Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بدء تشغيل سد النهضة... محاولة إثيوبية لفرض أمر واقع أم مناورة سياسية؟

قال آبي أحمد "نريد أن يفهم العالم كله أن هذه المياه تذهب إلى السودان ومصر لتوليد الطاقة"

ضمن خطوة لاقت ترحيباً لافتاً من قطاعات الشعب الإثيوبي، هنأ رئيس الوزراء آبي أحمد، الأحد 20 فبراير (شباط)، الإثيوبيين بإطلاق المرحلة الأولى من إنتاج الطاقة الكهربائية من سد النهضة.

انطلاقة عمل سد النهضة لم تكن معلنة ليأتي الفعل سابقاً للرسالة التي قال فيها رئيس الوزراء الإثيوبي، "رسالتي للشعب المصري والسوداني بمناسبة تدشين إنتاج الطاقة من سد النهضة، سيأتي خير كثير إليكم".

وعلى الرغم من ودية الرسالة إلا أن تساؤلاً يطرأ، هل تعتبر الخطوة فرض أمر نافذ أم حثاً لدولتي المصب على استئناف المفاوضات؟

طموح لبناء اقتصاد حديث

وكان رئيس الوزراء آبي أحمد قال في الـ 20 من يناير (كانون الثاني) الماضي إن "إثيوبيا لديها طموح لبناء اقتصاد حديث قائم على الزراعة والتصنيع والصناعة، وهي ملتزمة بتطوير البنية التحتية الاجتماعية مع جودة التعليم والأنظمة الصحية وتوفير المياه النظيفة لشعبها". وأشار في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على "تويتر" إلى أن "الكهرباء بنية تحتية أساسية تفتقر إليها إثيوبيا، وأكثر من 53 في المئة من مواطنيها، (60 مليون شخص) لا يحصلون عليها".

وأضاف، "من دون الكهرباء ما من دولة تمكنت من هزيمة الفقر وتحقيق النمو الشامل وتأمين حياة كريمة لمواطنيها وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المستدامة".

تدشين الطاقة

وأثناء افتتاحه رسمياً بدء إنتاج الطاقة الكهربائية من سد النهضة، قال آبي أحمد "يبدأ اليوم أكبر سد للنهضة في أفريقيا عملية التشغيل، وهي أخبار جيدة لقارتنا ولدول حوض النيل الذين يرغبون في العمل معاً، ونهر النيل يواصل رحلته لزراعة بلادنا وري جيراننا".

وفي حضور عدد كبير من الوزراء والمسؤولين وعلى رأسهم آبي أحمد إلى جانب رئيس إثيوبيا السابق ملاتو تشومي ورئيس الوزراء السابق هيلي ماريام ديسالين وآخرين، أضاف "نريد أن يفهم العالم كله كما ترون أن هذه المياه تذهب إلى السودان ومصر لتوليد الطاقة"، مؤكداً أن بلاده لا تريد تجويع وإغراق شعبي مصر والسودان "ونحن سعداء بذلك".

وشدد على أن بلاده لا تريد أن تؤذي أحداً، وأن أكبر حلم هو توفير الكهرباء لـ 60 في المئة من سكان البلاد.

ويعتبر سد النهضة الذي أقامته على النيل أو ما يطلق علية الإثيوبيون اسم (أباي) بمدينة غوبا بإقليم بني شنقول قومز، أحد أكبر السدود في القارة الأفريقية، حيث بدأ العمل فيه منذ أبريل (نيسان) 2011، ووصل فيه البناء حالياً إلى نسبة 83 في المئة.

تحول اقتصادي

وبدأت عملية إنتاج الطاقة الكهربائية من السد من خلال تشغيل أول توربين من مجموع توربينين تم تركيبهما حديثاً، وتبلغ الطاقة الإنتاجية للتوربين الواحد 375 ميغاواط.

