Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غزو أوكرانيا يضع الجزائر في "حرج غازي" بين أوروبا وروسيا

لن تكون سهلةً تلبية الحاجات على المدى القصير من الناحية اللوجيستية ما سيخلق ارتفاعاً جنونياً في الأسعار

تُعتبر الجزائر حلقة رئيسة في سياسة روسيا المغاربية، بل والأفريقية (أ ب)

في وقت تتّجه فيه الأنظار الدولية إلى مآلات الأزمة الروسية - الأوكرانية، دخلت الجزائر على الخط، باعتبارها أكبر مصدر للغاز الذي يستورده الاتحاد الأوروبي، بعد روسيا والنرويج، الأمر الذي فتح المجال أمام الحديث عن توجهات الجزائر بين أوروبا أو روسيا في حال اشتعال معركة "طاقة" في المنطقة.

أفضل رواق

وذكرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية أن أزمة الغاز الأوروبية والخوف من غزو روسيا لأوكرانيا تضع العلاقات الروسية - الجزائرية أمام امتحان، موضحةً أنه في ظل سعي الدول الأوروبية لتأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي، تبقى الجزائر في أفضل رواق لتقديم هذه الخدمة، كما يمكنها أن تقدم بعض المساعدة للولايات المتحدة. وبقدر ما يجعل ذلك الوضع من الحاجة الأوروبية إلى الغاز، مصدراً مالياً جيداً للجزائر، فإن الخطوة تعتبر في الوقت ذاته بمثابة مأزق لها، وفق مؤسس شركة تقييم المخاطر "فيروسي"، سيرلن ويدر شوفين، الذي أبرز أن "تقديم هذه الخدمة سيعرض خطط تعميق الجزائر للعلاقات مع موسكو إلى الخطر".

حلقة روسية رئيسة

وتُعتبر الجزائر حلقة رئيسة في سياسة روسيا المغاربية، بل والأفريقية، ليس فقط نتيجة الاعتبارات الأيديولوجية القديمة التي تميز العلاقات الروسية - الجزائرية منذ استقلال البلاد، بل تتعدى ذلك إلى العمل أيضاً على تطوير المصالح الاقتصادية بالتركيز على ثلاثة قطاعات رئيسة هي الطاقة من النفط والغاز، والتعاون التقني في المجالات الصناعية والتنموية، وأخيراً التعاون العسكري.
كما أن واقع العلاقات الروسية - الجزائرية محكوم بأبعاد عدة مرتبطة بميراث تاريخي، وشبكة حسابات جيوسياسية، طاقوية وعسكرية، بالتالي هناك مصالح مشتركة بين الجزائر وروسيا تزيد من عمق التحالف الاستراتيجي بينهما.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ممون رئيس لأوروبا

في المقابل، وأمام تراجع المداخيل بسبب تهاوي أسعار النفط، وفي ظل ازدياد المطالب الشعبية بتحسين الأوضاع الاجتماعية، تجد الجزائر نفسها أمام الحاجة إلى استغلال الوضع من أجل رفد الخزينة بموارد إضافية لتهدئة الشارع وإعطاء دفعة للاقتصاد المحلي، وذلك عبر الاستجابة إلى طلبات الدول الأوروبية لتعويض جزء من حصة الغاز الروسي.
وتضمن الجزائر لإيطاليا احتياجاتها من الغاز بنسبة 60 في المئة، ثم إسبانيا بـ20 في المئة، وفرنسا ثالثة بـ12 في المئة، والبرتغال رابعة بـ6 في المئة، وتأتي سلوفينيا في المركز الخامس بـ1 في المئة، وبذلك تكون أوروبا أكبر سوق للغاز الجزائري، حيث بلغت صادراتها نهاية العام الماضي نحو 26.1 مليار متر مكعب.
وتحتل الجزائر المركز الـ11 عالمياً من حيث احتياطات الغاز الطبيعي التقليدي والمقدرة بنحو 159 تريليون متر مكعب، في حين تملك احتياطيات مؤكدة من البترول التقليدي بنحو 12.2 مليار برميل، غير أن إنتاج من الغاز تراجع مع نهاية 2020 إلى نحو 81.5 مليار متر مكعب، في وقت بلغ فيه 87 مليار متر مكعب بنهاية 2019، إلا أن ذلك لم يؤثر على فائض هذه الطاقة الحيوية نتيجة التحكم بالاستهلاك المحلي الذي بلغ نهاية عام 2020 نحو 43.2 مليار متر مكعب.
وعلقت شركة تقييم المخاطر "فيروسي" بأن الجزائر قد تتمكن من زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا فإنه لن يكون كافياً لسد الثغرة التي ستحدث بحال توقف الغاز الروسي.

صعوبة تلبية الحاجات

في السياق، يعتقد أستاذ الاقتصاد، عمر هارون، أن "قدرات قطر في مجال الغاز، بحيث إنها تملك ثالث احتياطي عالمي بعد روسيا وإيران، يجعلها البديل الرئيس لتموين العالم في حال نشوب حرب في أوكرنيا، وفرض عقوبات على روسيا التي يحتمل أن يمارس عليها حصار يشبه الذي ضرب على إيران". وقال إن "تعويض الغاز الروسي الذي يمون أوروبا يبقى أمراً ممكناً، بخاصة أنه يمثل حدود 18 في المئة من إجمالي حاجات أوروبا بما يعادل 13.7 مليون طن سنوياً، لكن ذلك لن يكون سهلاً على المدى القصير من الناحية اللوجيستية نظراً لصعوبة تلبية الحاجات بشكل يوافق الطلب، ما سيخلق ارتفاعاً جنونياً في الأسعار ويحول أوروبا إلى قارة متجمدة، بخاصة مع توقعات انخفاض شديد في درجات الحرارة".

ويعتبر هارون أنه "على المدى المتوسط والطويل يمكن أن يكون هناك حلول بديلة على غرار غاز النيجر الذي يمكن أن يصدر ما يعادل 40 مليار متر مكعب سنوياً عبر الجزائر، بالإضافة إلى الجزائر التي بدورها باستطاعتها توفير نحو مليار متر مكعب سنوياً في حالة الضرورة". وأوضح أن "هذه الحلول تبقى مرهونة بتبعات الحرب بين روسيا وأوكرانيا في حال نشوبها، بخاصة أن روسيا عززت وجودها بشكل قوي في منطقة الساحل، واستطاعت أن تخلق مراكز قوى في المنطقة أكثر من أي وقت مضى، بل وتمكنت من تحجيم دور فرنسا في مالي وما يجاورها من دول، بطريقة ذكية وسريعة، ما يجعل موسكو مسيطرة على كل مراكز القوى والطاقة في أفريقيا في حال نشوب نزاع مع أوكرانيا". وختم بالقول إنه "وفق هذا المنطق لن تسمح روسيا بوجود أنبوب مباشر بين قطر وأوروبا مهما كلفها الأمر من ثمن لأنها قضية استراتيجية".