Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاختبار الأول لتوليد الكهرباء من سد النهضة يثير مخاوف القاهرة

مصر تتمسك بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني عادل وملزم وإثيوبيا تتهم دولتي المصب بعدم الاستمرار في المفاوضات

أديس أبابا ماضية في استكمال المرحلة الأخيرة من مشروع السد وتوليد الكهرباء (رويترز)

عادت سخونة الأجواء مجدداً إلى ملف سد النهضة المثير للجدل بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم، بعد أن أفادت وسائل إعلام إثيوبية، بأن السلطات الفيدرالية، بدأت أول اختبار لتوليد الكهرباء من السد الذي يتم إنشاؤه على النيل الأزرق.

وفي حين تبادلت عواصم الأزمة التصريحات خلال الأيام الأخيرة، بشأن تجديد النية لإعادة إطلاق المفاوضات المتوقفة منذ أبريل (نيسان) الماضي، من أجل الوصول إلى حل "يُحافظ على مصالح البلدان الثلاثة"، يقول مراقبون إن الاختبار الأول لتوليد الكهرباء من السد يزيد من تعميق الأزمة، حتى وإن رافقته استفادة مصرية من تدفق المياه من الناحية النظرية.

تمسك بـ"اتفاق ملزم"

وفي أحدث تصريحات مصرية متعلقة بأزمة سد النهضة، تمسك الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مجدداً بضرورة التوصل لاتفاق قانوني عادل ومتوازن وملزم بشأن سد النهضة.

وقال السيسي، يوم السبت، خلال استقباله نظيره السنغالي ماكي سال (سترأس بلاده الاتحاد الأفريقي خلال العام الجديد) في القاهرة، إنه "ناقش مع سال التطورات الخاصة بملف سد النهضة، واستعرض رؤية مصر المستندة إلى كون نهر النيل مصدراً للتعاون والتنمية وشريان حياة جامعاً لشعوب دول حوض النيل"، مؤكداً "أهمية التوصل لاتفاق قانوني عادل ومتوازن وملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة وفقاً لقواعد القانون الدولي ومخرجات مجلس الأمن في هذا الشأن، وذلك في إطار زمني مناسب، ومن دون أية إجراءات منفردة".

في المقابل، ردت الخارجية الإثيوبية، الأحد، بتطلعها إلى استئناف المفاوضات عبر الوساطة الأفريقية، مع عدم تخليها عن المضي قدماً في استكمال أعمال البناء في السد، قبل التوصل إلى اتفاق ملزم وقانوني.

ونقلت قناة "العربية" الإخبارية، عن المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، قوله إن "التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن سد النهضة يعود إلى قائدي بلدي المصب (مصر والسودان)، متهماً "القاهرة والخرطوم بالتسبب في عدم الاستمرار في المفاوضات". وذكر مفتي في معرض رده على دعوة الرئيس المصري إلى اتفاق ملزم بشأن مشكلة سد النهضة، قائلاً: "كنا قد دخلنا في مفاوضات ثلاثية متعددة، وما زالت إثيوبيا متمسكة بالوساطة الأفريقية، إلا أن السودان ومصر تشاركان في المفاوضات أحياناً، وأحياناً نلاحظ تردداً"، مضيفاً: "نؤمن بالمنفعة المشتركة لنهر النيل، ولا نريد أن يلحق الضرر بدولتي المصب، وهذه مصلحة مشتركة لشعوب إثيوبيا والسودان ومصر، ويجب أن نستفيد منه جميعاً"، على حد قوله.

وتابع مفتي أن أديس أبابا ماضية في استكمال المرحلة الأخيرة من مشروع السد وتوليد الكهرباء، قائلاً: "أبلغنا بلدي المصب مراراً وتكراراً بأن هذا السد لن يلحق الضرر بهما، ونشدد على ذلك مع التصميم على استكمال المشروع"، بيد أن المسؤول الإثيوبي يعتقد أن باب الحوار ما زال مفتوحاً، وأن فرص التوصل إلى اتفاق تبقى قائمة.