وفي حين بدأت عملية التشغيل الأولى لسد النهضة من خلال توربين واحد ينتظر الإنتاج من التوربينين معاً لاحقاً، ليصل إجمالي إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 750 ميغاواط، ولا يزال سد النهضة موضع خلاف ومفاوضات متعثرة بين إثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان، وتعول أديس أبابا على إنتاج 6000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، وهي إجمال الطاقة المستهدفة من بناء السد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتسعى إثيوبيا إلى أن يكون سد النهضة بداية لتحول اقتصادي تنشده في الارتقاء ببنياتها التحتية وبشعوبها في مختلف مجالات التنمية من خلال استغلال الكهرباء.

وكانت أديس أبابا بدأت مرحلة الملء الأولى لخزان السد في 2020، وأعلنت في يوليو (تموز) 2020 الوصول إلى تعبئة 4.5 مليار متر مكعب.

كما أعلنت إثيوبيا نجاح المرحلة الثانية من عملية التعبئة بمقدار 13 مليار متر مكعب، من جملة المياه المقدرة لخزان السد بحوالى 74 مليار متر مكعب.

مصر تندد

وتعليقاً على هذا القرار الإثيوبي، اعتبرت السلطات المصرية، الأحد، أن هذا إمعان منها في خرق التزاماتها بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان، "تعقيباً على الإعلان الإثيوبي اليوم عن البدء بشكل أحادي بعملية تشغيل سد النهضة، وذلك بعد الشروع أحادياً في المرحلتين الأولى والثانية من ملء السد، تؤكد مصر أن هذه الخطوة تعد إمعاناً من الجانب الإثيوبي في خرق التزاماته بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ لسنة 2015 الموقع من قبل رئيس الوزراء الإثيوبي".

الانتظار إلى ما لا نهاية

وعلى الرغم مما تمثله مرحلة إنتاج الكهرباء من أهمية لإثيوبيا، إلا أن بعض المراقبين يقللون من الخطوة باعتبارها أمراً واقعاً تحاول أديس أبابا من خلاله لفت النظر تجاه كسب تفاوضي في المفاوضات المرتقب استئنافها بين الدول الثلاث لاحقاً.

وكانت إثيوبيا وعلى لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية رضوان حسين دعت في الـ 13 من فبراير (شباط) الحالي "السودان ومصر إلى عدم التمسك بموقفهما تجاه شأن سد النهضة"، وأشار حسين إلى أن "الإثيوبيين لا يستطيعون الانتظار إلى ما لا نهاية، وأنهم يتوقعون الضوء الأخضر لاستخدام مواردهم".

وتابع، "المسألة العالقة من وجهة نظر مصر هي الطلب منا إطلاق المياه من السد إذا ما حصل جفاف ما، وهذا يعني حتى إذا لم تهطل الأمطار في إثيوبيا عليها أن تطلق المياه من السد لمصر. ما هذا المنطق؟".

وأشار، "أبلغنا السودان أننا مستعدون لتبادل البيانات بانتظام لتأمين مخاوفهم على أمن سدودهم الأصغر، لكن موقفهم الآن يخدم مصالح طرف ثالث غير مصلحة السودانيين".

خطوة متوقعة

من جهته، يقول المؤرخ الإثيوبي آدم كامل "إن الخطوة كانت متوقعة ولم تأت من فراغ، ولكنها إنجاز سنين عدة وجهود جبارة بذلتها إثيوبيا لتحقيق غايتها في الاستفادة من بناء سد النهضة. ويضيف، "إثيوبيا لا يمكنها الانتظار أو أخذ الإذن للاستفادة من مواردها المائية".

وحول ما يعنيه بداية توليد الكهرباء من سد النهضة يضيف، "الشعب الإثيوبي موعود بتحول شامل في الحياة إلى الأفضل، باعتبار أن الكهرباء أحد أهم أدوات التنمية سواء للزراعة أو الصناعة أو غير ذلك من فوائد انتظرها الشعب طويلاً". وزاد، "توليد الطاقة من سد النهضة لا يعني إغلاقها أبواب الحوار مع السودان ومصر في التعاون للاستفادة من المياه، لأن النيل عنصر مشترك بيننا، وما ينبغي أن نتفق عليه هو التعاون والنظر إلى المستقبل لتنمية شعوب الدول الثلاث، وليس التعصب تجاه المواقف السلبية التي لا تخدم أوطاننا".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات