في وقت سابق، "إن سياسات إدارة ترمب تعبر عن أزمة في التفكير، وأميركا تصنع الإرهاب في العالم". وأضاف، "نحتفظ بحق الرد إزاء أي تصنيف ينطلق من إدارة ترمب أو غيرها".

نازحون وجوعى

وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية براين نيلسون أوضح في تفنيد إضافي أنه "على الرغم من المناشدات من أجل التفاوض لإنهاء هذا الصراع المدمر، يواصل قادة الحوثيين شن هجمات صاروخية وجوية من دون طيار على جيران اليمن، مما أسفر عن مقتل مدنيين أبرياء، بينما لا يزال ملايين المدنيين اليمنيين نازحين وجوعى".

جدوى القرار

ومن شأن إضافة الحوثيين إلى قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية التي تشرف عليها وزارة الخارجية الأميركية أن تجرم التعامل مع الجماعة الطائفية وتجعل الشركات أو المنظمات التي تتعامل معها عرضة للملاحقة الجنائية.

ويقول الباحث الاقتصادي عبدالواحد العوبلي إنه سيخضع تحويلات مؤسسات الحوثي المالية المنتشرة حول العالم للرقابة، ومن ضمنها ما يحصلون عليه من أموال من المنظمات الدولية.

وأضاف، "ما تضمنته العقوبات الأميركية يكشف القدرة المالية المنتشرة والعابرة والمتجددة للحوثيين لتمويل حربهم ضد اليمنيين"، إلا أن القرار "سيلقي بظلاله على تجارتهم (الحوثيين) الخارجية من خلال وقف التعامل مع عمليات استيراد المشتقات النفطية أو المشاريع الاستثمارية التي يغسلون بها عشرات الملايين من الدولارات والذهب ويهربونها إلى الخارج، وهذا طبعاً ما لا يريده الحوثيون ولا المنظمات الدولية المتورطة معهم في تمويل الحرب".

المزيد من متابعات