Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منافسة حادة بين قياديين من مصراتة على رئاسة الحكومة الليبية

عودة حفتر لقيادة "الجيش الوطني" بعد رجوع عقيلة صالح إلى البرلمان تؤشر إلى ابتعاد خيار الانتخابات

ترجّح مصادر عدة حسم وزير الداخلية الأسبق فتحي باشا آغا تسميته لرئاسة الحكومة في البرلمان في طبرق (صفحة وزير الداخلية الليبي على فيسبوك)

مع بدء العد التنازلي لإعلان اسم رئيس الحكومة الليبية، التي يعتزم البرلمان تشكيلها لتحل بدل حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، يزداد المشهد السياسي سخونةً تناقضُ برودة الموسم الشتوي الحالي في ليبيا، التي كانت أكثر من معدلاتها السنوية، وفي الوقت الذي تغرق مدن كثيرة في سيول الأمطار الغزيرة، يغرق السياسيون في خلافاتهم، التي توشك أن تجر البلاد إلى أزمة جديدة ومختنَق آخر.
ويُتوقع أن تشعل الأزمة الحكومية خلافات بين أطراف جديدة وربما حلفاء قدامى، ولن تقتصر على المعكسرين التقليديين في الشرق والغرب، بل قد تشعل خلافاً حاداً وخطيراً داخل مدينة مصراتة، بين المتنافسين على رئاسة الوزراء، الذين يتقدمهم فتحي باشا آغا وعبد الحميد الدبيبة.

ثلاثة مرشحين لرئاسة الوزراء

وقبل يوم من إغلاق باب الترشح لمنصب رئيس الحكومة الجديدة وثلاثة أيام على بدء عملية التصويت لاختياره تحت قبة البرلمان الليبي في طبرق، انحصرت المنافسة بين أسماء قليلة تقدمت بملفات ترشحها، مع تأكيد مصادر كثيرة حسم وزير الداخلية الأسبق فتحي باشا آغا، هذا التنافس لصالحه، حتى قبل أن يبدأ اقتراع النواب في جلسة الثلاثاء المقبل.
وأكد النائب عبد المنعم العرفي تسلم البرلمان ملفات ثلاثة مرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة هم فتحي باشا آغا ومروان عميش وأحمد معيتيق. وأوضح العرفي أن "المرشحين سيحضرون جلسة الاثنين المقبل، لعرض برامجهم أمام النواب، وسيصوت المجلس في 8 فبراير (شباط) لاختيار أحدهم".
في المقابل، قال مقرر مجلس النواب صالح قلمة، إن "المجلس تسلم ملفات مرشحين فقط لرئاسة الحكومة حتى الآن، هما فتحي باشا آغا ومروان عميش، منذ فتح باب الترشح، وفق الشروط التي وضعها المجلس".

في الطريق إلى حسم المنافسة

وحسب مصادر كثيرة في البرلمان وخارجه، تبدو المنافسة على منصب رئيس الوزراء محسومة بشكل كبير لصالح فتحي باشا آغا، المرشح المنتمي لمدينة مصراتة، مدينة رئيس الحكومة الحالي الدبيبة. ومن بين هذه المصادر، عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي، الذي رجّح فوز باشا آغا بالمنصب، مادحاً مشروعه الحكومي قائلاً، إن "فتحي باشا آغا شخص يملك رؤيا وطنية، ويرى أن العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة هو السبيل لعودة الوئام بين الليبيين".
وذكر أن "باشا آغا سيؤسس ويؤطر للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، قبل نهاية العام". 
وهاجم الدرسي رئيس الوزراء الحالي، قائلاً إن "كل الظروف توفرت لتكون الحكومة، حكومة وحدة وطنية، لكنه حاد عن طريق الصواب، وحوَّل الحكومة إلى حكومة مقاولات أضاعت فرصة تاريخية أن تكون حكومة لكل الليبيين".

وفاق مع حفتر

وأكد المستشار السابق لمجلس النواب، عاطف الحاسية، ما ذهب إليه النائب الدرسي، فقال إن "البرلمان يستعد الآن للإعلان عن اسم فتحي باشا آغا رئيساً للوزراء، بعد انتهاء شرعية وولاية رئيس حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة من الناحية القانونية".
ورأى الحاسية أن "التقارب بين فتحي باشا آغا وقائد الجيش الوطني خليفة حفتر، الذي تحقق بعد لقائهما في بنغازي قبل أشهر، قرّبه كثيراً من منصب رئاسة الحكومة"، مشيراً إلى أن "نقطة التلاقي بين حفتر وباشا آغا، هي الاهتمام بالسيادة الليبية وبناء جيش ليبي موحّد، ودولة قوية، وباشا آغا كعسكري سابق، يعلم تماماً أن الدولة يجب أن يكون لديها جيش قوي كي تتمكن من البقاء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تحذير من العواقب

وعلى الرغم من أن الدبيبة وباشا آغا يتحدران من مصراتة، فإن هناك توقعات ومخاوف كبيرة من وقوع صدامات بين الموالين لهما داخل المدينة وفي العاصمة طرابلس، بسبب الرفض المعلن من رئيس حكومة الوحدة تسليم مهماته لأي حكومة قبل إجراء الانتخابات.
ولمح عضو مجلس الدولة إبراهيم صهد إلى هذه المواجهة المحتملة، قائلاً إن "مواجهات مسلحة جديدة قد تندلع بعد تشكيل الحكومة التي يعدها مجلس النواب".
واعتبر أن "رئيس البرلمان عقيلة صالح استأثر لنفسه وقلة معه بقرارات مجلس النواب، التي أصبحت تخالف الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي وخريطة الطريق، كما أن التجارب السابقة مع رئيس البرلمان تخبر بأنه لا يقف عند أي حد للمناورة وعدم الالتزام بما يتم الاتفاق عليه معه". وأضاف "هكذا قادت المناورات والالتفافات إلى التهديد بميلاد حكومة موازية مرة أخرى، بل والتهديد الخطير بانقسام البلاد، أو تفجر مواجهات جديدة بعد تشكيل هذه الحكومة".

ناقوس خطر في مصراتة

وحسب قراءته المشهد المتوقع في مصراتة، بعد إزاحة الدبيبة وتنصيب باشا آغا على رأس الحكومة، رأى الصحافي الليبي عمر الجروشي، أن "خلافات الرجلين تهدد التماسك الاجتماعي والسياسي والعسكري الذي تميّزت به المدينة على امتداد عقد من الأزمة الليبية".
وأكد أنه "مع تأكد رفض الدبيبة تسليم السلطة في مواجهة الطموح الجامح لفتحي باشا آغا لرئاسة الحكومة، والاستفادة من الفرصة التي لاحت له لتحقيق حلمه القديم منذ وجوده في حكومة الوفاق، فإن تطور الأمور نحو مواجهة مسلحة بين الأطراف العسكرية الموالية لهما في طرابلس ومصراتة، أمر محتمل جداً. وعموماً فإن المشهد الليبي في الأيام المقبلة مفتوح على احتمالات كثيرة، أغلبها غير مطمئن".
في السياق، رأى الباحث الأكاديمي مرعي الهرام أن "الدبيبة سيُدعم من قبل أغلب التيارات السياسية في طرابلس ومصراتة، بسبب خلافاتها مع مجلس النواب في طبرق، وستلتف أغلب الكتائب العسكرية حوله نكايةً في باشا آغا لسببَين، أولهما تقاربه الأخير مع حفتر والثاني، مشروعه القديم لتفكيك الميليشيات، الذي يُتوقع أن يستأنفه فور توليه رئاسة الحكومة".
ولفت الهرام إلى أن "هذا الالتفاف حول الدبيبة لا يعني أن باشا آغا لا يستند إلى حلف قوي آخر، فهو يملك قوة عسكرية كبيرة موالية له، استعرضت قوتها في وسط طرابلس بعد محاولة اغتياله قبل عام ونصف العام، كما يتميز عن الدبيبة بتحالفاته الدولية الكثيرة، خصوصاً علاقته الغامضة مع الولايات المتحدة وتركيا".

عودة حفتر
في موازاة ذلك، عاد حفتر، إلى قيادة "الجيش الوطني الليبي" في بنغازي، لأول مرة منذ نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما سلّم مهماته مؤقتاً لرئيس الأركان عبد الرازق الناظوري، استجابةً لشرط في قانون الانتخابات الرئاسية، ينص على أن يكون المرشح متوقفاً عن عمله قبل ثلاثة أشهر من يوم الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد.
ونصت المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية على "حق كل مواطن سواء كان مدنياً أو عسكرياً بالترشح، شرط أن يكون متوقفاً عن ممارسة مهماته قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، مع إمكانية عودته إلى عمله السابق في حالة عدم انتخابه".
وأتت عودة حفتر إلى منصبه بعد فشل الانتخابات الرئاسية وتأجيلها إلى أجل غير مسمى، وهو ثالث شخصية بارزة تستأنف مهماتها بعد رئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، ما اعتُبر مؤشراً إلى أن كل الأطراف باتت تدرك أن الانتخابات لن تجرى في موعد قريب، كما تسعى إليه البعثة الأممية للدعم في ليبيا.

المزيد من العالم العربي