تداعيات محاولة التوليد الأوّلي للكهرباء

في الأثناء، وعلى وقع عملية الاختبار الأوّلي لتوليد الكهرباء من السد، زادت المخاوف المصرية من تداعيات الخطوة على احتمالات استئناف المسار التفاوضي بين دولتي المصب وأديس أبابا، بحسب ما تحدث مراقبون لـ"اندبندنت عربية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، إن الاختبار الأول لتوليد الكهرباء يحمل تداعيات سياسية سلبية، وإن كانت على المستوى التقني قد تصب في مصلحة القاهرة، موضحاً أن "تشغيل توربين أو اثنين لتوليد الكهرباء من سد النهضة، يعني تصريف المياه من بحيرة السد في اتجاه مصر والسودان، إذ إنه من الناحية الفنية، فإن التشغيل سيجفف الممر الأوسط، لكن يبقى التصرف الأحادي من إثيوبيا في تعاملها مع الأزمة مثيراً للقلق والمخاوف في القاهرة والخرطوم".

ويتابع شراقي: "فتح البوابات وإمرار المياه لدوران التوربينين في مجرى النيل الأزرق يعنيان تصريف كمية من المياه ما بين 25 - 50 مليون م3/يوم، وهذا بالتأكيد في صالح مصر والسودان حيث يتم تصريف متوسط نحو مليار متر مكعب شهرياً من المخزون الحالي (أتمت إثيوبيا عمليتين للملء على مدار العامين الماضيين ورفضتهما مصر والسودان)"، مضيفاً: "سيقود التشغيل إلى تجفيف الممر الأوسط، بالتالي الإعداد لاستكمال عملية البناء في الجناحين الأيمن والأيسر للسد".

ويستكمل شراقي الحديث قائلاً: "على الصعيد السياسي تحمل الخطوة مزيداً من التعقيد بشأن احتمالات حل الأزمة بين البلدان الثلاثة، ما من شأنه زيادة التوتر، إذ تؤكد هذه الخطوة، المسار المنفرد من قبل إثيوبيا في تعاطيها مع مخاوف دولتي المصب، وهو ما يخالف البند الخامس من إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في عام 2015 ينص على ينص التعاون في الملء الأول وإدارة السد"، موضحاً أن الحل الأمثل يبقى في "سرعة استئناف المفاوضات للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم لإدارة وتشغيل السد".

من جانبه، يقول السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، "في الأيام الأخيرة شهدنا تصريحات مبشرة من أديس أبابا تعكس حرصها على إعادة استئناف المسار التفاوضي حول أزمة سد النهضة، بعد الهدوء النسبي على مستوى الاضطرابات الداخلية التي عانتها الأشهر الأخيرة والحرب في إقليم تيغراي، إلا أن المحاولة الأولى لتوليد الكهرباء تعكس إصرار الجانب الإثيوبي على المضي قدماً في تعاطيه الأحادي والمنفرد في التعامل مع الأزمة".

ويتابع: "نأمل أن تتمكن السنغال من خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي خلفاً للكونغو الديمقراطية، التوفيق بين مصر والسودان وإثيوبيا، بخاصة بعد بيان رئيس الوزراء الإثيوبي الأسبوع الماضي الذي دعا فيه إلى بناء السلام والتعاون والتعايش المتبادل والتنمية لجميع شعوبنا دون الإضرار ببعضها البعض".

وتتمسك إثيوبيا باعتبار سد النهضة مشروعاً تنموياً ضرورياً لنهضتها، وأنها لا تسعى إلى الإضرار بالحصص المائية لدولتي المصب، معتبرة أن "موارد المياه العابرة للحدود تشكل فرصة لتحقيق الصالح العام والتعاون الإقليمي"، وأن "موقفها من مياه النيل عادل، وتتطلع إلى استغلال حقوقها المشروعة وبناء توافق بين شعوب البلدان المُشاطئة"، إلا أن هذا الموقف لم يبدد مخاوف كل من مصر والسودان.

وتخشى القاهرة من تأثير بناء السد على حصتها من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب في السنة، ويُعتبر نهر النيل شريان الحياة لديها، إذ يغطي ما يفوق 97 في المئة من احتياجاتها المائية، وكذلك تتخوف السودان من التداعيات السلبية من استكمال بناء السد وإدارته وتشغيله بشكل منفرد من قبل إثيوبيا.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات