Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريو أوروبا في مواجهة ملف الغاز الروسي... فلنستعد للأسوأ

محللون: تأمين إمدادات بديلة مهمة شبه مستحيلة لقادة منطقة اليورو والولايات المتحدة

قطع تدفق الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا مؤلم (رويترز)

تتسابق الولايات المتحدة وحلفاؤها لوضع خطط طوارئ في حالة توقف إمدادات الغاز الروسي الضرورية لتزويد الشركات بالطاقة وتدفئة المنازل في أوروبا بسبب الصراع في أوكرانيا.

وستكافح أوروبا من أجل البقاء لفترة طويلة من دون الغاز الروسي. وإيجاد مصادر بديلة يمثل تحدياً لوجيستياً ضخماً، ما يثير المخاوف في شأن توافر الطاقة في أوروبا خلال فصل الشتاء الصعب.

وتعتقد جانيس كلوج، المتخصصة في شؤون أوروبا الشرقية في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، أنه "لا بديل سريعاً وسهلاً".

وقال مسؤولون كبار في البيت الأبيض للصحافيين هذا الأسبوع، إنهم يتحدثون مع دول وشركات في شأن زيادة الإنتاج، ويحاولون تحديد مصادر بديلة للغاز الطبيعي يمكن إعادة توجيهها إلى أوروبا.

مع ذلك، فإن تنفيذ مثل هذا التدخل الكبير في أسواق الطاقة سيكون صعباً، إذ يستغرق إنشاء خطوط الأنابيب الجديدة ومنشآت تسييل الغاز سنوات. وستتطلب إعادة توجيه كميات كبيرة من الوقود الأحفوري في وقت تكون فيه السوق العالمية وشبكات النقل ممتدة بالفعل، تعاوناً من مصدري الغاز الرئيسين مثل قطر، التي قد لا يكون لديها مجال كبير للمناورة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن إمدادات الطاقة في أوروبا تتعرض بالفعل لضغوط كبيرة. فقد أدى انخفاض المخزونات والأسعار المرتفعة تاريخياً للغاز إلى تغذية المخاوف لأشهر من أنه إذا تحول الشتاء إلى البرودة بشكل غير معقول، وسيتعين على البلدان تقديم مزيد من المساعدة للعملاء والشركات المتعثرة، وربما تقنين الوصول إلى الطاقة.

ويرى نيكوس تسافوس، المتخصص في الطاقة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن الاضطرابات الطفيفة في الإمدادات من شأنها أن تنحني لكنها لن تكسر النظام، لكن السيناريو الأسوأ الذي يختفي فيه الغاز الروسي بالكامل سيكون قصة مختلفة.

ويقول تسافوس، إن "قطع تدفق الغاز عبر أوكرانيا مؤلم، لكن يمكن التحكم فيه... سيكون قطعاً تاماً لصادرات الطاقة الروسية كارثياً... لا توجد وسيلة لأوروبا لاستبدال هذه الكميات بأي طريقة ذات مغزى".

الأزمة أصعب في ألمانيا وإيطاليا والنمسا

يسلط التدافع لتأمين إمدادات الطاقة لأوروبا الضوء على مدى اعتماد القارة على روسيا لتلبية احتياجاتها. وفي عام 2020، استحوذت روسيا على نحو 38 في المئة من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي، وتم شحن قرابة 153 مليار متر مكعب، وفقاً لوكالة البيانات "يورو سات"، فيما تتعرض ألمانيا، وهي أكبر اقتصاد في المنطقة، للخطر بشكل خاص، لكونها تبتعد عن الفحم والطاقة النووية. وكذلك الحال بالنسبة إلى إيطاليا والنمسا، اللتين تستقبلان الغاز عبر خطوط الأنابيب التي تمر عبر أوكرانيا.

ووفق شبكة "سي أن أن"، يرى كارستن برزيسكي، الرئيس العالمي لأبحاث "الماكرو" في بنك "آي أن جي" الهولندي، أن "هذه لحظة صعبة... يا إلهي... إذ تدرك المنطقة أنها تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي".

في الوقت نفسه، فإنه يمكن تخزين الغاز الطبيعي، لكن المخزونات باتت أقل من المعتاد، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن روسيا خفضت الصادرات إلى أوروبا في أواخر العام الماضي. وفي وقت سابق من يناير (كانون الثاني) الحالي، قال فاتح بيرول، رئيس وكالة الطاقة الدولية، إن شركة الغاز الروسية "غازبروم" خفضت الصادرات إلى أوروبا بنسبة 25 في المئة على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2021، على الرغم من ارتفاع أسعار السوق. وأشار إلى أن الخفض تزامن مع "تصاعد التوترات الجيوسياسية في شأن أوكرانيا".

وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض، إن روسيا ستواجه عواقب اقتصادية كبيرة إذا قررت تسليح صادراتها من الطاقة. وأشار إلى أن عائدات تصدير النفط والغاز تزود روسيا بنصف ميزانيتها الفيدرالية.

قلق كبير في أوروبا والولايات المتحدة

وعلى الرغم من التحركات والبيانات الأخيرة، ما زال القادة في أوروبا والولايات المتحدة قلقين من أن في إمكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اختيار الاستفادة من سيطرة البلاد على إمدادات الغاز لزيادة الضغط على أوروبا في حالة تصاعد الصراع، مما يقوض الدعم الشعبي للعقوبات الغربية القاسية. الاستعدادات جارية أيضاً في حالة تضرر خطوط الأنابيب في أوكرانيا نتيجة القتال هناك.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو إلى أي مدى يمكن أن يذهب الغاز الطبيعي المسال؟ إذ يتمثل أحد الخيارات للحفاظ على إمدادات أوروبا في إعادة توجيه شحنات الغاز الطبيعي المسال، أو الغاز الطبيعي المسال، الذي ينقل بواسطة ناقلات المحيط بدلاً من خطوط الأنابيب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لقد تحول بعض هذا العرض بالفعل إلى أوروبا، حيث ينجذب المنتجون بسبب الأسعار المرتفعة. ومن المقرر أن تتلقى أوروبا كمية قياسية من الغاز الطبيعي المسال في يناير الحالي، وفقاً لأليكس فرولي، محلل سوق الغاز الطبيعي المسال في "اندبندنت كوموديتي إنتليجنس سيرفيسز"، ولكن، ستكون هناك حاجة إلى مزيد إذا ما انخفضت الواردات من روسيا بشكل حاد. وقد يكون من الصعب تأمين ذلك، بالنظر إلى مدى تمدد السوق بالفعل. ويقول فرولي، "الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي المسال متوقف إلى حد كبير". ويضيف أن تغيير طرق التجارة يمكن أن "يشكل ضغطاً على سوق الشحن".

في السياق ذاته، يمكن للولايات المتحدة الأميركية، التي أصبحت المصدر الأكبر للغاز الطبيعي المسال في العالم في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن تتقدم. ويمكن لقطر، التي شحنت أكثر من خمسة أضعاف الغاز الطبيعي المسال إلى آسيا في ديسمبر الماضي، أن تفعل الأمر نفسه.

ويرى مراقبون ومطلعون على الوضع أن قطر قد ترسل بعض الغاز الطبيعي المسال غير المخصص إلى أوروبا، ولكن من أجل تسليم إمدادات ذات مغزى، سيتعين على العملاء الحاليين الموافقة على تأجيل طلباتهم. وأوضحت المصادر أن ذلك قد يكون ممكناً من خلال عمل دبلوماسي من قبل الولايات المتحدة وأوروبا.

ووفق بيانات وكالة الطاقة الدولية، تعد الصين واليابان أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال في العالم. وكشفت "سي أس أي أس" في مذكرة بحثية حديثة، عن أنه يمكن استخدام شحنات الغاز الطبيعي المسال لتخفيف تأثير انخفاض الإمدادات الروسية، لكن توصيلها إلى البلدان في أوروبا التي هي في أمسّ الحاجة إليها يتطلب لوجيستيات معقدة.

في تقرير نشر هذا الأسبوع، أشار مركز الأبحاث "برو جيل"، إلى أنه في حين أن شبه الجزيرة الأيبيرية "نقطة ساخنة لمحطات استيراد الغاز الطبيعي المسال"، فلن يكون من السهل توجيه الغاز الإضافي إلى بقية أوروبا من خلال خطوط الأنابيب الحالية بسبب حدود السعة.

السيناريو الأسوأ

ويتمثل السيناريو الأكثر خطورة في قطع إمدادات الغاز الروسي عن أوروبا بالكامل. في هذه الحالة، سيكون من المستحيل تجاوز هذه الأزمة خلال الأشهر المقبلة، نظراً للدور الكبير لروسيا في النظام البيئي للطاقة في المنطقة.

في تقرير حديث، أشار المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية إلى أن "هذا الشتاء، ببساطة لا يوجد حل آخر سوى الاستمرار في استيراد الغاز الروسي"، لكن ليس من المتوقع أن تسلك موسكو هذا الطريق الذي من شأنه أن يصعد التوترات بشكل كبير ويوحد أوروبا ضدها.

يرى هينينج جلويستين، مدير برنامج الطاقة في شركة "أوراسيا غروب" الاستشارية، أن "السيناريو الأسوأ للتوقف التام لصادرات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي لا يزال بعيد الاحتمال إلى حد كبير، لأنه يمثل خرقاً كبيراً للعقد من قبل شركة "غازبروم" التي تسيطر عليها الدولة". وأوضح أن من شأن ذلك أن "يحطم أي أوهام للاتحاد الأوروبي بأن روسيا مورد موثوق"، ومن المرجح أن يطلق "جهوداً منسقة" داخل الكتلة "لخفض واردات الغاز بشكل دائم من روسيا في أسرع وقت ممكن"، ولكن، نظراً لعدم قدرة الرئيس الروسي على التنبؤ، يحاول قادة الغرب الاستعداد لجميع الاحتمالات. وأخيراً، قال رئيس الوزراء النرويجي جوناس جاهر ستور، إن "إمكانية أن تلعب روسيا بورقة الغاز مع الغرب ليس مساراً قابلاً للتطبيق". وأوضح أن النرويج، التي توفر قرابة 20 في المئة من الغاز الطبيعي في أوروبا وترسل الغالبية العظمى من ذلك عبر خطوط أنابيب تحت البحر، "ستوفر أقصى ما لدينا من إمكانات". وأضاف، "لن نكون قادرين على استبدال الغاز الروسي".

المزيد من البترول والغاز